ديفيد بيكام ينقذ كرة القدم في أميركا.. سواء لعب ام لم يلعب

رغم إصابته وتعثر أول برنامج تلفزيوني لزوجته فيكتوريا.. يبدو أن الاهتمام الإعلامي بالثنائي الشهير لن يتوقف

بيكام يستعرض قميصه الجديد امام المصورين (أب)
TT

رغم ما وصف بانه "بداية غير سارة" للثنائي بيكام، لاعب الكرة البريطاني الشهير ديفيد وزوجته مغنية فريق "سبايس غيرلز" السابقة فكتوريا، فإن وصولهما الى أميركا خدم بشكل كبير رياضة كرة القدم التي تعاني من محدودية شعبيتها في الولايات المتحدة، ولعل التغطية الاعلامية الكبيرة التي حصلت لوصول الثنائي بيكام تخفف قليلا من ثقل فاتورة الـ 250 مليون دولار التي دفعها نادي "لوس انجيليس غالاكسي" مقابل شراء بيكام وضمه الى صفوفه، والذي بات يتضح انه مهتم اكثر بابتسام بيكام لعدسات المصورين وبيع القمصان التي تحمل اسمه ورقمه من قيامه باللعب بشكل فعلي. ويبدو ان الثنائي بيكام سيبقيان يشغلان الاعلام الاميركي، وذلك على الرغم من "خبطة" برنامج تلفزيون الواقع "فكتوريا بيكام تأتي الى أميركا" الذي عرض الاسبوع الماضي ولم يحصل على نسبة مشاهدة عالية، وانعكست ردود فعل المجموعة على الاعلام الاميركي, حيث قالت جريدة "نيويورك بوست"، في اليوم التالي لبرنامج تلفزيون "ان بي سي": "امرأة معجبة بنفسها". وقالت زميلتها جريدة "نيويورك ديلي نيوز": "تتكلم لغة اجنبية وتتعالى علينا".

ولاحظت جريدة "واشنطن بوست" ان فكتوريا "قللت من مكانة" النجمة الاميركية باريس هلتون. وكأن الجريدة ترى ان نجمة بريطانية يجب الا تقلل من مكانة نجمة اميركية.

وكتبت جين ريدلي تعليقا في جريدة "ديلي نيوز"، قالت فيه: "قالت فكتوريا ان اميركا "سهلة". اميركا ليست "سهلة" لكل اجنبي جاء الى هنا. لكل شيء ثمن. لن تقدر فكتوريا على ان تهزمنا ببيتها الذي كلف 22 مليون دولار. وبزوجها الذي يعرف كيف يرسل كرة مائلة نحو المرمى. وبعباراتها الانجليزية مثل "لفلي".

وقالت ان الاميركيين احبوا (ولا يزالوا يحبون) الاميرة دايانا، رغم انها بريطانية، ورغم انها تتكلم بلكنة لا يقدر كثير من الاميركيين على متابعتها. لكنها، وهي الاميرة، لم تخدش احساس اي اميركي. ولم تتعال. وطبعا لم تقل ابدا "انا الاميرة".

ورغم ان فكتوريا تشتهر في اميركا لأنها كانت مغنية في فرقة "سبايز غيرلز" البريطانية، بدأت بداية غير سارة في اميركا، كما رأينا. ورغم ان زوجها ديفيد بيكام ربما اشهر لاعب كرة في العالم، بدأ بداية غير سارة في اميركا ايضا. وسبب ذلك هو انه وصل "اعرج" الى اميركا بسبب اصابة في قدمه اليسرى. استعملت هذه الكلمة جريدة "نيويورك بوست".

اصيب بيكام عندما لعب، في الشهر الماضي، مع الفريق البريطاني الوطني ضد فريق استونيا الوطني لكأس اوروبا. وبعد عشرة ايام، تطورت الاصابة عندما عاد الى اسبانيا ليلعب آخر مباراة مع فريق "ريال مدريد" الاسباني الذي كان تعاقد معه لخمس سنوات. وزاد الورم بعد جلوس ساعات طويلة في الطائرة التي نقلته الى لوس انجليس.

ولهذا، بعد كل هذا الزخم، ربما لن يلعب بيكام في اول مباراة في اميركا، يوم السبت، ضد فريق "جيلسي" البريطاني. للدعاية اكثر واكثر للاعب البريطاني، رتب ناديه الجديد، "غلاكسي"، منافسة دولية في لوس انجليس تشترك فيها اربعة فرق: اميركي (غالاكسي، وبريطاني (جيلسي)، ومكسيكي (تايغرز) واسكتلندي (سيلتك). لكن، بسبب الاصاب لم يلعب بيكام يوم الثلاثاء، ولا يوم الخميس (رغم انه تدرب يوم الاربعاء). وبقي الجميع ينتظر مبارة مساء امس. وبجميع الاحوال، فلا شك ان بيكام حرك المياه الراكدة، حيث خرجت جريدة "لوس انجليس تايمز" المحترمة عن وقارها، وتابعت، ربما في شغف، تفاصيل اخبار ديفيد بيكام. لكنها، مثل بقية الاعلام الاميركي، خلطت بين الترحيب وعدم الحماس. واستعملت عنوان "ربما، وربما" في وصف تصريحات فرانك يالون، مدرب اللاعب بيكام. وكان المدرب قال: "نريد منه ان يرتاح قليلا قبل ان يلعب. صحته اهم من اي شيء آخر. انخفض الورم قليلا صباح اليوم، لكنه لا يزال لا يتحرك تحركا عاديا". واضاف: "في نفس الوقت، تريد الجماهير ان تراه يلعب بأسرع فرصة ممكنة".

وصار واضحا ان بيكام خيب امل اصحاب ومديري وجماهير فريق "غالاكسي". كيف ينتظرونه بعد كل هذه الشهور ليلعب، ويأتي اليهم اعرج؟ كيف يصرفون عليه ربع بليون دولار، ويخططون له منافسات مع فرق عالمية كبيرة ليزيد دخل النادي، لكنه لا يلعب؟

ونشرت جريدة "لوس انجليس تايمز" صورة كبيرة للاعب وهو يدخل غرفة العيادة في نادي "غالاكسي"، عندما دخله اول يوم، بدلا من ان يذهب ليتدرب. وركزت على اعتذار المدرب: "انه انسان، وليس روبوت".

ولكن هل هناك حسد في تغطية الإعلام الأميركي للاعب البريطاني وزوجته؟ ربما. لأن جريدة "لوس انجليس تايمز" ركزت على تصريحات لاندون دونوفان الذي كان كابتن فريق "غالاكسي" قبل ان يشترى الفريق اللاعب البريطاني. قال دونوفان: "كرة القدم ليست مثل كرة السلة، حيث يقدر لاعب واحد على ان يتفوق (مثل مايكل جوردون). كرة القدم لعبة جماعية يتعاون فيها كل اللاعبين". وفي ما قد يفسر على انه انزعاج او ربما حسد اضاف دونوفان: "مرحبا به، لكن ليس مرحبا بكاميرات التلفزيون التي تتابعه في كل مكان. نحن، لاعبي كرة القدم الاميركيين، غير متعودين على كل هذا الضجيج. انه يلهينا عن اللعب".

صحيح، رغم "برود اميركي" نحو البريطاني وزوجته، هناك تركيز اعلامي مستمر عليهما. وبالاضافة الى البرامج التلفزيونية، نقلت، في ارسال مباشر، تلفزيونات رياضية وصول البريطاني الى لوس انجليس في الاسبوع قبل الماضي.

وكما كتب معلق في وكالة "اسوشيتدبرس"، ليس هناك عداء شخصي ضد بيكام، ولا عداء اميركي لبريطاني. ولكن، لا يفهم الاميركيون كرة القدم (يسمونها "سوكر")، ولا يتحمسون لها لاسباب لها صلة بالثقافة الاميركية:

اولا، ليست فيها اهداف كثيرة تجعل اللعبة مثيرة.

ثانيا، بالتالي، ليست فيها انتصارات كثيرة.

ثالثا، دفاعية اكثر منها هجومية.

رابعا، جماعية اكثر منها فردية.

لهذا، يثير بيكام اهتمام الاميركيين، لكن، ربما لا تثيرهم اللعبة. ويثير المشاهير الاميركيين، لكنهم ربما لا يحترمونهم. وكما قالت جريدة "واشنطن بوست" عن مباراة يوم السبت (اذا اشترك فيها بيكام): "ستكون هناك عشرون كاميرا داخل الاستاد لتنقل كل حركة له، من كل زاوية، وفي كل ثانية. سيتابع ذلك الذين يعرفون كرة القدم. وستتابع ذلك نساء يبهرهن جسم الرجل وعضلاته. لكن، ينتهى كل شيء بنهاية المباراة".

غمزت الجريدة بأن الموضوع كله، بالنسبة للاميركيين، ليس الا متعة ولهوا. يلهون به لفترة، ثم ينتقلون الى شيء آخر يلهون به.

اللافت انه قبل خمس عشرة سنة، وفي زخم اعلامي مشابه، جاء بيليه، لاعب كرة القدم البرازيلي، الى اميركا لنفس الهدف: نشر الاهتمام بكرة القدم اعتمادا على نجوميته. ونجح بيليه في تقديم اعلانات في التلفزيون لسيارة "فورد بنتو". لكنه لم ينجح في ان يكون نجما رياضيا اميركيا.

وقال معلق وكالة "اسوشيتدبرس": "يحب الاميركيون الخلط بين الشهرة والرياضة، لكنهم لا يحبون الخلط بين الشهرة وكرة القدم لسبب بسيط، وهو انهم لا يعرفون كرة القدم".

صحيح، زاد، خلال العشر سنوات الماضية، الاهتمام في اميركا بكرة القدم، خاصة في الضواحي، حيث تمتلئ الملاعب الخضراء كل ظهر بالاولاد والبنات يلعبون ويجرون، والآباء والامهات يشجعون، وكأنهم في استاد وطني. لكن، كما قال معلق "اسوشيتدبرس": "يكبر هؤلاء، ويعودون الى الالعاب الوطنية، الى البيسبول والفوتبول. من من اولادنا وبناتنا كبر وذهب الى الجامعة بمنحة لكرة القدم"؟

من جهتها اعتقدت مجلة "دبليو" النسائية انها ستساعد وصول اللاعب وزوجته الى بريطانيا عندما اصدرت عددا خاصا عنهما. لكن، بالنسبة للاميركيين، كان العدد غير مناسب، خاصة لأنه نشر صورا لهما وهما شبه عاريين.

نشرت المجلة على غلافها صورة للاثنين شبه عاريين، ولم تقدر على ان تغطى الوشم العملاق على ذراع الرجل. ولأن الاميركيين يرون ان الوشم العملاق على جسد الرجل (والمرأة) ليس لائقا، ويدل على قلة "حضارة" الشخص، نفرتهم الصور.

لكن، ربما كانت التغطية الاعلامية الاميركية شبه السلبية "ايجابية" بالنسبة للاعب البريطاني، وبالنسبة لناديه الذي يريد ان يدر منه ربع بليون دولار (33 مليونا من النادي مباشرة، والباقي من دعايات الاحذية، والعطور، والملابس، والتلفونات، والساعات).

يقول مثل اميركي: "مرحبا بالشهرة ولو كانت سلبية". وما دام الهدف هو زيادة اهتمام الاميركيين بالبريطاني وبلعبة كرة القدم، لا بأس من ذلك.