الخبير الإعلاني فيصل الشريف: سيطرة الصحف على الدعايات مستمرة في منطقتنا

يشير إلى أن الإنفاق الحكومي ساهم في تصدر الإمارات لسوق الإعلان الخليجي

TT

توقع خبير اعلاني خليجي ارتفاعا قياسيا لحجم سوق الاعلانات في المنطقة خلال السنوات المقبلة، وعزا هذه التوقعات إلى المشاريع الضخمة المزمع إقامتها بالسعودية على وجه الخصوص والتي تتجاوز قيمتها 300 مليار دولار، وقال الخبير الاعلاني فيصل عبد الله شريف الرئيس التنفيذي لمجموعة الرئيس التنفيذي لمجموعة «فيجوالز» للاتصالات التسويقية وعضو شبكة (إن) الدولية لشركات الاعلان المستقلة في حوار اجرته معه «الشرق الأوسط» في دبي, أن الصرف الاعلاني للفرد بالمنطقة الخليجية لا يزال أقل بكثير من المعدل العالمي مشيرا الى أن الإنفاق الإعلاني للفرد الخليجي يبلغ 29 دولارا للفرد بالربع الأول 2006 مقارنة بـ 110 دولارات للفرد بالربع الأول 2006 بالولايات المتحدة الأميركية. > تعتبر صناعة الاعلان حديثة (نسبيا) في المنطقة الخليجية، هل تعتقد أن المنطقة أصبحت متمكنة في هذه الصناعة حاليا؟

ـ ربما قد نقول انها في طور التمكن، اذ بدأنا نرى بالآونة الأخيرة شركات خليجية الأصل تبرز على الساحة الدولية فضلا عن الأشخاص البارزين في المجال ذاته نراهم يتميزون دوليا.

> تشير الإحصاءات المتخصصة أن الاعلان المطبوع سيد الموقف. ما الأسباب التي تجعل من الاعلان بالصحف متصدرا الوسائل الاعلامية الأخرى؟

ـ «القريب الى العين قريب الى القلب» ربما هذا المثل له بعض التأثير اذ أن الوسيلة المطبوعة هي الأقرب للمتلقين اذ تظل المطبوعة بين يدي القارئ كما يصله الاعلان ضمن مواد اعتاد عليها مثل جريدته الصباحية اليومية أو نشرته الاقتصادية، هذا من جانب أما من الجانب الآخر فقد يكون التوزيع والوصول للشرائح المستهدفة، بالإضافة إلى أن المادة الموجودة بالوسيلة الإعلامية وما تستقطبه من متابعين. أما ما يتعلق بشأن صدارة الاعلان المطبوع فإذا كان التقييم على أساس الإنفاق الإعلاني على الجرائد والمجلات وخلافه، فهناك عامل مهم وهو زيادة أسعار بيع تلك الوسائل الاعلامية بزيادة الميزانية وهو أمر يترتب عليه زيادة ميزانية الإنفاق. > وهل تتوقعون استمرارية تصدر الصحف مستقبلا للاعلان حتى مع الغزو الفضائي المتزايد؟

ـ بمنطقتنا نسبيا نعم ستستمر لمدة أطول من الغرب، اذ بطبيعة تركيبة اهل المنطقة الولاء لمصدر الأخبار والإعلام الذي اعتاد عليه، خلاف العالم الغربي الذي اتوقع للصحف أن يكون لها عمر أقصر من منطقتنا فتشير الإحصائيات الاميركية إلى زيادة في الإنفاق بالجرائد الاليكترونية وصلت إلى 34.9% بالربع الأول من العام 2006 مقارنة بزيادة بالجرائد المطبوعة 0.3 % زيادة مقارنة بالربع الأول من العام 2005 هذا مع العلم أن نسبة الفرق بين الربع الأول من العام 2005 وصلت إلى 2.4 % عن الفترة نفسها من العام 2004 مما يوضح تراجع نسبة الزيادة السنوية بالإنفاق الإعلاني للجرائد المطبوعة وبالمقابل ارتفاع كبير بالزيادة السنوية للإنفاق الإعلاني فهذا يبين توجه الإعلان المطبوع بأميركا مقارنة بالاليكتروني. > أيضا تشير الاحصائيات إلى النمو المستمر في حجم الإنفاق الاعلاني عاما بعد عام، إلى متى سيستمر هذا النمو الاعلاني؟

ـ نحن نشهد نموا متماشيا بصورة طبيعية مع كافة القطاعات فالطفرة النوعية التي تعيشها المنطقة هي السبب الرئيسي للنمو حيث ما يسر بالموضوع أن الوعي الإعلاني لدى المعلنين بدأ يتحسن على ما كان عليه بالسنوات الماضية أو بطفرات سابقة حيث كانت نظرة المعلنين أنه طالما وضع السوق جيد فلا داعي من الإعلان على عكس ما نراه حليا فمع زيادة مبيعات المعلنين يزداد نسبيا معها الإنفاق، فضلا عن إعادة استثمار الشركات من أرباحها بالمنطقة بعد تغير عقلية الاستثمار المحلي عما كان عليه من ترحيل استثماراتها خارج المنطقة، فقد خلق كل ذلك معا فرص جديدة لسوق الإعلان مما دفعه للنمو الذي نراه. مع العلم أن السوق نسبيا ليس بالحجم الذي من المفترض به أن يكون حيث لو افترضنا حسب الإحصائيات التي نشرتها شركة «ميريلينش» عن المبالغ المتوقعة عودتها للمنطقة بعد أحداث 11 سبتمبر كانت تتعدى الترليون دولار وبالنظر الى الطفرة التي شهدتها المنطقة منذ ذلك الحين الى الآن فالمتوقع أن حجم السيولة إلى الآن قد تفوق 3 ترليونات دولار وهي المبالغ التي نراها بالمشاريع القائمة بالمنطقة ولو أخذنا بالاعتبار أن معدل الصرف الإعلاني من المفروض أن يكون ما بين 1 إلى 5% وإذا أخذنا 3 % كنسبة افتراضية فمن المفترض أن يكون مجمل الصرف الإعلاني بالمنطقة يفوق 90 مليار دولار ولكنه بالكاد تعدى 10 مليارات دولار خلال الثلاث سنوات الماضية، كما لتحرر السوق والإنهاء النسبي للاحتكار لبعض القطاعات مثل الاتصالات أدى الى الزيادة في الإنفاق حيث تشير الاحصائيات بأن شركة موبايلي أنفقت ما يفوق 8 ملايين دولار بالربع الأول مقارنة بشركة الاتصالات السعودية 3.8 مليون دولار ليكون قطاع الاتصالات بالسوق السعودي وحده ساهم بما يفوق الـ11% من إجمالي الإنفاق الخليجي بالربع الأول وذلك حسب إحصائية احدى الشركات المتخصصة. فبهذا نتوقع مستقبلا باهرا للقطاع. > بالرغم من ارتفاع معدلات الإنفاق الاعلاني الخليجي عاما بعد الآخر، إلا أن هذا الإنفاق لا زال أقل من المتوسط العالمي. ما سبب ذلك في رأيكم؟

ـ تشير إحصائيات الربع الأول من العام إلى أن الإنفاق الإعلاني هو 29 دولارا للفرد بالربع الأول 2006 (مليار دولار تقريبا على 35 مليون نسمة) بدول الخليج مقارنة بـ 110 دولارات للفرد بالربع الأول 2006 (35 مليار دولار تقريبا على 270 مليون نسمة) بالولايات المتحدة الاميركية، برأي أن هذا بسبب عوامل عديدة يتصدرها العامل الجغرافي وهو صعوبة الوصول إلى المتلقي بينما بمنطقتنا المساحة محدودة و الوضع أسهل هنا، كذلك هناك عامل آخر مهم وهو الحرية الاقتصادية حيث المنافسة شديدة بين الشركة حيث إذا نظرنا إلى قطاع الاتصالات فقط باميركا فتوجد ما آلاف الشركات تتنافس على نفس شرائح الزبائن، بينما بمنطقة الخليج القطاع محتكر على شركات تعد على الأصابع ونحن لا ننكر التغيير الذي طرأ مؤخرا في انتهاء نسبي للاحتكار الذي لاحظنا جميعا تأثيره على قطاع الإعلان. > تصدرت السوق الاعلاني الاماراتي خلال العام 2005 الإنفاق الاعلاني في المنطقة، لماذا استطاع السوق الاماراتي في رأيكم سحب البساط من السوق السعودي الذي كان متصدرا طوال السنوات السابقة؟

ـ لأنه بدأ يستهدف آفاقا أوسع ويتخذ أبعادا جديدة، فنلاحظ الدعم الحكومي القوي والإنفاق الحكومي فضلا عن بدء دبي وشركاتها العملاقة النفاذ إلى الأسواق العالمية، فمما يسرنا جميعا رؤية شعار الخطوط الجوية الإماراتية بملاعب كأس العالم 2006 وأنها على ما أظن الشركة العربية الوحيدة علما بأننا نرى شعارات طيران دولية في ملاعبنا المحلية منذ عشرات السنين مما يبين الفلسفة الدولية الناجحة للشركات الأجنبية التي بنت لها اسما عريقا لدينا عن طريق استخدام وسائلنا المحلية وهذه السياسة لها تكاليفها من ترسيخ محلي أولا ودولي ثانيا، فضلا عن نمو مشاريع دبي مما يستدعي نمو سوقها الاعلاني. > وماذا عن توقعاتك للسوق السعودي؟

ـ أتوقع قفزة غير مسبوقة حيث بعملية حسابية بسيطة يمكننا التنبؤ ببعض الأرقام، فقد تم الإعلان عن مشاريع تتعدى 300 مليار دولار بالسعودية بالسنوات القادمة فالتقدير هنا أن كل 1% من هذه الميزانية يعادل 3 مليارات دولار أي بما يعادل تقريبا 75% من الإنفاق الخليجي، السؤال الرئيسي هنا لشركات القطاع ماذا لو قررت هذه المشاريع أن تنفق ما يعادل 5%. > كيف ترون تطور صناعة الاعلان العربية في اقناع القارئ أو المشاهد بجودة المنتج المعلن عنه؟

ـ التطور ملحوظ بوضوح عن طريق انتشار المنتجات المعلن عنها بين الشرائح المستهدفة وهذا يعزز المصداقية بين الطرفين.

> ما هي القطاعات التي تتوقعون أن يجذبها الاعلان في الفترة المقبلة؟

ـ القطاع الاستثماري بصفة عامة نظرا للطفرة التي تشهدها المنطقة. والاستثمار العقاري بصفة خاصة وذلك بعد ركود سوق الأسهم وتوجه المستثمر نحو العقار.

> ما زالت شركات الاعلانات تعتمد في اغلبيتها على العنصر غير العربي، ما هو وجه القصور في العاملين في هذه الصناعة من الشباب العربي حتى يتقنوها؟

ـ هذا السؤال له بعدان، الأول أتفق معه تماما وهو أنه بسبب الأسبقية التي لدى الغرب فإننا نستعين بخبراتهم لتوجيه الفريق المحلي أما بالنسبة للبعد الآخر والذي لا أتفق معه اطلاقا فهو أن الشباب العربي بالمجال أصبح ينافس بشكل شرس خصوصا بعد فشل بعض الشركات الأجنبية في فهم استراتيجية الاتصال التسويقي العربي أو مع المتلقي العربي. > ما توقعاتكم للانفاق الاعلاني في النصف الثاني من العام الجاري؟

ـ كافة المؤشرات تدعم النمو حتى المؤشرات السياسية السلبية فإنها ايضا تدفع بعجلة الإنفاق الإعلاني وبالنظر إلى الثلاث سنوات الماضية نلاحظ نمو بنسبة 17% كما استبشرنا خيرا بما شهدنها من نمو بالربع الأول الذي تعدى الـ20% لذا كسائر قطاعات المنطقة نتوقع نموها.

> لماذا نرى أغلب الأفكار الاعلانية سواء تلك المطبوعة أو تلك المرئية، مستوردة من الخارج، متى سنستطيع أن نبتكر اعلاننا الخاص بنا؟

ـ إذا كانت طبيعة الأعمال بالمنطقة مستوردة فلم العجب، فكم من رجل أعمال نسمع أنه يقول «لماذا نعيد اختراع العجلة» وبإمكاننا الذهاب إلى الدولة الأجنبية «الفلانية» وأخذ الوكالة والاستيراد؟» وفي الغالب هذه الشركات الأجنبية لديها شركاؤها التسويقيون الذين يفرضون أعمالهم على الوكيل المحلي بغض النظر ما إذا كان العمل يتماشى مع الحاجة المحلية أم لا هذا من جانب، ومن جانب آخر وهو المحزن عن عقلية بعض أصحاب الاعمال للأسف الى الآن عرقية فيظن أن الشركات الشقراء (الأجنبية) أكثر فهما من مواطنيه بغض النظر عن المضمون الذي يقدم في الحالتين، وللمعلومية فإن هذه الشركات الأجنبية اما أنها تستعين بأشخاص أو شركات محلية أو أن أصحاب الأعمال مع كامل احترامي لهم اخذوا على عاتقهم مسؤولية تدريب هذه الشركات بينما الشركات المحلية جاهزة بدون حاجتها للتدريب.

> ما هي المقومات التي ترى أن صناعة الاعلان العربية تفتقدها الآن؟

ـ لعل من أهم هذه المقومات ثقة العميل بشريكه الإعلاني العربي، بالإضافة إلى أن المنتجات والصناعات العربية القوية تحتاج إلى شراكة إعلانية عربية، فبالنظر إلى اليابان على سبيل المثال فان اسم شركة «دن تسو» العملاقة يطرأ علينا التي تنافس أكبر وأعرق الأسماء الدولية بسبب احتكارها أو شبه احتكارها للعمالقة من الشركات اليابانية. وكذلك هو الحال مع الشركات الاميركية والأوروبية. > ما أبرز السلبيات التي ترى أنها تؤخر خروج صناعة اعلان عربية تحاكي الصناعة العالمية في هذا المجال؟

ـ عدم وجود الفكر الحر والخلاق فنرى السوق العربي للأسف ليس بقائد من ناحية الاستراتيجية مع العلم أنه يتمتع بالقوة فباختصار نحتاج إلى مجموعة قيادية تقود الحركة التحريرية وتبحر بالإبداع العربي إلى الشواطئ الغربية بروح التنافس الحر والقيادية، وأنا على يقين تام بأننا سنتمكن من الحصول على جزء من الكعكة.