«الوفاق».. صحيفة إيرانية ناطقة بالضاد تسعى للصدور في بلاد عربية

رئيس التحرير: العراق ولبنان ودول الخليج لها الأولوية في التوزيع

صحيفة «الوفاق» الإيرانية في نسختيها العربية والفارسية
TT

يبدو ان ايران تسعى للامتداد صحافيا نحو العالم العربي الذي تستعد لغزوه بـ«الوفاق»، وهي جريدة يومية تصدر عن مؤسسة ايران الصحافية المملوكة للدولة الايرانية.

وتسعى المؤسسة حاليا للحصول على تصريح في عدة دول عربية بينها لبنان، كما اكد رئيس تحرير الصحيفة مصيب نعيمي لـ«الشرق الأوسط»، كاشفا ان «الاولوية هي للعراق ولبنان ودول مجلس التعاون الخليجي».

وأوضح كاوه اشتهاردي رئيس مجلس ادارة مؤسسة ايران الصحافية عن نية المؤسسة افتتاح «طبعة لبنانية» للصحيفة، مشيرا الى ان «اتصالات قامت مع مسؤولين لبنانيين في هذا الصدد». غير ان الواقع اللبناني لا يتطابق كثيرا مع الحسابات الايرانية بسبب قوانين الحماية اللبنانية التي تفرض قيودا مشددة على تحركات الصحف الاجنبية في لبنان. مما يجعل المشروع بالغ الصعوبة حتى لو توفرت الاموال اللازمة. من جانبه نفى محمد بعلبكي نقيب الصحافة اللبنانية وجود اية اتصالات معه في هذا الشأن، لكنه ابدى استعداده للمساعدة «وفق الشروط والقوانين اللبنانية». أما وزير الاعلام اللبناني غازي العريضي فقد اشار في اتصال مع «الشرق الأوسط» الى وجود اتصالات غير جدية في هذا الموضوع، مبديا الاستعداد للتسهيل تحت سقف القانون اللبناني. مؤكدا ان لا خلفيات سياسية ستقف حائلا دون ذلك. وأشار البعلبكي الى ان القانون اللبناني يسمح بطباعة الصحف الاجنبية وتوزيعها في لبنان، لكنه يمنع الامرين معا «حفاظا على مصالح الصحف اللبنانية» مع استثناء وحيد هو ان مجلس الوزراء يستطيع ان يسمح لصحف «ذات انتشار عالمي» ان تطبع في لبنان شرط ان تتقيد بالقوانين اللبنانية والامتناع عن استقبال اية اعلانات من السوق اللبنانية.

وقد استفادت صحيفة هيرالد تريبيون من هذا الاستثناء، لكن وضع صحيفة «الوفاق» لا ينطبق على هذا الاستثناء. اما الخيار الثاني فهو شراء امتياز صحيفتين لبنانيتين يوميتين والغاء الامتيازين للحصول على امتياز ثالث بالاسم المطلوب. لكن هذا الخيار بدوره صعب التحقيق بسب وجود ترخيص اسبوعي غير سياسي يحمل هذا الاسم، مما يتطلب شراء هذا الترخيص ايضا والغاءه. ويقول مصيب نعيمي لـ«الشرق الأوسط» ان الصحيفة اصبحت مصدرا مهما لوكالات الانباء العربية ومحطات التلفزة لنقل الوقائع الايرانية، مشيرا الى ان وصول «الوفاق» الى اكبر عدد ممكن من القراء العرب هو من ضمن الاولويات. واوضح ان الصحيفة حصلت على اجازات توزيع في البحرين وعمان وعدد آخر من الدول العربية على الرغم من ان دخول الصحف الاجنبية ليس سهلا، مضيفا ان العراق ولبنان ودول مجلس التعاون الخليجي لديها الاولوية في التوزيع، حسب الاستراتيجية التي تتبعها الصحيفة من اجل خلق اجواء ايجابية فيها. كاشفا عن القيام ببعض الخطوات والاتصالات مع المراجع الرسمية في هذه الدول. ويضيف نعيمي ان الهدف الاساسي للصحيفة هو «الوفاق العربي – الايراني»، معتبرا ان هناك عدم فهم كبير وعدم وجود معرفة دقيقة عن الواقع الايراني في العالم العربي.

ونعيمي هو صحافي ايراني عاش 11 عاما في بيروت وعايش معظم ازماتها خلال الحرب الاهلية ومرحلة الوفاق الوطني واتفاق الطائف. يقول نعيمي انه لمس خلال هذه الفترة وبعدها ان هناك غيابا واضحا للخطاب الايراني المباشر للعالم العربي، مشيرا الى اعتماد «الوسطاء» في هذا الخطاب، وهذا ما يرى ان من شأنه ان يقدم صورة مغلوطة. ويضيف «لقد زرت معظم الدول العربية، ليس كسائح، وانما كمحاور. والتقيت بشخصيات مختلفة سياسية واعلامية، والفكرة التي تكونت لدي ان القواسم المشتركة كثيرة، لكن هناك عدم فهم للواقع»، معتبرا ان المرحلة تحتاج الى عمل ثقافي للتواصل والتفاهم، لتأمين الاحتياجات المتبادلة. ويرى ان الاجواء التي تشوب العلاقات العربية - الايرانية معظمها غير واقعي، قائلا «هناك نوع من التخويف للعالم العربي حيال ايران وبالعكس».

هذه «المغامرات» رسخت في ذهن نعيمي ضرورة ان «تخاطب ايران العرب بشكل مباشر ومن دون وسيط»، حيث يرى ان تأثيرالصحافة افضل من الفضائيات لأنه «مميز وارسخ». فكانت فكرة قيام الصحيفة التي تحققت عام 1996 بعد شهر واحد على مغادرته بيروت. مفيدا أن علاقاته مع الصحافيين العرب كانت سببا في دفعه الى اتخاذ القرار. ويقول نعيمي ان التوجه الاساسي للصحيفة هو «خلق الوفاق العربي – الايراني»، مشددا على انها لا «تدخل في مواضيع تحريضية، رغم وجود النقد البناء» ويقول «أخذنا من الصحافة العربية اللائقة، النمط الفكري بان نكون واقعيين حتى لو لم يكن الموقف من صالحنا». ويعترف نعيمي ان «اصدار صحيفة عربية في بلد لغته الرسمية فارسية أمر صعب جدا»، مشيرا الى وجود العديد من العرب في ايران «لكن لا يوجد العديد من الصحافيين، فليس كل من يعرف العربية صالحا للكتابة الاعلامية».

يذكر أن 30 في المائة من الصحافيين العاملين في «الوفاق» لديهم خلفية اعلامية من العالم العربي وتحديدا في لندن وبيروت، أما البقية فقد تمرسوا في «الوفاق». ويفاخر نعيمي بأن صحيفته «تمكنت من خلق كوادر موجودة الان في اكثر المحطات العربية داخل ايران»، مشيرا الى ان وكالات الانباء والمحطات التلفزيونية يفضلون من عمل في الصحيفة ولو شهرا واحدا. وهناك ثلاثين موظفا يتعاملون الان مع وكالات انباء عربية وشبكات تلفزة. وبعضهم انتقل للعمل في قطر.