فلسطين.. الصحافيون الأجانب يتبنون إجراءات أمنية جديدة لحمايتهم

يتخفون ويغيرون الطرق التي يسلكونها عادة ويتحركون بحراسة خاصة

TT

بات الأمر واضحا، استهداف واختطاف الصحافيين في فلسطين بات ظاهرة، ذلك تأكد بالنسبة للكثيرين بعد أن اختطف مسلحون مجهولون صحافيا أجنبيا في فلسطين، يعمل هذه المرة مراسلا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في قطاع غزة، بعد أشهر قليلة من اختطاف صحافيين يعملان لقناة «فوكس» الأميركية واستهداف مكاتب قناة «العربية».

وكان غراهام جونستون احد الصحافيين الاجانب القلائل المتبقين في القطاع، بعد سلسله اختطافات طالت زملاءه غير مرة، كلها انتهت بسلام، لكنها تركت لديهم مخاوف وهواجس أخذت بعضها حد الرحيل، وآخرون لا يتحركون إلا بحراسة رجال الأمن، أو مع مراسلين محليين، وفي أماكن أكثر أمنا.

ويقول اياد عطية وهو صحافي حر يعمل مع عدة وكالات اجنبية، إن الصحافيين الاجانب يتخذون اليوم احتياطات مشددة، ويستعملون سيارات غير مكشوفة، ويغيرونها ذهابا وإيابا، حتى انهم لا يستخدمون بطاقة التعريف الخاصة بسيارات الصحافيين، بل يسلكون طرقا متغيرة ولا يمرون ببعضها أصلا.

تعتقد للحظة أنه يتحدث عن مطاردين في القطاع، لكن الوصول الى معلومات حول الأسير الاسرائيلي «جلعاد شليط» قد يبدو أسهل من الوصول الى معلومات عن غراهام، حسب صحافي طلب عدم الكشف عن اسمه، لأنه يعتقد ان جونستون مختطف لدى جماعة جيش الاسلام التي يقودها معتز دغمش، الذي لا يمكن الاتصال به، ولا يمكن لكل السلطه ان تتدخل لديه بالقوة، كما يقول، لأنه ببساطة لا ينتمي لفصيل سياسي، ويعتمد على اكثر من 13 ألف مسلح من عائلته، في حي يسيطرون عليه بالكامل.

وكان موقع امني اسرائيلي يتبع الاستخبارات الاسرائيلية، قد اتهم جيش الاسلام بالعملية، وقال ان الخاطفين يضغطون على الحكومة البريطانية من اجل الضغط لاطلاق سراح عدد اكبر من الاسرى الفلسطينيين ضمن صفقة شليط، لكن ابو مجاهد الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة الشعبيه يقول لـ«الشرق الاوسط» ان اللجان أجرت اتصالات عده مع جيش الاسلام وجهات مفترضه نفت جميعا ان يكون المختطف لديها، ويؤكد ان الجهة هذا المرة غير معروفة، ولا ما هي مطالبها، في الوقت الذي يكشف فيه أن اللجان في كل مرة كانت تخبر السلطة بهوية الجهات الخاطفة، من دون ان تتخذ السلطة اي اجراء بحقهم، وهو ما يعتبره نعيم الطوباسي نقيب الصحافيين الفلسطينيين بمثابة اعطاء الضوء الاخضر لتكرار عمليات الخطف، رغم ان الطوباسي يستغرب استمرار الظاهرة ويتساءل «كيف نفسر استمرار ظاهرة الاختطاف للعالم حتى في ظل الاتفاق على حكومة الوحدة ونحن نشكو قمع الاحتلال؟ ويقول للشرق الاوسط انه في مؤتمرات عده تعرض لأسئلة محرجة وصعبة عن عمليات الاختطاف ومن؟ وكيف؟ ولماذا؟». وكانت نقابة الصحافيين قد طلبت من الصحافيين العاملين والمحليين، الاضراب عن العمل ليوم واحد احتجاجا على استمرار حوادث الاختطاف، وأعلنت أنها بصدد مقاضاة السلطة الفلسطينية لقصورها في منع تكرار الاختطافات. ويؤكد الطوباسي أن النقابة شرعت في إعداد مذكرة ضد رأس السلطة الفلسطينية، ورئيس وزرائها، ومديري الاجهزة الامنية، لإجبارهم على كشف الفاعلين، ومعاقبة الجهات التي نفذت عمليات سابقة. ويرى الطوباسي أن جهات تريد تخريب اتفاق الوحدة تقف وراء هذه الاختطافات، او جهات مدفوعة من الاحتلال؛ وهي حجة يدرك صعوبة تسويقها اليوم.

ويرفض نقيب الصحافيين ما اشيع حول اختطاف جونستون بهدف مقايضته مع اسرى فلسطينيين ضمن صفقة شليط، ويعتبر ذلك كلام حق أريد به باطل، ويرى في أسلوب اختطاف الأجانب الضيوف عملا رخيصا أضر بالقضية ومناصريها، حتى ان الصحافيين باتوا قلة في القطاع. أما نائل غبون ويعمل مع شبكتي «فوكس نيوز» و«سكاي نيوز»، فيقول ان الصحافيين الاجانب غير موجودين اصلا، وقبل دخولهم الى القطاع اليوم يسألون أولا عن مرافقيهم وطبيعة تحركهم، ويدفعون أحيانا مقابل ذلك لأشخاص مسلحين بهدف حمايتهم، ولا يركبون إلا سيارات مصفحة خوفا من تعرضهم لإطلاق النار، ويعملون على انجاز عملهم قبل اغلاق معبر ايريز هربا من قضاء ليلة في غزة. ويتذكر غبون كيف ان «انيتا مكنوت»، وهي زوجة صحافي اختطف سابقا، جاءت الى غزة في قصة لصحيفة «الغارديان» البريطانية، يوم اختطاف «الن» ولم تستطع المغادرة فورا بسبب اغلاق ايريز، فرفضت النوم في فندق، واختارت بيتا لأحد الصحافيين الفلسطينيين، وقضت ليلتها (متحجبة) بعد ان ارتدت منديلا حتى تبدو كفلسطينية، وغادرت القطاع صباحا الى ايريز وهي ترتديه، ويعرف غبون صحافية اميركية اخرى ترتدي ايضا منديلا عندما تدخل غزة، ويلمح غبون الى الضرر الاقتصادي ايضا الذي طال غزة بغياب الصحافيين الاجانب، وكيف أثر ذلك على الفنادق والمراسلين المحليين والمصورين.