«رايترز دايجست»: حين يصبح الجميع كتابا وناشرين

تفتح باب الشهرة أمام الكثيرين وتقدم لهم النصائح

مجموعة من أغلفة رايترز دايجست («الشرق الاوسط»)
TT

نشرت، في الاسبوع الماضي، صحيفة «يو اس توداي» مقابلة مع وولتر مايرز، مؤلف رواية «شروق الشمس فوق الفلوجة». عمره سبعون سنة، ولم يذهب الى العراق، لكنه اعتمد على صور وتقارير عن استرداد القوات الاميركية للفلوجة سنة 2005. وقال: إن الرواية على خطى رواية «ملائكة يسقطون» التي كتبها، قبل عشرين سنة، عن حرب فيتنام التي اشترك فيها.

خلال خمسين سنة، اصدر مايرز اكثر من ثمانين رواية، بعضها للصغار، وبعضها للكبار. منها: «سكوربيون» (العقرب)، و«ان داركنس» (داخل السواد)، و«هارلم» (حي الزنوج في نيويورك).

وقال مايرز في المقابلة انه مدين لمجلة «رايترز دايجست» لانها، اولا، ساعدته على طريقة كتابة الرواية، وثانيا، نشرت مقتطفات من رواياته. قبل خمسين سنة، بدأت علاقته مع المجلة. كان عمره عشرين سنة، وكان جنديا في القوات المسلحة، عندما شعر انه يحب الكتابة، خاصة كتابة الروايات. قال: «كنت اقرأ رايترز دايجست، وأحسد الذين يكتبون فيها، والذين تعرض كتاباتهم. ويوما، قلت لنفسي: كل الذين تنشر لهم رواياتهم بيض. انا اسود، وربما اذا عرفوا انني اسود، وان كتاباتي لها لون ثقافي معين، سينشرونها».

وفعلا، ارسل رواية «أين ذهب اليوم؟» عن سنواته في القوات المسلحة. لم تنشرها المجلة فقط، بل، ايضا، ارسلت له خمسمائة دولار. وكان وكأنه كسب مليون دولار. ولم يمر وقت طويل حتى اصدر اول رواياته: «أين ذهب اليوم؟» لكن مايرز ليس الوحيد الذي يدين لمجلة «ريدرز دايجست».

في الشهر الماضي، اعلنت ريجين دوبونو نفس الشيء. وكانت، في السنة الماضية، اصدرت رواية «قلوب وارواح». وعرضت المجلة الرواية، وزادت شهرتها.

في الحقيقة، لم تكتب المجلة غير ست جمل عن الرواية، هي: «هذه قصة مشاكل عاطفية تواجهها امراة حديثة ومتحضرة في قلب مدينة كبيرة. انها نظرة فلسفية، فيها تطلع، وفيها توتر في نفس الوقت. انها عن افراح واحزان الزواج، بل الحياة نفسها. يقدر القارئ على ان يعيش الحطام العاطفي لنزوات هنا وهناك. ليس كل الكتاب يأس. فيه أمل للمستقبل». وهكذا، ساعدت هذه الجمل الست على شهرة امرأة لم تكن كاتبة روايات، ولم تتخرج في ارقى الجامعات. تخرجت في جامعة ديكنسون (ولاية نيوجيرسي). وعملت بمعمل كيميائي، ثم في مكتب لبيع وشراء العقارات. لكنها الآن كاتبة روايات مشهورة.

وبعد سنتين من تأسيس مجلة «رايترز دايجست» تأسست مجلة «ريدرز دايجست». تخصصت الثانية في نشر مقتطفات من مجلات اميركية، وتخصصت الاولى في نشر مقتطفات من روايات اميركية. وفي تشجيع القراء على كتابة روايات.

كان اسمها «الكاتبة الناجحة»، وبعد سنة غيرت الاسم الى «رايترز دايجست».

تمتلك المجلة شركة «اف دبليو» للنشر، ومركزها في سنسناتي (ولاية اوهايو)، وتتخصص في نشر كتب ومجلات «استهلاكية»، اي لها صلات مباشرة بحياة الناس وبعامتهم. ويشمل الجزء الكبير من نشاط الشركة اقامة معارض، ومتاحف، ومنافسات اجتماعية وثقافية. وكتابة كتب من نوع «دو ات يورسلف» (اعملها بنفسك)، مثل: كيف تصنع رفوفا؟ وكيف تصلح بابا؟ وكيف تضع زيتا في سيارتك؟

وقال ديفيد نوسبوم، رئيس الشركة: «هدفنا هو تشجيع الانسان العادي ليكون متحمسا في الحياة، وليزيد امله، وليجد في مطبوعاتنا ونشاطاتنا ما يفيده في حياته اليومية».هذه عناوين مجلات تصدرها الشركة: «انتيك تريدور» (تاجر الآثار)، و«كوينز» (جمع العملات)، و«ستامبز» (جمع الطوابع)، و«فاميلي تري» (شجرة انساب العائلة)، و«دير هانتنغ» (صيد الظبي).

هذه محتويات آخر عدد من «رايترز دايجست»: مقابلة مع مؤلفة روايات. قصيدة. كيف تؤلف رواية للاطفال؟ تقدر على ان تنشر كتابا حتى بعد الخمسين. الوصايا الاربع لكتابة جمل رائعة. دليل كتاب الاعمدة لتوزيع اعمدتهم. الفائزون في منافسة الروايات القصيرة. وفي عصر الانترنت، افردت المجلة صفحات للكتابة «المحترمة» في الانترنت، وللنجاح في «البلوقز». وفي آخر عدد، اعلنت المجلة بداية مسابقة نشر الكتب الجديدة. هذه هي السنة السابعة والسبعين التي تنظم فيها المجلة هذه المسابقة، بهدف تشجيع الذين يريدون نشر كتب، لكنهم لا يعرفون كيف، او لا يقدرون على مواجهة الكتاب المشاهير، او لا يمتلكون الامكانات المالية لتحقيق ذلك.

في مسابقة هذه السنة، تتوقع المجلة ان يتقدم اكثر من مائة الف شخص باسهاماتهم. وقالت المجلة انها ستختار احسن الف مشروع كتاب، وستوزع على الفائزين جوائز تزيد جملتها على ثلاثين الف دولار.

يذكر انه من بين الذين فازوا في مسابقة السنة الماضية: اروس كلارك (32 سنة). قالت انها احبت الكتابة منذ ان كان عمرها سبع سنوات. وذلك عندما كتبت على ورقة اسم كتاب، وعناوين محتوياته، ومقدمته، وخلاصته. وعندما بلغ عمرها ثماني سنوات، كتبت اول رواية: عن اطفال صعدوا الى سطح منزل، ثم خطفتهم مخلوقات غريبة من الفضاء الخارجي.

في السنة الماضية، فازت كلارك بالمرتبة الاولى في مسابقة «رايترز دايجست» برواية «صلوات سالاماندر (حيوان غريب، مثل ثعبان)» وكانت واحدة من ستة عشر الف رواية اشتركت في المسابقة. جزء منها خيال، وجزء منها واقع، عن قتل فتاة في الحي الذي كانت تسكن فيه عندما كانت صغيرة. واختارت اسم الحيوان الغريب لانها حاولت، في تلك السنة المبكرة، فهم تعقيدات احاسيس الصبية وهي تقتل، واحاسيس قاتلها، وحزن اهلها، وردود فعل المجتمع.

وهكذا، فتحت مجلة «رايترز دايجست» باب الشهرة امام كلارك التي لم تشتهر من قبل. وعرف العالم انها اميركية تعيش في نيوزيلندا. وانها ربة بيت تربي طفلين. وانها، مؤخرا، دخلت الجامعة لتنال ماجستير في الادب الانجليزي.

من جهة ثانية ولأن شعار «رايترز دايجست» هو «اكتب، وانشر». ولأن النشر صار، في عصر الانترنت، الكترونيا ايضا، يحتوي الموقع على ارشادات تشجع متصفح الانترنت لينشر فيه، وليؤسس موقعا او «بلوقا».

في الاسبوع الماضي، كتب كيفين الكسندر: في نهاية سنة 2006، سألني رئيس التحرير اذا كنت اريد ان اؤسس موقع «بلوق». قلت له انني لست مؤهلا. واعتقد ان الكبار والمشاهير هم الذين يفعلون ذلك. او المراهقين والمراهقات. وقلت له انني لا اعرف كثيرا عن الانترنت، بل، كدليل على جهلي، اسميه «انترانت». ترددت كثيرا، وشاورت اصدقائي الذين يعرفون اكثر مني في هذا المجال. ثم قبلت العرض. ووجدت من المجلة كل المساعدة.

بعد ان اسس الكسندر موقع «بلوق»، صار كاتبا في مجلة «رايترز دايجست» بعد ان نشر فيها تجربته مع «البلوق».

وامثال الكسندر كثيرون. مثل المجلة، ينصح الموقع الناشرين الجدد، ويقدم لهم ارشادات عن الكتابة في الانترنت، ومراجعة ما يكتبون.

ومؤخرا اجاب المسؤول عن الموقع على اسئلة مثل: ما هي اهم نصيحة افادتك؟ «تعلم كلمات جديدة كل يوم، واكتبها، للاستفادة منها في المستقبل». بماذا تؤمن وانت تكتب؟ «فن مميز للكتابة. اتخذ لنفسك فنا خاصا لتتميز عن غيرك». ما هو اكبر خطأ يرتكبه الناشرون الجدد؟ «الاعتقاد بانهم اشتهروا بما فيه الكفاية». ماهو رفيق كتابتك؟ فنجان قهوة من ستارباك».