ملاحق الكتب في الصحف الأميركية.. دليل أساسي لأي قارئ

دور النشر تتسابق على استعراض كتبها فيها

TT

صدر، في سنة 1930، اول ملحق كتب منتظم ومنفصل لجريدة يومية اميركية، وكان اسمه «عرض الكتب الاسبوعي» (Weekly Book Review) الذي اصدرته جريدة «نيويورك هيرالد تربيون». وفي سنة 1963 غيرت الجريدة اسم المحلق الى «اسبوع الكتب» ( (Book Week. وبعد ذلك بثلاث سنوات، عندما اندمجت جريدة «نيويورك هيرالد تربيون» مع جريدة «نيويورك ويرلد جورنال»، واصبح اسم الجريدة الجديدة «نيويورك ويرلد تربيون»، انفصل المحلق عن الجريدة، واصبح اسمه «عالم الكتب» (Book World)ليصدر مع الجريدة، ومع جرائد يومية اخرى اشترت حقوق نشره.

لكن الجريدة الجديدة لم تعش اكثر من سنة. توقفت عن الصدور، وباعت ممتلكاتها، وباعت «اسبوع الكتب» الى جريدتي «واشنطن بوست» و«شيكاغو تربيون». واسست الجريدتان شركة «بوست تربيون» لادارة المحلق، وغيرتا اسمه الى «عالم الكتب».

واشترت، في سنة 1975، «واشنطن بوست» ملحق «عالم الكتب» من «شيكاغو تربيون»، وانفردت باصداره، لكن ادارته ظلت منفصلة عنها. وبدأ، في وقت لاحق، ارسال المحلق الى افراد وهيئات، وخاصة الى مكتبات عامة، تحتفظ به كدليل للكتب الجديدة.

قبل ملحق «واشنطن بوست» اصدرت جريدة «نيويورك تايمز» عرض الكتب (Books Review) في سنة 1923، واصدرت جريدة «لوس انجلوس تايمز» ملحقا بنفس الاسم سنة 1975. لكن اشهر محلق كتب هو «عرض نيويورك للكتب» (New York Review of Books) وهو مطبوعة منفصلة، مثل مجلة ادبية اسبوعية، ويقدم عرض كل كتاب وكأنه قطعة ادبية طويلة.

وقال جباري آسم، نائب رئيس تحرير ملحق الكتب في «واشنطن بوست»، لـ«الشرق الاوسط» ان ادارة الملحق منفصلة عن ادارة الجريدة. واضاف بأن رئيسة تحرير الملحق، ماريا ارانا، مسؤولة امام رئيس تحرير الجريدة، ومسؤولة، في نفس الوقت، عن ادارة الملحق، وتتمتع بحرية كاملة في ذلك. واضاف «ماريا ليست مقيدة بأي قيود، وتنشر ما تريد بعد التشاور مع هيئة تحرير الملحق، وعندها ميزانية منفصلة».

للملحق مخرج، وفني، ومسؤول اعلانات، ويعمل هذا الاخير بالتنسيق مع قسم اعلانات الجريدة.

يتكون الملحق من 16 صفحة تابلويد، منها صفحة او صفحتين اعلانات. ويعمل فيه 12 شخصا: رئيسة التحرير، نائبها، ثلاثة محررين متفرغين، محرران غير متفرغين (يحضران الاجتماعات، ويشتركان في العمل، ولكن لكل واحد وظيفة خارج الجريدة)، ومسؤول الاخراج، والمسؤول الفني، وكاتب عمود متفرغ، وموظفتان. وقال آسم ان الملحق يتسلم كل يوم مائة كتاب تقريبا، معظمها من دور النشر، وذلك قبل شهرين او ثلاثة شهور من نزول كل كتاب الى السوق. وتعقد هيئة التحرير اجتماعا اسبوعيا لاختيار الكتب التي ستعرض، ولاختيار الاشخاص الذين سيعرضونها.

وتضع هيئة التحرير افضليات كالآتي: اولا، تفضل مؤلفي الكتب واساتذة الجامعات المتخصصين في مجال كل كتاب. ثانيا، تفضل الا يعرف العارض ومؤلف الكتاب بعضهما البعض. ثالثا، تفضل الا تكون اراؤهما متناقضة او مختلفة كثيرا، حتى لا يصبح العرض هجوما. رابعا، تفضل ان يكلف العارض بعرض كتابين او ثلاثة كتب عن نفس الموضوع في تقرير واحد، بسبب ضيق المساحة وكثرة الكتب. ينال كل كاتب 350 دولارا عن قطعة طولها الف كلمة تقريبا (ويشير الملحق الى وظيفة العارض مع اسمه، او كتب كتبها، او مجال تخصصه). وتقسم الكتب الى: قصص، غير قصص، وهذه تقسم الى: تاريخ اميركا، تاريخ العالم، سياسة اميركية، سياسة خارجية، اقتصاد، اجتماع، فنون، أداب، شعر، كتب اطفال، كتب فكاهية، الخ. وينشر الملحق، بسبب كثرة الكتب، عروضا مختصرة (مائة كلمة تقريبا) لحوالي عشرة كتب كل اسبوع.

ويقدم الملحق احيانا ملحقا داخل ملحق، عن مواضيع الكتب حسب المواسم: قصص للقراءة اثناء الصيف، وكتب عن التعليم مع بداية السنة المدرسية، وعن المسيحية مع موسم عيد الميلاد (قدم مرة مجموعة كتب عن الاسلام خلال شهر رمضان)، الخ. ويحوي الملحق اعمدة اسبوعية منتظمة مثل «اخترنا لك هذا الكتاب» و«قائمة اكثر الكتب بيعا» و«خطابات القراء» و«اخبار» (مثل معرض كتب، ومحاضرة عن كتاب، الخ.

ومؤخرا، مع انتشار الانترنت، اصبح للملحق موقع الكتروني، فيه وصلات مع ملاحق سابقة ومع الجريدة، ويستقبل تعليقات القراء، ويجري حوارات حية، ويقدم نص الجزء الاول من كتب قدم عرضا لها.

لكن الشهرة الفائقة كانت من نصيب ملحق كتب «نيويورك تايمز» اميركا، واصبح المؤلفون يتنافسون ويفتخرون بظهور اسم كتبهم فيها، وتتنافس الكثير من الكتب على لقب «نيويورك تايمز بست سيلر» (الكتاب الأكثر مبيعا). وربما تفوقت قائمة «نيويورك تايمز» لأنها لا تعتمد على جملة مبيعات كل كتاب، ولكن على مبيعات دور كتب معينة. بالاضافة الى قول ناقد صحافي اميركي بأن هناك «خطة نفسية ماكرة جعلت الملحق يقدم انطباعا للمؤلفين بأن كتبهم ليست ناجحة اذا لم تظهر في القائمة».

ودافع الملحق عن نفسه بأنه يتحاشي جملة مبيعات كل كتاب لأن بعض المدارس تشترى آلاف النسخ من كتاب معين، وتدفع، بالتالي، الكتاب الى اعلى قائمة المبيعات. ولهذا تضع القائمة علامة الى جانب مثل هذه الكتب، اذا اختارتها.

لكن المنافسة على القائمة وسط مؤلفي الكتب كانت سبب حملات شتائم وقضايا قانونية، عندما اتهم مؤلفون آخرين بأنهم تعمدوا شراء كميات كبيرة من كتبهم لتظهر في قائمة ملحق كتب «نيويورك تايمز».