منسق الشرق الأوسط في منظمة حماية الصحافيين: البلدان العربية تحقق تقدما

رغم كون المنطقة من الأخطر لعمل الإعلاميين.. إلا أن هناك بوادر إيجابية على صعيد الحرية

TT

قال منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة حماية الصحافيين الدولية ومقرها نيويورك، إن المنظمة ستصدر تقريرها السنوي في أوائل فبراير المقبل عن أوضاع الصحافة في العالم لعام 2006. وأضاف جويل كمبانا في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أن العام المنصرم كان من أكثر الأعوام دموية للصحافيين مشيرا إلى أن العراق وفلسطين ولبنان من أكثر الأماكن خطورة للصحافيين.

وعلى الجانب الإيجابي قال كمبانا إن الفضائيات العربية ومواقع الإنترنت رفعت من هامش حرية الصحافة، وأن الصحافة العربية تشهد تطورا في مستوى الحرية والاستقلالية، وفيما يلي نص للحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» عبر الهاتف:

> متى ستصدرون تقرير 2006 عن أوضاع الصحافة في العالم؟

ـ في الخامس من فبراير المقبل، وذلك في مؤتمر صحافي سيعقد في نادي الصحافة الوطني بواشنطن بالتزامن مع الإعلان عن إطلاقه في أماكن أخرى من العالم ومن بينها القاهرة.

> ما هي أهم ملامح أوضاع الصحافة في منطقة الشرق الأوسط في العام الذي انقضى وفقا لما تضمنه التقرير؟

ـ لقد ظلت حرية الصحافة تحت الهجوم في المنطقة طوال عام 2006 الذي يمكن القول عنه إنه من أكثر الأعوام دموية منذ 25 عاما، ويعود الأمر بالدرجة الأولى إلى ما يجري في العراق، فمن بين 34 صحافيا قتيلا خلال العام المنصرم كان 32 منهم في العراق ومعظم القتلى عراقيون تقريبا.

وأعتقد أن الوضع المأساوي ضد الصحافيين في العراق يعتبر مؤشرا لظاهرة أوسع لا ينظر فيها للصحافي كمراقب محايد في أماكن الصراع، أي أنه أصبح ينظر للصحافيين بدرجة أقل كمهنيين لا يجب تعريضهم للهجوم. كما أن هناك أماكن أخرى مثل فلسطين ولبنان شاهدنا كيف يتعرض فيها الصحافي بسبب مهنته للقتل أو الاختطاف أو تتعرض فيها مكاتبهم لهجمات مباشرة.

وإذا ما تركنا أماكن الصراع جانبا فإن الوضع بشكل عام تحسن في العالم العربي خلال الـ15 سنة الماضية حيث بدأت الصحافة المستقلة تجد لها مكانا أوسع، وأصبحت هناك وسائل إعلام غير حكومية أكثر عددا من ذي قبل، وأصبحت الرقابة على الفضائيات ومواقع الإنترنت أكثر صعوبة وتمكن الصحافيون في دول بعينها مثل مصر والمغرب واليمن من تحقيق إنجازات في نشر الأخبار التي كان من المستحيل نشرها قبل أعوام مضت، وحتى في العراق تحولت الصحافة فيه من أكثر البلدان التي كانت تفرض الرقابة تحت نظام صدام إلى أكثر البلدان حرية في النشر.

ورغم كل هذا استطيع أن أقول إن الصحافة العربية ما زالت واقعة تحت الحصار، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا المحلية، وما زال صحافيون يعانون من القمع ويتعرضون للتهديد. > كيف تجمعون معلوماتكم التي توردونها في التقرير السنوي؟

ـ التقرير السنوي قائم على تقارير ميدانية مباشرة ومقابلات نجريها مع الضحايا ومع ممثلي الحكومات على حد سواء، ونحن نقوم بعملنا مثلما يقوم أي صحافي جيد بعمله فيما يتعلق بالتأكد من المعلومات ومقارنتها بمصادر متعددة وموثوقة كلما أمكن ذلك. وعندما نحقق في أي قضية إساءة فإننا نحاول أن نحصل على وجهات نظر كل الأطراف المشاركة في القصة بما في ذلك الصحافيون أنفسهم والحكومات والأطراف الأخرى الثانوية، ونحن كمنظمة دولية نضع مصداقيتنا في المحك ولذلك لا بد أن نتحقق من صدقية كل معلومة نوردها في تقريرنا.

> ما الذي ساهمت به منظمتكم العام الماضي لحماية الصحافيين في المنطقة العربية وماذا تستطيعون أن تقدموه في المستقبل؟

ـ منظمة حماية الصحافيين تستخدم الصحافة كوسيلة للدفاع عن الصحافيين، ونحن نوثق وننشر كل الهجمات التي تتعرض لها الصحافة ونعممها على وسائل الإعلام. كما أننا نوزع أخبارا ونصدر رسائل احتجاج للحكومات ونوزع تقارير عن أوضاع الصحافة في جميع أنحاء العالم، ونركز كثيرا على مكامن الإساءة من قبل الحكومات وعلى مواطن التحسن.

وعلى سبيل المثال ساهمت احتجاجاتنا في إطلاق صحافيين في العراق وتخفيف الضغوط عن كثير من الصحافيين في العالم العربي حيث بدأت بعض الحكومات تتردد قبل ان تعرض حرية أي صحافي للخطر تحسبا من ردود الفعل القوية.

> هناك وكالات أخبار غربية ومؤسسات صحافية لها مراسلون في العراق بدون أن تتوفر لهم أي وسائل أمان أو ضمانات صحية ومالية مثل تلك التي تتوفر لمنتسبيها في البلدان الغربية فما موقفكم؟

ـ هناك تفاوت في سياسات المؤسسات الإعلامية الغربية وهناك مؤسسات تقوم بدور أفضل في هذا المجال وأخرى تحتاج إلى تعديل في سياساتها، ودورنا هو تشجيع كل المؤسسات الإخبارية والإعلامية على التأكد من أن منتسبيها من الصحافيين وأصحاب الأعمال المساندة يحصلون على التأمينات اللازمة والتعويض المناسب عن المخاطرة، وأعتقد أن الصحافيين الذين يعملون مع المؤسسات الصغيرة محدودة الموارد أكثر من يتعرض للظلم والإجحاف، فحتى وسائل الإعلام المحلية العراقية لا توفر جميعها ضمانات صحية وإمكانات كافية لموظفيها في العراق وهذه مشكلة بالفعل.

> فيما يتعلق بالتعامل مع الإرهابيين أو المنظمات الإرهابية التي تعرض حياة الصحافيين للخطر هل تتفاوضون معها بشكل مباشر أو غير مباشر؟

ـ في حال تعرض الصحافيون للخطف أو الهجوم نحن نحاول توعية الجمهور العام والحصول على مساندته لإنقاذ زملائنا، ونحن نشجب كل أنواع الهجمات التي يتعرض لها الصحافيون وغير الصحافيين من المدنيين، وندعو دوما لتقديم من يرتكب مثل هذه الهجمات على المدنيين لمحاكمات عادلة ونعتبر أن عدم تحميلهم المسؤولية يؤثر على الصحافة وعلى قدرة الصحافيين على أداء أعمالهم.

> وماذا عن الأنظمة العربية هل تتواصلون معها؟

ـ نتواصل بشكل معتاد مع الحكومات العربية ونبدي لها من خلال الرسائل منابع قلقنا ونرسل رسائل احتجاج للمسؤولين في كل مناسبة يتعرض لها صحافي للمضايقة، كما أننا نلتقي بالمسؤولين العرب المختصين وجها لوجه ونرفع إليهم القضايا التي تثير قلقنا حول حرية الصحافة ونقدم لهم توصياتنا.

> قدمت منظمتكم مؤخرا جائزتين لصحافيين عربيين هما الراحلة أطوار بهجت والصحافي اليمني جمال عامر فكيف تم الاختيار وهل يمكن اعتبار هذا الاختيار بداية انتباه العالم لتضحيات الصحافيين العرب؟

ـ كل عام تمنح لجنة حماية الصحافيين جائزتها الدولية لحرية الصحافة لعدد من الصحافيين من أي بقعة في العالم ممن تحلوا بالشجاعة في تغطية أحداث معينة وعرضوا أنفسهم لمخاطر معينة، وعادة ما يكون الفائزون ممن تعرضوا لخطر الاعتقال أو العنف ويكون الاختيار بناء على معلومات تحصل عليها اللجنة، وكان اختيار الراحلة أطوار بهجت لأنها خاطرت بحياتها في تغطية أحداث في نطاق عملها، كما اختير جمال عامر بسبب ما قدمه للصحافة المستقلة في بلد من بلدان العالم الثالث، وتعرض لمخاطر كبيرة بسبب ذلك كان يمكن أن تودي بحياته. ولكن على المستوى العملي نحن نعرف أن هناك صحافيين كثراً يتسمون بالشجاعة ويستحقون الجائزة لشجاعتهم، ولكن على مستوى التطبيق من المستحيل أن نعطي الجائزة لكل شخص. وعوضا عن ذلك فإن تقريرنا السنوي يشير إلى أسماء العشرات من الصحافيين المستقلين في المنطقة العربية ويعترف بما قدموه للصحافة وما تعرضوا له من مخاطر.

> كيف تقيمون وضع حرية الصحافة في العالم العربي والإسلامي؟

ـ أصبحنا نشاهد حالات أقل من القمع المباشر والسجن الفوري للصحافيين خوفا من ردود الفعل، ولكن بعض الحكومات تمارس ضغوطا غير مباشرة من خلال التهديد والتخويف والفصل عن العمل والضغوط المالية، ولكني لا أعتقد أن وضع حرية التعبير في المنطقة العربية مظلم بشكل تام، بل يشهد تطورا من عام لآخر، خصوصا فيما يتعلق بالفضائيات التي يصعب الرقابة عليها ومواقع الإنترنت المتزايدة التي تعتبر متنفسا لمن يريد التعبير عن نفسه.

* جويل كمبانا يعود اهتمام جويل كمبانا بحقوق الإنسان في العالم العربي إلى عام 1993 عندما عمل مستشارا لمنظمة هيومان رايتس وواتش حتى عام 1996 حيث تنقل بين مصر ولبنان كجزء من مهمته. كما درس كمبانا في مصر وعمل باحثا في مركز حقوق الإنسان بالقاهرة.

جويل كمبانا حاصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة كولومبيا، حيث تخصص في دراسات الشرق الأوسط، وقبل ذلك حصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة فوردهام.

سافر جويل كمبانا بعد توليه مهمة المنسق الأول لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة حماية الصحافيين إلى معظم بلدان العالم العربي والتقى بمسؤولين في السعودية واليمن والمغرب وهو يتكلم العربية بطلاقة ويتابع ما تكتبه الصحافة العربية عن كثب.