طومسون رويترز.. ولادة ماركة جديدة

اسمان تجاريان عريقان في مجال الإعلام يتحدان ليكونا كيانا عملاقا جديدا

توم غلوسر رئيس مجلس ادارة طومسون رويترزـ خلال الاعلان عن ولادة الماركة الجديدة في ساحة «تايمز سكوير» بنيويورك الأسبوع الماضي (الصورلـ: رويترز)
TT

منذ سنوات، كان عمل شركة طومسون في مجال نشر الصحف عملا متواضعا حيث يقع مقرها الرئيس في تورنتو. وكان تطوير الشركة يسير بخطى بطيئة في ذلك الوقت. ولكن لم تكن الحال هكذا في الأسبوع الماضي عندما استحوذت الشركة التي أصبحت تعمل في تقديم البيانات الإلكترونية في مجالات مختلفة مثل المالية والبيانات الطبية والقانونية، على وكالة أنباء رويترز، التي تقدم المعلومات المالية كذلك. وقد تم تزيين كافة محطات قطارات الأنفاق في نيويورك وتورنتو ولندن باسم الشركة الجديدة، طومسون رويترز، وشعارها الجديد، وكذلك الأمر مع البنايات الخاصة بالبورصات الشهيرة في هذه المدن. وقد احتل الشعار معظم الشاشات الإلكترونية في ميدان التايمز أثناء ظهور الرئيس التنفيذي توماس جلوسر خلال التغطية التلفزيونية لأول يوم على دمج مجموعة الشركات التي يعمل بها 50.000 موظف. وتعكس رغبة طومسون في زيادة حجم الشركة المحلي إلى 16.6 مليار دولار مرحلة من عصر سهولة الوصول إلى المعلومات واشتداد المنافسة بين الشركات لتحقيق المزيد من الأرباح. ويقول جوستاف كارلسون وهو المسؤول الأول عن التسويق في شركة طومسون رويترز: «إننا ننظر إلى ذلك على أنه فرصة كبيرة لأن نكون علامة تجارية قوية في صناعة المعلومات العالمية. إننا لا نقوم بجمع المعلومات فحسب. إن الثورة الاستراتيجية التي تقوم بها شركة طومسون تشمل المعلومات المطبوعة والرقمية وهي الآن تقوم بتقديم المعلومات الذكية». وقد شملت شركة طومسون القابضة للنشر يوما ما صحيفة التايمز اللندنية وجلوب وميل في تورنتو ومجموعة من الصحف الصغيرة غير المشهورة. ولكن مع الابتعاد عن الصحف المطبوعة والتوجه نحو النشر الرقمي، فإن شركة طومسون قد أصبحت تقف على النقيض من شركات مثل «غوغل» التي تتعامل مع المعلومات على أنها سلعة لا تتكلف شيئا ويمكن بيع الإعلانات من خلالها. لكن طومسون قامت بالتركيز على بناء قاعدة بيانات ضخمة من المواد التي لا تلقى إقبالا من جانب معظم الأفراد لكنها تمثل قيمة كبيرة للمحترفين، وتقوم الشركة بالدفع في مقابل الحصول على هذه المواد حسب أسعارها. ومنذ وقت قريب، تم دمج البيانات في أنظمة تقوم بفحصها وتنظيمها وفي بعض الحالات تقديم مقترحات للمستخدمين حول الإجراء الذي يمكن اتخاذه. فالمحامي الذي يقوم ببحث قضية تحتوي على جانب متعلق بمرض ما على سبيل المثال، يمكن أن يحصل على معلومات من الشركة حول هذا المرض، بالإضافة إلى الإجراءات القانونية المتعلقة به. وقد استثمر طومسون كذلك في شركات الذكاء الصناعي لتطوير برامج يمكنها أخذ البيانات والأخبار واتخاذ قرارات تجارية أسرع من البشر. ويقول السيد كارلسون وهو المسؤول الأول عن التسويق في شركة طومسون، والذي سيشغل منصب نائب الرئيس إلى جانب منصبه في الشركة الجديدة: «إن الأفراد مستعدون للدفع في مقابل ذلك».

وباستحواذها على وكالة رويترز، فإن شركة طومسون سوف تكون بحجم شركة بلومبيرغ في مجال خدمات المعلومات المالية حيث ستستحوذ كل من الشركتين على نحو ثلث السوق. وقد كانت رويترز منافسا مباشرا لطومسون في بعض جوانب السوق، ومن شأن الاستحواذ عليها أن يعطي طومسون قدرة جمع أخبار هائلة لتضيفها إلى قواعد بياناتها وإحصاءات السوق الخاصة بها. وقد حازت رويترز على شهرة أكبر. ويرجع ذلك إلى تاريخها الطويل. فقد بدأ مؤسسها بول جوليوس رويترز في العمل عام 1851 من خلال استخدام التليغراف لبيع أسعار الافتتاح والإغلاق من البورصات الموجودة في لندن بالإضافة إلى بعض الأخبار العسكرية والأخبار العامة إلى رجال الأعمال في هذه المدن. (وقبل انتقاله إلى لندن، كان رويترز يعمل في المضاربات الأوروبية التي كانت تعتمد على الحمام وارساليات الخيل).

ثم حدث التطور في الشبكة الدولية للمكاتب الإخبارية وتم التحول إلى الأخبار العامة التي رفعت من حجم أعمال رويترز وأرباحها. ومنذ تأسيسها، شهدت الشركة العديد من عمليات إعادة الهيكلة. وخلال الحرب العالمية الثانية، تحولت الشركة إلى مؤسسة غير ربحية، وكان يمتلكها بعض الناشرين البريطانيين بمن فيهم طومسون في وقت من الأوقات. ثم أعاد جلوسر رويترز إلى طبيعتها كمصدر رئيس للمعلومات والبيانات وقام بتطويرها لتصبح مؤسسة تجارية ناجحة. وقبل الاندماج، كانت عمليات الشركة من الأخبار العامة تمثل 5 إلى 7 بالمائة فقط من عوائدها. وقد أفاد كل من كارلسون وآندي باتمان الرئيس التنفيذي لشركة إنتربراند في نيويورك اللذين أسسا الهوية الجديدة للشركة، بأن شركة طومسون لم تطلب هي ولا العائلة وضع اسمها كاسم للشركة. وقد أشار كارلسون إلى أن عائلة طومسون لم تكن تشعر بالقلق تجاه تاريخ الشركة الخاصة بهم عندما تعلق الأمر بتسمية الشركة الجديدة. وبالإضافة إلى العمل في الصحف، فقد عملت شركة طومسون في مجال الأغذية والإذاعة والنقل. لكن باتمان يقول إن البحث قد توصل إلى أن اسم الشركتين معروف تماما في الأسواق المستهدفة الخاصة بهما، فلم يتم الاستغناء عن أي منهما. وسوف يحتفظ عدد كبير من الخدمات مثل وكالة رويترز للأخبار العامة، بأسمائها التقليدية كعلامات تجارية فرعية. ولزيادة حجم عمل الشركة، فسيتم نقل المقر الرئيس من ستامفورد بكون إلى مبنى رويترز في ميدان التايمز. (على الرغم من أن شركة طومسون تعمل من الناحية الفنية في تورنتو حيث تعيش عائلة طومسون، إلا أنه تمت إدارتها من الولايات المتحدة لعدة سنوات).

وعلى الرغم من أن الظروف الراهنة في سوق العمل ليست هي ما كانت تطمح إليه طومسون عندما أعلنت عن استحواذها على رويترز منذ نحو عام، إلا أن ديفيد ورلوك وهو زميل أبحاث يقيم في لندن ويعمل في شركة أويتسيل وهي شركة تعمل في مجال تتبع النشر الإلكتروني، متفائل بشأن الخطط على المدى البعيد. لكن ورلوك الذي عمل كرئيس تنفيذي لشركة طومسون لنحو 17 عاما، أكثر تشككا في قيمة اعتماد هوية طومسون على هذا الاسم الكبير. وهو يتذكر أن روي طومسون الذي أسس الشركة عام 1934 لم يكن يحب عمليات الاستحواذ على شركات ذات علامات تجارية مشهورة. وهو يقول إنه إذا استطاع ديفيد طومسون القائد الحالي أن يسأل جده عن قيمة إعادة تسمية العلامة التجارية «فإنه كان سيقول: ما عدد الدولارات التي سوف أربحها بإضافة اسم رويترز؟ لا شيء».

* خدمة نيويورك تايمز خاص بـ «الشرق الأوسط»