دان راذر يطوي صفحته مع «سي بي إس» بعد 44 سنة

الإعلامي الشهير تحول رمزا من رموز الشبكة.. والإعلام الأميركي

TT

قرر الإعلامي المخضرم في محطة «سي بي إس» التفزيونية الأميركية دان راذر أن يطوي صفحته الأخيرة مع المحطة بعد 44 عاما من العمل التلفزيوني وصف خلالها بأنه من أكثر مقدمي الأخبار تأثيرا في الولايات المتحدة‏، وأكثرهم إثارة لامتعاض الحزب الجمهوري الأميركي. ورفض المسؤولون في المحطة التعليق على إعلان راذر قراره بتركها نهائيا، وهو القرار الذي يأتي بعد مرور أكثر من عام على قراءته لآخر نشرة اخبارية قدمها عبر شاشة «سي بي إس» في مارس (آذار) من العام الماضي بعد أن تجاوز الثالثة والسبعين من عمره. وقال راذر في تصريحات بثتها وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية «إنني على وشك الانتهاء من وضع التفاصيل الأخيرة لمغادرة سي بي إس». ولم يحدد متى سيغادر بالضبط لكنه قال إن الموعد سيحدد في القريب العاجل، وامتنع بعد ذلك التصريح عن الرد على اتصالات الصحافيين لمعرفة أي تفاصيل أخرى.

يشار إلى أن مشكلة دان راذر مع المحطة بدأت بعد تقرير بثته المحطة في فترة رئاسة بوش الأولى في برنامجها «ستون دقيقة» تضمن معلومات غير صحيحة عن عدم التزام الرئيس جورج بوش، حين كان مجندا في الحرس الوطني، الذهاب إلى الخدمة، استشهد فيها البرنامج بوثيقة نُسِبت إلى ضابط راحل كان مشرفا على بوش، لكن المدافعين عن الرئيس شككوا في صحة الوثيقة واتهموا الشبكة الأميركية بالتمييز لصالح المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة جون كيري، ما دفع إدارة الشبكة إلى تقديم اعتذار قرأه على الهواء دان راذر نفسه. وفي مارس من العام الماضي ترك دان راذر قراءة النشرات الرئيسية في المحطة وترك تقديم برنامج «ستون دقيقة» متفرغا للعمل في البرنامج كمحرر ومندوب ميداني فقط.

تجدر الإشارة إلى أن البداية الصحافية لدان راذر كانت مع وكالة الـ«أسوشييتد برس» ومن ثم وكالة الـ UPI. وقبل التحاقه بشبكة «سي بي إس» كان راذر يعمل مع محطة حليفة للشبكة في هيوستن. وفي عام عام 1962 التحق راذر بـ«سي بي إس»، بعد أن أعجب المسؤولون في الشبكة بتغطيته لحادثة الإعصار «كارلا». وكان أول من نقل خبر وفاة الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي.. وبقي راذر الطفل المحبب لـ«سي بي إس»، لذلك أصبح مراسلها لدى البيض الأبيض في عهد الرئيس نيكسون، ومن ثم مذيعاً أساسياً في نشرات عطلة نهاية الأسبوع ومراسلاً للبرنامج الخاص «ستون دقيقة». تلا ذلك جلوس راذر على كرسي المذيع الأساسي يومياً من خلال «نشرة المساء» ابتداء من التاسع من مارس (آذار) عام 1981. إلا أنّ شبكة «سي بي إس» مرت بفترة عصيبة بعد ذلك وقامت بتسريح الكثير من موظفيها، وعلى الرغم من خفض راتبه والتقليل من الثقل الموضوع على «نشرة المساء» بقي راذر في المحطة، وقد أنتجت هوليوود عام 1987 فيلماً عن هذه الحقبة بعنوان «برودكاست نيوز» لعب فيه الممثل جاك نيكلسون دور راذر.

ويحوي سجله مقابلة مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ومبارزة كلامية حادة على الهواء مع الرئيس جورج بوش الأب عندما كان مرشحاً للرئاسة قبل 16 عاماً. وبدأ الخلاف بين راذر وبوش الأب عام 1988 حينما بدأ باستجوابه حول الفضيحة التي عرفت باسم «إيران ـ كونترا». اشتكى بوش من البرنامج الذي دعي إليه بحجج زائفة، وقال إنه حضر لأنه كان يظن أنه سيناقش طموحاته الرئاسية، على الرغم من أن مساعدا له قال إنه كان يعرف أن سؤالا حول الفضيحة سيتم طرحه في المقابلة.

وكان راذر قد تصادم مع نيكسون في أوج فضيحة «ووترغيت»، ما اكسبه احترام الكثير من الزملاء، مثلما أغضب الكثير من أنصار نيكسون. فبعد أن طرح راذر سؤالا على نيكسون في مؤتمر الجمعية القومية للمذيعين سنة 1974 أجاب نيكسون بحدة «هل أنت تسعى لشيء؟» فأجابه راذر بسرعة «لا سيادة الرئيس.. هل تسعى أنت لشيء؟».

ولم يكن الجمهوريون راضين عنه كذلك في فترة حكم ريغان. ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» فانه في عام 1985 بدأ السيناتور الجمهوري جيسي هيلمز يحث الجمهوريين على شراء أسهم محطة «سي بي إس» للتمكن من أن يصبحوا «رؤساء دان راذر». ولا يهضم الجمهوريون كذلك، حضور راذر لحفلات جمع تبرعات الحزب الديمقراطي، بل أسسوا موقعا انترنتيا خاصا يرصد ما يصفه بتحيز راذر في برامجه.