المصور السعودي فيصل المالكي صاحب الـ6000 صورة

علاقة حميمة بين العدسة والطبيعة وصور تفاعلية مع يوميات الناس

مجموعة من أعمال المصور السعودي فيصل المالكي ونال عليها جوائز عالمية (وفي الاطار) المالكي يداعب كاميرته («الشرق الأوسط»)
TT

«العلامة الفارقة، ليست الكاميرا، بل عين المصور»، بتلك الكلمات بدأ فيصل المالكي كلامه ملخصاً مشواره مع العدسة. تجربة التصوير التي لم تتجاوز الأربع سنوات لخرِيج التسويق من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. جعلت المالكي يقف بين محترفي التصوير الفوتغرافي، رغم بساطة التجربة ومحدوديتها الزمنية. إلا ان الحس الفني العالي للمالكي، وعشق الصورة، حوّل التصوير لديه من مجرد هواية يمارسها في اوقات الفراغ؛ إلى عمل احترافي، مكّنه من المشاركة في معارض عالمية.

المتأمل لمجموعة البوم صور المالكي؛ التي تجاوزت 6000 صورة، وركّز فيها على مشاهد الطبيعة الحية، مستفيداً من سفره الدائم وتنقلاته؛ بين العواصم الأوربية وأميركا؛ في تصوير مواقع ومشاهد، كان تميزها الوحيد ليس عدسة الكاميرا التي بين يديه، بل عين المالكي؛ التي تمكّنت من إضافة ابعاد جمالية. يتسلل تأثيرها على العين المشاهِدة لها، وهو ما يتضح جلياً في معظم لوحاته الفوتغرافية. وحازت اعجاب الكثيرين؛ الأمر الذي ساعده على نشر فوتغرافياته؛ عبر فضاء الإنترنت. لتجد من ثم طريقها نحو عالم المعارض.

وعلى الرغم من تشابه البدايات. بين أصحاب المهنة الواحدة؛ والتي لا تخرج عن ثنائية التأمل لمواطن الجمال، وعمق واختلاف الرؤية عن الآخرين؛ الا أن بدايات فيصل بكل ما حملته من عشوائية التعامل مع الكاميرا؛ بمرافقة ثقافة عالية، تركت بصماتها على صور المالكي؛ لتضيف بعداً فكرياً تُحدثك به مجمل صوره؛ إلى جانب البعد الجمالي لها. وهو ما يبدو في اللغة الموسيقية لصورة النهر الجاري بفلورنس الإيطالية، والتي تعد من أوائل ما التقطته عدسة المالكي؛ إلى جانب شجرة شاطئ لوس انجلس، التي كانت بداية علاقة حميمة بين فيصل والطبيعة، وشكّلت انطلاقة لعدسته في التقاط مشاهد الطبيعة؛ بكل ما تحمله من جماليات.

ولم يقف أمر فيصل عند الطبيعة؛ برغم كونها الأقرب له، كما قال هو عن نفسه "أكثر ما يحفزني ويستأثر باهتمامي، هو مشاهد الطبيعة؛ كونها الأكثر تأثيراً في الروح وإثارة للعواطف الجميلة"؛ الا أن عشق التصوير حمل المالكي؛ على توجيه عدسته مرات عديدة تجاه البشر؛ ليس من خلال البورتريهات، وإنما جاءت لقطاته وكأنها شريط سينمائي. لما تموج به الشوارع والأزقة بأصناف من الناس، رصدتها عدسة المالكي بكل اختلافاتهم الطبقية والثقافية؛ لتأتي صور «music man, candy man, the moment of truth, alone…. With my friends, business lunch, 1of12»، انعكاساً لتلك اللحظات الحياتية.

في حين شكّلت الصورة التي حملت عنوان «happy together»، إحدى العلامات الفارقة لعين المالكي، والمأخوذة من جذور التراث الثقافي العربي؛ من خلال اختيارها لتكون غلاف كتيب معرض "photographic society of America"، الذي حصل فيه فيصل على مرتبة الشرف بواقع مشاركته بخمس صور. وهو الأمر الذي حمل المنظمة العالمية للتصوير الفوتغرافي؛ لإعلان المالكي الفائز الأول بجائزة المنظمة لعام 2007، في منافسة الصور غير الاحترافية. في حين جاءت مشاركته في معرض عدسات عربية في مدينة حائل السعودية عبر صورتين كأول مشاركة عربية للمالكي.

ويأتي حرص المالكي؛ على تصوير كل ما له علاقة بالحضارة والتاريخ، برغم جماليات صوره ذات البعد الجمالي على مستوى التصميم الهندسي؛ وصولاً إلى بوابة الفن الطبيعي. متجسداً في صور التقطها عبر البوابة التركية لعاصمة الخلافة الإسلامية زمن العثمانيين، وتلك التي التقطها بالقاهرة مدينة الألف مئذنة. واعتبر المالكي تصوير المعالم الأثرية تحدياً حقيقياً؛ ناهيك عن صعوبته؛ التي عللها بـ«قمة الصعوبة لأي مصور. هو إعادة التصوير لمناطق؛ تعد محل اهتمام عالمي؛ كونها تحظى بأكبر بقعة ضوئية؛ تمثلها فلاشات كاميرات مصوري العالم، لذلك يأتي التحدي كبيراً وصعباً، من جهة كيفية التصوير، وابراز زوايا وأبعاد جمالية أخرى للمعلم».

الا أن ذلك لم يقف حجر عثرة أمام عين المالكي؛ التي وجدت في قبة مسجد محمد علي؛ بعداً آخر يضاف لألبوم المالكي. تنقلات فيصل وسفراته الكثيرة برغم حسناتها؛ الا انها حرمته متعة تصوير جمال من نوع آخر. ما زال ينتظر عينه اللاقطة في الأراضي السعودية؛ التي خرج منها. وهو ما وصفه المالكي نفسه بقوله «أمر محرج جداً. أن اتمكن من تصوير، أماكن مختلفة حول العالم؛ في حين أن أرشيف صوري؛ لا يحتوي على جمال المعالم والمشاهد الكثيرة في السعودية»، الا أن ما يشفع للمالكي هو عزمه على تخصيص جولة في الربوع السعودية بهدف تصويرها.