تغطية التصعيد الأخير.. سترات واقية واستشارات أمنية و18 ساعة عمل يوميا

TT

عندما انتشر الخبر في الثاني عشر من يوليو الجاري ان «حزب الله» اطلق صواريخ إلى داخل الشمال الإسرائيلي، انتابني شعور داخلي ان هذه الجماعة الشيعية الأصولية قد حققت هدفها أخيرا باعتقال جنود اسرائيليين. نقلنا الخبر بسرعة، فيما تحققت من الأمر مع متحدث باسم الحزب في بيروت ومصادر أمنية في جنوب لبنان. بعد أشهر عدة من الصمت، بدا فجأة أن افتتاح مكتب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الجديد في وسط العاصمة اللبنانية هو استثمار جاء في وقته. وكان التدشين الذي قمنا به في مايو الماضي جعلنا هيئة البث البريطانية الوحيدة التي تتمتع بوجود دائم في لبنان. واتسمت التغطية في اليوم الأول بـ «عدم الانقطاع»، حيث كنت ألبي بنفسي كافة متطلبات البي بي سي بقنواتها المختلفة. وبعد يوم واحد فقط من بدء الحملة العسكرية الاسرائيلية، انضم إلي وإلى زميلتيّ ندى عبد الصمد (مراسلة القسم العربي) ومساعدة الأخبار المعينة حديثا مها برادة، منتجون ومصورون ومراسلون جيء بهم من لندن، مصر وقبرص. وفيما لم يكن واضحا في البداية ما الذي كان الاسرائيليون يسعون اليه، تبين سريعا بعد ذلك انه يجب علينا توخي الحذر الشديد في لبنان، فيما كانت المرافئ والطرق والجسور تقصف في كل انحاء البلاد تقريبا. وُضعت الستر الواقية في جميع السيارات، وطُلب من السائقين الاستماع إلى الإذاعات المحلية، حيث تحافظ النشرات الإخبارية المحلية على شهرتها بالدقة في ما يتعلق بالأماكن التي يتم قصفها، وذلك يذكر بأيام الحرب اللبنانية الأهلية عندما كانت هذه الإذاعات تبقي الناس مطلعين دائما على المناطق الخطرة. خلال الأيام القليلة التالية، توافد عدد متنام من مراسلي، ومصوري، ومنتجي البي بي سي إلى لبنان. وتحول مكتبنا الصغير ببطء إلى غرفة عمليات إخبارية متكاملة بفريق يشكله نحو 45 شخصا، ويتضمن هذا العدد سائقين ومساعدين محليين، اضافة إلى 4 استشاريين امنيين. وفيما توافدت الفرق الإعلامية من جميع انحاء العالم على لبنان، بدا الجميع منهمكا في تأمين المعدات والطاقم. خلال الأيام الأولى من عمليات اجلاء الرعايا الاجانب، كانت الـ «بي بي سي» هيئة الاذاعة البريطانية الوحيدة التي تمتعت بطبق لاقط داخل الميناء، فيما اذاع مقدم الأخبار على قناة «بي بي سي نيوز 24» من هناك. إلا أنه لا مفر من بعض معوقات التصوير، وقد طلبت منا السفارة البريطانية إبعاد كاميراتنا عن القوات البريطانية والمعدات العسكرية. يوم الاثنين الماضي، ذهب زميلنا مراسل منطقة الشرق الأوسط المخضرم، جيم موير، الى صور في جنوب لبنان، وقد لحق به زميلنا فيرغال كاين وهما يعتبران الان ركنا اساسيا من تغطيتنا، حيث يزودانا بصورة اوسع عن الوضع في الجنوب اللبناني. وعلى الرغم من أنني أنوي التوجه نحو الجنوب قريبا، فإني باقية في بيروت كوني المصدر الرئيسي للمعرفة المحلية بالنسبة للفريق، كما أنني أعتقد انه يجب مراقبة القصة السياسية في العاصمة. وفي كل يوم، بعد أن أجري التقارير المباشرة للبرامج الصباحية، نجري اجتماعا في المكتب لاطلاع الزملاء على التطورات ونناقش القصص اليومية مع مدير مكتب منطقة الشرق الأوسط، سايمون ويلسون. بعد ذلك تتوجه كافة الفرق مع سائقيها ومساعديها لجمع المواد الخاصة بالنشرات التي ستفد من بيروت، ونحن نفعل ذلك منذ اسبوعين حتى الان، بواقع 18ساعة عمل يوميا. قد تهدأ الأمور قليلا قريبا، وفيما بعض الزملاء قد جاءوا وغادروا فإن مكاني هو بيروت.. وسأبقى هنا لأغطي العمليات الاسرائيلية المتواصلة وأي وقف لاطلاق النار، وبالتأكيد القصص الانسانية، الاجتماعية والسياسية التي ستظهر بمجرد وقف القصف.

* مراسلة البي بي سي في بيروت ـ عن مجلة «برودكسات»