الفرق بين خالد حسن.. وآلان جونستون

مزيد من الصحافيين العراقيين يسقطون.. فهل عملهم مع مؤسسات غربية وعالمية يضمن حقوقهم ويعوض عائلاتهم؟

خالد حسن (نيويورك تايمز)
TT

في الأسبوع الماضي قتل خالد حسن، الصحافي العراقي الذي كان يعمل مراسلا ومترجما بمكتب صحيفة «نيويورك تايمز» في بغداد، وذلك برصاص مسلحين في أحد أكثر أحياء العاصمة العراقية خطورة. خالد لم يكن أول صحافي عراقي يقتل في بلده، فنحو 85% من اجمالي الصحافيين الذين قتلوا في العراق منذ أن بدأت الحرب كانوا من أهلها، بحسب ما تقول «لجنة حماية الصحافيين» (سي.بي.جي)، والعراق بجميع الأحوال ليس آمنا لأي صحافي سواء كان عربيا أو أعجميا، فهو أكثر المناطق خطورة على الاطلاق بالنسبة للاعلاميين اليوم بحسب تصنيف منظمة «مراسلون بلا حدود».

لكن ثمة فرقا شاسعا بين مقتل أو اختطاف صحافي غربي مقابل نظيره العربي، ففي حين يحظى الأول بتغطية إعلامية مكثفة وحملات دعم عالمية..يكون الأخير محظوظا ان نال بضعة سطور في صحف محلية. هناك أيضا عامل أكثر أهمية، وهو ان كثيرا من الصحافيين الذين يقتلون يكونون متعاونين مع مؤسسات غربية وعالمية، لكن نقطة الانتقاد هي ازدواجية معايير هذه المؤسسات فيما يخص الحقوق والضمانات بين من يوظفوهم من عراقيين وبين مواطنيهم من الصحافيين، ومن المعروف أن المؤسسات الدولية والغربية تدفع مبالغ طائلة لتأمين الحماية والرعاية والبدلات لمراسليها الذين ترسلهم الى اماكن الخطر... إلا أن الحال ذاته لا ينطبق على الصحافيين المحليين العراقيين في كثير من الأحيان، رغم انهم يقومون بغالبية الأجزاء الخطرة من عملية تغطية أخبار العراق، لدرجة ان هناك كثيرين يؤمنون بحق بأن المراسلين الأجانب لا يغادرون اطلاقا غرف فنادقهم او مجمعاتهم او المناطق الآمنة بشكل عام، وكل ما يفعلونه هو وضع اسماءهم على القصة المنشورة بعد تجميعها وتحريرها، او الظهور على الشاشة لتقديم التقرير. تعلق هاجر سموني، مسؤولة منطقة الشرق الأوسط في منظمة «مراسلون بلا حدود» بالقول «صحيح ان الكثير من العاملين في العراق يعملون من فنادقهم او منازلهم التي استئجرتها مؤسساتهم الاعلامية، وان الفرصة لا تسمح لهم بالخروج»، الا انها تضيف «لا اعتقد ان المراسلين الاجانب فرحون بهذا لأنهم لا يستطيعون اداء عملهم بالشكل الذي يودون». وتضيف هاجر «هذا لا يعني ان جميع المراسلين الاجانب يعملون بهذه الطريقة، بعضهم مستقل ويختار تغطية القصة بنفسه». وبالعودة الى الفارق في الاهتمام الاعلامي بين اختطاف او مقتل صحافي غربي مقابل اختطاف او مقتل صحافي عربي، تقول هاجر «عندما يتم اختطاف صحافي غربي فإن مؤسسته تبدأ حملة عالمية من اجله، ولكن في العراق فالإعلام المحلي لا يملك الامكانات التي تسمح له بذلك». قد يمكن ان يضاف الى ما تقوله هاجر، انه في العراق ليس الصحافيون هم وحدهم الضحية... فالأطباء والمهندسون والرياضيون العراقيون ايضا هم ضحية، وربما مع التكرار اليومي لاخبار مقتل هؤلاء تضيع الهيبة التي يفترض ان تحيط بخبر مقتل أي شخص مهما كان عمله، واذا كان هذا التفسير الذي قد يبرر غياب التغطية المناسبة في الاعلام المحلي، فلماذا يغيب عن الاعلام الغربي؟ تعتقد هاجر أن مقتل خالد حسن قد حصل على تغطية مكثفة، وتضيف «نحن لا نستطيع ان نجبر أي اعلام ان يقول أي شيء، نحن نقيم الفعليات ونحضر المعلومات ونرسلها لمختلف الوسائل ولكن قرار النشر من عدمه يعود للوسيلة نفسها». من جهتها، اعطت الـ«نيويورك تايمز» قصة على صفحتها الاولى لخبر مقتل حسن في العراق، ونشرت عنه مقالات كتبها زملاء له، ونعته على صفحاتها وعلى موقعها الالكتروني... ولكن لماذا لم يحظ بنفس الاهتمام الذي حظي به خبراختطاف الصحافي البريطاني آلان جونستون اصابة مذيع «ان.بي.سي» الأميركي بوب وودروف في العراق العام الماضي مثلا، تجيب متحدثة باسم «نيويورك تايمز» بأنها «لا تستطيع التعليق نيابة عن وسائل الاعلام الأخرى». وردا على سؤال حول التعويضات التي ستدفع لعائلة حسن وان كانت بنفس المستوى الذي قد يحصل عليه مراسل أميركي يقتل في العراق، تنقل المتحدثة تصريحا عن بيل كيلر، المحرر التنفيذي للـ«نيويورك تايمز»، مفاده ان «خالد كان جزءا من مجتمع كبير وغير محتفى به في كثير من الاحيان من جامعي الأخبار والمترجمين العراقيين، الذين يتحملون مجازفات كبرى في سبيل شرح الصراع الدائر في بلادهم». ويضيف «بدونهم، يكون فهم الأميركيين لما يدور في العراق أقل بكثير» وموضحا «بالنسبة للتايمز كان خالد جزءا من العائلة، ومقتله يفطر القلب، ونحن نعتزم الاعتناء بعائلته انطلاقا من هذه النفسية». وسواء حصلت عائلة خالد حسن على تعويضات مادية ام لا، فلا شيء يمكن ان يعوض مقتل ابنهم بشكل مستحق او ينسيهم ما حصل.. وهنا يتساوى الصحافي العراقي والصحافي الأجنبي، وان كان يمكن تبرير عدم اهتمام الصحافة الغربية بحسن بالشكل الكافي باعتباره ليس ابن جلدتهم، فما يبرر غياب القصة عن كثير من الاعلام العربي؟.. تلك قصة أخرى.