مدير قناة «المنار»: لسنا بوقا لـ«حزب الله» .. ولا علاقة عضوية معه

عاتب على وزير الإعلام اللبناني والمؤسسات العربية والدولية

TT

كانت محاولة من «الشرق الاوسط» للدخول الى المقر الجديد لقناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» اللبناني، لكن الاجراءات الامنية التي حولتها الى تلفزيون سري يبث من «مكان ما» بعد تهديم مبنى المحطة بالصواريخ الاسرائيلية، جعلت المهمة شبه مستحيلة.

المدير العام للمحطة النائب السابق عبد الله قصير قبل بإجراء المقابلة، لكن العقدة كانت في المكان الذي لم نعرف به الا في الدقائق الاخيرة ... وكان الحوار معه حول ظروف عمل المحطة التي كشف قصير ان العاملين فيها كانوا في مبناها عندما تعرض للقصف التدميري الذي سواها في الارض، مبديا عتبا كبيرا على وزير الاعلام اللبناني والاعلام العربي والدولي الذي لم يتضامن مع المحطة بالمستوى اللازم.

وقال قصير: «ان ضرب المنار وهوائيات «إل بي سي» وغيرها من المحطات التلفزيونية والاذاعية هو سابقة في حد ذاته في تاريخ العمل الصحفي والاعلامي وينم عن حجم الحقد الصهيوني والتفلت الاسرائيلي من كل الضوابط القانونية والدولية والشرائع التي تحمي الاعلام والمؤسسات الاعلامية. والاستهجان ليس من الضربة بحد ذاتها، فنحن نعرف عدونا واجرامه، اما الاستغراب هو من موقف المؤسسات الاعلامية العالمية التي يفترض بها ان تتحرك لادانة الحدث وشجبه والتي لم نحس انها قامت بما عليها. طبعا هناك مواقف نشكرها على المستوى اللبناني، لكننا لم نحس ان المواقف على المستوى العربي والدولي كانت بحجم الحدث.

> هل تعتقد ان لهذا «الصمت» علاقة بكونكم تلفزيونا تابعا لـ«حزب الله»؟

ـ هناك ادعاء بأننا قناة «حزب الله»، لنا الشرف ان نكون قناة المقاومة، لكني اريد ان اوضح ان قناة المنار ليست مملوكة بالكامل من «حزب الله»، هي شركة مساهمة يمتلك الحزب جزءا كبيرا من اسهمها. وهي مؤسسة تلتزم الضوابط المهنية والمعايير الاعلامية والمبادئ الصحفية. والقناة كانت سباقة الى اصدار ميثاق شرف اعلامي اعلناه قبل الضربة بقليل. وكنا نعتبر انه بالرغم من اننا قناة تتبنى وجهة نظر المقاومة وتدافع عن قضايا الأمة وفي مقدمها القضية الفلسطينية، لكننا في الاساس مؤسسة اعلامية يجب ان يتم التعاطي معها على هذا الأساس، وليس من منطلق انها مؤسسة مملوكة من هذه الجهة او ان هذه الجهة تشارك في ملكيتها. ان العديد من وسائل الاعلام في العالم تشارك جهات سياسية في ملكيتها. نحن نتمنى ان تتعاطى المؤسسات الاعلامية الاخرى مع المنار على انها مؤسسة اعلامية عربية وبالتالي يجب ان يتم التضامن معها من هذا المنطلق. علما بان اسرائيل ضربت ايضا وسائل اعلامية تعتبر في «المقلب الاخر» بالتصنيف السياسي.

> نلاحظ عتبا في كلامك على الوسائل الإعلامية كافة لعدم التضامن مع المنار؟

ـ تحديدا الوسائل الاعلامية العربية والدولية. قد افهم موقف الوسائل اللبنانية لأنها في قلب الحدث مثلنا في الاستهداف. لكن هذه الوحدة يجب ان تترجم في المواقف، للأسف لم أحس بوجود موقف موحد ما خلا الموقف الذي صدر عن المجلس الوطني للاعلام، وجزئيا من وزير الاعلام (غازي العريضي).

> ما قصدت بكلمة جزئيا؟

ـ لسنا في وضع يسمح بالدخول في سجالات داخلية. لكن كنت اتمنى لو كان موقف الوزير اكثر صراحة ووضوحا في موضوع استهداف المنار. نحن نقرأ هذا الموقف في ما صدر عنه، لكن انا اقول ان موقفه يجب ان يرتقي الى ما هو اكثر من ذلك. فعندما تستهدف وسائل الاعلام، على الوزير ان يقوم بتحرك استثنائي ودولي، فلا يكفي ان يصرح بعد جلسة مجلس الوزراء او ان يجيب على سؤال لصحافي. المفترض ان يكون هناك خطوات عملية في هذا المجال وان تتم مخاطبة المنظمات والجهات المعنية على المستوى العالمي. نحن نحترم الوزير ونقدر جهوده لكننا نحتاج الى المزيد.

> ما هي العلاقة العضوية بين القناة و«حزب الله»؟

ـ لا يوجد علاقة تنظيمية بالمعنى العضوي بين «المنار» و«حزب الله». المنار مؤسسة اعلامية مستقلة لها مجلس ادارتها وهيكليتها الاعلامية ولها آليات عملها. لا تتلقى المنار تعليمات بالمعنى التفصيلي أو بالمعنى اليومي من «حزب الله» بقدر ما انها مقتنعة بالنهج او الخط الذي تسير المقاومة فيه وتتماهى مع هذا المنهج وتدافع عنه وتوصل وجهة نظره دون اغفال وجهات النظر الاخرى. والمنار قد تكون القناة الوحيدة في لبنان التي تقوم بعرض وجهات نظر الاسرائيليين وتنقل عن التلفزيون الاسرائيلي ما يجري من نقاشات داخلية تجاه ما يحدث في لبنان. وهذا يجب ان يسجل لـ«المنار» على المستوى المهني وعلى مستوى انها قناة متوازنة وليست قناة «بروباغندا» فقط لـ«حزب الله» وان كنا لا نخفي ولا نخجل من اننا قناة تروج للمقاومة ولنهجها ولثقافتها، باعتبار اننا مقتنعون بان هذا النهج يجب ان يعم في المجتمع العربي والاسلامي الذي اعتقد انه يشعر نفسه في هذا الموقع. وهذا ما نلمسه من الاتصالات التي تردنا يوميا وبعشرات الآلاف من كل انحاء العالم.

> ماذا تفعلون في ما لو وقع خبر بين ايديكم ليس في صالح المقاومة، هل تنشرونه؟

ـ نحن نلتزم بقيم مهنية وصحفية تقول باننا يجب ان نعكس كامل الحقائق التي تجري على الارض. وما يساعدنا على ذلك هو ان المقاومة تقوم بأداء شفاف وتعلن عن خسائرها ولا تخفي اي شيء. احيانا تصلنا اخبار من خارج غرفة عمليات المقاومة، فنتعامل معها كمعلومات خبرية بان نتاكد من صحتها وننشرها اذا كانت صحيحة دون مراجعة احد.

> هل كنتم تتوقعون مثل هذه الضربة؟

ـ منذ ان تم تصنيفنا من قبل الاميركيين كمؤسسة «ارهابية»، وهذا طبعا تصنيف ظالم ولا يستند الى قواعد قانونية او منطقية، ومنذ ان شعرنا ان الاسرائيليين انشاوا اكثر من «لوبي» مهمتها الاساسية ملاحقة المنار بالشكاوى امام المحكم الاوروبية، شعرنا اننا في موقع الاستهداف وانه قد يأتي اليوم الذي نستهدف فيه امنيا وعسكريا. ولهذا لجأنا الى تدابير احتياطية اذا ما تعرضنا لضربات عسكرية او امنية او منعنا من البث على اقمار معينة. وجهود الاخوان في المنار كانت جبارة وقد اتخذوا كامل التدابير الاستثناية التي تجعل المنار تواصل البث رغم تعرضها للقصف التدميري اكثر من مرة، وان تحافظ على مستوى عال من البث ولم تفقد من جودة انتاجيتها الا القليل جدا.

> هل كنتم في المبنى خلال تعرضه للقصف ام اخليتموه منذ الضربة الاولى؟

ـ لا أود ان اتحدث عن تفاصيل الآليات التي عملنا فيها خلال هذه المرحلة لاننا في موقع الاستهداف ولا مصلحة في الحديث عنها. لكن اعتقد ان نتائج هذه الاليات تدل على حجم التدابير والامان الذي حققناه لعاملينا، اذ تم تدمير المنار وخرج العاملون منه بخير، كان الاخوان ما يزالون يعملون داخل المبنى واستطاعوا بشكل سريع جدا ان ينتقلوا الى مراحل اخرى ويكملوا عملهم بمعنويات عالية وهم يشعرون بانهم جزء من هذه المعركة. انا لم استغرب، لكني اؤكد ان معنوياتهم كانت مميزة جدا في اكمالهم لعملهم ، ولم يتخلف احدهم او يتلكأ عن القيام بمهمة طلبت منه.

> هل انتم قادرون على استكمال البث، فيما لو قصفت «المنار» في مكان بثها الجديد؟

ـ نحن قمنا بتدابير تجعلنا نقول انه ـ ان شاء الله ـ لن نتوقف عن البث حتى لو عاودوا قصفنا.

> كيف استطعتم تخطي الصعوبات التقنية والعملاتية في نقل التلفزيون بأكمله؟

ـ التفاصيل كثيرة جدا جدا والتحديات كانت كبيرة جدا جدا جدا، لكن الحمد لله استطعنا بنوعية العاملين في القناة وتضحياتهم ان نتجاوز هذه الامور. والحمد لله نحافظ على مستوى بثنا الفضائي بالاضافة الى نسبة عالية جدا من البث الارضي.

> تحولتم الآن الى «تلفزيون سري»؟

ـ بنسبة كبيرة نعم. من اجل سلامة العاملين في التلفزيون نحن لا نعلن عن اماكن تواجدنا واماكن عمل زملائنا.

> سؤال قد لا تجيبنا عنه، من أين تبثون الان؟

ـ من قلب كل عربي، ومسلم شريف، وكل مقاوم يشعر انه في مواجهة هذه الهجمة التي تتعرض لها الامة العربية، من بوابة لبنان.