نحو بداية عصر جديد من «التكامل» بين الاعلامين «الجديد» و«القديم»

عام 2007 شهد صفقات اندماج وشراء لافتة .. ومزيدا من الاهتمام بالمنطقة العربية تحديدا

صفقة شراء شركة «نيوزكورب» التي يرأسها روبرت مردوخ لـ «داوجونز» كانت من أبرز أحداث 2007
TT

مع بداية العام الماضي، انشغل الوسط الاعلامي باختيار مجلة تايم لـ «شخصية العام» المثير للجدل، حيث خصصت غلافها السنوي لصورة جهاز كمبيوتر شاشته تحوي ورقا عاكسا للصورة بحيث يظهر وجه قارئ المجلة فيما يطالع الغلاف وكانت العنوان هو «شخصية العام...أنت»، أي «مستخدم الانترنت» حول العالم، حيث جرت العادة أن تختار المجلة سنوياً شخصية من حول العالم لاعطائها هذا اللقب الشرفي للشخص الذي كان الأكثر تأثيرا هذه السنة. وكانت هذه سابقة تحدث لأول مرة (لكون الشخصيات تكون عادة رؤساء أو رجال اعمال او فاعلي خير..الخ). وكان المقصود هو كل مستخدم للانترنت تعبيرا عن نمو تأثيرهم في صياغة الرأي العام وتحديد التوجهات العالمية، سيما مع نمو مفهوم «صحافة المواطنين»Citizen Journalism و«المحتوى المكون من قبل المستخدم»User Generated Content. وبعد فترة طويلة من الصراع، بات جليا مع انتهاء 2007 أن ان حقبة من «التكامل» بين الإعلام التقليدي (التلفزيون والراديو والصحف) والاعلام الجديد المتمثل بشبكة الانترنت باتت على الأبواب، فرأينا هذه السنة المحطات التلفزيونية تتسابق لفتح «قنوات» مجانية لها على موقع «يو تيوب» الشهير لملفات الفيديو (ومن بين هذه القنوات هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي») بعد ان كانت تلوح في الماضي بقضايا ضده، وأخرى مثل «إن بي سي» الأميركية اقتنعت بأن على التلفزيون مشاركة عرشه الذي شغله عطويلا فأعلنت في مبادرة لافتة طرح حلقات مسلسلاتها الأنجح مجانا عبر موقع الكتروني خاص اسمته «ان بي سي ـ دايركت»، واعتبر جيف جاسبن، رئيس مجموعة «إن بي سي»، في تصريح لـ«نيويورك تايمز» ان التحول من كون الشبكة هي المبرمج الى وضع التحكم في اوقات عرض البرامج ومكانها في يد المستهلك هو اكبر تحول شهده القطاع خلال الـ 30 عاما الماضية. وها هي ذات الشبكة تعلن قبل أيام انها ستبث حلقات اول مسلسل تلفزيوني، هو "كوارتر لايف"، بعد ان يتم عرضه حصريا على مواقع الانترنت مثل "ماي سبيس" و"يو تيوب. من جهتها نفذت قناة «سي إن إن» الأميركية مناظرات تلفزيونية بين مرشحي الرئاسة مع موقع «يو تيوب» بحيث يرسل زوار الموقع اسئلتهم المصورة عبر الموقع لتظهر على الشاشة وتطرح على المرشحين، وسجل ذلك «سابقة» في شكل التعاون بين التلفزيون والانترنت.

التعاون بين الاعلام والانترنت أخذ اشكالا مختلفة كذلك، ففي قضية الشاب الذي فتح النار على زملاءه في كلية «فيرجينا تك» الأميركية في إبريل (نيسان) الماضي، لعب موقع «فيس بوك» للتعارف الالكتروني دورا كبيرا في خدمة الصحافيين بحيث مكنهم من الوصول الى اقارب واصدقاء الطلاب المعنيين، و«فيس بوك» هو أحد أشهر مواقع الشبكات الاجتماعية social networking على الانترنت، استطاع خلال ثلاث سنوات أن يستحوذ على أكثر من 52 مليون مستخدم حول العالم، واشتراك أكثر من 150 ألف مستخدم جديد في الموقع يوميا، يتواصلون معا عبر صفحة شخصية خاصة بكل منهم، ويتشابكون بشكل يكاد يبدو هلاميا. ويبدو أن أكثر مستخدمي الموقع من الشباب وطلبة الجامعات والمراحل الدراسية المختلفة، الذين يسعون إلى التعارف وتكوين المجموعات والتجمعات التي تعبر عن آرائهم في الحياة، أو تكتلات خاصة بمجموعات منهم، أصدقاء، حلقة دراسية، زملاء رحلة صيف، محبي مطرب، غير أن الأمر لا يقتصر على الطلبة والشباب فستجد داخل «فيس بوك» أيضا عددا كبيرا من الإعلاميين الذين وجدوا في «فيس بوك» عالما آخر لهم، ينشرون من خلاله أعمالهم، ويبحثون عن قرائهم ومشاهديهم. على خط آخر، برزت في العام 2007 أحداث اعلامية لافتة، لعل ابرزها شراء امبراطور الاعلام العالمي روبرت مردوخ لشركة «داو جونز» مالكة صحيفة «وول ستريت جورنال» في أغسطس الماضي، وهو الأمر الذي رافقته ضجة كبيرة، لا سيما أن الصفقة التي كلفت شركة نيوزكورب، التي يرأسها مردوخ، أكثر من 5 مليارات دولارات، تمت بعد «صولات وجولات» عدة استمرت قرابة الـ 3 أشهر، وكان السبب الأساسي في ذلك اعتراض عدد من أفراد عائلة بانكروفت (اصحاب اسهم الاكثرية في «داو جونز») على الصفقة. الاعتراض الرئيسي كان خوفا على الـ«وول ستريت جورنال»، وهي المعروفة بسمعتها ورصانتها التحريرية، من تبعات امتلاك مردوخ، الذي تملك مجموعته قناة «فوكس» الإخبارية الأميركية المثيرة للجدل، وصحيفة «ذا صن» البريطانية الشعبية (تابلويد)، وحتى بعد إقرار الصفقة بقي عدد من افراد الاسرة معترضين، ومنهم من استقال من منصبه، كعضو مجلس الادارة، ليسلي هيل (وهي من سلالة اسرة بانكروفت ـ مؤسسة الجورنال)، التي قالت «إنه من السيئ للوول ستريت جورنال والصحافة الاميركية أن أسرة بانكروفت لم تتمكن من مقاومة عرض مردوخ المغري».. كما اثار الأمر قلقا داخل صالة التحرير، تسبب بدوره بعدد من الاستقالات، مثلما فعل توماس والكر الذي كان يعمل في قسم الأخبار الدولية في «وول ستريت جورنال» خرج من مبنى «داو جونز» بنيويورك، ليعلن استقالته قائلا: «لا أريد العمل لهذا الرجل»، قاصدا مردوخ. هذا فيما أعلنت شبكة «سي إن إن» الدولية التوقف عن استخدام خدمات وكالة رويترز، بعد 27 عاما من التعاون. واعتبرت رويترز ان الخطوة جاءت لغرض «خفض التكاليف والاستثمار في عمليات جمع الأخبار الخاصة بالشبكة الاخبارية» فيما اعتبرت «سي إن إن» أن الأمر هو «جزء من خطة استثمارية وضعت لدفع نشاطاتنا الدولية في جمع الأخبار، وزيادة عدد مواردنا حول العالم ما سيعطينا ملكية افضل للمحتوى مستقبلا». وبالفعل اعلنت قبل اسابيع عن توسيع عملياتها، تحديدا في منطقة الشرق الأوسط، حيث تؤسس مكتبا جديدا في ابو ظبي ذا خدمات انتاج وبث، اضافة الى تعيين مراسل ومدير مكتب جديد، اضافة لمكتبها الموجود في دبي، حيث يدار موقع «سي إن إن» العربي. الأمر اللافت الآخر كان الاعلان عن اندماج مجموعة القنوات «روتانا» التلفزيونية الفضائية مع قناة «ال.بي.سي» الفضائية اللبنانية، والاستعداد لطرحها في اكتتاب عام بأسواق الامارات خلال 2008, فيما أطلقت شبكة «المستقبل» اللبنانية قناة اخبارية متخصصة نهاية العام الماضي. عربيا كذلك، شهد العام 2007 ولادة قناة «إم تي في» العربية، بشراكة محلية مع المجموعة العربية للإعلام (إي. إم. جي) وذلك في نوفمبر الماضي. من جهتها حققت مجموعة "ام بي سي" نجاحا لافتا في شهر رمضان الماضي بمسلسلات مثل "طاش ما طاش" و"الملك فاروق" والجزء الثاني من مسلسل "باب الحارة"، وكانت المجموعة أطلقت في مطلع العام الماضي قناة جديدة هي قناة "أكشن" الخاصة بمسلسلات وأفلام الاثارة والتشويق الأجنبية. وقد وصل عدد الفضائيات العربية الى 370 محطة مجانية، وذلك بحسب احصاءات دراسة نشرتها مجموعة المرشدين العرب بالأردن في أكتوبر الماضي، وأظهرت الدراسة وجود 56 قناة عامة، و54 قناة موسيقية، وكشفت كذلك أن 22.2% تتخذ من الإمارات مركزا لها.