«وول ستريت جورنال» تعتزم إصدار مجلة أسبوعية تهتم بالأغنياء.. وربما أحلام الفقراء

الصحف الأميركية تبحث عن زيادة مداخيلها عبر مجلات مجانية

جريدة «وول ستريت جورنال» («الشرق الأوسط»)
TT

تستعد صحيفة "وول ستريت جورنال" لاطلاق مجلة اسبوعية توزع نهاية الاسبوع مع الصحيفة التي تعد مرجعاً في مجال المال والاعمال.. والسياسة ايضاً. المجلة ستصدر في ورق مصقول وسيطلق عليها اسم "بيرسوتس" اي "متابعات" . ستهتم المجلة الجديدة بحياة الاغنياء، وتركز في موادها على المواد التي تستهلكها شريحة باذخة من الاثرياء، وكذلك على ما يهمهم لارضاء ميولهم الاستهلاكية من المواد الفاخرة، من طائرات ويخوت وسيارات وملابس وأزياء وعطور، ومنتجات الجيل الثالث التكنولوجية. ونسب الى ماركوس براشلي مدير تحرير "وول ستريت جورنال" قوله عن المشروع الجديد "ستقدم "بيرسوتس" صحافة نحتاج اليها وستكون زاهية وبراقة ورمزا، وستتناول الطريق نحو صناعة الثروة والموضة والسفر".

وظلت شركة "داو جونز" التي تملك "وول ستريت جورنال" وتكتمت على مشروعها لفترة طويلة، حتى اعلنت عنها رسمياً بحيث توزع مع العدد الاسبوعي كل يوم سبت. وحدد سبتمبر (ايلول) من العام المقبل لصدور المجلة. ودأبت كل من "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" على توزيع مجلات مع العدد الاسبوعي، بالنسبة لـ "نيويورك تايمز" ثمة جرعة من التحقيقات الخفيفة مع تركيز على السفر والسياحة، في مجلاتها التي توزع مع الصحيفة، وهي "بلاي" و"كي" و" نيويورك تايمز ستايل ماغازين"، اما المجلة الاسبوعية التي تصدرها "واشنطن بوست" فإنها تعالج المواضيع التي تهم قراءها في منطقة واشنطن الكبرى. ذلك ان "واشنطن بوست" متمسكة بأنها صحيفة تصدر من العاصمة الى سكانها، ولم تطرح قط فكرة انها صحيفة لجميع الاميركيين، على الرغم من أنها الصحيفة الأكثر نفوذاً في دوائر صنع القرار السياسي في واشنطن.

سيتولى رئاسة تحرير مجلة "بيرسوتس" روبرت فرانك الذي يكتب عموداً في "وول ستريت جورنال" وهو صحافي متخصص في حياة الاغنياء، أصحاب الملايير وليس الملايين. وسيتم تشكيل هيئة تحرير خاصة بالمجلة الجديدة، مع مساهمات من طرف كتاب الصحيفة الام. وقبل انطلاقها اصبح من المؤكد ان المجلة الجديدة ستوزع حوالي 800 الف نسخة، تشكل الآن عدد المشتركين في منطقة نيويورك الكبرى في الصحيفة الام، في حين ان الصحيفة توزع عملياً مليوني نسخة. بيد ان التركيز سيكون على شريحة المشتركين، اي اولئك الذين تصلهم الصحيفة طازجة في الصباح الباكر على عناوين منازلهم في نهاية الاسبوع. كما ان محتويات المجلة ستنشر على موقع الصحيفة في شبكة الانترنت.

ويبدو ان سوق المجلات المزدهر في الولايات المتحدة الى درجة ان جميع المتاجر اصبحت تخصص حيزاً قريباً من صندوق الاداء لهذه المجلات، كان وراء اتجاه اليوميات الكبرى لاصدار مجلات توزع مجاناً مع اعدادها نهاية الاسبوع، وذلك لاستقطاب اعلانات مرتفعة السعر، اعتماداً على تقنية عالية لفرز الالوان والطباعة الفاخرة والورق الصقيل الذي يلبي شروط شركات الاعلانات . وفي هذا السياق يرى لاري جيليك استاذ الصحافة الحديثة في جامعة جورج واشنطن (جي دبليو) إن القراء في اميركا يقبلون على المجلات "لاسباب نفسية". واستدل على ذلك بمجلة " اوبرا وينفري " التي توضع على غلافها وباستمرار صورة أشهر مقدمة برنامج نقاش (تووك شو) في التلفزيونات الاميركية. وقال جيليك لـ "الشرق الاوسط" جميع اغلفة اعداد هذه المجلة على غلافها الشخصية نفسها، ومع ذلك فإن مبيعاتها في اطراد". ويتوقع جيليك ان تكون مجلة "وول ستريت جورنال" مختلفة شكلا ومضموناً، ويوضح "العناصر المختلفة التي تساهم في انتاج المجلات يمكن ان تتفاوت بكيفية كبيرة. العناصر الاساسية مثل نشر الصور والجداول والاشكال والفئات المستهدفة هي التي تبدو لا متناهية ومتغيرة". ويزيد "هناك المجلات التي تركز أساسا على الأحداث الجارية، مثل نيوزويك او التايم ثم هناك مجلات التسلية والنجوم وكل مناشط الحياة.. ومجلات القطط والكلاب والحيوانات الاليفة لها سوق معتبر، واظن ان المجلة الجديدة اختارت من البداية مضمونها والشريحة المستهدفة، كما ان نصيبها من الاعلانات مضمون، وهذه كلها اسباب نجاح كامنة، اضافة الى انها ستصدر من صحيفة لها وزنها وتؤثر كثيراً في السياسة والاقتصاد الاميركي ". ويلاحظ جيليك ان الانترنت جلب كثيراً من المنافع للمطبوعات، لان المواقع الكبرى تتنافس حالياً للحصول على حق امتياز نشر مقتطفات من الصحف والمجلات على مواقعها التي يستعملها الملايين، وهذا الامر كان قبل سنوات قليلة معكوساً، اذا كانت المطبوعات تبحث عن الترويج عبر الانترنت، ويختم قائلاً "الامور بدأت تسير في الشارع على قدميها وليس على رأسها اي ان الصحف والمجلات بدات تستفيد من شبكة الانترنت، والمواقع على الشبكة اضحت تحتاج الى المطبوعات، وكما يقول المثل الاميركي "لا توجد كعكة تهبط من السماء". والواقع ان عدداً من المواقع العملاقة مثل غوغول راحت تبحث عن قنوات تلفزيونية وصحف ومجلات من اجل الترويج لمواقعها او تلك المتفرعة عنها، وفي هذا الصدد نشطت شركة يوتيوب وهو الموقع الأكثر شعبية على شبكة الانترنت لمقاطع الفيديو وتملكه شركة غوغل، على توقيع عقود مع وسائل إعلامية من بينها بعض الصحف والمجلات الاميركية، كما ان مواقع هذه الصحف والمجلات شرعت في نشر شرائط فيديو لاهم الاحداث التي تغطيها يصورها مصورون تابعون لهذه الصحف والمجلات، ولا يعرف ما إذا كانت مجلة "وول ستريت جورنال" ستلجأ الى هذه الوسيلة لاستقطاب اعلانات متلفزة ايضاً، ذلك ان الصحيفة تتكتم تماماً حول خططها الترويجية للإصدار الجديد. وثمة مسألة وردت حولها اشارة عابرة في حديث ماركوس براشلي مدير تحرير "وول ستريت جورنال" حول اهتمامات المجلة الجديدة، إذ قال إنها " ستتناول الطريق نحو صناعة الثروة" وفي هذا السياق يشار الى ان مجموعة من الشخصيات الشهيرة في اميركا يعملون في مجال الاستشارات للصحف والمجلات. وكان كشف النقاب قبل سنتين ان حاكم كاليفورنيا ارنولد شوارزنغر وهو ممثل في الاصل يتقاضى مليون دولار اميركي سنويا ثمن استشارات يقدمها لمجلات رياضية أميركية. وكشفت شركة "اميركن ميديا اوبريشنز" ان الممثل السابق والسياسي الحالي يحصل على واحد في المئة من المردود الاعلاني السنوي للمجموعة. وكان نشر هذه المعلومات أثار انتقادات حول تضارب للمصالح بين عمل شوارزنغر كسياسي ونشاطه كمستشار لمجلات رياضية. واذا استطاعت مجلة "بيرسوتس" ان تستقطب مستشارين من العيار الثقيل لكي يشرحوا للقراء كيف يمكن ان يصبحوا اغنياء، فإن كثيرين من "الفقراء" الذين تدغدغ احلامهم جمع ثروات طائلة ولو في الاحلام، سيقبلون ولا شك على هذه "المتابعة".