الصغار يتابعون أخبار الكبار على طريقتهم

أول جريدة إخبارية خاصة بالأطفال تنطلق في المملكة المتحدة

TT

شتان ما بين أخبار الصغار في الماضي وأخبار الصغار في الحاضر، من كان يظن أنه سوف يأتي يوم تكون للأطفال نشراتهم الاخبارية وجرائدهم ومجلاتهم، ومن كان يصدق أن ابن السبع سنوات سوف تعنيه أخبار جورج بوش ومحاكمة صدام حسين وموضوع الاحتباس الحراري.. وغيرها من المواضيع الساخنة.

ففي بريطانيا تتوفر المادة الاخبارية للصغار من خلال تقديم نشرات الاخبار الخاصة بهم التي تعنى بأهم العناوين، ولكن تكون طريقة صياغتها مناسبة لأعمار الصغار، مما يساعدهم على فهم ما يدور من حولهم بطريقة سلسة ومفهومة وهي طريقة جيدة لتثقيفهم وفتح آفاقهم.

وبعد استطلاع للرأي ودراسات عدة، توصل بيرس مورغن رئيس تحرير جريدة الديلي ميرور السابق الى ان سوق الجرائد الانجليزية بحاجة الى جريدة متخصصة تكون موجهة للاطفال من عمر 9 الى 15 سنة، غير أن هناك تنبؤات تفيد بأنها سوف تجذب الاطفال ابتداء من عمر السبع سنوات لغاية الـ 15 عاما، فجاء بفكرة جريدة First News وأبصر اول عدد منها النور في الخامس من مايو (أيار) الجاري، وهي مطبوعة بحجم «التابلويد» المتعارف عليه وتصدر أسبوعيا كل نهار جمعة وبحسب مورغن سوف تكون «صوت الاطفال» وهي متوافرة حاليا في الاسواق بقيمة جنيه استرليني واحد تذهب منها قيمة 5 (بنسات) لمؤسسات خيرية تعنى بالاطفال.

مواضيعها متنوعة ومشوقة، فيها السياسة والموسيقى وأخبار الفنانين، والرياضة وألعاب الكمبيوتر، والتسلية والتحليل، ومقابلات مع المشاهير مواضيع خاصة بالموضة التي تهم تلك الفئة من الاعمار، بالاضافة الى زاوية أسبوعية يقوم بكتابتها الطباخ الشاب جيمي اوليفر الذي أحدث زوبعة طالت البرلمان البريطاني عندما انتقد نوعية المأكولات التي تقدمها المدارس البريطانية وأحدث نقلة نوعية في استحداث أطباق جديدة ومفيدة للاطفال، وفي الجريدة زاوية تقدم للاطفال وصفات طعام سهلة وصحية.

ولم يغب عن صفحات الجريدة موضوع الاقتصاد وعالم العمل والاعمال، فتبرع السير ريتشارد برانسون صاحب ومؤسس شركات «فيرجن» العملاقة بخبرته في هذا المضمار لتشجيع الاطفال على تقديم الافكار لخلق فرص العمل الواسعة والمشاريع الاقتصادية المفيدة.

ولم يبخل أسطورة لعبة كرة القدم الكابتن ديفيد بيكهام بخبرته في مجال الرياضة فخصص زاوية خاصة بكرة القدم وفتح الباب للاطفال الموهوبين للانضمام الى اكاديميته، في حين قدمت زوجته فكتوريا وقتها لاعطاء الصغار النصائح المفيدة في عالم تصميم الازياء. وخصصت رئيسة مؤسسة «شايلد لاين» الخاصة بعناية الطفل استير رانتزن زاوية تحل فيها مشاكل الصغار التي تواجههم في المدارس وفي أيامهم العادية، هذا الى جانب زاوية طبية يقوم بتحريرها الدكتور ديفد بول ويجيب من خلالها القراء الصغار عن أسئلتهم الخاصة بالصحة. تتميز الجريدة بأسلوب الكتابة السهل والمرن الذي يناسب الاطفال ويشجعهم على القراءة، وبحسب ما أعلنت مورغن فإن الفكرة جاءته من أطفاله الثلاثة، فهم من كان وراء تشجيعه على القيام بتلك الخطوة التي لاقت الكثير من الانتقادات والتأييد في نفس الوقت، فيقول الكاتب فيليب هينشير في جريدة «الانديبندنت» إن الفكرة لا ترضيه لان هذه الجريدة سوف تستقطب الاطفال من الطبقة الوسطى وما فوق ما يهدد بوجود النعرة الطبقية وتعرض الاطفال الذين يقرؤونها للانتقاد في المدارس من قبل الاطفال الاقل ذكاء.

وردا على هذا الانتقاد يقول مورغن إن الجريدة ليست موجهة لطبقة معينة من الاطفال ولكنها سوف تكون أداة تثقيفية تساعدهم على فهم ما يدور من قضايا عامة بطريقة مبسطة من دون أي تعقيدات، وشاطر وزير الخزانة البريطانية غوردن براون مورغن رأيه وقال إن بريطانيا بحاجة لمثل هذا النوع من الجرائد كما أنها مساهمة ممتازة في مجال الثقافة، وأنه من المهم ان يطلع صغار السن على قضايا الساعة مهما كان نوعها.

أما بالنسبة لفريق العمل فهو مؤلف من عدد من المحررين المختصين بشؤون الاطفال الى جانب عدد من الاطفال أنفسهم الذين يساهمون بشكل كبير في تحرير المواضيع بطريقة تناسب ابناء جيلهم، كما أنه من المعروف أن مورغن كان يعد أصغر رئيس تحرير يتبوأ هذا المنصب الكبير في سن صغيرة وله الخبرة الطويلة في هذا المجال كما أنه لا يزال شابا ويمكنه أن يفهم ما يهم الصغار أكثر من غيره.

وعلى الرغم من بعض الانتقادات الا أنه من الواضح أن مستقبل الجريدة سيكون زاهرا خاصة وأنها لاقت اهتمام المعلنين فتهافتت على الاعلان فيها اسماء لكبرى الشركات ومن المتوقع ان تبيع الجريدة بمعدل 250 الف الى 300 الف نسخة في السنة الواحدة.

قد تكون First News أول جريدة موجهة للصغار في تاريخ بريطانيا، غير أن فكرة توجيه الاعلام العام للاطفال بأسلوبهم الخاص موجودة، فجريدة الواشنطن بوست تخصص صفحة كاملة تحت عنوان KidsPost وتهتم فيها بالمواضيع التي تهمهم مثل الرياضة وعالم الحيوانات، ولكنها تبقى صفحة ضمن جريدة موجهة للبالغين غير أن فيرست نيوز هي مخصصة فقط للاطفال.

ومن الجرائد المخصصة الى النشرات الاخبارية الموجهة للاطفال فتخصص الـBBC بقناتها الفرعية CBBC نشرات إخبارية سريعة مؤلفة من عناوين على أنغام الموسيقى تشبه تلك التي نشاهدها ونسمعها في النشرات الاخبارية العادية لكن الاخبار فيها قصيرة وسريعة من السهل ان يلتقطها الطفل ويفهمها، فيقول الطفل الكسندر البالغ من العمر 8 سنوات من متابعي نشرات الاخبار News Round التي تعرض كل المواضيع السياسية والاجتماعية المحلية والعالمية بطريقة جميلة فهو ينتظر متابعة تلك النشرات التي تتخلل برامج الاطفال بفارغ الصبر، ويناقش ما يراه على التلفزيون من مواضيع مع أهله وأصحابه في المدرسة، ويتابع قائلا: من المهم أن نعرف ماذا يجري من حولنا وردا على سؤالي عما إذا كانت بعض الاخبار السياسية المحزنة تؤثر به، رد الكسندر انه يتأثر بمشاهد محزنة تبث في نشرة الاخبار عن الاطفال الذين يموتون في العراق وفي فلسطين أو الانفجارات التي حصلت في لندن الصيف الماضي فبالطبع تؤثر فيه كل هذه المشاهد لذا يلجأ الى أهله ويسألهم عن الموضوع وتابع: في بعض الاحيان أتكلم مع أستاذي في المدرسة الذي يحاول أن يساعدني في كل المواضيع التي أطرحها، وأضاف انه يفضل متابعة الاخبار وشؤون الساعة من خلال نشرات الاطفال لانها تراعي صغر سنه، وأبهرني بكمية المعلومات الهائلة التي يعرفها من خلال تلك النشرة المقتضبة، وعن الجريدة «فيرست نيوز» يقول الكسندر إنه سوف يشتريها أسبوعيا لانه يهتم بالاخبار بشكل عام ويحب القراءة جدا وشاهد العدد الاول منها وأعجبته جدا فهو معتاد على شراء المجلات المختصة بعالم الصغار أسبوعيا ولكنها لا تعطي مساحة لازمة للاخبار السياسية والاجتماعية.

يذكر انه توجد في بريطانيا 194 مجلة متخصصة بمواضيع الصغار وتباع 11 مليون جريدة للبالغين يوميا ولم تكن توجد جريدة واحدة مخصصة للاطفال. كما توجد في فرنسا جريدة يومية مخصصة للاطفال تحت اسم «مون كوتيدين» تبيع يوميا الى جانب ثلاث مطبوعات اخرى مخصصة للاطفال من فئة أعمار مختلفة 200 ألف نسخة يوميا وهي اليوم في عامها الحادي عشر.

وعلى صعيد مواز أطلقت في الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي قناة «بيبي فيرست تي في» Baby First TV، وهي أول محطة تلفزيونية في العالم تتوجه مباشرة للأطفال من أعمار بين الـ6 أشهر والثلاث سنوات. وتقدم القناة برامج على مدار الـ24 ساعة. وتشير دراسة تعود لعام 2003 لمؤسسة «كايسر فاملي فاوندايشن» ان 68% من الأطفال في الولايات المتحدة والذين هم دون سن الثانية من العمر، يشاهدون التلفزيون يوميا، فيما 26% منهم لديهم جهاز تلفزيون في غرفتهم.