عندما يرتدي الإعلام «قبعة» الإنسانية

حملة التلفزيون السعودي جمعت أكثر من 100 مليون ريال للبنان .. و47 مليون درهم من حملة القنوات الإماراتية

TT

تلاحقت خلال السنوات الماضية الكوارث والحروب بشكل مكثف، كان نصيب العرب والمسلمين منها وافرا.. إلا أن ما ميز الكوارث والحروب التي شهدها العالم خلال العقدين الأخيرين هو انها جاءت في عصر الفضائيات والإعلام الفوري، مما جعلنا جميعا مقحمين ومُخبرين اكثر في ما يخص هذه الأزمات. على صعيد آخر، نجحت بعض شاشات التلفزة العربية بأن تكون جزءا من حملات التبرع، سواء المحطات الحكومية منها او الخاصة، والأمثلة على ذلك كثيرة منها الحملات التي خصصت للضحايا في فلسطين والبوسنة والهرسك.. وضحايا التسونامي مؤخرا. أما الطريقة التي تتم فيها مثل هذه الحملات، فهي عن طريق تخصيص ساعات طويلة تمتد احيانا ليوم كامل تتم خلاله استضافة العديد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية والدينية والفنية اضافة الى عرض التقارير المصورة عن المعاناة والحاجة في البلد المنكوب، وتساهم في رفع المبالغ التي هي عبارة عن تبرعات شعبية، وذلك في ما يعرف بلغة الإعلام بالـ«تيلي ـ ثون (مشتقة من كلمتي «تلفزيون» و«ماراثون»).

وفي ما يتعلق بالأزمة التي يعيشها لبنان نتيجة العدوان الإسرائيلي، فقد هبت قنوات عدة للنجدة، حيث كان تلفزيون العقارية ـ مقره دبي ـ قد بدأ بحملة «معك يا لبنان» بالتعاون مع الهلال الاحمر الاماراتي، حيث نجحت الحملة حتى تاريخ كتابة هذا التقرير في جمع ما يزيد عن 50 مليون درهم (أكثر من 66 .13 مليون دولار) من تبرعات نقدية وعينية شملت معدات طبية وخدمات شحن لايصال المساعدات الى المناطق المنكوبة اضافة لخيم ومواد غذائية وأدوية. كما اطلقت المحطة خدمة جديدة لكافة هيئات الاغاثة الدولية والاقليمية والمؤسسات الرسمية اللبنانية للاعلان مجانا عن حملاتها المتعلقة بجمع تبرعات لمساعدة الشعب اللبناني بما فيها مؤسسات الصليب الاحمر والهلال الاحمر في كافة انحاء الوطن العربي ولان الحملة ما زالت مستمرة لم يتسن لنا تقدير رقم المبالغ التي تم جمعها. وتعليقا على هذه الخطوة صرح فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني لقناة العقارية أن لبنان يتعرض لغزو وهو بحاجة الى محبيه لأن يقفوا معه في هذه المحنة.

ولم يخالف التلفزيون السعودي التوقعات وقد كان حاضرا وداعما امام المحن التي واجهت الشعب اللبناني، ويوم الاربعاء الماضي قاد التلفزيون السعودي حملة وطنية لجمع التبرعات اشتركت فيها قناته الاولى مع قناة المستقبل اللبنانية تم فيها جمع 108 ملايين ريال (28.7 مليون دولار) خلال ساعات، تقدمها الملك عبد الله بتبرع شخصي بلغ 10 ملايين ريال (2.73 مليون دولار) يليه ولي العهد الامير سلطان بن عبد العزيز بـ 5 ملايين ريال (1.36 مليون دولار) ولا تزال الحملة مستمرة على المستوى الشعبي، حيث خصصت منافذ محددة لهذا الغرض، في حين لا يزال الحساب المخصص للحملة مفتوحا للراغبين في التبرع. ويوم أمس الأول (الجمعة) قام تلفزيون دبي بحملة تشترك فيها قنواته التلفزيونية المتعددة اضافة للاذاعات التابعة لمؤسسة دبي للاعلام بحملة تبرعات مماثلة، وتمكنت الحملة التلفزيونية الاماراتية من جمع مبلغ كبير بدورها بلغ نحو 47 مليون درهم. وتعتبر عائشة سلطان مديرة البرامج السياسية في تلفزيون دبي، ان تأثير ما تتركه حملات التبرع التلفزيونية ايجابي مهما تكن الدوافع التي تقف وراء تنظيمها وهي لن تخلو من الجانب السياسي مهما بلغت انسانيتها ودللت على ذلك بامتناع العديد من المحطات عن القيام بهذا الدور رغم ان معظم هذه الحملات تطلقها محطات حكومية «الا ان ذلك لا يلغي موقف الناس الذي قد يشكل احيانا الدافع الاساسي لها» وقالت «تظهر حملات التضامن ان هامش التكافل مع الاخرين ما زال مقبولا في مجتمعاتنا لكن علينا الا نقيس نجاح هذه الحملات بحجم التبرعات التي يتم جمعها، فالقدرة المادية للمجتمعات الخليجية لا يمكن مقارنتها مع قدرات المجتمعات التي تعيش تحت خط الفقر».

وتحدثت (سلطان) عن تأثير الصورة التي تنقلها وسائل الاعلام عن الكوارث البشرية «ان القدرة الكبيرة على نقل الحدث صوتا وصورة وضع الناس بشكل عميق بمواجهة ضمائرهم، وامام ما يحدث في لبنان اليوم فان التبرع يشكل للمتبرع العربي نوعا من المشاركة بغض النظر عن الموقف السياسي من الحدث، كما تساهم هذه الحملات التلفزيونية برفع سوية الوعي الانساني والسياسي لدى الناس ولان التلفزيون يستطيع الوصول الى شرائح واسعة تتخطى حدود الدول، تصبح الحملات التلفزيونية اكثر نجاحا حتى مع اكثر الهيئات والمؤسسات التي تقوم بنشاطات مشابهة. ولم تغفل عائشة سلطان اثر حملات التبرع على الجهة التي تنظم لاجلها التبرعات وما تتركه على الجانب المعنوي والنفسي، اضافة الى ما يمكن ان تساعد فيه التبرعات على الجانب المادي. وقالت عن الحملات التي تنظم من اجل لبنان انها تتجاوز كل ذلك لتساهم بشكل حقيقي بتجاوز فرقة العرب السياسية والمذهبية «وهو اكثر ما نحتاجه اليوم».