ناشر ومحرر «واشنطن ديبلومات»: نخطط لنقل تجربة الصحافة الدبلوماسية إلى مدن أخرى

صحيفته توزع بالمجان.. ويقرأها السياسيون والنخبة في العاصمة الأميركية

TT

لا توجد زاوية من زوايا واشنطن الراقية إلا وتجد فيها نسخا مجانيا من جريدة شهرية تثير إعجاب الكثير من المتصفحين ويتابعها الوسط المخملي في العاصمة الأميركية وهي «واشنطن ديبلومات» (وتعني دبلوماسي واشنطن). ولا يوجد مناسبة في واشنطن أحضرها بصفتي الإعلامية إلا وأرى بجانبي في نفس الركن أو في نفس الطاولة شابا أميركيا ذا ملامح عربية يتابع الحدث أو المناسبة بهمة ونشاط. لم أكن أعرف أن هناك علاقة بين هذا الشاب وهذه الجريدة المنتشرة، إلى أن أرغمتني ابتسامته الدبلوماسية في آخر مناسبة قابلته فيها على طلب بطاقته التعريفية فوجدت أنه ناشر ورئيس تحرير الجريدة المفضلة لدى الوسط الدبلوماسي.

فيكتور شيبلي يروى في هذا الحوار تجربته في عالم الصحافة الدبلوماسية التي يرغب في نقلها إلى نيويورك وبروكسل ولندن. لقد أدرك شيلبي في وقت مبكر أن عالم الإنترنت سيؤثر في توزيع الصحف فاستعان بخبرة سابقة له في عالم المال والأعمال مبتكرا فكرة جديدة قائمة على توزيع الجريدة بلا ثمن تشجيعا للقراء على اقتنائها، ومعتمدا في تمويلها على الإعلانات.

ويرى فيكتور شيلبي، الذي التقته «الشرق الأوسط» في واشنطن، أن صحيفته ناجحة لأنها حددت قراءها، فهي متخصصة في وسط معين وموجهة لوسط معين وتتحدث عن وسط معين هو الوسط الدبلوماسي في العاصمة الأميركية، وفيما يلي نص الحوار:

> بداية نريد ان نسمع منك ملخصا لقصة تأسيس الجريدة؟

ـ قبل حوالي 12 عاما أسست الجريدة بالتعاون مع ابن عمي فؤاد شيبلي بعد أن رأينا أن هناك حاجة لمطبوعة في واشنطن متخصصة وموجهة لكل العرقيات التي يجمع بينها مصالح مشتركة وعلى وجه التحديد الوسط الدبلوماسي والسفارات فقررنا تأسيس صحيفة للدبلوماسيين.

وأصبحت الجريدة عن الدبلوماسيين وللدبلوماسيين ولكنها تقرأ كذلك في الكونغرس وفي وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض وكذلك في أوساط الشركات الكبرى والبنك الدولي.

> هل جاءت الفكرة منك شخصيا؟

ـ نعم لقد أتيت بالفكرة وبدأتها مجازفا ولكنها حققت النجاج وهذا البلد معروف بأنه بلد تحويل الأحلام إلى حقائق.

> وقبل ذلك هل كنت تعمل في مجال الصحافة؟

ـ في الواقع لم أكن أعمل في الصحافة بل كان لي اهتمام كبير بالشؤون الدولية وكنت أملك شركة للاستيراد والتصدير واختلطت لفترة بالوسط الدبلوماسي ومن هنا نبعت الفكرة.

> من هم قراء الصحيفة؟

ـ قراؤنا هم خليط من الدبلوماسيين الأجانب وموظفي البنك الدولي والخارجية الأميركية وأعضاء الكونغرس وموظفيه، والبيت الأبيض والشركات الكبرى في واشنطن الكبرى.

> كيف جاءت فكرة توزيع الصحيفة مجانا؟

ـ في البداية لاحظنا المشكلات والصعوبات التي تواجه الصحف في التوزيع وفي الواقع فإن الشركات الكبرى تدفع للصحيفة من خلال الاتفاق على إيصال كميات منها لموظفيها أو من خلال الإعلانات وقد شعرنا أن بإمكاننا أن نبني إمكاناتنا المالية بالاعتماد الرئيسي على الإعلانات، والتوزيع المجاني يجعلنا نطبع أكثر ونجذب المعلنين الذين يهمهم وصول رسالتهم الإعلانية إلى أكبر عدد من الجمهور المستهدف.

> إذاً كانت الصحيفة مجانية منذ البداية؟

ـ نعم. وقد كنا بذلك سباقين لغيرنا الذين يعانون من مشكلة التوزيع حاليا.

> هل لديكم منافسون في واشنطن؟

ـ لا. لم يعد لدينا منافسون. لقد كان لدينا جريدة منافسة واحدة قبل سنوات كانت تدعى «واشنطن انترناشيونال» ولكنها توقفت.

> هل تقدمون في موقعكم على الإنترنت نفس مواد الصحيفة؟

ـ موقعنا على الصحيفة Washdiplomat.com نحدثه كل أسبوعين كما أننا نجدد بعض المواد والأخبار التي لا تحتمل التأخير. أي أننا في الموقع نقدم أخبارا وقضايا وتعالج في العدد الشهري بشكل أوسع.

> هل توزعون الصحيفة بالبريد أيضا؟ وما هو حجم التوزيع لديكم؟

ـ لدينا مشتركون عبر البريد ولكن المشتركين في الغالب هم الشركات الكبرى.

نحن نوزع 32 ألف نسخة شهريا وهذا يعني أن لدينا 80 ألف قارئ بضرب كل نسخة في 2.5 قارئ حسب ما هو معروف في هذا السوق.

> بما أنكم تطبعون شهريا وجمهوركم تقريبا يوجد في نفس منطقة جمهور الصحف الكبرى مثل واشنطن بوست وواشنطن تايمز فكيف تنافسون هاتين الصحيفتين؟

ـ نحن لا ننافسهما بالضرورة ولكن توجد منافسة غير مباشرة، فالصحيفة اليومية تغطي الأخبار ولكننا نسبر أغوار هذه الأخبار ونجري مقابلات معمقة مع أصحاب الشأن فنحن صحيفة متخصصة ونركز على التحقيقات والتقارير الموسعة.

ونحن نعرف أن واشنطن بوست صحيفة ربحية في حين أن واشنطن تايمز صحيفة لا تهدف إلى الربح، ولا نستطيع بالتالي منافسة أي منهما بل نحقق السبق في مجال تخصصنا وهو المجال الدبلوماسي.

> هل يمكن أن تعطينا فكرة عن كيفية تخطيطكم لإصدار أي عدد وما هي الأمور التي تركزون عليها قبل الإصدار؟

ـ لدينا اجتماع اسبوعي للتحرير ونجلس لمناقشة القضايا المهمة في شهر الإصدار، ففي هذا الشهر على سبيل المثال أجرينا مقابلة شاملة مع سفير المكسيك بسبب قضية الهجرة والمهاجرين التي ظهرت إلى السطح بقوة وكنا قبل ذلك أول من قابل ممثل ليبيا في واشنطن فور وصوله لمباشرة عمله.

> هل تقصد علي العوجلي رئيس قسم رعاية المصالح الليبية في واشنطن؟

ـ نعم السفير العوجلي. لقد كنا أول من قابله عند وصوله وجرى أخيرا الإعلان عن حذف اسم بلاده من قائمة الدول الراعية للإرهاب وكنا في الحقيقة نتوقع ذلك منذ أكثر من عام.

> هل يلاحظ أحد أن ملاك الصحيفة من أصل عربي؟

ـ من يقرأ الصحيفة لن يلاحظ ذلك ولكن من يعرفني شخصيا يمكن أن يعرف ذلك من خلال اسمي العائلي أو ربما من خلال ملامحي.

> كونك ذا جذور عربية هل تركز على العالم العربي، هل كان لذلك أي تأثير على محتوى الجريدة؟ ـ نحن نركز على العالم ككل والعرب جزء من هذا العالم وما يجري في الشرق الأوسط يجعل بعض الأحداث تفرض نفسها بغض النظر عن خلفية صاحب الجريدة. وقد أجرينا العديد من المقابلات مع عدد من السفراء العرب.

> هل حصل أن رفض أي منهم مقابلتكم أو لم يشأ إجراء مقابلة صحافية؟

ـ قبل 12 عاما كنا نجد صعوبة بالغة أن نعثر على سفير عربي يمكن أن يتكلم ولكن حاليا أصبحت الدول العربية ترسل كوادر جيدة في الحديث باللغتين العربية والإنجليزية للعمل كسفراء ومن بينهم سفراء من أفضل السفراء العاملين في واشنطن.

> هل تتذكر كم سفيرا أجريتم حوارا معه؟

ـ لقد أجرينا ما بين 30 إلى 40 حوارا مع سفراء عرب بل بعضهم أجرينا معه ثلاثة حوارات مثل السفير المصري على سبيل المثال أو السفير الأردني الذي حاورناه مرتين.

> هذا يعني أنكم قابلتم جميع السفراء العرب؟

ـ نعم معظمهم.

> ما هي الصعوبات التي تواجهكم في تعاملكم مع الوسط الدبلوماسي؟

ـ المشكلة الرئيسية هي أننا يصعب أن نرضي كثيرا من الأطراف وسوف أضرب لك مثالا على ذلك: لقد نشرنا أخيرا موضوعا اخترناه لغلاف الجريدة وقابلنا فيه السفير الفلسطيني والسفير الإسرائيلي منفردين وكانت النتيجة أن كلا منهما غضب منا لأن أسلوب تناولنا للموضوع لم يعجب أيا منهما. ومن جانبنا شعرنا أن التوازن يحتم علينا طرح وجهتي النظر بحيادية ومثل هذه التحديات تواجهنا كثيرا فلا نستطيع أن نرضي كل الأطراف.

> كيف تتعاملون مع الوسط الدبلوماسي.. هل توجهون سهام الانتقاد؟ أم تحاولون إرضاء هذا الوسط؟ ما هي سياستكم بالضبط؟

ـ فلسفتنا هي عرض الأخبار والتقارير ووجهات النظر جميعها بما فيها وجهات نظر السفراء ونحن ننتقد أحيانا ولكن الانتقاد غالبا ما يأتي على لسان آخرين يطرحون وجهات نظرهم في صحيفتنا. والصحافي بطبيعته أيضا يحب أن ينتقد ونحن في جريدتنا لا نقوم بعلاقات عامة ولكن مهمتنا هي عرض الوقائع كما هي.

> كم عدد الصحافيين ا لذين يعملون معك؟

ـ لدينا عدد من الكتاب المتعاونين يتراوح ما بين 15 إلى 20 مساهما. كما أن لدينا ما بين 8 إلى 12 متفرغا بمن فيهم الإداريون.

> وماذا عن الإعلانات.. هل تديرون قسم الإعلانات بأنفسكم أم تستعينون بشركات خاصة؟

ـ نعم نتولى الإعلانات بأنفسنا في الجريدة.

> هل يمكن أن نسألكم عن سلم رواتب الصحافيين لديكم؟

ـ كما قلت لك معظم كتابنا متعاونون وندفع لهم حسب انتاجهم بالقطعة ولا أحبذ أن تنشروا حجم تلك المبالغ.

> هل تحققون أرباحا في هذه الجريدة؟ ـ بعض السنوات نحقق أرباحا وبعضها لا ولهذا نحن نحاول أن نحصل على مصادر تمويل إضافية تمكننا من التوسع.

> هل تقبلون تمويلا من حكومات معينة؟

ـ لا... مطلقا نحن نرفض حتى الإعلانات التي تأتي على هيئة كتابات تحريرية ونتعامل فقط مع الشركات حتى وإن كانت واجهات لحكومات بعينها. وقد رفضنا مرات عديدة إعلانات على هيئة كتابات.

> هل لديكم مشاريع للتوسع في مدن أخرى غير واشنطن؟

ـ نعم نخطط أن ننقل فكرة الصحافة الدبلوماسية ونتوسع في تجربتنا لتنفيذها في مدن أخرى مثل نيويورك وبروكسل ولندن وجنيف. ففي نيويورك توجد مطبوعة صغيرة جدا لا تؤدي المهمة على أكمل وجه وفي لندن توجد مجلة نريد أن ننافسها وفي بروكسل لا يوجد أي تجربة مماثلة ولهذا نبحث عن مصادر تمويل لتوسيع نطاق التجربة في مدن عالمية عديدة.