رئيسة الإذاعة المصرية: جمهورنا كبار السن وسائقو سيارات الأجرة

متحدثة عن قدرة الراديو على المنافسة في عصر الفضائيات والإنترنت

TT

«غمض عينك وامشي بخفة ودلع.. الدنيا هي الشابة وانت الجدع، تشوف رشاقة خطوتك تعبدك.... لكن انت لو بصيت لرجليك تقع...عجبي!» تلك هي إحدى رباعيات المبدع صلاح جاهين التي رددها الناس مع أشهر الاذاعيات المصريات ايناس جوهر والتي كانت تفتتح بها دائما برنامج «تسالي» على إذاعة الشرق الاوسط المصرية والذي يعد من أشهر البرامج الاذاعية وأقدمها على الرغم من أن مدته لا تتجاوز الدقائق الخمس. وقد حصل على الترتيب السادس بين إذاعات العالم كأفضل برنامج يعطى جرعة ثقافية يومية للمستمع من خلال مسابقة أقامتها إذاعة مونت كارلو حول هموم الإذاعة المصرية منذ عدة سنوات. حتى أن إيناس التي ترأس الاذاعة المصرية الان كثاني سيدة بعد الاذاعية القديرة صفية المهندس، بات اسمها المتداول بين جماهير الاذاعة هو «إيناس عجبي» كما تقول. وعلى مدى العام المنصرم بدأ تأثير إيناس المتشبع بثقافة البرامج الخفيفة والسريعة التي اشتهرت بها اذاعة الشرق الاوسط، يظهر على معظم المحطات الاذاعية التابعة للاذاعة المصرية وعلى رأسها البرنامج العام الذي قدم الاعلانات التجارية في سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخه هذا العام. وتؤمن ايناس ان الاذاعة المصرية مازالت تعيش في أذهان الناس رغم كل ما يقال عن تراجعها وعدم قدرتها على المنافسة مع الاذاعات الخاصة. «الشرق الأوسط» التقت بها في القاهرة وكان لنا معها هذا الحوار:

* أنت ثاني امرأة تتولى رئاسة الإذاعة المصرية بعد الإعلامية صفية المهندس، ماذا يعني هذا لك؟ ـ ثاني امرأة على مستوى الاذاعة والأولى التي يتم اختيارها من إذاعة الشرق الأوسط. فقد كان هناك اعتقاد أن شبكة الشرق الأوسط لا يتم اختيار قيادات منها. ولكنني أعتقد ان الوقت الذي توليت فيه هذا المنصب جاء في وقت تحتاج الإذاعة فيه إلى بعض التجديد والإضافات حتى تستعيد بريقها الذي خطفته منها وسائل إعلامية أخرى.

* كيف تقيمين أداء الإذاعة المصرية في القترة الماضية؟ ـ كان جيدا وأعتقد أن كثيرا من الإذاعيين لمعوا في هذه الفترة، ولاسيما في شهر رمضان، وقدموا أحلى ما عندهم، وأعادوا اكتشاف أنفسهم أيضا، ونجاهد لتقديم الأفضل. لكننا ما زلنا نعمل في اطار إمكانيات بسيطة وأجور منخفضة لا تتناسب مع المجهود المبذول ولا تستطيع في بعض الاحيان المنافسة مع باقي الاذاعات الخاصة. وهو ما دفعنا الي إنتاج أعمال كثيرة بالمشاركة مع الوكالات الإعلانية حتى نخفف الضغط المالي على خزينة الإذاعة.

* هل هذا في اعتقادك هو السبب في هجرة عدد من مذيعي الإذاعة إلى إذاعات وقنوات فضائية أخرى؟

ـ أعتقد أن اللوائح المالية لدينا بالية وتقف كمتهم أول، وهي تستحق وقفة من مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون في ظل المتغيرات والمنافسة المشتدة بيننا وبين الإذاعات الخاصة. فالمنافسة قاتلة.

* البعض يرى أن الاذاعات المتخصصة أموال مهدرة في الهواء ولا يوجد أي جمهور لها. ما عدا إذاعة الاغاني التي يستمع اليها محبو الطرب القديم؟

ـ من قال إنها فشلت؟ جميع الإذاعات المتخصصة متميزة ولها جمهورها. فإذاعة الأخبار تم مد ساعات الإرسال لها حتى تغطي أكبر وقت ممكن، بناء على البحوث التي أجريت على المستمعين، وتجد قبولا لدى كبار المفكرين، وكل هذه دلائل على أنها استطاعت إثبات وجودها، وإذاعة الأغاني من الإذاعات التي تلقى قبولا كبيرا، وكانت تبث في البداية الأغاني القديمة فقط، لكنها الآن تسعى لإرضاء كافة الأذواق، وعاد إليها مستمعوها، وإذاعة الكبار، هي إذاعة خاصة جدا، لا احد يستطيع تقييمها إلا مستمعوها، هي إذاعة العمر الجميل، ونتلقى فيها اتصالات كثيرة من كبار السن وهذا دليل على نجاحها، أما الإذاعة التعليمية، فلها مستمعون كثيرون بالفعل تستطيع أن تتأكد من ذلك من حجم رسائل الـ SMS، والبريد الالكتروني الذي يفد الينا. وبخاصة انها تكاد تكون الاذاعة الوحيدة التي تخصصت في مخاطبة كبار السن وتقديم ما يروق لهم.

* من بين الانتقادات التي توجه الى إذاعة الاخبار انها لا تغطي مساحة كبيرة وهو ما يعني أنها بلا فائدة؟ ـ قريبا ستغطي مساحة كبيرة زمنيا وجغرافيا حيث ستبث إرسالها على مدار 24 ساعة، كما سيتم نقل موجتها على موجة متوسطة، لتصبح أكثر انتشارا. هل تعتقدين أن إذاعة الاغاني المتخصصة استطاعت منافسة إذاعة «نجوم اف ام»؟ ـ يجب ان نعترف ان «نجوم اف ام» نجحت في وقت قياسي لسببين. الاول أن الأغاني التي تذاع فيها لمطربين من جيل الشباب وموجهة إلى الشباب فقط وليس لأي شريحة عمرية أخرى. ثانيا لأن الإعلانات فيها أرخص بكثير من الإعلانات على إذاعة الشرق الأوسط مثلا. وإذاعة أغاني «نجوم إف إم» بدأت كنوع من أنواع تجميع لأشرطة الكاسيت بدلا من أن يشتريها الشباب، ولمن ليس لديهم جهاز كومبيوتر، فكانت الوسيلة الأسهل والأرخص، ولذلك نجحوا، ولكن عندما قدموا البرامج ظهر ضعفهم، وعدم تمكنهم من جذب الجماهير.

* أذا كنتم كمسؤولين في الاذاعة تعرفون سبب نجاح الإذاعات الخاصة وقوة منافستها لكم فلماذا لا تسارعون بالعلاج؟ ـ أسعار الإعلانات سياسة عليا في اتحاد الإذاعة والتلفزيون وليس نحن من يقرر سعرها، وليس لي أن أتدخل فيها، ولكن مع ذلك فنحن حققنا معدلات مالية مرتفعة بالفعل نتيجة للإعلانات، وتفوق أي إذاعات أخرى.

* انتشرت في الفترة الأخيرة إذاعات الأحزاب كيف ترين تلك التجربة؟

ـ أنا سعيدة بهذا بالطبع، وجميل أن يلتفت الناس إلى أهمية الإذاعة كأداة مهمة للتواصل وقد كنت مسؤولة عن إقامة «إذاعة المصريين» الخاصة بالحزب الوطني على الإنترنت، وأعتقد أنها تجربة مهمة، وجدت تجاوبا جيدا.

* لماذا اختفت الاصوات المميزة من الاذاعة في العصر الحالي فلم نعد نسمع مذيعين مثل فهمي عمر وأبلة فضيلة وبابا شارو؟

ـ لأن هذه هي طبيعة هذا الجيل الذي كان يحب عمله، ويخلص له، ويتفانى في بذل قصارى جهده من أجل أن يتميز، ويقدم أفضل ما لديه، على عكس الجيل الجديد، فهو متعجل، وينتظر انتهاء وقته في الإذاعة حتى ينصرف.

* هل حال منصبك بينك وبين تقديم البرامج في الفترة الأخيرة؟ ـ أنا ما زلت موجودة، وما زلت أقدم برامجي وسهراتي، ربما ليس بنفس الكم الذي كنت أقدمه فيما مضى، على اعتبار أن الإدارة طغت على وقتي، لكني ما زلت أعمل.

* من هم جمهور الإذاعة الآن في اعتقادك؟ ـ ما زال هناك جمهور للإذاعة يحاول الصمود أمام هجمة الفضائيات، وتوحشها وتوغلها، وربما لم يتبق لنا سوى كبار السن، والطلبة أثناء مذكراتهم، وسائقي التاكسي والعربات، ومع ذلك فهناك هناك فترات استماع جيدة خصوصا في فترة الصباح من الثامنة إلى العاشرة، وفي فترة العودة إلى المنازل ظهرا من الرابعة إلى السابعة، وأيضا في فترة النزول المسائية من التاسعة إلى الحادية عشرة مساء، وما زلنا نقاوم ونقدم أحسن ما لدينا.

* سيرة ذاتية

* ارتبط صوت إيناس جوهر بأجيال كثيرة خاصة ببرنامجها «تسالي» والذي كانت تبدأه برباعية شهيرة للشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين، صارت لصيقة بها تقول «غمض عينك وامشي بخفة ودلع، الدنيا هيه الشابة وانت الجدع، تشوف رشاقة خطوتك تعبدك، لكن أنت لو بصيت لرجليك تقع، وعجبي». إيناس التي ولدت عام 1947 حصلت على شهادة في الآداب ـ قسم «اللغات الشرقية» تخصص اللغة العبرية عام 1969، ثم بدأت عملها في الإذاعة عام 1969 في وظيفة مذيع وقارئ نشرة في البرنامج العام، ثم مذيعة وقارئة نشرة الإخبار ومقدمة للبرامج في إذاعة الشرق الأوسط، ثم نائبا لرئيس شبكة الشرق الأوسط، ثم رئيساً لشبكة الشرق الأوسط في أكتوبر 2000 حتى 18/3/2005 حين عينت رئيسا للإذاعة المصرية. تقوم إيناس جوهر بتدريب المذيعين على العمل في التنفيذ على الهواء داخل استوديو التنفيذ وعلى الإذاعات الخارجية على اختلافاتها، كما أنها المسؤولة عن إذاعة إف ـ إم التي تغطي فعاليات مهرجان الإذاعة والتلفزيون من دورته الثانية وحتى الآن، كما قامت بالمشاركة في الإعداد والإشراف وإدارة المسرح لكافة الحفلات التي تقيمها الإذاعة وحفلات قطاع الإنتاج والتلفزيون في المناسبات القومية، وساهمت في إنشاء قناة النيل للدراما وقناة النيل للمنوعات كما ساهمت في إعداد بعض البرامج التلفزيونية من بينها (برنامج هذا المساء ـ برنامج الست دي أمي ـ برنامج عندما يأتي المساء ـ الفترات المفتوحة للقناتين الفضائيتين فى المناسبات المختلفة)، وقامت بقراءة نشرة الأخبار في التلفزيون المصري لمدة أربع سنوات منذ عام 1974 وحتى عام 1978. حصلت إيناس على جوائز أكثر من مرة في الاستفتاءات المنوعة على جوائز أفضل إذاعية، كما حصلت برامجها على جوائز أفضل البرامج في أعياد الإعلاميين، كما حصل برنامجها الشهير «تسالي» على رقم 6 بين إذاعات العالم كأفضل برنامج يعطى جرعة ثقافية يومية للمستمع وذلك من خلال مسابقة أقامتها إذاعة «مونت كارلو».