هل بدأت الصحف الأميركية «تزحف» خارج واشنطن؟

الاقتصاد يطغى على السياسة حتى في عاصمة «القرار» وأقوى دول العالم

TT

يعمل ديفيد لايتمان مراسلا لصحيفة The Hartford Courant ويكتب في بعض الأحيان مقالين أو ثلاثة في اليوم. وبات عمله اكثر كثافة هذه الأيام بعد ان قررت الصحيفة خفض طاقم مكتبها في واشنطن من خمسة اشخاص الى شخص واحد فقط. ويقول ان وجود الكونغرس في واشنطن لا يعني سوى التغطية الصحافية لكل شيء «كل يوم وكل ساعة»، على حد تعليقه. تراجع عائدات الإعلانات التجارية في الصحف والمنافسة من جانب شبكة الانترنت اضطر الكثير من الصحف اليومية المحلية المتوسطة في مختلف ولايات اميركا خلال السنوات الأخيرة الى خفض النفقات والتركيز على الأخبار المحلية، الأمر الذي ادى الى تقلص حجم تغطية هذه الصحف لأحداث واشنطن. يقول بيتر كانيلوس، مدير مكتب صحيفة «بوسطن غلوب» بواشنطن التي تملكها شركة «نيويورك تايمز»، ان هناك فترة كانت الصحف تعتبر ان تغطية أي حدث رسمي في واشنطن أمر يبعث على الشعور بالافتخار. إلا ا ن للقراء الآن، كما يقول كانيلوس، عدة وسائل يحصلون من خلالها على الأخبار الاساسية، ولهذا السبب، بالإضافة الى تراجع الموارد، اصبحت عملية تغطية كل الأحداث أمر لا تستطيع كل الصحف القيام به في الوقت الراهن. صحيفة Dallas Morning News، على سبيل المثال، خفضت طاقم مراسليها في واشنطن من 10 الى 4، كما ان The Tribune Company، التي تملك «لوس انجليس تايمز» وChicago Tribune، دمجت صحفها قبل عام مع خدمة البث التابعة لها لتؤسس مركزا إعلاميا اكثر تطورا، كما خفضت المساحة المخصصة للتقارير الاخبارية بنسبة 30 %في الصحف التسع في المكتب الجديد، فضلا عن خفض طاقم مكتب Newsday من 10 أفراد الى خمسة وFort Lauderdale من اثنين الى واحد.

الصحافيون من جانبهم يرون ان تقليص أطقم مكاتب الصحف يؤدي الى التركيز على الأخبار العامة من خدمات الأخبار وتقليص مساحة التحقيقات الصحافية وتقارير مراسلي الصحيفة. وفي هذا السياق يقول تيموثي فيلبس، مدير مكتب صحيفة Newsday، انهم يحاولون جاهدين إعداد التقارير بواسطة الطاقم الذي يعمل مع الصحيفة. إلا ان هناك من يقول ان خفض عدد الصحافيين العاملين في المكاتب خطوة ذات فائدة لأنها تعني استخدام افضل للموارد، إذ ان الصحف فقدت قبل فترة طويلة احتكارها للسبق الصحافي في واشنطن. اما روبرت مونغ، رئيس تحرير صحيفة The Dallas Morning News، فقد أشار الى ضرورة تحقيق اكبر استفادة ممكنة من الموارد المالية، كما اشار الى انه اذا كان لا بد من تقديم تضحية، فإن واشنطن هي الخيار الأفضل، ذلك بسبب توفر الأخبار خارج واشنطن من عدة مصادر. إذ على العكس من غالبية المدن، يجري بث الأحداث في واشنطن حية وتتوفر التقارير الاخبارية على وجه السرعة. لجان الكونغرس تبث الأخبار المتعلقة بجلساتها عبر الانترنت، كما هو الحال في بعض الجهات الاخرى، فضلا عن ان المحكمة العليا تصدر يوميا تقريرا صوتيا مسجلا حول بعض القضايا. وفي هذا السياق يقول بينيت روث، الذي يعمل في مكتب The Houston Chronicle بواشنطن ان أي حدث يقع في واشنطن لا يصبح أخبارا جديدة في صحيفة الغد الا اذا حدث الساعة العاشرة ليلا. رغم ذلك لا تزال واشنطن اولوية لدى الكثير من الصحف، خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار الحجم الكبير لمكاتب صحف مثل «يو اس أي توداي»، التي تملكها Gannett Company وبقية مكاتب «نيويورك تايمز». وفي نفس الوقت توسعت مكاتب بعض الشركات، مثل «ماكلاتشي» و«ميديانيوز»، وذلك بسبب شراء الشركات المالكة لها صحف إضافية. يقول جاي روزين، استاذ الصحافة بجامعة نيويورك، ان الوضع الحالي صعب بالنسبة للصحافيين، إلا ان القيمة المضافة لتغطيتهم يجب ان تكون اعلى مما كانت عليه في السابق. واضاف روزين قائلا ان الصحف المتوسطة على وجه التحديد هي الاكثر تنفيذا لإجراءات خفض المنصرفات وتقليص عدد العاملين.

* خدمة «نيويورك تايمز»