تغطية «الإنجاز»

عمليات فصل التوائم السيامية تضع العاصمة السعودية في مكانة مميزة على الخارطتين الطبية.. والإعلامية

TT

أظهر تسابق عدد من محطات الأخبار التلفزيونية العربية والعالمية على نقل عملية فصل السياميتين العراقيتين «فاطمة والزهراء» في الأسبوع الماضي من العاصمة السعودية وعلى الهواء مباشرة منذ ساعات الصباح الأولى، أحد جوانب الإعلام المضيئة.. ولعل خبر العملية كان أحد الأخبار «السعيدة» القليلة التي أتت من منطقة الشرق الأوسط منذ وقت طويل.

وتواجد في موقع الحدث السعودي العالمي قنوات عدة مثل «العربية» وقناة MBC والتلفزيون السعودي بقنواته الأولى والثانية والإخبارية وإذاعة الرياض واللافت مشاركة قنوات عالمية غربية في تغطية عملية فصل التوأم السيامي.

من جهته يقول الدكتور عبد الله الربيعة المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية في الحرس الوطني ورئيس الفريق الطبي والجراحي لـ «الشرق الأوسط» ان عمليات فصل التوائم السيامية السابقة في الـ 15 سنة الماضية أكسبت الفريق بأكمله ثقة كبيرة في التحدث مع وسائل الإعلام وإجراء العمليات الجراحية لفصل التوائم في غرفة العمليات في آن معا، مستدركا بقوله إن وجود الثقة لدى الفريق الطبي لا تمنع من وجود ضغط نفسي لدى الأطباء.

وفيما يتعلق بنقل وسائل الإعلام الغربية ممثلة بقناتي الـ (BBC) والـ(CNN) لعملية فصل التوأم العراقي مباشرة قال الربيعة ان خبرة السعودية فيما يتعلق بفصل التوائم السيامية أصبحت محل اهتمام عالميا، مفيدا بطلب احد الأطباء من الولايات المتحدة الأمريكية القدوم إلى السعودية للتدرب إضافة إلى وجود طبيب بولندي في السعودية حاليا للسبب ذاته. وقد تناقلت وسائل اعلام عدة قصة عملية فصل التوأم، ومن بينها وكالات الأنباء الرئيسية مثل «رويترز» و«اسوشيتد برس» ووكالة الصحافة الفرنسية، اضافة الى صحف بارزة مثل «الانترناشونال هيرالد تريبيون» وحتى محلية أميركية كـ «الشيكاغو تريبيون» اضافة الى قنوات تلفزيونية عالمية مثل «ان بي سي» و«بي بي سي»، وكان من بين القنوات الإخبارية التي أولت عملية فصل التوأم الأخيرة اهتماما كبيرا أيضا قناة «سي إن إن» التي تابعت التطورات وأجرت حوارا مع الدكتور عبد الله الربيعة على الهواء مباشرة. ويعلق نك رين، مدير تحرير قناة «سي إن إن انترناشونال» لأوروبا ـ الشرق الأوسط وأفريقيا، بقوله إن مثل هذه القصة هي في غاية الأهمية للمشاهدين، وذلك على الصعيدين الطبي والأخلاقي. ويضيف رين لـ «الشرق الأوسط» أن ما يعتبره الأهم من ذلك هو أنها «قصة انسانية تفرض نفسها وتجذب مشاهدينا في جميع أنحاء العالم».

وحول البعد السياسي الذي حاول الصحافيون اعطاءه للعملية، كون التوأم كانتا من مدينة الصدر والعملية تمت للسياسة بصلة، كرر الدكتور ربيعة ما قاله عبر وسائل الاعلام العالمية بأن ما يعني الفريق الطبي فقط هو الحالة الإنسانية.

وقال الربيعة «يؤسفنا ما يحدث في العراق ونتمنى من خلال العملية الإنسانية أن تتيقظ بعض القلوب في سبيل إنهاء الاقتتال الداخلي».

وأوضح الدكتور عبد الله الربيعة كذلك أن الاهتمام الغربي لم يقتصر على هذه المرة، حيث أجرت قناة CNN وحوارا معه على الهواء إضافة إلى قناة sky news البريطانية حوارات وتغطيات سابقة. وعودة إلى النقل المباشر من غرفة العمليات الجراحية فهناك جوانب ايجابية وسلبية تقتصر على وجود بعض التوتر من كلا الطرفين الأهل والأطباء بحسب الدكتور عبد الله الربيعة، الذي أكد أن ذلك لا يكون سوى عقب أخذ الإذن من كافة أفراد الأسرة، موضحا انه في حال حدوث أية مضاعفات طارئة أثناء مشاهدة عملية الفصل سيتم قطع البث على الفور، حيث إن الهم الأساسي عدم نقل مشاهد مؤثرة لذوي الأطفال.

وشدد مراسل قناة الإخبارية الميداني عبد العزيز السنيد على أهمية دور الإعلام الذي يعد الركيزة الأساسية في نقل الأحداث عبر وسائل الإعلام كافة بهدف إيصال المعلومة للمتلقي والمشاهد بشكل مباشر وتتيح له التواصل مع الحدث أولا بأول. وأضاف السنيد الذي قام بتغطية كافة مراحل عملية الفصل العشر والتي تخللتها ثلاثة مؤتمرات صحافية الأول عقد عقب فصل الأعضاء الداخلية والثاني عقب المرحلة السادسة وهي فصل الجزء المشترك بين التوأم، أما المؤتمر الصحافي الثالث فعقد في الثانية صباحا بعد إتمام عملية الفصل ونجاح العملية، واستعداد وزارة الثقافة والإعلام قبيل 4 أيام من بدء العملية من خلال تجهيز سيارات النقل الخارجي وتعقيم الكاميرات والمايكروفونات قبيل إدخالها غرفة العمليات بناء على تعليمات الشؤون الصحية للحرس الوطني من خلال معدات وأجهزة حديثة ومتطورة.

وفيما يتعلق بالتغطية الإعلامية لقناة الإخبارية التي دأبت على نقل كافة مجريات وتفاصيل عملية فصل السيامي 12 أوضح عبد العزيز السنيد تجهيز القناة لاستديو متكامل داخل المركز الإعلامي في مدينة الملك عبد العزيز لإجراء اللقاءات الصحافية مع كافة أعضاء الفريق الطبي وذوي الطفلتين ونقلها خلال النشرات والمواجز الإخبارية، مشيرا إلى إعلان مدير قناة الإخبارية الاستنفار صباح يوم السبت لبدء البث المباشر ومتابعة الحدث من مكانه ومصادره طوال 20 ساعة. وحول ما يتعلق بدور الإعلام ومساهماته في التغطيات الإنسانية الايجابية قال الدكتور محمد الحيزان عميد كلية الدعوة والإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إن العرف المتبع في كافة وسائل الإعلام هو البحث عن الإثارة الذي لا يكون سوى من خلال تقديم الأخبار السلبية، إلا أن التنوع الحاصل في القنوات الفضائية العالمية والعربية والمحلية فتح مجالا أوسع في تغطية كافة النشاطات بما فيها الايجابي والسلبي.

وأشار الحيزان إلى انه رغم وجود عامل الإثارة في الأخبار الايجابية إلا أن التقصير كما ذكر مشترك من قبل وسائل الإعلام والجهات التي تتوفر فيها الأحداث الايجابية، مبينا أن ترك الحدث لتقدير المراسلين الميدانيين أو قلة خبرة أقسام العلاقات العامة في الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة في إبراز الجوانب والأنشطة التي لا تبحث عنها عادة وسائل الإعلام هو السبب خلف غياب الأخبار الايجابية أو تغطية الانجازات. وفيما يتعلق بنقل عمليات فصل التوائم السيامية على الهواء مباشرة قال الدكتور محمد الحيزان انه ومن خلال خبرة القسم الإعلامي التابع للمستشفى الذي استطاع أن يستحوذ على اهتمام الجمهور بتقديم مادة ايجابية بصورة مثيرة ومشوقة تمكن وبامتياز من فتح الباب للتعرف على دور المملكة الإنساني.

وشدد على أن النقل المباشر للعمليات ليس فيه أية خروق لأخلاقيات العمل الإعلامي، فالنتائج الإنسانية المثيرة إنما هي اضاءات للعالم الإسلامي والعربي، مضيفا أن ما يشاهد من قتل وتفجير أكثر بشاعة ولا يقارن مع عرض العمليات على الشاشات التلفزيونية.

* شارك في اعداد هذا الموضوع فيصل عباس من لندن