منظمة «أطباء بلا حدود»: الإعلام «يكره» تغطية الأزمات الإنسانية

على هامش اللائحة السنوية التي تصدرها حول أداء الصحافة

TT

يبدو أن الأزمات الانسانية الكبيرة لا تحظى باهتمام وسائل الاعلام التي تفضل ان تركز على نزاعات «اكثر اثارة» كالنزاع في العراق والاراضي الفلسطينية والازمة في لبنان.

هذا ما اكدته القائمة السنوية التي تصدرها منظمة اطباء بلا حدود العاملة في المجال الانساني في اكثر الازمات قسوة في العالم واكثر المناطق عزلة.

وحددت القائمة وهي اللائحة السنوية التاسعة التي تصدرها المنظمة وترصد كيفية اداء وسائل الاعلام في المناطق، حيث تنشط، عشر مناطق جغرافية او ازمات يغيب عنها الاعلام بشكل شبه نهائي.

وتقول القائمة في نسختها التاسعة والتي ترصد بشكل خاص اداء وسائل الاعلام الاميركية: إن هذه الوسائل تبدي اهتماما لا يذكر بالمعاناة التي يتكبدها الاهالي بسبب النزاعات في كل من هايتي والصومال وكولومبيا والشيشان وجمهورية افريقيا الوسطى والكونغو الديموقراطية ووسط الهند الى جانب الازمة الانسانية الكبيرة المترتبة على وباء السل ومعضلة سوء التغذية.

يشرح مايكل غولدفارب المتحدث الاعلامي باسم المنظمة في نيويورك لـ «الشرق الأوسط» ان اعداد القائمة يستند عادة على رصد اداء وسائل الاعلام الاميركية لجهة كيفية تغطيتها للمناطق او الازمات حيث تنشط المنظمة. ويشدد على ان هذه القائمة التي تحمل عنوان «القضايا العشر الاقل تغطية في وسائل الاعلام» لا تشكل رصدا شاملا لتغطية وسائل الاعلام لهذه الازمات ولكنها تصلح لكي تكون مؤشرا وافيا على كيفية اداء وسائل الاعلام.

ويقول اندور تيندال ناشر «تيندال ريبورت» النشرة المعلوماتية التي ترصد اداء وسائل الاعلام: إن هذه المناطق او الازمات العشر التي احصتها القائمة تقتصر حصتها في النشرات الاخبارية المسائية في ثلاث من كبريات المحطات الاميركية على 7.2 دقيقة من أصل 14.512 دقيقة خلال عام 2006.

ويقول ان ازمة السل وسوء التغذية والشيشان حظيت باشارة عابرة في هذه النشرات الاخبارية على هامش المعالجة الرئيسية في حين ان القضايا الاخرى لم تحظ بأي معالجة. يقول نيكولا دي تورانتي المدير التنفيذي للمنظمة لـ «الشرق الأوسط» إن اطلاق هذه القائمة قبل تسع سنوات كان مرده الصدمة التي ادتها اداء وسائل الاعلام الاميركية في ظل فضيحة كلينتون ـ لوينسكي. يقول «كانت وسائل الاعلام الاميركية مهووسة بهذه الفضيحة في حين كان من المستحيل ان نجتذب اهتمام الاعلام بما يحصل في جنوب السودان وكانت فرقنا على الارض كما فرق غيرنا تواجه وضعا دراماتيكيا من دون ان تلقى أي اهتمام».

ورغم ان هذه القائمة تنشرها المنظمة سنويا منذ تسعة اعوام، فان التغطية الاعلامية شبه الغائبة في مناطق معينة لا تزال على حالها. يقول المسؤول في المنظمة «هنالك مناطق لا تزال على القائمة منذ سنوات مثل الصومال رغم الاهتمام الناشيء اخيرا بسبب الاحداث العسكرية. التغطية للجانب الانساني لمعاناة الناس هي التي تغيب ورغم وجود اهتمام في بعض الاحيان بالجانب السياسي او الديبلوماسي ولكن هذا لا يعني ان هنالك اهتماما بآثار هذه التطورات على الناس».

ويذكر مثال الازمة في الشيشان التي يصفها بـ «النقطة السوداء» لغياب أي تغطية فعلية لما يجري هنالك. ويقول «هنالك عوائق جدية في وجه الصحافيين وحتى العاملين الانسانيين في الشيشان وغالبا ما يحاول صحافيون ومعدو افلام وثائقية تغطية ما يجري ولكن المشكلة هي في صناع القرار داخل كبريات الوسائل الاعلامية والذين يعتبرون ان لا ضرورة لتخصيص جهد ومال لتغطية هذه الازمات».

ويشرح ان اهتمام وسائل الاعلام الاميركية ازداد بما يحصل خارج نطاق الولايات المتحدة «الا ان التغطية لا تزال متأثرة الى حد كبير بالسياسة الخارجية والمصالح».

ورغم ان التغطية الاعلامية لا تساهم بالضرورة في تحسين الاوضاع في منطقة ما كما هي الحال في اقليم دارفور في السودان على سبيل المثال، الا انها تشكل دوما وسيلة مؤثرة الى حد ما.

يقول دي تورانتي «هنالك امثلة بارزة منها المجاعة في النيجر، إذ ان وسائل الاعلام رغم وصولها المتأخر الى المنطقة، الا انها ساهمت في الحصول على جواب من المجتمع الدولي ومن دون التغطية الاعلامية لم نكن لنحصل على ذلك».

ويشير الى جهد يبذله صحافيون داخل المؤسسات الاعلامية الكبيرة من اجل التأكيد على اهمية تعزيز التغطية الاعلامية لهذه القضايا الا ان المشكلة في اعتبار صناع القرار داخل هذه المؤسسات ان هذه القضايا لا تثير اهتمام الناس.