على الرغم من تراجع القطاع تجارياً .. الطلب يزداد على مقاعد دراسة الصحافة في أميركا

TT

ألغت صناعة الصحف في الولايات المتحدة أكثر من 2000 وظيفة خلال العام الماضي، مع استمرارها في فقدان قرائها والمعلنين التجاريين لصالح الانترنت. وما زالت نشرات الأخبار المبثوثة عبر التلفزيون والراديو موضع جذب للأجيال المتقدمة في السن، لكنها مع ذلك تستمر في فقدانها للسوق لصالح الكابل. وراحت التقارير المنتظمة حول الخروق الأخلاقية تقوض ثقة الجمهور في كل وكالات الأنباء، بينما يقوم كتّاب المدونات باتهام الإعلام الرئيسي بأنه مغرور وجاهل وعبّر مجتمع «وول ستريت» عن شكوكه بمستقبله المالي. لكن هناك حقلا واحدا ما زال يتمتع بالازدهار: كليات الصحافة.

ويقول دييغو سوربارا، 22 سنة، والمتخرج قبل فترة قصيرة من كلية ميسوري للصحافة «إذا كانت لديك المهارات، فإن الوظائف متوفرة»، وقدم لوظيفتين إحداها محرر لصحيفة ميلوكي جورنال ـ سنتينال في هذا الصيف، والأخرى هي محرر ومصمم صفحات في صحيفة روكي ماونتين نيوز.

وقال سوربارا «العاملون في الصحافة متشائمون جدا. لكن جزءا من طبيعة الصحافة هو التكيف للظروف. نحن لا نستطيع أن نبقى ضمن نفس الروتين».

أما ميشيل ستيل، 27 سنة، والمتخرجة من كلية خريجي الصحافة في جامعة كولومبيا بنيويورك، فلها نفس الرؤية. وقالت «بالتأكيد صناعة الصحف في طور تغير لكن التغيرات إيجابية». وحاليا تعمل ستيل في موقع ويب خاص بمؤسسة فوربس.

وأصبحت بعض هذه التغييرات جزءا مما يدرسه الطلبة في مدارس الصحافة. وتبني كلية ميسوري للصحافة والتي تعد الأقدم في الولايات المتحدة، معهدا جديدا بعد حصولها على منحة بمبلغ 31 مليون دولار من وقفية دونالد رينولدز.

وفي نيويورك، فتحت كولومبيا مختبرا تلفزيونيا رقميا في الخريف الماضي، وقدمت برنامجا جديدا أمده سنة دراسية واحدة لبرنامج الفنون، وفيها يمكن للصحافيين أن يركزوا على حقل مثل البزنز أو الفنون. وهي تخطط لإنشاء مركز جديد للصحافة التحقيقية في هذا الصيف.

وإضافة لمؤسسات من هذا النوع، فإن الخيارات الجديدة في طور متصاعد. فستيفن بريل مؤسس تلفزيون المحامي والمحكمة مع زوجته سينثيا تبرعا بمليون دولار في بداية هذه السنة لبرنامج صحافة جديد في يال. في الوقت الذي تفتح جامعة ستي لنيويورك كلية جديدة للصحافة في سبتمبر (أيلول) المقبل. بل هي تسعى للحصول على مبنى قديم يعود لصحيفة نيويورك هيرالد تريبيون في وسط مانهاتن. وفي عام 2004 التي تعد آخر سنة تتضمن أرقاما إحصائية شاملة، اتضح أن هناك أكثر من 450 معهد للصحافة في كل الولايات المتحدة مع زيادة بعدد الطلاب بنسبة 5.2% مقارنة بالعام الذي سبقه.

وأصبح طلبة اليوم منغمرين تماما في الانترنت مع قدرتهم على التكيف بسرعة للتكنولوجيا الحديثة، وهذا ما أعطاهم مستوى مريحا في التعامل مع الأمور التي اكتشفتها الصحف للتو مثل المدونات والبودكاست (البث عبر الانترنت) وكليبات الفيديو.

وقال نائب عميد كلية ميدل للصحافة في جامعة نورث ويسترن، حيث ظل عدد المتقدمين يزداد كل سنة خلال السنوات الست الأخيرة. ومن طلبة الكلية كيفن سايتس الذي أصبح مراسلا أجنبيا لياهو.

وقال إن الصحف تبدل حاليا الصحافيين القدامى بأولئك الذين مثل سايتس، لأنهم يمتلكون قواعد صياغة الأخبار وفي الوقت نفسه قادرون على تقديمها بطرائق كثيرة.

وقال «هم يبعدون أولئك الأشخاص الذين تصل رواتبهم في قمة السلم ويعوضونهم بآخرين في القاع، لكن أولئك الذين هم في القاع يعرفون كيف يتعاملون مع الفيديو و«البودكاست» (البث عبر الانترنت).

وعلى العكس من الصحافيين الأكبر سنا والذين يشعرون أنهم مهددون بالعصر الرقمي، فإن طلبة اليوم يشعرون بالألفة معه بحيث أنه بعضهم يعرف أكثر من أساتذتهم في هذا الحقل.

أما مايك ماكين رئيس أحد أقسام كلية ميسوري للصحافة، فقال «نحن قد نكون متقدمين خطوة عليهم لكنهم في بعض الأحيان يكونون متقدمين علينا بثلاث خطوات. الأمور تتبدل بسرعة كبيرة وهي ليست حول تعلم آلة أو برنامج محددين. إنها تتعلق أكثر بالعمل ضمن فرق وإنتاج محتوى لأوساط مختلفة».

في الوقت نفسه، قال برايان بروكس نائب عميد كلية ميسوري «نحن ما زلنا نجعل طلبتنا ينقبون في الإعلام الحالي. لأنه هو المكان الذي فيه الوظائف. أنت لا تريد أن تتقدم كثيرا أمام صناعة الصحافة».

وقال ستيفن شبارد عميد كلية الصحافة في جامعة ستي بنيويورك إن تعليم الصحافة هو أكثر أهمية بالنسبة للطلبة اليوم، مما كان عليه قبل سنوات سابقة. وهذا يعود إلى أن مؤسسات الإعلام غير قادرة اليوم على توفير التدريب أثناء العمل. وأضاف «هناك طلب أكبر على الناس، بينما هناك تقليص بعدد الكوادر أيضا، لكن الشيء الأساسي اليوم أنك ما عدت قادرا على حصول العمل والتدريب المتوفر سابقا في وقت واحد». أما جيك جوست، 24 سنة، والذي عمل كمتدرب مع ليزا مييرز، التي تحتل موقع كبيرة المراسلين المحققين في فضائية «ان.بي.سي.نيوز» فقال إن المنظمات الأخبارية ستظل دائما بحاجة إلى الناس مع مهارات أولية. وأضاف «بعمل أخبار صلبة نحن نستطيع أن نجعل من أنفسنا مهمين، بالنسبة للمتلقين وهم سيعودون».

وفي كولومبيا كانت اميلي برادي، 29 سنة، تنتظر للتحدث مع المسؤول عن التوظيف في صحيفة نيوزداي «أنت لا تذهب إلى هذه المهنة كي تصبح ثريا. هناك تضحيات مالية وهي مهنة صعبة، وأنت دائما معرض للمخاطر، وقد لا يكون أمر له جاذبية إذا قلت للناس إنك صحافي».

* خدمة «نيويورك تايمز»