عرش أوبرا .. يهتز

على الرغم من حفاظها على إمبراطوريتها الإعلامية.. يبدو أن المذيعة الشهيرة بدأت تفقد بريقها

أوبرا وينفري
TT

لقد انخفضت نسبة مشاهدة برنامج «أوبرا وينفري شو» بحوالي سبعة في المائة هذا العام، وفقا لمركز أبحاث Nielsen Media Research، وذلك الهبوط هو الثالث على مدى ثلاثة أعوام.

وكان برنامج «أوبرا بيج جيف»، وهو برنامج إنساني واقعي تنتجه قناة «ايه بي سي» (ABC)، قد تفوق على جميع البرامج التلفزيونية، ماعدا برنامج «أميركان أيدول»، في أول أسبوع له هذا الشتاء. ولكنه، وفقا لمركزالأبحاث، فقد حوالي ثلث المشاهدين تدريجيا أثناء عرضه على مدار ثمانية أسابيع.

كما انخفضت نسب توزيع مجلة أوبرا «O» بنسبة أكثر من 10 في المائة في الأعوام الثلاثة الماضية، وذلك وفقا لمكتب مراقبة المطبوعات. وتبحث المجلة الآن عن رئيس تحرير جديد بعد تقاعد ايمي غروس، التي ظلت مشرفة عليها لمدة طويلة.

وبينما ما زالت أوبرا تحمل العصا السحرية فيما يتعلق بالدعاية للكتب والمنتجات، إلا أن اختياراتها الأخيرة أثارت انتقاد محبيها، حيث اتجهت إلى مذهب الروحانية الجديد وإلى السياسة التي تشكل خطورة أكبر. فقد انصرف عنها بعض السيدات من ذوات البشرة البيضاء متوسطات الأعمار واللاتي يشكلن جزءًا كبيرا من جمهورها بعد تأييدها للمرشح الرئاسي باراك أوباما، حيث تؤيد الكثيرات منهن السيناتور هيلاري كلينتون.

وتقول جانيس بيك، الأستاذ المساعد في الإعلام بجامعة كولورادو ومؤلفة كتاب «The Age of Oprah» (عصر أوبرا) الذي يتناول ثأثير أوبرا الثقافي: «لقد كانت منذ وقت ليس بطويل مثل البابا».

لكن منذ إعلان تأييدها لأوباما، أصبحت رسائل النقد الغاضبة تجاه موقفها السياسي هي السمة المميزة لمنتدى موقع أوبرا. وتقول بيك: «هناك الكثير من محبيها غير الديمقراطيين أو من مؤيدي هيلاري كلينتون الذين شعروا بالخيانة».

وتأتي نسب المشاهدة المنخفضة أثناء قيام أوبرا بالإعداد لأكبر مشروعاتها: وهو شبكة أوبرا وينفري (OWN)، وهي قناة يجري إنشاؤها بالاشتراك مع شركة «ديسكفري». ولن يكون من ضمن برامجها «أوبرا شو»، الذي يخضع لعقود مع محطات حالية حتى عام 2010. وستعكس برامج هذه الشبكة رؤية أوبرا فيما يتعلق بما تسميه هي «برامج التمكين».

وقد صرح تيم بينيت، رئيس شركة هاربو للإنتاج، وهي أول مشروع تجاري تقيمه أوبرا، في لقاء معه أن جميع مشروعات أوبرا مزدهرة، ونفى أن يكون تأييد أوبرا لأوباما قد تسبب في مشاكل. وأشار إلى أن عدد مشاهدي برنامجها اليومي ما زال يفوق مشاهدي البرنامج التالي المنافس له «دكتور فيل»، ويقدمه دكتور فيل ماكغراو الذي قدمته أوبرا بنفسها إلى عالم البرامج. ويقول بينيت إن أي هبوط في نسب مشاهدة برنامج أوبرا يعود إلى قلة أعداد مشاهدي التلفزيون بصفة عامة. وقال أيضا: «تلك المحطات تدفع لنا الكثير مقابل بث هذا البرنامج، فإذا كانت أوبرا قد فعلت أي شيء من شأنه تخفيض مواردهم، فسيقولون لنا كفى. ولكننا لم نتلق أدنى ردة فعل».

وقالت شركتها إن أوبرا كانت في جنوب أفريقيا في الأسبوع الماضي، ولم تكن موجودة للتعليق كما كانت تعقد مقابلات مع المرشحين للإشراف على مدرسة أوبرا وينفري للفتيات التي أقامتها وترعاها هناك. تلك المدرسة ذاتها جلبت دعاية سلبية لأوبرا في العام الماضي، حيث اتُهمت إحدى العاملات في المدرسة بإساءة معاملة ست طالبات على مدار أربعة أشهر. ومن المقرر أن تعقد جلسة محاكمة الموظفة السابقة، التي أنكرت التهم الموجهة إليها، في يوليو. وعارض بينيت فكرة أن أوبرا قد تعاني من كثرة تعرضها للشهرة، على الرغم من أن امبراطوريتها قد اتسعت مؤخرا إلى برنامج إذاعي عبر القمر الصناعي واتفاق مع شركة «ديسكفري» لإطلاق محطتها الجديدة. ويضيف بينيت: «لم أشهد من قبل شخصا على اتصال بالجمهور مثل أوبرا. فهي تسير بخطى محسوبة».

وقال كل من بينيت وستيفين مكفرسون، رئيس محطة ABC، إن الموسم الثاني من برنامج «أوبرا بيج جيف» كان سيحقق نسب مشاهدة عالية. وأضاف مكفرسون للصحافيين هذا الشهر عند الإعلان عن جدول برامج المحطة: «كنا نحب البرنامج، وكنا نريد أن نكمله، ولكن أوبرا لم تكن ترغب في ذلك». وطبقاً لما ورد عن «معهد نيلسن للأبحاث الإعلامية»، فإن الحلقة الأولى من برنامج «الخمس الكبار لأوبرا» اجتذبت 15.7 مليون مشاهد، ليحتل بذلك المرتبة الثانية من حيث عدد المشاهدين خلال هذا الأسبوع بعد برنامج «أمريكان أيدول» الذي حظي بعدد من المشاهدين وصل إلى قرابة 27 مليون شخص. إلا أن متوسط عدد مشاهدي برنامج «وينفري» بلغ 11.1 مليون شخص فقط على امتداد ثمانية أسابيع وأنهى الموسم محتلاً المرتبة 23 بين إجمالي البرامج التي تعرض في وقت الذروة. كما سجل المعهد حدوث انخفاض في عدد مشاهدي برنامج «وينفري» أثناء النهار إلى حوالي 7.3 مليون مشاهد، مقابل 7.8 مليون العام السابق وأعلى نسبة مشاهدة حققها البرنامج وبلغت قرابة 9 ملايين مشاهد في موسم 2004- 2005. (يذكر أن هذه الأرقام الصادرة عن «معهد نيلسن» تخص عدد المشاهدين الذين سجلوا البرنامج وشاهدوه خلال سبعة أيام).

من ناحيته، أكد «روبرت مادين«، نائب رئيس شؤون التوزيع بمحطة «سب بي إس» التلفزيونية، والذي يشرف على معدل الإقبال على برنامج «أوبرا وينفري شو»، أنه لا يشعر بالقلق إزاء هذا التراجع، مشيراً إلى أنه «البرنامج الحواري الأول ظل على مدار 471 أسبوعاً متتالية، وهو مؤشر جيد للتعرف على ما إذا كان برنامجها يواجه مشكلة أم لا، ومن الواضح أنه عندما تحقق المركز الأول، فإنك بذلك لا تواجه أي مشكلات». ولا شك أن «وينفري» من ناحيتها أثبتت قدرتها على الاستمرار في اجتذاب الجمهور، فعلى سبيل المثال، نجحت الحلقة التي أذيعت في 3 أبريل وأجرت خلالها لقاءً مع «الرجل الحامل»، وهو رجل قام بعملية تحويل النوع من أنثى إلى ذكر مع احتفاظه بالأعضاء التناسلية، في اجتذاب عدد من المشاهدين زاد بمقدار الثلث عن متوسط معدل المشاهدة خلال الموسم. ورغم أن البرنامج فقد قرابة ربع عدد مشاهديه من النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 25 و54 على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، قال «مادين» إن نسبة المشاهدة الحالية تكافئ تقريباً ما كانت عليه منذ عشر سنوات ماضية، وأن الانخفاضات الراهنة في معدلات المشاهدة من الممكن تفسيرها في إطار التراجع العام في معدلات مشاهدة التلفزيون، خاصة البرامج التي تعرض في النهار.

وقال: «انخفاض المعدلات جاء نتيجة انشغال الجمهور بأشياء أخرى يقومون بها». ورغم أن «وينفري» خسرت بعض مشاهديها داخل بعض القطاعات، بينما اكتسب برنامج «ذي إلين ديجنيريس شو» مشاهدين جددا، تغلب برنامج «وينفري» باستمرار على برنامج «ديجنيريس» في الأوقات التي يعرضان فيها بصورة متزامنة. أيضاً، أشار «دافيد زاسلاف»، الرئيس التنفيذي لدى «ديسكفري كمينيكيشن» التي من المقرر أن تبدأ في بث «أون: شبكة أوبرا وينفري» خلال النصف الثاني من عام 2009، إلى عدم شعوره بالقلق إزاء تراجع معدلات مشاهدة برامج «وينفري». ومن المقرر أن يشكل موقع «وينفري» على شبكة الإنترنت، Oprh.com، جزءًا من هذا المشروع الجديد، منوهاً بأن المعجبين بمنتدى «وينفري» للكتب قاموا مؤخراً بتحميل ندوة عقدت على شبكة الانترنت حول الكتاب الذي انتقته حالياً، حوالي 30 مليون مرة.

يذكر أن هذا الكتاب الذي انتقته «وينفري»، وهو «أرض جديدة» من تأليف «إيكهارت تول»، حقق مبيعات أسرع من أي من الكتب الأخرى الـ60 المنتقاة في إطار «منتدى أوبرا للكتب». بيد أن هذا الكتاب أثار في الوقت ذاته انتقادات ضد «وينفري» على موقعها على شبكة الانترنت، حيث رأى بعض معجبيها أن التوجهات الروحانية للكتاب تتعارض مع التعاليم المسيحية. من ناحيتها، علقت «بيك»، البروفسير بجامعة كلورادو، على الأمر قائلة: «إنها تقر نمطاً من التعاليم الروحية من الممكن أن تثير سخط المسيحيين التقليديين». من ناحية أخرى، ارتفع معدل توزيع مجلة «أو»، O، بحوالي 1% عند نهاية العام السابق عن عام مضى، ليصل إلى 2.4 مليون نسخة، لكنها انخفضت عن مستوى 2.7 مليون نسخة حققته عام 2004، وذلك طبقاً للأرقام الصادرة عن «مكتب مراجعة التوزيع». من جانبها، أوضحت المتحدثة الرسمية باسم المجلة أنها حققت خمس سنوات متتالية من التوسع في الصفحات الإعلانية. يذكر أن «جوس»، رئيسة تحرير المجلة منذ يوليو 2000، أعلنت أنها سترجئ استقالتها إلى حين تحديد من سيخلفها في المنصب. على الجانب الآخر، ما تزال «وينفري» عاكفة على تطوير برامج جديدة، على سبيل المثال، من المقرر البدء في عرض برنامج حواري يشارك به دكتور «محمد أوز» عام 2009. وفي وقت سابق من العام الجاري، وقعت «وينفري» اتفاقا بشأن بعض المشروعات التلفزيونية التي ستظهر بها «كريستي ألي». يذكر أن برنامجاً حوارياً آخر تناول فن الطهي وظهرت به «رايتشيل راي» أحرز مستوى أقل من النجاح وسقط من قائمة «معهد نيلسن» لأفضل 25 برنامجاً من حيث معدلات المشاهدة.

أما النشاطات التي حّدت «وينفري» منها فهي ظهورها في المناسبات العامة لدعم «باراك أوباما»، الأمر الذي أثار تكهنات البعض بأنها لاحظت تأثيراً سلبياً لمساندتها للعضو الديمقراطي على نشاطاتها التجارية. جدير بالذكر أن استطلاعاً للرأي أجراه معهد «جالوب» في أكتوبر، في أعقاب إعلان «وينفري» دعمها لـ«أوباما»، أظهر تراجع نسبة معجبيها بمقدار 8%، ليصل إلى 66%، بعد أن كان 74% في يناير 2007. في المقابل، قفزت نسبة المعترضين عليها بما يزيد على النصف، من 17% إلى 26%. في هذا السياق، أعرب «ستيفن جيه. روس»، رئيس قسم التاريخ بجامعة جنوب كاليفورنيا والذي يعكف على وضع كتاب حول هوليوود والسياسة، عن اعتقاده بأن تأييد «وينفري» لـ«أوباما»: «أتى بنتائج سلبية لدى عدد من معجبيها»، منوهاً بأن أباطرة الإعلام حرصوا على مدار عقود عديدة على نصح نجوم هوليوود بتجنب تأييد مرشحين سياسيين معينين علانية، «لأنه بمجرد أن تتفوه بكلمة، تخسر 50% من جمهورك». إلا أن «زسلاف»، من محطة «ديسكفري»، أعلن عدم اتفاقه مع الرأي القائل بأن تأييد «وينفري» لـ«أوباما» سبب لها أي مشكلات.

* خدمة نيويورك تايمز