الفضائيات العربية.. لمن الغلبة في صراع «المفتوح والمدفوع»؟

القنوات المجانية تنافس بالمحتوى.. والمشفرة تلجأ لتقنيات مشاهدة جديدة

TT

مع اقتراب فصل الصيف، حيث تمتد عطلة المدارس لأشهر، تحتدم المنافسة بين قنوات التلفزيون المدفوع في الامارات لاستقطاب الزبائن الى شاشاتها البراقة، على الرغم من انتشار قنوات مجانية في السنوات الأخيرة تقدم الافلام والمسلسلات وبرامج الأطفال على مدار الساعة، وتنافس القنوات المشفرة في الحصول على امتياز عرض أحدث الأعمال أولا، خاصة الأفلام الهوليودية، الحفلات الغنائية، وأكثر المسلسلات والبرامج الأميركية مشاهدة اضافة إلى الأخبار المسائية الأميركية اليومية، كما تفعل قناة «4» المفتوحة حاليا. وكانت قناة «أوربيت نيوز» المشفرة سبقتها في ذلك. ولكن كيف تنافس الشبكات التي تعتمد على الدفع في هذا السياق؟ وفيما لم يتسنى الحصول على تعليق من شبكة (اوربيت) اعلنت من جهتها شبكة «شوتايم» (التي تعتمد على الاشتراكات) قبل نحو شهرين عندما كشفت عن تسخير تكنولوجيا متطورة تأمل من خلالها القبض على أكبر عدد من الزبائن الجدد والمتسربين من القنوات المنافسة. وتقدم القناة المملوكة لشركتين كويتية وأميركية، وتقدر قيمتها السوقية بأكثر من مليار دولار، خدمات البث لأكثر من 250 الف منزل وفندق في العالم العربي، فيما تقدر عوائدها بنحو 20 مليون دولار سنويا بمتوسط عائد من كل مشترك يبلغ نحو 55 دولارا.

وفيما لا تتوفر ارقام احصائية دقيقة عن حجم سوق الكيبل في المنطقة ومع امتناع شركات البث المدفوع عن الكشف عن اعداد مشتركيها لأسباب تتعلق بالمنافسة، تشير التقديرات المستقلة ومنها تقديرات الشبكة الرقمية العربية الى وجود اكثر من 650 الف منزل مشترك بخدمات التلفزيون المدفوع في الخليج ومصر وبلدان شرق المتوسط (سورية ولبنان والأردن). وتشير هذه التقديرات الى استحواذ شبكة راديو وتلفزيون العرب على حصة الأسد بأكثر من 350 الف مشترك وتوزع الباقي على «شوتايم» و«أوربت» بمعدل يزيد عن 250 الف مشترك للأولى ونحو 200 الف للثانية. وتتنافس حاليا ما يقارب من 200 قناة فضائية عربية على ما يزيد عن 75 مليون مشاهد في العالم العربي الذي لا يزال بمعظمه يفضل القنوات الفضائية المجانية والتي تبث بصورة رئيسية من مصر والامارات ولبنان.

وتقول مجموعة المرشدين العرب ومقرها الاردن، إن التلفزيون الفضائي المدفوع لا يزال سوقا ناشئة حيث لا تتجاوز البيوت العربية المشتركة في هذه الخدمة نسبة 1.5% من اجمالي عدد المنازل التي توجد فيها تلفزيونات.

ووفقا للمجموعة فإن عوائد اربع شبكات للتلفزيون المدفوع في المنطقة وصلت الى 160 مليون دولار قبل ثلاثة اعوام.

وتقود هذا النمو بصورة رئيسية عوامل تتصل بتطور التكنولوجيا، اذ ان انخفاض تكلفة اجهزة الاستقبال وتزايد عدد القنوات الفضائية المجانية وكذا عدد القنوات المتخصصة هي عوامل لعبت دورا مهما في توسيع حجم جمهور المشاهدين المتسمرين امام الشاشات الصغيرة في العالم العربي.

الوصفة السحرية لشوتايم على حد قول احد كبار مسؤوليها تتمثل في قلب مفهوم مشاهدة التلفزيون. فهذه المشاهدة لا يتحكم فيها المشاهد على الإطلاق بل هي التي تتحكم به. فهو سيفوته مشهد من فيلم او جزء من خبر او فقرة من برنامج ان اضطر للابتعاد عن الشاشة لبعض الوقت، الا اذا أدار جهاز الفيديو ليسجل ما قد يفوته. شوتايم من جهتها جعلت المشاهد يتحكم بالمشاهدة من خلال ما تطلق عليه «شوبوكس» وهو جهاز استقبال متقدم له خصائص الفيديو وبه يتمكن المشاهد فعلا من وقف البث التلفزيوني اذا اضطر لتلبية أمر ومواصلة المشاهدة بضغطة زر. ويقول بيتر إينستاين، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شوتايم، «أنا على أتم الثقة بأن شوبوكس سيغير الأسلوب الذي يشاهد به الناس التلفزيون إلى الأبد.. إذا رن جرس الهاتف فجأة في لحظة حرجة أثناء مشاهدتك لفيلم مثلاً لم يعد مشكلة كما كان في السابق. وإذا رمشت للحظة طويلة وفاتتك لقطة هامة، فبإمكانك إعادتها بأسلوب العرض البطيء إن رغبت! ومع دليل البرامج الإلكتروني على الشاشة والمطور حديثاً في جهاز الاستقبال، بإمكانك الآن تسجيل مسلسل بأكمله بلمسة زر واحدة – وبدون استخدام أي شريط». ويسجل شوبوكس الصوت والصورة ويخزنهما بصيغة رقمية على قرص صلب. ولا تفرض شوتايم رسوماً إضافية على اقتناء الجهاز الجديد، ولكنها تطلب دفع تأمين مسترد يبلغ 408 دولارات لجهاز الاستقبال ومبلغ 217 دولاراً عند الحصول على اشتراك ثان بما يعادل 20 دولاراً في الشهر.

ومع هذه الثورة التلفزيونية الرقمية في المنطقة تحاول القنوات المنافسة وخاصة القنوات المدفوعة اللحاق بركب المنافسة وعدم فقدان حصة من السوق الذي لا يزال يفضل الفرجة المجانية على المدفوعة وخاصة في الدول ذات القاعدة السكانية الكبيرة والقوة الشرائية الضعيفة. الى جانب المنافسة تواجه القنوات المدفوعة تصاعد حدة القرصنة المتمثلة في السطو على شيفرات الدخول للبث حيث تنتشر هذه المخالفات في دول كثيرة مثل لبنان ومصر. وتصاعدت المنافسة بين قطبي الكيبل التلفزيوني شوتايم واوربت منذ سنوات قليلة حينما بدأ كل واحد منهما يقدم العتاد المتمثل في جهاز الاستقبال والطبق والتمديدات مجانا حتى اصبحت هذه الممارسة عرفا وتقليدا في السوق وأصبح البحث عن بدائل تسويقية ثورية هو الاساس وهو الأمر الذي بدأته شوتايم قبل شهرين مع الشوبوكس. اوربت من جهتها تعتمد على جاذبية الصفقات التي تعلن عنها بين الحين والآخر مع الاستوديوهات الأميركية مثل «وارنز براذرز» أخيرا تتيح لها الحق «الحصري» ببث أفلام ومسلسلات جديدة فور انتهاء عرضها في الولايات المتحدة. وفي موسم كأس العالم الحالي وهو من اهم المواسم للقنوات التلفزيونية التي تعرض المباريات، تتسابق القنوات ايضا على شراء الحقوق لجذب زبائن جدد.

وقد أعلنت أخيرا شركة كيبل محلية في الامارات هي «رؤية الامارات» عن شراء حق بث مباريات المونديال الصيف الحالي وهو ما يعني حصولها على زبائن جدد.

هذه القناة انطلقت قبل اكثر من خمس سنوات في مناطق محدودة وبدأت تنتشر بقوة بعد ذلك لتغطي معظم المدن الرئيسية في البلاد خاصة مع اعتمادها ايضا على «سلاح» تكنولوجي ثوري أيضا يتمثل في البث الرقمي اللاسلكي.

وتتميز هذه القناة التي تملكها شركة «اتصالات» العملاقة برخص اسعار اشتراكاتها مقارنة بشوتايم واوربت رغم ان تنوع قنوات الاخيرتين أغنى منها بكثير. الا ان قوة هذه الخدمة تأتي من انها تلعب دور المنصة التي يمكن للزبون من خلالها شراء القنوات المدفوعة الأخرى مثل شوتايم واوربت وأي آر تي وغيرها ومشاهدتها عبر رؤية الامارات. كما تعد «رؤية الامارات» بمجموعة كبيرة من خدمات التلفزيون التفاعلي ومن اكثرها شعبية الالعاب الإلكترونية التفاعلية منها ما هو مجاني مشمول بالاشتراك الاساسي، ومنها ما هو مدفوع الأجر. وتجري المؤسسة التابعة لشركة «اتصالات» الاماراتية دراسات لاستخدام تقنية جديدة تعمل على توفير القنوات التلفزيونية عن طريق بروتوكول الإنترنت واطلاق خدمة الإنترنت عالية السرعة من دون الحاجة للاشتراك المنفصل مع اتصالات. كما ان الشركة بصدد تقديم خدمات تدعم ما يعرف الان بمفهوم التلفزيون التفاعلي.