أميركا تنعى تيم راسيرت

صورة كرسيه الفارغ باتت رمزا للفراغ الذي يعيشه الإعلام والمشكلة التي تواجهها «إن.بي.سي»

موظف في «ان بي سي» يتفقد كرسي الاعلامي الراحل تيم راسيرت
TT

كانت حلقة الأحد الماضي من برنامج «واجه الصحافة» (ميت ذا برس) الذي يعرض كل أسبوع على شاشة شبكة «أن.بي.سي» الأميركية، استثنائية بحق. فبعد أن اعتاد الأميركيون والمتابعون للشؤون الأميركية أن يكون وجه المذيع تيم راسيرت هو أول ما يبدأون به يومهم صباح الأحد طوال أكثر من 16 عاما مضت، غاب هذا الإعلامي المخضرم عن آخر حلقة، وحضرت ذكريات ومقتطفات من مسيرته الإعلامية معلنة أن راسيرت (58 سنة) لن يعود بعد ذلك لتقديم هذا البرنامج الذي كان يوصف بأنه حفلة «شوي» اسبوعية لضيوفه من الرؤساء والمسؤولين.

وبما أن الصور كثيرا ما تكون الأكثر قدرة على التعبير في مثل هذه الحالات، فقد اصبحت صورة كرسي تيم راسيرت الفارغ هي العنوان الرئيسي لرحيل هذا الإعلامي الفذ، الذي مات متأثرا بنوبة قلبية وكان تيم نقل على وجه السرعة الى مستشفى «سيبلي موموريال» في واشنطن، حيث باءت محاولات انقاذ حياته بالفشل، وكان تيم يعاني مرضاً في الشرايين، لكنه استطاع التحكم فيه بالادوية والتمارين الرياضية، وكانت حالته الصحية جيدة طبقاً لآخر فحوصات طبية اجراه في ابريل (نيسان) الماضي، بحسب التقارير الإعلامية. أما لماذا تعتبر صورة الكرسي معبرة، فذلك لأنها تجسد حقا الفراغ الذي سيخلفه راسيرت في الإعلام الأميركي، والمشكلة التي ستواجهها شبكة «أن بي سي» في اختيار خليفة له، لا سيما في ظل هذه السنة الانتخابية ذات الأهمية الإعلامية الكبرى. وحول هذا الموضوع تحديدا، كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» في موضوع تحت عنوان «مع وفاة راسيرت، على أن.بي.سي أن تجد بديلا لرجل ذي عدة مناصب»، فقد كان روسرت نائب رئيس قناة «إن بي سي نيوز»، والمسؤول عن مكتب القناة في واشنطن ومدير التحرير ومقدم برنامج «واجه الصحافة» ومذيع برنامج «تيم روسرت» الذي يحمل اسمه الذي تبثه قناة «إم إس إن بي سي» كما كان محللا سياسيا على قناة «إن بي سي».

ونقلت نيويورك تايمز عن بوب سكيفر، الذي كان ينافس راسيرت من خلال البرنامج السياسي «واجه مع الأمة» (فايس ذا نايشن) على قناة «سي بي إس»: «ستكون هناك حاجة إلى أربعة أو خمسة أشخاص كي يقوم بنفس الدور الذي كان يقوم به تيم. سيكون عليهم أن يجدوا مقدما لبرنامج «لقاء مع الصحافة» ومديرا للمكتب، وشخصا يفهم في السياسة بنفس مستوى تيم، وسيكون عليهم أن يجدوا شخصا لبرنامج «اليوم» وبرنامج «أخبار كل ليلة» ويمكن أن يؤدي دور تيم مع قناة «إم إس إن بي سي».

من جانبه، قال جيف زوكر، وهو رئيس الشركة الأم «إن بي سي يونيفرسال»، إن الشبكة تعي جيدا الموقف الذي تواجهه في ظل الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأضاف زوكر: «ما نحتاجه هو الوصول للأسلوب الذي سندير به برنامج (لقاء مع الصحافة)، وكيف يمكن أن نقدم التحليلات السياسية». ومن الدلائل على الحيرة التي تعاني منها «إن بي سي»، قررت الشبكة عدم تسمية مضيف للحلقة القادمة من «لقاء مع الصحافة». وكان المذيع السابق بقناة «إن بي سي» توم بروكاو قدم الحلقة راسيرت المهنية. ولكن هناك أسماء مرشحة لتقديم برنامج «لقاء مع الصحافة»، منها شخصيات تعمل مع قناة «إن بي سي» مثل مذيع الأخبار المسائية براين وليام والمراسل دافيد جرجوري والمراسل أندريه ميتشل وبعض الشخصيات في قناة «إم إس إن بي سي» مثل كريس متثيوز، وجوي سكابرو وكيث ألبرمان. وبحسب ما ذكرت النيويورك تايمز فإنه من الممكن أن يتولى بروكاو تقديم البرنامج بصورة مؤقتة، وكان بروكاو قد تركه منصبه كمذيع في القناة عام 2004. وفي ضوء العلاقة بين كاتي كوريك وبين قناة «إن بي سي» وزوكر من المحتمل أن تتولى المذيعة تقديم البرنامج حيث من المقرر أن ينتهي عقدها كمذيعة لنشرة الأخبار المسائية على قناة «سي بي إس» خلال العام القادم. لكن غياب راسيرت لا يشكل مشكلة في غياب مقدم بارز وحسب، فهو محلل محنك وخبير في قراءة السياسة والأحداث، وفي هذا السياق نقلت صحيفة لوس أنجليس تايمز عن كريس والاس، الذي يدير برنامج «فوكس نيوز صنداي» وهو برنامج منافس لـ«واجه الصحافة»: «بلا شك، كان (تيم) أهم صحافي وأكثرهم تأثيرا في واشنطن، سواء في مجال الصحافة المطبوعة أم المسموعة والمرئية، فقد كانت لديه ملكات لا أظن أن هناك من يتمتع بمثلها في مدينته».

وحول نقطة التأثير في واشنطن، تعطي التايمز مثلا حول ما جرى في بداية الشهر الماضي عندما خسرت هيلاري كلينتون في نورث كارولاينا وفازت بصعوبة في إنديانا، أعلن روسرت أن السعي للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي قد انتهى. ويقول كريس ولاس: «يكون الوضع مختلفا إذا قال روسرت إن الأمر قد انتهى. هذا أمر هام ولا يمكن تجاوزه، شخص بهذا المستوى من الثقة والمصداقية، ليس فقط في مجال الإعلام، ولكن في عالم السياسة». وكان راسيرت عمل في بداية الثمانينات مستشارا لماريو كومو، وهو عضو بالحزب الديمقراطي كان انتخب لتوه حاكما لنيويورك، وكان يغطي أخبار الإدارة الجديدة لجريدة «ذي دالي نيوز». ومع سيرة حافلة كسيرته، لم يكن مستغربا أن ينعاه كبار المسؤولين الأميركيين أمثال الرئيس الحالي جورج بوش والسابق بيل كلينتون، وذلك رغم أنه واجههم يوما باسم الصحافة... لكن ذلك هو الحال في أميركا، حيث يسعى كل شخص أن يقوم بعمله على أكمل وجه.