«هاف بوست».. صحيفة في مدونة

تطمح في منافسة «ياهو» و«أميركا أونلاين» و«سي إن إن»

هافنجتون بين العاملين في (صحيفة الانترنت) وفي الاطار أريانا هافنجتون
TT

قالت أريانا هافنجتون، الأسبوع الماضي، وهي تحتسي قهوة مثلجة في مكاتب هافنجتون بوست: «لقد دعاني آري إمانويل أمس لمناقشة فكرة عمل مدونة».. من نواح عدة، كانت عبارة هافنجتون هذه كلاسيكية تمزج بين احتفالية هوليوود (إمانويل وكيل سينمائي شهير)، والسياسة المحلية.

وعندما أعلنت هافنجتون، البالغة من العمر 57 عاما، وهي كاتبة وناقدة محافظة سابقة، خططها بشأن «هافنجتون بوست» منذ ثلاث سنوات، استبعد الكثير من النقاد الفكرة، لكن الفكرة تطورت بصورة لم يتوقعها الكثيرون.

وقد جذبت «هافنجتون بوست» في فبراير (شباط) الماضي، نحو 3.7 مليون زائر حسب نيلسن أونلاين، وبذلك فإنها قد تفوقت على تقرير «درادج» الذي كانت تقارن به دائما، وعلى «تكنوراتي»، وهي أداة بحث مدونات. وكانت «هافنجتون بوست» في المرتبة الثانية بعد موقع التقنية تك كرانش. وكما قال روي سيكوف محرر الموقع: «لقد أردنا دائما أن نكون جزءا من الحوار الأهلي».

وترمز «الهاف بوست» كما هي معروفة إلى مزيج محدد يخلق علامة وعملا لهافنجتون، لكن كان لديها وشريكها المؤسس كينيث ليرار، طموحات أكثر. ففي السنة الماضية، قدما مجالات محتوى جديدة مخصصة لموضوعات من الترفه والعمل، كذلك ثلاثة مجالات أخرى هي: الأخبار الدولية والرياضة والكتب ـ تظهر قريبا.

وتقضي هافنجتون نفسها الآن وقتا أقل على المدونات التي تناهض إدارة بوش (على الرغم من وجود الكثير من ذلك)، وتقضي وقتا أكثر في إعادة تصور «هافنجتون بوست»، أو كما تطلق عليها «صحيفة الإنترنت». وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وظف الموقع رئيسة مجلس إدارة جديدة هي بيتسي مورجان، وسوف يقوم الموقع بخطوة مهمة هذا الصيف تتمثل في تقديم نسخته من قسم ميتروبوليتين: نسخ محلية من المدن الرئيسة.

وهناك سؤال كبير بشأن ما إذا كان القراء سوف يتبعون المجالات الجديدة للموقع. وسوف تضع الخطة «هافنجتون بوست» في منافسة مع صحف موجودة وشركات مثل «ياهو» و«أمريكا أونلاين» و«سي ان ان».

ويقول مايكاه سيفري محرر مدونة TechPresident.com، إن «النجاح على الويب مرهون بتحديد الجمهور وخدمتهم جيدا. فهل سيتجه الأفراد إلى «هافنجتون بوست» للعثور على الأخبار الرياضية؟ لا شك أنهم لن يذهبوا ليروا ما تقوله آريانا عن يوم الافتتاح». ولا يجب أن تفاجئ جرأة الخطة أي شخص يعمل في مجال السيدة هافنجتون.

وتعمل هافنجتون دائما في منزلها بلوس أنجليس بجوار نار التدفئة في المنطقة الغنية برنتوود (ويعمل الموظفون الستة من الساحل الغربي من منزلها كذلك). في الأسبوع الماضي، كانت في نيويورك تقابل الموظفين وتحضر مقابلات مع «ايه بي سي»، وتتحدث عن السياسة على الإنترنت في جامعة نيويورك. وعندما قدمت «هافنجتون بوست» في مايو (أيار) 2005، مزجت مداخلاتها بمداخلات المشاهير. وهي تفضل القول بأن لديها «العديد من الأصوات الجذابة».لكن غالبا ما تخبو المدونات لأن منشئيها يسأمون منها والعديد من الأسماء الشهيرة التي نشرتها هافنجتون عام 2005، لم تستمر. وهؤلاء الذين يسهمون يحصلون على مقادير متفاوتة من الشهرة على الإنترنت، فالعديد منهم يتلقى أقل من 10 آلاف مشاهدة، لكن عندما تكون المداخلات على الصفحة الأولى، فإن الموقع يعتبر مكانا جيدا للشهرة ويعطي المزيد من الظهور للكاتب. وقد ألمحت هافنجتون إلى «أننا كنا ناجحين في بيع الكتب للأفراد».

وأفادت هافنجتون التي تعمل كرئيسة للتحرير، بأنها لم يكن لديها هدف محدد لعدد الزيارات للموقع، لكنها كانت تبحث عن «عدم مجرد الكلام للجمهور»، ولكن مخاطبة المهتمين بالسياسة. وعندما وصلت رئيسة مجلس إدارة الموقع بيتسي مورجان، في الخريف المنصرم، جذبت الانتباه في الحال من خلال ازدياد عدد الزيارات اليومية وزيادة العوائد الأسبوعية والشهرية. وقد زار الموقع 1.8 مليون شخص في ديسمبر (كانون الأول)، و2.9 مليون في يناير (كانون الثاني)، و3.7 مليون في فبراير (شباط)، حسبما أفادت نيلسن أونلاين.. (وتزيد الأعداد الداخلية بكثير، ويرى العديد من الناشرين على الإنترنت أن الأرقام التي تفيد بها نيلسون أقل من الواقع). ويعزو الموظفون الفضل لهذا النمو إلى التحركات التي قام بها معلق الموقع على محركات البحث الشهيرة مثل «غوغل» و«ياهو». ومعظم الزيارت تحدث الآن بسبب الصفحات غير السياسية. وقد أفاد ليرار العضو المؤسس بقوله: «في البداية كان الوضع متأزما. لقد كانت الصفحة السياسية في البداية ثم تبعتها التغطية الإعلامية من خلال أقسام للمعيشة والترفيه». وقال إنه نظر إلى قسم مطبوع من الصحيفة كنموذج. وقد غير الموقع من شعاره هذا العام ليصبح «صحيفة الإنترنت».

وقد أتت المغامرة بثمارها في الأشهر الأولى حسبما يقول المديرون التنفيذيون، لكن معظم العوائد أعيد استثمارها لتوظيف محررين ومراسلين وممثلي إعلانات. وقد قدر ليرار أن الاستثمارات سوف ترتفع بمقدار 6 ملايين دولار لتصل إلى 10 ملايين دولار هذا العام، أي ضعف العام الماضي. وقد عزز توسع مجالات المحتوى وتوظيف رئيس مجلس إدارة جديد من التوقعات بأن هافنجتون سوف تبيع الموقع بعد الانتخابات. وفي مقابلة معها، استبعدت إمكانية ذلك قائلة: «لم نناقش الموضوع».

وحسب شخص اطلع على المناقشات، لكن لم يسمح له بالتحدث، فإن الشركة قد نظرت إلى قيمة الموقع لو عرض للبيع وكان التقدير مقاربا لنحو 200 مليون دولار. سوف يجعل ذلك سعر الزيارة الواحدة 50 دولارا وهي قيمة عالية. وباستخدام أرقام الإنترنت الخاصة بالموقع، فربما يكون مقابل كل زيارة أقرب إلى 15 دولارا. وفي هذه الأثناء، تعاني «الصحيفة» من متاعب متفاقمة. فقد تركها عدد من الأفراد خلال العام الماضي، ويرجع ذلك ـ حسب قول ليرار ـ إلى صعوبة تحويل موظفي «الإعلام القديم».

وقد عانى الموقع من تحديات أخرى. وعلى الرغم من أن عدد الزيارات له ما زال مرتفعا، إلا أن عدد الزوار الذين يزورون صفحة واحدة ما زال مرتفعا كذلك. وما زالت «درادج» تسجل سبعة أضعاف زيارات «هافنجتون» مما يعني أن القراء يرغبون دائما في تحديث العناوين. وترفض هافنجتون وزملاؤها المقارنات، وتقول إن «الصحيفة» ترغب في أن تكون مجتمعا وليس مجرد مجموعة من الروابط. ومع ظهور عدد من المواقع، لا سيما مواقع الأخبار المحلية، فسوف يحاول الموقع العمل كأمين على الإنترنت عن طريق تميزه ودمج مدخلات المنتديات ووضع أخبار وروابط جديدة وغيرها من المصادر الأخرى. يقول روي سيكوف: «انظر إلى «ياهو» أو «غوغل» أو «سي ان ان». اترك اسم العلامة وانظر إلى العناوين، وسوف تكون متشابهة. لكن إذا تركت اسم العلامة والشعار الخاص بـ«هافنجتون بوست»، فربما تتعرف علينا».

* خدمة «نيويورك تايمز»