«ماي سبيس» يجتذب المشتركين.. ولكن ليس أموال المعلنين

الموقع الشهير يطلق تصميماً جديداً ويسعى لمواجهة التحديات

يتميز الموقع بخواص عدة مثل التشارك في الصور وملفات الفيديو والـ «بروفايل» الشخصي («الشرق الاوسط»)
TT

عندما أضافت شركة «نيوز كوربوريشن» موقع «ماي سبيس» إلى محفظة ممتلكاتها، جاءت الخطوة بناءً على توقعات بأن تستمر قاعدة مستخدميها، البالغ إجمالي أعضائها 16 مليون شخص، في التنامي ـ وأن يستمر كل مشترك في إضافة أصدقاء والتشارك في الصور وتبادل الرسائل ـ الأمر الذي سيترتب عليه تدفق أموال الإعلانات. وبالفعل، تنامى حجم الموقع الذي يمثل شبكة اجتماعية كبرى، حيث وصل عدد مستخدميه إلى 118 مليونا على مستوى العالم، ولم يتوقف تبادل الرسائل والصور، لكن المال لم يتدفق على الشركة بالسرعة المأمولة. ومن المتوقع أنه خلال السنة المالية التي تنتهي في غضون أسبوعين، لن تتمكن الوحدة التي تضم «ماي سبيس» داخل «نيوز كوربوريشن» من تحقيق الهدف المحدد لها بالنسبة للدخل والبالغ مليار دولار. وعندما أعلنت الشركة في أبريل (نيسان) عن هذا التراجع المتوقع، عمد العديد من المحللين إلى الحد من مستوى تقييمهم للشركة، ما أسفر عن انخفاض قيمة أسهمها بنسبة 5%. وسعياً لاجتذاب المزيد من الأموال، من المقرر إعادة تصميم «ماي سبيس» ووضع صفحة رئيسة جديدة له بحيث تصبح أقل عشوائية وأكثر ملاءمة للإعلانات. والمنتظر أن يتم الانتهاء من عملية إعادة التصميم بحلول بداية الخريف المقبل وسيتضمن إقرار أداة بحث ومُشغل للمقاطع المصورة. بصورة عامة، لا يزال هناك الكثير من الشكوك حول القيمة الإعلانية للشبكات الاجتماعية. والمُلاحظ أنه على امتداد الشهور القليلة الماضية، شهدت الشبكات الاجتماعية على شبكة الانترنت ازدهارا واضحا. ويوجد لدى «ماي سبيس»، وكذلك منافسيها الرئيسيين «فيس بوك» و«بيبو»، خطط طموحة لجني الأموال، لكن لا تتوافر بعد مؤشرات توحي بأنها تحرز نجاحاً على هذا الصعيد.

من جهته، أشار «مايكل نثانسون»، المحلل لدى شركة «سانفورد سي. برنشتين آند كمباني»، إلى أن موقع «ماي سبيس» لم يثبت بعد قدرته على جني الأموال. بصورة عامة، تعتمد جاذبية أي موقع للإعلانات على مستوى الإقبال الذي يتمتع به الموقع. يذكر أن الأرقام المتوافرة من قبل «كوم سكور» تشير إلى أن عدد المشتركين الأميركيين في «ماي سبيس» يصل إلى 73 مليونا، بينما يبلغ عددهم لدى «فيس بوك» 36 مليون شخص. وعالمياً، تعادل الموقعان للمرة الأولى من حيث عدد المستخدمين في أبريل (نيسان)، بوصول عدد مستخدمي كل منهما إلى ما يقرب من 115 مليون شخص. وبطبيعة الحال، يقضي مستخدمو شبكة الانترنت ساعات في تصفح المواقع. بيد أنه نظراً لأن «ماي سبيس» يتمتع بالنصيب الأكبر من الأموال التي يجري إنفاقها على الشبكات الاجتماعية، يكون النظر إليه باعتباره زعيم هذه الصناعة الآخذة في الصعود. من ناحية أخرى وفي إطار محادثة هاتفية معه، قلل «بيتر تشيرنين»، رئيس «نيوز كوربوريشن»، من أهمية التوقعات الضخمة المرتبطة بإقبال الإعلانات على الشبكات الاجتماعية على الانترنت، معترفاً بأن خلق مساحات إعلانية في الصفحات الشخصية والخاصة بالمجموعات ليس بالأمر اليسير. وأكد أن الشبكات الاجتماعية تمثل «نمطا جديدا تماماً من النشاطات على الانترنت». يذكر أنه عندما أعلنت «فوكس إنتراكتيف ميديا»، الشركة الأم لـ«ماي سبيس»، عن اتفاق إعلاني لمدة ثلاث سنوات مع «غوغل» عام 2006 بقيمة 900 مليون دولار، بدأ المحللون في المراهنة على أن الشبكات الاجتماعية ستشكل مصدرا جديدا هائلا للدخل. إلا أنه بات من الواضح الآن أنه رغم ازدياد الصبغة الاجتماعية لشبكة الانترنت، ما زال من الصعب حصد عوائد مالية من ورائها.

وبالفعل، بدأت التوقعات غير الواقعية فيما يخص الأرباح المحتملة لمثل هذه المواقع في التراجع. وظهرت المؤشرات الأولى على التغيير في نهاية يناير (كانون الثاني) عندما أعلنت «غوغل»، بعد مضي عام على إبرامها الاتفاق الإعلاني بقيمة 900 مليون دولار مع «ماي سبيس»، أن الشبكة الاجتماعية لم تحقق الأرباح المتوقعة. (يذكر أن «غوغل» أعلنت في الفترة الأخيرة أن الوضع بدأ في التحسن).

وبات التغير في التوجه العام مؤكداً بحلول أبريل (نيسان) عندما صرحت «فوكس إنتراكتيف ميديا» أنها عجزت عن تحقيق الهدف الذي حددته بالنسبة لمستوى الأرباح. وفي ذلك الوقت، تم فصل المسؤول المعني بشؤون الدخل فيما يتعلق بـ«ماي سبيس».

من ناحيته، أعرب «نثانسون» عن شعوره بالإحباط إزاء التراجع الملحوظ في موقف «ماي سبيس». وأضاف: «ليست لدينا قناعة كبيرة بقدرة الشركة على المدى البعيد على النمو بالنظر إلى ما شهدناه في الفترة الأخيرة». إلا أن محللين آخرين أبدوا قدراً أكبر من التفاؤل، منهم «أنتوني دكلمنتي» من شركة «ليهمان برزرز» الذي أوصى بالاستثمار في أسهم «نيوز كوربوريشن» نظراً لارتفاع معدلات العوائد التي أحرزها «ماي سبيس» بنسبة تتراوح بين 25% و30% سنوياً. وبطبيعة الحال، تنظر «ماي سبيس» إلى الوضع العام من منظور أكثر تفاؤلاً، فعلى سبيل المثال، صرح «جيف بيرمان»، الذي تمت ترقيته إلى منصب رئيس شؤون المبيعات والتسويق في «ماي سبيس» في أبريل (نيسان)، قائلاً: «إننا نتوقع تدفق الدولارات على الشركة. وتشير بعض المصادر إلى أن العوائد بالنسبة للفرد ارتفعت بنسبة 50% عن العام السابق، لكن الموقع ما زال يحقق بصورة عامة عوائد تتراوح بين 6% و7% بالنسبة للمستخدم. من ناحيتها، تقدر شركة «إماركيتر» أن «ماي سبيس» ستحقق دخلا يبلغ 755 مليون دولار خلال السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران)، ما يعادل قرابة ثلث مستوى الدخل المتوقع من الاتفاق الإعلاني مع «غوغل». وبالنسبة للعام ذاته، يقدر دخل «فيس بوك» من وراء الإعلانات بـ265 مليون دولار. من ناحيتها، تعمل الشركات على التحرك بسرعة لحل معضلة الشبكات الاجتماعية. على سبيل المثال، تصدر «ماي سبيس» باستمرار بيانات صحافية حول المعالم الجديدة بها والشركات التي تدخل فيها. ويبدي الموقع اهتماماً كبيراً بجمع المستخدمين في «حزم» بناءً على اهتماماتهم، وتوجيه الإعلانات إليهم على هذا الأساس. على الجانب الآخر، يتضمن «فيس بوك» نظام استهداف مشابهاً، يُطلق عليه الإعلانات الاجتماعية ـ مثل طلاب جامعة فلوريدا الذين يبلغ عدد المشتركين منهم في الموقع 10.680 شخص ـ وعليه، يصيغ الموقع إعلانا بسيطا ويحدد ميزانية على هذا الأساس. من ناحية أخرى، قامت «إيه أو إل»، وهي وحدة تابعة لشركة «تايم وارنر» الشهر السابق بشراء «بيبو»، ثالث أكبر شبكة اجتماعية على شبكة الانترنت داخل الولايات المتحدة. وأعلنت الشركة عزمها استغلال الكيان الإعلاني التابع لـ«إيه أو إل» لتحقيق عائد مالي من وراء الموقع. إلا أنه بالنسبة للجهات الإعلامية التي تشكل جانب الشراء، فلا تزال هذه النماذج الإعلانية في مرحلة التجريب. وفي الوقت ذاته، هناك انخفاض في الميزانيات الإعلانية، ففي ديسمبر (كانون الأول) السابق، توقعت «إماركيتر» وصول انفاق الشبكات الاجتماعية عام 2008 إلى 1.6 مليار دولار. في أبريل (نيسان)، نقحت الشركة الرقم ليصبح 1.4 مليار دولار. من ناحيتها، أوضحت «دبرا أهو ويليامسون»، المحللة لدى «إماركيتر»، أن: «التحدي يكمن في أن جميع هذه الأنماط الجديدة من الإعلان أكثر صعوبة لأن يتم تخطيطها وقياس فعاليتها عما اعتاد عليه القائمون على صناعة الإعلان، الأمر الذي أثر بدوره في نمو الإنفاق. إلا أن هناك قلقاً من أن مستخدمي الشبكات الاجتماعية لا يرون الإعلانات، بغض النظر عن مدى دقة وضعها. وفي هذا الصدد، أوضح «تشاماث باليهابتيا»، نائب رئيس قسم تسويق المنتجات داخل «فيس بوك»، أن: «اهتمام المستخدمين يمثل أكثر العناصر ندرة داخل معظم الشبكات الاجتماعية. ويتعين على المنتج الإعلاني الناجح اجتذاب هذا الاهتمام النادر». ومن بين الخطوات الأولى التي اتخذها «فيس بوك» على هذا الطريق، الإعلانات الاجتماعية، التي تقوم على الاهتمام بالإجراءات الاجتماعية للمستخدم، مثل إعلانه عن نفسه باعتباره من معجبي منتجات شركة «نايكه»، وصياغة إعلان على هذا الأساس موجه إلى أصدقائه، بحيث يتضمن الإعلان عبارة: «صديقك معجب بمنتجات «نايكه». وأكد «بيرمان» أن جزءا من مهمة فريق العمل المعاون له يتمثل في «جعل الحملات الإعلانية أكثر فعالية داخل الموقع»، منوهاً بأن الإعلانات التي تظهر بالصفحة الرئيسة من الممكن أن تصل إلى نحو 40 مليون مستخدم في اليوم الواحد.

* خدمة «نيويورك تايمز»