رئيس الأخبار في قناة «بي بي سي » العربية: المشاهد العربي أكثر وعيا من الأجنبي

متحدثا عن انطلاقة التلفزيون العام المقبل.. وتجربته في محطتي «العربية » و«الجزيرة »

TT

ستة أشهر مرت على إعلان هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) عن تعيين الإعلامي المصري صلاح نجم رئيسا للأخبار في قناتها التلفزيونية العربية الجديدة التي تعتزم اطلاقها العام المقبل. وأمام نجم تحديات كبيرة تتمثل في منافسة قناتي «العربية» و«الجزيرة»، اللتين ساهم بدوره في انطلاقتهما خلال الأعوام الماضية، اضافة الى تحدي تقديم ما يرتقي باسم الـ «بي بي سي»، والتي عمل بها أيضا بالسابق، ولكن الفرق هو أن ما سيقدم هذه المرة سيكون قناة تلفزيونية، وليس اذاعة اوموقعا إنترنتيا، سيراقبها كثيرون عن كثب. «الشرق الأوسط» التقت صلاح نجم في لندن، وفيما يلي نص الحوار: > ما الجديد الذي يمكنك تقديمه في قناة BBC التلفزيونية الجديدة التي تدعمها الحكومة البريطانية، وما الذي تريدون تقديمه للعالم العربي؟

ـ قناة BBC معروفة في العالم العربي، والجمهور العربي يثق فيها ولديها إذاعة من أقدم الإذاعات في المنطقة وموقع على شبكة الإنترنت من أكثر المواقع التي يزورها المواطن العربي بكثافة وستقدم القناة الجديدة خدمة إخبارية ليست موجودة في العالم العربي وهي الخدمة الإعلامية المتعددة الوسائط، أي الراديووالتلفزيون والإنترنت وتعد قناة BBC رائدة في هذا المجال. والتميز التي تقدمه أي قناة إخبارية هي في التناول الصحافي، والتنافس في مستوى المادة الصحافية وطريقة معالجتها، لذلك تتفاوت المستويات وتطمح قناة البي بي سي التلفزيونية للوصول لأعلى مستوى ولا تستهدف سوى تقديم الخبر الدقيق للمشاهد العربي.

> ما هي ملامح الخريطة الإعلامية لقناة BBC التلفزيونية الجديدة وما هوشعارها هل هناك توجه محدد أوبرامج معينة تراهن عليها هيئة الإذاعة البريطانية؟ وما هي مساحة حرية انتقاد الحكومات العربية؟

ـ الملامح العامة والتوجه هوالنزول للمشاهد العربي بشكل خاص يرتبط ب BBC، وهي قناة تتعامل مع الأخبار العاجلة وتحترم المشاهد وتحافظ على مصداقيتها، ولم نضع حتى الآن شعارا للقناة وأمامنا وقت يكفي حتى منتصف العام القادم، أما التفاصيل فلا أستطيع الإعلان عنها الآن، وليس من مهمة القنوات الإخبارية توجيه انتقادات للحكومات ومن يضع الانتقاد كهدف يخطئ في مهمته الإعلامية، لان المهمة الرئيسية هي نقل المعلومة وتعدد الآراء بأمانة ودقة. > ألا تشكل المنافسة مع قناتي «الجزيرة» و«العربية» هاجسا بالنسبة لك، خاصة بعد نجاح القناتين في اكتساب قاعدة كبيرة، وأصبحتا من اكبر القنوات الإخبارية في العالم العربي، أم انك تخطط لسحب البساط من تحت القناتين؟

ـ كل من قناة «الجزيرة» و«العربية» تعد من القنوات الكبيرة الآن لكن اعتقد أن قناة BBC أيضا كبيرة، واسمها في حد ذاته يعبر عن أشياء كثيرة، فـ«الجزيرة» عندما بدأت كان أمامها تحد أن تضع اسمها على الخريطة الإعلامية وكذلك «العربية» أما قناة BBC التلفزيونية فاسمها موجود بالفعل منذ زمن طويل على الساحة الإعلامية وهواسم عريق وتتمتع بجمهور واسع ومصداقية عالية، وأي رئيس تحرير لا يفكر أن يسحب البساط، لكنه يفكر في كيفية الاحتفاظ بالجمهور ومصداقية القناة. > هل يستوعب العالم العربي وجود ثلاث قنوات تلفزيونية أم مازال هناك احتياج لمزيد من القنوات؟ ـ عندما نتحدث عن العالم العربي نحن نتحدث عن 22 دولة عربية وسوق يحوي أكثر من 300 مليون شخص ولا اعتقد أن ثلاث قنوات يعد رقما كافيا لتغطية متطلبات المنطقة، ولا احد يمكنه تحديد حجم وعدد القنوات التي تتطلبها المنطقة ويمكن المقارنة بالولايات المتحدة بمساحتها وعدد السكان بها إلى عدد القنوات التلفزيونية، كذلك أوروبا.

> هل هناك خصائص معينة للمشاهد العربي، تختلف عن المشاهد الأجنبي؟

ـ بالطبع، فالمشاهد العربي أكثر وعيا ويستطيع التفرقة وتقدير الرسالة الموجهة إليه، ولديه تعددية في التعرض لوسائل الإعلام المختلفة ويقارن بينها ويستطيع معرفة المعلومة الصحيحة وغير الصحيحة والرأي الجيد، فالمشاهد العربي واع ومتابع جيد، ويجب التعامل معه بكثير من الاحترام لقدراته وفهمه والحذر في تقديم أي معلومة أوخبر ليس دقيقا. ويختلف المشاهد الأجنبي عن المشاهد العربي بشكل كبير، فلدينا في العالم العربي كثير من الأحداث السياسية التي تجعل المشاهدين واعين من الناحية السياسية، بينما لا يتعرض المشاهد الأجنبي لكثير من الوسائل الإعلامية ولديه ولاء لوسيلة معينة، لكن المشاهد العربي يقفز بين القنوات في محاولة لتحري الخبر الدقيق والمعلومة الصحيحة حتى يتأكد من أن أبعاده حقيقية، لان نقل معلومة خاطئة قد تؤدي إلى فقدان الثقة لدى المشاهد العربي في مصداقية وسيلة الإعلام.

> وهل بدأتم التوظيف بالفعل للقناة الجديدة؟ ـ التوظيف بدأ بالفعل لطلب رؤساء تحرير، أما مجموعة الوظائف الأخرى فسيبدأ الإعلان عنها تباعا.

> هناك اتهام للقسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية إنها تميل لتوظيف المصريين بصفة خاصة فما ردك؟ ـ أي رئيس تحرير أومدير لوسيلة إعلامية سواء مسؤول عن القسم العربي ومنطقة الشرق الأوسط اومسؤول عن الأخبار التلفزيونية يهمه أن يكون لديه فريق قوى، ولا يفكر من أين أتى الفريق أوما هي جنسياته، لان الفريق القوي مهما كانت خلفياته يضمن نجاح القناة وإذا فكر المسؤول في الجنسيات سيكون على حساب الجانب الصحافي والكفاءة. > ما هوعدد الموظفين وطاقم العمل في القناة؟ وهل ستنشؤون مكاتب في كل الدول العربية؟ ـ هذا الأمر لم يتم تحديده بشكل نهائي، لدينا تصور مبدئي للاستعانة بطاقم في حدود 150 شخصاً، لكن الأرقام ليست محددة بشكل نهائي. أما بالنسبة للمراسلين، فستتركز المكاتب في البداية في الدول التي بها أحداث مهمة أوتطورات مهمة في الوطن العربي، وليس من المفروض أن احدد مكاتب القناة في دول معينة ولكن عملية جمع الأخبار يجب أن تكون مرنة وقابلة للتطوير وتكون لدينا المرونة الكافية للتغيير والتبديل تبعا لتطور الأحداث.

> هل سيكون للقناة التلفزيونية الجديدة استقلاليتها عن هيئة الإذاعة البريطانية الأم، أم ستتغذى منها بالأخبار؟ ـ القناة التلفزيونية جزء من هيئة الإذاعة البريطانية وهي مؤسسة ضخمة تضم عشرات الإذاعات والقنوات التلفزيونية ولا يوجد شيء اسمه تبعية أواستقلالية في هذه المسالة، فالقناة ستكون جزءاً من المنظومة التي لها سياساتها التحريرية المعلنة والمعروفة، والممارسة داخل هيئة الإذاعة البريطانية تؤكد المشاركة في الأخبار بين القنوات المختلفة التابعة للهيئة، وإذا حصل مراسل القناة التلفزيونية الجديدة على خبر جيد سيتم بالتأكيد ترجمته عبر غرفة الأخبار المركزية وتوزيعه على كل القنوات وهذا يعتمد علي كم وقيمة الأخبار التي ستبثها القناة وليست موجودة في الخدمات الأخرى والحصول على سبق صحافي ليس وحده هدف أي رئيس تحرير جيد، وإنما الهدف هوالحصول على الأخبار بأكبر كم من الدقة والعمق والسرعة.

> يقال انك حولت قناة «العربية» في بداية الأمر إلى نسخة مكررة من قناة «الجزيرة» وأعطيت مساحة للإسلاميين فهل ستكرر ذلك في القناة الجديدة؟

> أنا لا اعرف من يوجه هذا الانتقاد وهي المرة الأولى التي اسمع فيها هذا التعليق ولم يعرف عني إنني أعطيت مساحة لاتجاه على حساب اتجاه آخر، واعتمد على مبدأ ان جميع الاتجاهات السياسية يجب ان يتم تمثيلها في التناول الإخباري حسبما يتطلبه الخبر وهذا هوالمحك الوحيد. والمؤسسات المختلفة التي عملت بها، واضح أن كلاً منها تعمل بشكل مختلف وأسلوبها في التناول الإعلامي مختلف.

> يقال انك تركت قناة العربية لخلاف بينك وبين عبد الرحمن الراشد الرئيس الجديد للقناة فهل كان الخلاف على المواقف ام على الأداء؟

ـ لا هذا ولا ذاك، فهذا الكلام غير صحيح ولا توجد خلافات بيني وبين عبد الرحمن الراشد والسبب الوحيد لتركي القناة هووجود وظيفة جديدة تشكل طموحا بالنسبة لي، وعندما أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية عن حاجاتها لشغل وظيفة مدير للأخبار، وتقدمت ومررت بالاختبارات والمقابلة الشخصية، وسط عدد كبير من المتنافسين وهي إجراءات تتم بالشفافية.

> هل موقعك الجديد في تليفزيون BBC أفضل من موقعك في قناة «العربية»؟

ـ ليس أفضل وإنما هوتحد جديد والحصول على وظيفة مدير أخبار في التليفزيون في BBC يعد طموحاً لأي صحافي عربي. > ما الإنجاز أوالبصمة الخاصة لصلاح نجم في جميع هذه القنوات؟ ـ أنا لا أتكلم عن بصمة شخصية، فالعمل الجيد في مجال الصحافة التليفزيونية يتكلم عن نفسه ويكون نتيجة عمل فريق وليس نتيجة مجهود شخص بمفرده. > أي قناة أصقلت خبرتك بشكل خاص؟ ـ العملية تعد بناء متصاعداً بشكل مستمر، فتجربتي الأولى في BBC كانت مفيدة في انتقالي من العمل الإذاعي إلى التليفزيوني وتعلمت كل ما اعرفه عن العمل التليفزيوني، وتعلمت في إذاعة هولندا القيم التحريرية الرئيسية في الصحافة الغربية ودعمتها تجربتي في الجزيرة والعربية.

> كيف كانت خبرتك بإنشاء قناة الجزيرة وهل كان وراء انشائها هدف سياسي غير معلن، وما تقييمك لعملها الآن، هل ما زالت تحافظ على مبادئها التي قامت عليها؟

ـ كان إنشاء قناة جديدة من الصفر يعد تحدياً بالنسبة لي، ووضع قواعد لها في وقت لم تكن هناك قنوات إخبارية عربية، وكان الهدف إيجاد قناة في العالم العربي علي مستوى القنوات العالمية وكنا نحاول كفريق عمل أن نجعلها في مستوى قنوات CNN وBBC خاصة أن طريقة جمع الأخبار ومصادرها في العالم العربي ـ في الوقت الذي بدأت فيه قناة الجزيرة ـ لم تكن في القنوات العالمية بنفس الشكل في القنوات العربية، بمعنى أن معرفة المراسلين الأجانب للقنوات العالمية ومعرفتهم بالواقع العربي وإمكانية وصولهم إلى مصادر الأخبار لن تكون مثل المراسل العربي الموجود في نفس البلد. وكنت اعمل في قناة الجزيرة مديرا للأخبار وهذا يعني عملا صحافيا بحتا بمعنى نقل الخبر كما هو، وليس لي علاقة بالأجندة السياسية أوالأهداف السياسية. أما التقييم، فأفضل ألا أتكلم عن ذلك لأنني اعمل الآن في قناة أخرى. وبصفة عامة كل قناة موجودة على الساحة تعتمد على المهمة التي تعلنها لنفسها وطريقة تنفيذها وهي تترك للمشاهد أن يحدد موفقه من القناة وفقا للمضمون الذي يراه علي الشاشة.