أميركا: المرشحون للرئاسة سوقوا أنفسهم كـ «ماركات».. فأي منهم كان «الماركة» الأفضل؟

باراك أوباما نجح في جمع تبرعات بقيمة 27 مليون دولار من حملته الإلكترونية

بدت العناوين الالكترونية للمرشحين بارزة في جميع المناسبات
TT

كما هو الحال مع أي «ماركة» أخرى، دخلت التطورات الجديدة في عالم التسويق معترك السياسة الأميركية بقوة، وظهرت جليا في حملات مرشحي الرئاسة التي بلغت ذروتها قبل أيام في «الثلاثاء الكبير» Super Tuesday. ولأن الكثيرين في عالم التسويق يعملون وفق قاعدة أن «المنتج ملك مُصنعه، فيما الماركة ملك للناس»، لم يكن بإمكان مرشحي الرئاسة سواء الديمقراطيين أم الجمهوريين منهم إهمال الميزات الهائلة التي توفرها لهم شبكة الإنترنت، فكما يعلم خبراء الحملات الدعائية، فإن هذه الوسيلة باتت الأكثر فعالية والأسهل مراقبة بين كافة الوسائل الأخرى، كما انها توفر «منصة» عملية وغير مكلفة كذلك لحركات الدعم الشعبي التي تنطلق بمعزل عن الحملات الرسمية التي يطلقها المرشحون أنفسهم، وذلك من خلال المدونات الشخصية blogs ومواقع التعارف الاجتماعي Social Networking مثل «فيس بوك» ومشاركة ملفات الفيديو مثل «يو تيوب».

وفي الأسبوع الماضي نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تعليقا حول هذا الموضوع من كريستيان فيري مساعد مدير حملة المرشح الجمهوري السناتور جون ماكين قال فيه «لا نستطيع سوى شراء مساحة محددة من الوقت التلفزيوني، ولا نستطيع فعليا سوى الذهاب الى كثير من الولايات، ولهذا فإننا بحاجة الى الاعتماد على الانترنت لنشر رسالتنا والمشاركة مع مؤيدينا».

ولا تختلف معظم مواقع مرشحي الرئاسة الإلكترونية عن مواقع أي ماركة تجارية معروفة من حيث المبدأ، ففي كلتا الحالتين هناك «سلعة» (هي في هذه الحالة المرشح الرئاسي) يراد «بيعها» مقابل دعم الناخبين المالي، واصواتهم يوم الاقتراع. ولاستعراض ما يمكن أن تفعله هذه المواقع، كشفت «واشنطن بوست» ان المرشح الديمقراطي باراك أوباما استطاع تحقيق رقم قياسي في جمعه 28 مليون دولار من تبرعات الداعمين، محطما الرقم السابق الذي حققه هاورد دين، الذي عرف بـ«أول مرشح انترنتي»، عام 2004 وكان المبلغ هو 27 مليون دولار. ويعلق خبير الدبلوماسية العامة، سيمون انهولت، وهو مؤلف كتاب Brand America لـ «الشرق الأوسط» بالقول ان ما اثبتته الحملات الإلكترونية من فعالية وقلة في التكاليف، قد تكون بداية النهاية للحملات ذات التكاليف الضخمة التي اشتهرت في الولايات المتحدة. وبتصفح غالبية مواقع المرشحين، تجد انها تتشابه في الغالب من حيث ما تقدمه، وتختلف بالتأكيد في المحتوى باختلاف التعهدات والأسس التي يقيم عليها المرشحون حملاتهم، لكنها جميعا تدعوك للـ«تسجيل» بها، وبذلك يحصل منظمو الحملة على معلومات عنك اضافة الى عنوانك، مما قد يسهل الاحصاءات او الاتصال بك لاحقا لضمان تصويتك... وحتى لو لم ترد التسجيل، واردت فقط ان تشتري كوبا او طاقية او تي شيرت تحوي اسم وصورة مرشحك المفضل، فأنت أيضا تعطيهم بياناتك مما قد يسهل الاتصال بك لاحقا كذلك. من جهة ثانية، كان هناك توجه للاستفادة القصوى من التطورات الجديدة في عالم تصميم المواقع، مثل فتح مجال للمدونين، وربط المواقع بـ«فيس بوك» و«يو تيوب» و«فليكر»، اضافة الى تخصيص مساحات خاصة لآخر الأخبار، و«تصحيح» المعلومات الخاطئة التي قد يتداولها الإعلام، والبومات الصور.. إضافة الى توفير نسخ مطابقة من المواقع باللغة الاسبانية في غالبية الاحيان.

ولا يوجد أي مؤشر يدل على مدى أهمية المواقع الرسمية للمرشحين بالنسبة اليهم أكثر من مراقبة صورهم على منصات التحدث، فنادرا ما تجد اسم المرشح يدون عنوان موقعه الالكتروني اسفله... وفي بعض الأحيان اكتفى مرشحون بذكر عناوين مواقعهم من دون اسماءهم او شعارات حملاتهم. نقاط عدة كانت لافتة من جهة أخرى بالنسبة للمراقب، فتقارب شعارات حملتي المرشحين الديمقراطيين باراك أوباما وهيلاري كلينتون، فالأول كان شعاره «تغير نستطيع الإيمان به»، والثانية كان شعارها «جاهزة للتغيير»، واللافت كذلك أن كثيرا من المناصرين آمنوا بهذه الشعارات لدرجة انهم رفعوها على لافتات من دون حتى ذكر اسم المرشح، بحيث اصبح الشعار رديفا بديهيا للمرشح الذي يناصره الشخص بالنسبة للكثيرين، وهو دليل بجميع الأحوال على مدى قوى الشعار. لكن، أي من المرشحين شكل الـ«ماركة» الأفضل؟ يقول سيمون انهولت في مدونته المنشورة على موقعه الخاص على الانترنت بأنه يميل بلا شك لباراك اوباما.

ويضيف بأن الأمر متعلق الى حد ما بالجنس واللون، وإلى حد ما بالسياسات التي يعتزمون اتباعها، لكن إلى حد كبير بمدى «رجولة» و«انثوية» كل منهما.

فهو يرى أن مشكلة أميركا بحد ذاتها كـ«ماركة» تكمن في وجود «زيادة» بـ«هورمون التستسيرون» السياسي، وأن ما تحتاجه هو القليل من الـ«استروجين». لكن ذلك لا يعني أن انهولت يرى بالضرورة أن هيلاري هي الـ«ماركة» المناسبة لقيادة أميركا، حيث يضيف ضاحكا: «كل من يعتقد أن كون هيلاري امرأة يعني سياسات أكثر نعومة... عليه أن يتذكر (رئيسة الوزراء البريطانية السابقة) مارغريت ثاتشر».

ويوضح انهولت بأن أوباما لديه خصال انثوية (الحرص على احترام الثقافات، ويبدو هادئا وحنونا)، فيما يقول انهولت لـ«الشرق الأوسط» بأن هيلاري لديها من خصال الرجولة كما يفوق ما كان عليه زوجها الرئيس الاسبق، بيل. فهو يرى أنها تتمتع بالشراسة. لكن إن كانت هذه رؤية انهولت، وهو خبير بريطاني في الدبلوماسية العامة، وهي تعكس «تمني» المجتمع الدولي لكيف يجب أن تكون أميركا، فذلك لا يعني أن الأميركيين يوافقون على ذلك بالضرورة.