العدو.. الصديق

شركات الإنترنت تتسابق على «كعكة» قطاع الإعلان.. والإعلام التقليدي في حيرة من نوايا «غوغل» وأخواتها

TT

بدأت الكثير من مواقع الانترنت تظهر اهتماما قويا ومتزايدا في الاعلانات، وهما ما دفع العديد من الشركات التقليدية في الشعور بالقلق.

وتقود شركة «غوغل» الطريق، منطلقة من قوتها على الانترنت، بالتوصل الى اتفاقيات لبيع الاعلانات في وسائل الاعلام التقليدية مثل الصحف والراديو. وفي الوقت ذاته يطور موقع «إي باي» نظاما لشراء الاعلانات للتلفزيون لمجموعة من المعلنين الكبار مثل سلسلة متاجر «وول مارت». وقبل ايام اعلن موقع «ياهو» اتفاقا مع 176 صحيفة لا تشمل مبيعات الاعلان خارج نطاق الانترنت.

وقال جين ديوا رئيس «ديويت ميديا سوليوشون» ان شركات الانترنت دخلت قطاع الاعلانات وستحصل على جزء كبير منه قبل ان «يدرك الجميع انهم اصبحوا في حكم التاريخ».

وتجدر الاشارة الى ان شركات الاعلام التقليدية يتزايد ارتباطها بشركات الانترنت العملاقة التي تختطف زبائنهم. ومعلنيهم. وتأمل الشركات التقليدية مثل الصحف والمجلات والتلفزيون ومحطات الاذاعة في تغيير حظوظهم والمشاركة في بعض من نجاح الانترنت.

وفي الوقت نفسه فإن سوق الاعلانات خارج الانترنت، يقدم فرص تطور ونمو تتطلع اليها شركات الانترنت مثل غوغل.

ويوضح يوسف سكويالي محلل شؤون الانترنت في شركة جيفريز اند كومباني «ما تحتاجه تلك الشركات هو تحديد اسواق جديدة بهدف التوسع فيها وتبرير قيمتها. وهو بالضبط ما تفعله غوغل وياهو».

ولم يخف المسؤولون في غوغل طموحاتهم في مجال بيع الاعلانات التقليدية، وقالوا انه يمكنهم توفير مبالغ كبيرة للمعلنين في مجال المطبوعات والاذاعة والراديو والتلفزيون، بينما تحصل على عمولة خلال تلك العملية. وتجري غوغل اختبارات على مجال الاعلانات مع اكثر من 50 صحيفة وتنوى جعل بيع الاعلانات للصحف خدمة ثابتة في وقت ما من العام القادم.

وفي الشهر القادم، تنوي غوغل بيع اعلانات راديو عبر نظام مزادات على الانترنت، وهو النظام الذي تستخدمه لبيع اعلانات الانترنت. وقد لمحت للمحللين انها تدرس الدخول في مجال اعلانات التلفزيون والاعلانات البريدية.

وتتعامل شركات الاعلانات الاستهلاكية مع وكالات الاعلانات منذ عقود طويلة لتصميم اعلاناتهم والتفاوض على مكان نشر الاعلانات وبداية نشرها.

وفي الوقت ذاته يخطط المشترون في وكالات الاعلان على توقيتات نشر الاعلانات في المطبوعات وشبكات التلفزيون ومحطات الراديو، وفي الآونة الاخيرة، مواقع الانترنت. ونشر الاعلانات مجال عمل ضخم بالنسبة للمشترين في وكالات الاعلانات، لان مرتباتهم تعتمد في جزء منها على مدى تكلفة الاعلان.

وقد بلغت قيمة الاعلانات التقليدية ما يقرب من 150 مليار دولار في العام الماضي. وسوق الاعلانات بأكمله في الولايات المتحدة، الذي يشمل البريد المباشر والاعلانات الخارجية وكتيبات دليل الهواتف واعلانات الانترنت، يصل الى 286 مليار دولار اميركي، طبقا لروبرت كوين وهو المتكهن الرئيسي في شركة يونيفرسال ماكان، وهي جزء من مجموعة «انتربابليك غروب» الاعلانية العملاقة.

وعائدات اعلانات الانترنت تتزايد بنسبة 30 % سنويا ـ وهذا العام سيصل حجمه الى 16 مليار دولار. ولكن، كما اوضحت غوغل في تقريرها السنوي في العام الماضي، فإن كبار المعلنين سيستمرون في تركيز معظم ميزانية اعلاناتهم على وسائل الاعلام التقليدية.

وبالنسبة للمدراء في مجال الاعلانات فإن غوغل هي «العدو/الصديق» كما اوضح مارتين سوريل المدير التنفيذي لمجموعة «دبليو بي بي» خلال تجمع اخير لهذا القطاع. وقال مديرو الوكالات ان غوغل الصديق يمكنها ان تقدم للوكالات وشركات الاعلام شبكة تكنيكية يحتاجونها لتطوير مجال شراء الاعلانات. وفي الوقت ذاته ذكر مشترو الاعلانات ان شبكة افضل يمكنها ان تسمح لهم بإنفاق مزيد من وقتهم للتخطيط لافضل وسيلة للفت انتباه المستهلك.

الا ان غوغل يمكنها جعل معظم عمليات شراء الاعلانات اوتوماتيكية، بحيث لا تحتاج الشركات الى دفع عمولات للمشترين.

وتبحث العديد من كبار المعلنين عن وسائل بديلة. فشركات مثل وول مارت ومايكروسوفت وفيلبس الكترونيكس وهوم دبو وهوليت باكارد كلفت إي باي في شهر مايو (ايار) الماضي لتطوير سوق على الانترنت بحيث يمكنهم شراء اعلانات خارج مجال الانترنت.

ويتوقع المعلنون ـ الذين فكروا في فترة من الفترات في العمل مع غوغل ـ انفاق ما يقرب من 50 مليار دولار على اعلانات الكابل لاختبار نظام إي باي في اوائل العام القادم.

وكان اعلان ياهو بأنها ستبيع اعلانات عبر الانترنت بالاتفاق مع 176 صحيفة قد فتح الباب للتعاون خارج الانترنت. فالصحف من الناحية النظرية، يمكنها بيع كل اعلاناتها عبر نظام ياهو الاوتوماتيكي.

وقد اكد المديرون التنفيذيون في الصحف ان ياهو هي الان «شريك الاختيار» لشركاتهم، وهو ما يعني حسب اعترافهم ان الصحف يمكنها تغيير علاقاتها القائمة مع شركات مثل غوغل وام اس ان.

ولا يعني ذلك ان مديري شركات الاعلانات قد استسلموا امام اجراء هذه التجارب. فوكالات شراء الاعلانات من اكبر خمس شركات اعلانات قد شاركوا هوليت باكارد وغيرها من الشركات المشاركة في تجربة اي باي. وتعمل الوكالات على تطوير وتحديث نظام شراء الاعلانات، بحيث يمكنهم شراء ومتابعة ارسال الفواتير للاعلانات بنفس كفاءة شركات الانترنت الكبرى.

وتعمل الشركات الاعلامية ايضا على تيسير عملية بيع الاعلانات. فجمعية الصحف الاميركية، تناقش انشاء ادارة مركزية للمعلنين لشراء الاعلانات في صحف مختلفة بتشكيل نظام شراء مركزي.

وذكر بعض المشترين انهم يرحبون بمزادات تؤسسها غوغل او إي باي اذا ما ادى ذلك الى مزيد من الشفافية لعملية شراء الاعلانات.

وتجدر الاشارة الى ان مزيدا من الشفافية في عمليات الشراء الاعلامية ليست مرغوبة، بالطبع، من الجميع. فبعض المشترين لديهم علاقات طويلة مع شركات الاعلام وتقدم لهم ميزات تنافسية يحافظون عليه.

إلا ان الكثير من المعلنين يرغبون في الشفافية، كما يقول بوب ليوديس، المدير التنفيذي للرابطة الوطنية للمعلنين، وهي رابطة تدعم نظام مزادات «إي باي». واضاف ليوديس قائلا ان إعلان الاسعار سيسمح للشركات بتطوير اوتوماتيكي يستبعد نقص الشفافية الموجود في شراء خدمات وسائل الإعلام.

قال مارتن بيكونين، كبير المحللين في «غلوبال كراون كابيتال» ان كبار المعلنين اتصلوا بغوغل وياهو عدة مرات طالبين من الشركة توسيع نظامها كي يصبح قادرا على بيع الاعلانات التقليدية، وأضاف قائلا ان بوسع الشخص النظر اليهم كوكالات إعلان من ناحية تبيع خدمات الإعلام.

لم توضح «إي باي» كيفية عمل مزادها الخاص بالإعلان، كما لم تكشف ما اذا سيكون بوسع الباعة والمشترين حجم عروض المزايدين الآخرين. وقال هاني درزي، المتحدث باسم «إي باي»، ان الشركة ستقيم موقع المزاد وتراعي في تصميمه مواصفات الزبائن.

تأمل غوغل في ان توفر في المستقبل حيزا يمكن للمعلنين ان يشتروا منه كل أنواع الوسائط، طبقا لتعليق تيم آرمسترونغ، نائب رئيس قسم مبيعات الإعلان بغوغل. ويضيف آرمسترونغ ان لغوغل رؤية مستقبلية تتلخص في إتاحة الفرصة للمعلنين كي يحددوا المستهلكين على نحو دقيق وبأشكال عديدة. وظلت غوغل تعقد سمنارات على نحو منتظم على مدار العام بغرض إطلاع المشترين على التغيرات في عالم التكنولوجيا الرقمية. وستعمل غوغل بصورة مباشرة مع أي شركة ترغب في استخدام نظام غوغل بدون وكالة، إلا ان آرمسترونغ أعرب عن شكوكه في ذلك.

وقال سقالي ان المطبوعات والوكالات اقل خوفا من ياهو مقارنة بغوغل. وياهو تعتبر نفسها شركة إعلامية تجعل الوكالات التقليدية وشركات الإعلام تشعر بالارتياح، فيما اعلنت غوغل اعتزامها جعل عملية بيع وشراء الإعلانات اكثر سهولة.

وكان المسؤولون التنفيذيون في مجال الإعلانات قد ابدوا اهتماما الشهر الماضي خلال مؤتمر حول انتاج وتصميم الإعلانات ناقش أفاق التغيرات التي ستطرأ على الإعلانات بنهاية عام 2010. ويتوقع بول لافوي، الذي يعمل مسؤولا في واحدة من وكالات الاعلانات والتصميم، ان تصبح غوغل اكبر وكالة اعلانات بنهاية عام 2010. ولدى ضحك الحضور، قال لافوي انه جاد في الأمر، وأضاف قائلا: «دعونا ننظر الى الحقائق. لديهم (غوغل) افضل معلومات تساعد على فهم عادات المستهلك، ويعرفون كم من الزمن يقضي الشخص في موقع معين على شبكة الانترنت. انهم يقومون بالمزيد من العمل والنشاط الفاعل على نحو افضل من العمل الذي تجريه بعض الجهات التقليدية في هذا المجال».

* خدمة «نيويورك تايمز»

* اللاعبون الجدد

* تجرب شركة «غوغل» نظاما لبيع الاعلانات عبر موقعها الالكتروني مع اكثر من 50 صحيفة، وتخطط كذلك بأن تسمح للراغبين في الاعلان عبر الاذاعة بشراء المساحات الاعلانية عبر موقعها كذلك. ويتوقع ان تكون الخطوة التالية متعلقة بالتلفزيون والبريد المباشر.

يعمل «إي باي» على خلق نظام الكتروني لمجموعة من كبار المعلنين، من ضمنهم «مايكروسوفت» و«وول مارت» لشراء اعلانات غير الكترونية. وسيبدأ النظام ببيع اعلانات لتلفزيون الكيبل وتنوي المجموعة التوسع لانشطة اعلامية اخرى.

اصبح «ياهو» شريكا لـ 176 جريدة لتوفير الاعلانات الالكترونية ومشاركة المحتوى، ولا يستبعد توسع نشاطات الموقع الى الاعلام غير الالكتروني كذلك.