مختبر إعلامي في أميركا لمحاولة فهم «المشاهد المشتت»

للإجابة عن سؤال «كيف يصل المعلن للمستخدم الذي يقوم بأكثر من عمل في آن؟»

TT

في مختبر اعلامي مختبئ في مبنى شاهق بلوس انجليس يسعى بعض من أكبر شركات الاعلام في البلاد وزبائنها البارزين الى فهم حالة ومدى تركيز المشاهد الأميركي المنقسم.

ويبدو المكان شبيها بأكثر البيوت تطورا... فغرفة الاستقبال مزودة بآخر تكنولوجيا الفيديو، وفي المطبخ يوجد براد عليه جهاز مراقبة التلفزيون لترك الملاحظات للأطفال، والبحث عن وصفات في الانترنت. وهذا المبنى، الذي يحمل اسم «مختبر الاعلام الناشئ» في لوس انجليس، تديره «انتربوبليك غروب أوف كومبانيز»، وهي شركة قابضة لوكالات الاعلان وكذلك شركات شراء مساحات إعلانية مثل يونيفيرسال ماكان وانيشييتف. ومنذ فبراير يستخدم عملاء مثل سوني ومايكروسوفت هذه الخدمة للتعبير عن سؤال اساسي يثير الجدل لدى شركات التسويق: كيف تصل الى المستهلكين الذين يبدو انهم يقومون بأشياء كثيرة في الوقت ذاته؟

ويتصفح الناس في الوقت الحالي الانترنت بينما يقومون بمشاهدة التلفزيون. ويرسل أطفالهم رسائل سريعة الى اصدقائهم بينما يستمعون الى الموسيقى. وكلهم يتحدثون عبر الهاتف ويدققون في رسائل بريدهم الإلكتروني بينما يمارسون الطبخ.

وقالت كولين فاهي روش، نائبة الرئيس التنفيذي للأبحاث في «أم تي في نيتووركس» التي تعمل مع شركة «أو تي أكس» للأبحاث على الانترنت: إن «ابحاثنا تظهر ان الناس افلحوا الى حد ما في حشر 31 ساعة من النشاط الى 24 ساعة يوميا. وذلك ناجم عن القدرة على القيام بعملين في ىن واحد».

وبينما تخصص شركات الاعلام مليارات الدولارات على الاعلان في عروض الشبكات الكبرى في الأسبوع الحالي، لا يزال الباحثون في قضايا السوق يبذلون جهدهم لفهم وقائع ما سمي «استخدام الاعلام المعاصر».

وحتى الآن وجد الباحثون بعض الأسس المشتركة ولكنهم يختلفون على نطاق واسع في مجالات حاسمة من التفسير. ويبدو انهم يتفقون حول مسألتين: أن هذا النمط من المهمات المتعددة لا ينطبق فقط على الشباب وان الوقت الذي يصرف على هذه المهمات المتعددة يزداد عبر اللوحة.

وبالنسبة للمعلنين فإن التحدي يتمثل في نقل رسالتهم في مجال واحد بينما المستهلك ينشط في الوقت ذاته في مجالات عدة.

أما بالنسبة للمبرمجين فالسؤال هو ما اذا من الممكن تحقيق تقدم وتوفير مادة يمكن أن توجه عددا أكبر من اهتمام مشاهديهم، وربما مزيد من الاعلان نتيجة لذلك.

وفي «مختبر الاعلام الناشيء» يمكن أن يراقبوا مشاركتهم، ويشاهدوا المستهلكين وهم يجربون تكنولوجيات جديدة أو يستخدمون تكنولوجيات قديمة، عبر كاميرات تنقل الصور الى قاعة مراقبة.

وباستخدامهم المختبر بانفسهم فان المديرين التنفيذيين للاعلام يمكن أن يقيموا كيف ان اعلاناتهم أو المحتويات الأخرى تظهر اجهزة مثل أجهزة العاب الفيديو المحمولة أو الهواتف المحمولة.

واوضحت لوري شفارتز، مديرة مشروع المختبر، انه «يمكنك رؤية الأشياء هنا في السياق». واذ كانت تقف في غرفة الاستقبال وتحمل الماوس اللاسلكي لتوجه مركزا اعلاميا، جهاز مراقبة مسطح الشاشة على الجدار يغذي الانترنت وقنوات التلفزيون وجهاز تشغيل الدي في دي.

وقال كريغ جونسون، المدير التنفيذي للمختبر، انه «بالنسبة للكثير من زبائننا من الصعب المواكبة. ومن الصعب بالنسبة لهم معرفة ما يتعين عمله لاحقا عندما يكون هناك شيء جديد في كل يوم مثل المدونة أو الموقع على الانترنت. انهم يعرفون كيف ينفقون أموالهم ولكنهم لا يعرفون أي اعلام يختارون والى أي حد».

وفي الأسبوع الماضي جاء 40 مديرا تنفيذيا من «سوني كوربوريشن أوف اميركا» للاطلاع على امكانيات المختبر بعد ان اختبر قسم واحد خدمته المتعلقة بالفيديو حسب الطلب. وقالت ليزا ديفيز المتحدثة باسم سوني «انها طريقة اخرى بالنسبة لنا لمزيد من فهم كيفية استخدام المستهلكين الاعلام الجديد. ونتوقع ان يستفيد التعلم هنا من جميع مشاريعنا».

وقال ديفيد سكليفر، رئيس «كي أس أل ميديا»، الذي يشتري وقت اعلان لزبائن مثل ويسترن يونيون وباكاردي، ان برنامج المهمات المتعددة «رحمة أو نقمة» بالنسبة للمعلنين. وقال انه «اذا ما كان شخص ما يشاهد دراما تلفزيونية وهناك أخبار سي أن أن على الانترنت فانه من المحتمل جدا ان لا يكون لديك مشاهد مشغول». ولكن من ناحية اخرى، فان شخصا ما يشاهد برنامجا رياضيا على التلفزيون يمكن ان يعزز التجربة عبر تصفح الانترنت في الوقت ذاته من أجل التعرف على الاحصاءات.

ويعني الكثير من برنامج المهمات المتعددة التلفزيون ونشاطا آخر، سواء كان ذلك قراءة صحيفة او تصفح الانترنت او التحدث على الهاتف. وعندما يكون الحال على هذا النحو فاي نشاط يستحوذ على الاهتمام الأساسي؟

وفي هذه القضية الحاسمة يتباين البحث. ففي خلاصة لآخر عمل لها حول الموضوع في مارس الماضي اشارت مؤسسة فورستر للأبحاث الى ان 11 في المائة من المستهلكين الذين دخلوا على الانترنت بينما كانوا يشاهدون التلفزيون قالوا انهم أولوا الاهتمام الأكبر للتلفزيون. وقال حوالي 61 في المائة انهم أولوا اهتماما اكبر بالانترنت، بينما قال 28 في المائة انهم أولوا اهتماما مماثلا للاثنين. واستخدمت مؤسسة فورستر عمليات استطلاع للرأي على الانترنت شارك فيها 12 الف شخص كأساس لنتائجها.

وقالت فاهي روش ان بحثها أظهر شيئا مختلفا. واشارت الى ان «التلفزيون يعتبر النشاط الاعلامي الأساسي عندما تقوم لشيئين في الوقت ذاته». ولكن عندما سئلت حول كيفية تقييمها لما يوليه الناس اهتماما بينما يمارسون مهمات متعددة، توقفت دقيقة، قبل ان تقول «من المؤكد اننا سألنا الناس حول كيفية شعورهم تجاه ماركاتنا بشأن طائفة من الأجهزة والبرامج الالكترونية».

* خدمة «نيويورك تايمز»