رئيس «شوتايم» العربية: نسبة مشاهدة التلفزيون في السعودية أعلى من أوروبا وأميركا

القنوات التي تضمها شبكته لا تمارس أي رقابة.. لأن «الجمهور عايز كده»

TT

على الرغم من أنه أميركي الجنسية.. وأنه كان ضمن الفريق الذي دشن قناة «ام تي في» الموسيقية، التي باتت أحد رموز أميركا الحديثة، إلى جانب مطاعم ماكدونالدز ومشروب الكوكا كولا، إلا أن بيتر اينشتاين، الرئيس التنفيذي لـ«شوتايم» العربية، احدى شبكات التلفزيون المدفوع الرائدة في منطقة الشرق الأوسط، يبدو على فهم عميق بالإعلام العربي ومشاكله. يتحدث بزهو عن فكرة انشاء مراكز خدمة عملاء وبيع للشبكة التلفزيونية، في عدد من البلدان العربية، موضحا «في السعودية يحب الناس التعامل المباشر، ولا تستطيع بيع الكثيرين خدمة، كالتي نقدمها عبر الهاتف.. لأن الناس يفضلون لمس البضاعة بأيديهم قبل شرائها». ويضيف «ولذلك انشأنا مراكز الخدمة، حيث نستضيف الشخص ونقدم له القهوة العربية ونعرض عليه الجلوس على كنب مريح ومتابعة برامجنا». إلى ذلك فهو على علاقة مع عدد كبير من رواد التلفزيون والسينما العربية، وهو يتحدث القليل من العربية ويتابع الأخبار المحلية لدرجة متابعته لسوق الأسهم السعودية، وسؤاله عن مسار اكتتاب المجموعة السعودية للابحاث والتسويق. «الشرق الأوسط» التقت اينشتاين، على هامش مؤتمر شارك فيه بلندن، وهو يعرض رؤيته للاعلام العربي والمنافسة بين الفضائيات المجانية المفتوحة للجميع والتلفزيون المدفوع، وفي ما يلي نص الحوار: > أنت أميركي وعملت في إدارة قناة «ام تي في» الموسيقية، فلماذا انتقلت للعمل في العالم العربي؟ ـ طوال فترة عملي كنت دائما ضمن فرق اطلاق المشاريع، فقد كنت من ضمن الفريق الأساسي الذي أطلق قناة «ام تي في» الموسيقية في الولايات المتحدة عام 1981. وكنت ضمن الفريق الذي اطلق قناة «ام تي في أوروبا». ولأن شركة «فياكوم» تملك جزءا من شبكة «شوتايم»، فقد اقترحوا علي أن أطلق هذا المشروع في منطقة الشرق الأوسط، وقد سافرت الى الشرق الاوسط مرارا خلال فترة عملي في «ام تي في»، وأنا أحب هذه المنطقة كثيرا لذلك استمتعت باطلاق الشبكة في المنطقة، وقد أخذت دروسا في اللغة العربية لمدة سنتين لمساعدتي على فهم ما يجري حولي اكثر. > وهل تطلب منك الأمر الكثير لفهم ما يريده المشاهد العربي؟

ـ عندما تدير خدمة التلفزيون المدفوع هناك معيار واحد فحسب، وهو ما الذي تستطيع تقديمه للناس افضل مما يحصلون عليه مجانا. فإذا قدمت لهم امرا يستطيعون الحصول عليه مجانا من مكان آخر، فمن البديهي انهم لن يدفعوا مقابل خدمتك. لذلك قررنا في البداية التوجه نحو السوق العالمي، ففي ذلك الوقت كانت معظم الفضائيات المحلية تقدم محتوى عربيا، ومنها ما يقدم محتوى عربيا على مستوى عال كالـ«أم بي سي»، لذلك مجددا كان السؤال، ما الاضافة التي نستطيع تقديمها؟ ومن ثم حددنا الطبقة التي نريد استهدافها، وهي الطبقة الاجتماعية المتوسطة والعليا، التي عاشت لفترة او سافرت او درست في الخارج، ولها ميل نحو الترفيه الغربي من أفلام ومسلسلات وبرامج. وأمنت لنا هذه الاستراتيجية تفوقا، فمن الصعب التغلب على جودة حلقة من مسلسل كلف الملايين من الدولارات لانتاجه. هذا من جهة، ولكن من جهة أخرى نحن نقوم بتعديل الأعمال لتتناسب مع السوق الذي نتوجه إليه، لأننا لا نريد ان يعتقد الناس أننا نبث فقط ما ينتج في الغرب إلى المنطقة، فكل القنوات التي نقدمها تقدم ترجمة مطبوعة بالكامل، اضافة الى ان الاعلانات الترويجية تسجل باللغة العربية، حتى ان كان لترويج مسلسل ناطق بالانجليزية مثل «ديسبيرت هاوس وايفز» (سيدات منزل يائسات). > وهل يشمل هذا الرقابة على المحتوى؟ ـ أنا اكرر دائما نحن لا نقدم الخلاعة على «شوتايم»، ولكن بالنسبة للافلام المصنفة للبالغين فنحن نقدمها كما تم انتاجها تماما، لأن مشتركينا يريدون هذا. في بدايات «شوتايم» كنا نقوم بالكثير من الرقابة على مشاهد الأفلام والمسلسلات، ولكنا ادركنا بسرعة من مشتركينا ان ردة الفعل هي «أنا أدفع مقابل هذه الخدمة... واذا كنتم ستمارسون الرقابة استطيع مشاهدة القنوات المفتوحة.. أنا أعلم ما تقدمونه لي وهو محتوى عالي الجودة، غير خاضع لرقابة ولا لفواصل اعلانية، ويعرض لأول مرة. وعليكم نقله الي كما اراد لي المخرج ان اشاهده، طالما استطيع في منزلي التحكم في ما اريد مشاهدته او ما لا اريد لأطفالي ان يشاهدوه». > وكيف تصف مشاهدي شوتايم اليوم؟ ـ الكثيرون يعتقدون ان غالبية مشتركينا هم من الاجانب المقيمين في العالم العربي، إلا أن أكثر من 80% من مشاهدينا هم من العرب، ونحن سعيدون جدا لهذا الاحصائية، لأننا لا نستغرب ان يقدم الأجنبي على الاشتراك في «شوتايم» كونها تقدم ما تعود على مشاهدته في بلاده، ولكن ان تكون الغالبية هي من العرب فهذا يدل على اننا استطعنا تعديل المنتج، لدرجة ان يثق فيه ويرغب فيه المشاهد العربي. وكما ذكرت فإن مستخدمي «شوتايم» هم من الطبقة الوسطى والعليا، الذين يرغبون في الحصول على أحدث التقنيات والجوالات والسيارات، ونحن نقدم لهم أحدث الاعمال التلفزيونية. ومن المفارقات بين منطقتنا والغرب هي انه في الغرب تعرض البرامج للمرة الأولى على القنوات المفتوحة، ولكن في العالم العربي تعرض على «شوتايم» المدفوعة. > ولكن ماذا عن الفضائيات المفتوحة (غير المشفرة) التي بدأت تنافسكم في بث البرامج الأجنبية؟ ـ هي لا تنافسنا. لأن هذه القنوات تعرض برامج وحلقات عمرها بين الـ18 عاما والسنتين، ولا تعرض شيئا بنفس التوقيت الذي نعرضه فيه. ولا تنسى انها (القنوات المفتوحة) تمارس الرقابة على المحتوى، اضافة الى تخلل الاعلانات للافلام والمسلسلات، وهي امور لا نفعلها نحن. > الا يمكن ان تكون قد عقدت اتفاقا يعطيها الامتياز؟ ـ هذا غير ممكن بحكم الاتفاقات التي تميزنا.

> ماذا عن شبكة «أوربت»؟ ـ «أوربت» شبكة مدفوعة، ولذلك يختلف الأمر. فقد تعرض برنامجا تنتجه استديوهات «وونر بروذرز» قبلنا بحكم اتفاقها معها، بالنسبة لنا نحن لدينا اتفاقات مع 5 من الاستديوهات الثمانية الكبار، وهي: سوني، بارامونت، يونيفرسال، ديزني، دريم وركس، تعرض أولا على «شوتايم» بحكم امتيازنا.

> ماذا عن مشكلة تشتت المشاهدين، التي تعاني منها شبكات التلفزة في الغرب؟ وما تقييمك للوضع في العالم العربي؟

ـ نسبة مشاهدة التلفزيون مرتفعة للغاية في هذه المنطقة، خصوصا في مناطق مثل السعودية، لذلك تجد ان نسبة مشاهدة التلفزيون في السعودية اعلى من نسبة المشاهدة في أوروبا أو الولايات المتحدة. نحن نقدم خدمة الدفع مقابل المشاهدة بالنسبة للافلام السينمائية، وهي تلاقي شعبية كبيرة في السوق السعودي، خصوصا ان الكثيرين يشاهدون هذه الافلام لأول مرة، من دون رقابة ومن دون ان تتخللها اعلانات، كونهم لن يستطيعوا مشاهدتها في أي مكان آخر. > حسنا.. وما هي المدة التي تفصل بين عرض الفيلم في السينما وعرضه على «شوتايم»؟

ـ احيانا نعرض في نفس اليوم الذي يفتتح فيه الفيلم في صالات العرض. وهذا ما فعلناه في العام الماضي مع فيلم «سبع ورقات كوتشينه» من بطولة روبي وإخراج شريف صبري. وانوه هنا بأن الفيلم عرض في دور السينما المصرية، ولكن بعد ان ازالت الرقابة منه نحو نصف ساعة، أما نحن فعرضناه كاملا ولأول مرة حصريا لمشتركينا. وهذا التوجه هو ما نبحثه حاليا مع جهات عدة.. وهو سيخدم سوقنا في السعودية بالتأكيد (حيث لا توجد دور سينما). > بحكم انك اصبحت «واحدا منا» الآن، كيف تقيم ما يوصف بفورة الإعلام العربي، خصوصا في مجال التلفزيون؟ ـ حسنا من ينظر من الخارج ستكون ردة فعله حتما الذهول.. حيث سيقول انظروا الى ما يحدث في هذه المنطقة، والحديث هنا عن نحو 350 قناة فضائية مفتوحة، وثلاث شبكات تلفزيون مدفوعة. لذلك قد يفترض ان هناك أموالا في انتظار ان تجنى. وهذه تماما النقطة الجوهرية، فهناك فرق كبير بين مجرد الدخول الى قطاع التلفزيون والدخول اليه ومن ثم جني الأرباح.. وهذه هي القضية التي لا تدركها الغالبية، فهناك الكثيرون يخسرون في مجالنا، بسبب غياب الدراسات والأبحاث المعدة بشكل محترف، كما لا توجد احصاءات دقيقة بالنسبة لقياس نسب المشاهدة. أضف إلى ذلك أن الكثير من وكالات الإعلان تعطي خصومات كبيرة على المساحات الدعائية.. وبالتالي فهذا ينتج عنه عدم نمو «كعكة» الاعلان، لأن الوكالات تمنح المساحات وكأنها تبيع منتجا استهلاكيا وليس مساحة اعلانية تلفزيونية. وإلى ان يتغير هذا فلن تتحسن صحة قطاع التلفزيون في المنطقة. > هل لك ان تطلعنا على بعض الأرقام بخصوص عدد مشتركيكم، وحجم انفاقكم على شراء وادارة البرامج، وما مدى دخلكم الاعلاني؟ ـ الدخل الاعلاني موجود ولكنه يشكل نسبة قليلة جدا من دخلنا. بالنسبة للارقام فهناك معلومات موجودة في السوق تستطيع الحصول عليها، ولكن بالنسبة لي، لا استطيع ذكر الارقام حاليا. وما استطيع قوله ان شركة «بوزـ آلين»، اجرت دراسة اعتبرها الاولى من نوعها في مجال التلفزيون المدفوع بالمنطقة، وكان ذلك في العام الماضي وقدرت عدد مشتركينا بـ175 الف مشترك مباشر الى منزله (لا تشمل الدراسة المشتركين عبر اشتراك جماعي كسكان المجمعات السكنية او الفنادق). > ولكن ما المشكلة في ذكر ارقامكم بصراحة؟ ألم تقل ان احد مشاكل الاعلام في المنطقة هو غياب الاحصاءات والارقام الدقيقة؟ ـ هي ليست مشكلة بالنسبة لنا، فنحن حاليا وسط عمليات مالية ولا نستطيع نشر أي ارقام خلال هذه الفترة، ولكن في النهاية سنكشف جميع ارقامنا وستستطيع الحصول عليها. > أعلنتم مؤخرا عن خطط لإنتاج البرامج باللغة العربية، فهل لك ان تشرح المزيد حول هذه النقطة؟ ـ نفكر دائما بالخطوة المقبلة، نحن نعتبر انفسنا ملوك الترفيه الغربي ونريد اضافة قيمة جديدة لخدمتنا، وهي برامج تلفزيونية عربية بشكل جديد لم يسبق له مثيل. ولطالما تجنبنا البرامج العربية، لأني كنت ارى ان هناك فائضا فيها، ولكن الآن أرى ان هناك فرصة لإنتاج برامج عربية خصيصا للتلفزيون المدفوع، ما يعني انه سيكون اكثر تحررا من جهة المحتوى، ومجددا اوضح ان ما نستطيع بثه نحن (كخدمة تلفزيون مدفوع) لا تستطيع القنوات المفتوحة ان تحاكيه، لأننا نعتبر «ضيوفا مدعوين» إلى البيوت. وأستطيع ان اعطي مثالا عن برنامج تلفزيون الواقع «بيغ بروذر» في نسخته العربية (الذي عرف باسم «الرئيس») والذي عرض وأوقف على محطة غير مشفرة، فهذا البرنامج رغم انه لم يقبل على الشاشات المفتوحة، إلا انه كان ممكنا ان يكون مناسبا ومقبولا جدا للتلفزيون المدفوع. وكانت لدينا اجتماعات في «شوتايم» قبل أشهر لتحديد نوعية البرامج التي قد ننتجها، وفي الواقع فإن ما نستطيع تقديمه بشكل مختلف يشمل خيارات كثيرة بدأ من الأفلام السينمائية، مرورا بالدراما والمسلسلات وصولا الى الكوميديا والبرامج الحوارية (توك شو). > بحكم أنك عملت في «ام تي في»، لماذا لم تطلق «ام تي في» عربية، فيما القنوات الموسيقية العربية تتكاثر يوميا؟ ـ أولا نحن نقدم قناة «ام تي في» (الغربية) حصريا على شوتايم، والسبب الآخر هو ان الكثير من الناس ينسون انه اصبح هناك الكثير من القنوات الفضائية المجانية، التي تتوجه لفئات معينة، ولكن القليل جدا هم من يجنون أي أرباح. أعلم أن الكثير من هذه القنوات تعتمد على الدخل من ارسال المشاهدين لرسائل الجوال القصيرة (اس ام اس)، ولكن حتى الآن لا يزال المصدر الأساسي للدخل بالنسبة للقنوات هو الإعلان، وحتى الآن كذلك لا يزال سوق الإعلانات في المنطقة صغيرا.. فلو أردنا إطلاق قناة «ام تي في» عربية حقيقية، وأعني اطلاق قناة عربية بمعايير القناة الأم، وليس مجرد عرض الأغاني المصورة، فإن الأمر سيكون مخاطرة اقتصادية بحسب ما يقول المحللون، وذلك لأنه ببساطة لا يوجد هناك ما يكفي من أموال المعلنين. ولا تنسى أننا نعيش في منطقة قد يطلق فيها أي شخص قناة فضائية لمجرد أنه يريد ذلك أو لأنه يقدر على ذلك ماليا وحسب ولا تهمه التكاليف. أعلم انه يوجد الكثير من القنوات الموسيقية ولكني أعتقد انها ليست بمستوى «ام تي في»، بأي شكل من الأشكال. > وكيف تعاملتم مع موسم كأس العالم حاليا؟ ـ (ضاحكا) مبدئيا.. مجرد الاستمتاع بمشاهدته على القنوات الأخرى! فكما تعلم فإن شبكة «أي آر تي»، هي صاحبة حق بث المباريات، وما أسعدني في الموضوع هو ان الشيخ صالح كامل استطاع هذه المرة ان يبقي على حق بث المباريات ضمن نطاق التلفزيون المدفوع، وهذا أمر جيد، لأنه يساهم في ترسيخ الفهم لدى الناس بان هناك امورا تحصل عليها مجانا واخرى عليك ان تدفع مقابلها، ومجرد فهم ذلك يساعدنا جميعا. > من المعروف انكم، وشبكات التلفزيون المدفوع الأخرى، تعانون من القرصنة فكيف تتعاملون مع هذه المشكلة؟ ـ القرصنة مشكلة تواجه التلفزيون المدفوع في كل مكان، وليس فقط في الشرق الأوسط. ولأننا نتعامل مع نحو 20 بلدا، وكل بلد تتعامل مع هذه القضية بشكل مختلف، ولكن غالبية البلدان لديها قوانين جيدة بالنسبة لحماية الملكية الفكرية، ولكن المشكلة هي ان تطبيق هذه القوانين في يد الحكومات، وفي كثير من الحالات لا تقوم بذلك. وحتى تقوم بذلك سيقوم الناس بالسرقة، وذلك عبر طريقتين اولهما التكنولوجيا والثانية عبر الاسلاك كما يتم في لبنان. واعتقد ان لبنان قد يكون بلدا ممتازا بالنسبة للتلفزيون المدفوع، فالناس يحبون البرامج الجديدة والمميزة، ولكن على الرغم من ان البلد لديه قوانين ممتازة لحماية الملكية الفكرية إلا أن المشكلة انه تم السماح لقراصنة الفضائيات بالعمل، ونحن كقطاع نعمل جاهدين لحل هذه المشاكل وهناك قضايا في المحكمة، ولكن في النهاية الأمر بيد الحكومات لتطبيق القوانين.