«أخبار غوغل».. نمو ببطء

الخدمة الإعلامية من موقع البحث الإلكتروني الشهير تأتي في المرتبة الثامنة بين المواقع الإخبارية

ماريسا مايور ـ مسؤولة الموقع الإخباري في غوغل («الشرق الاوسط»)
TT

لقد كانت وفاة تيم راسيرت من قناة «إن بي سي» الإخبارية هذا الشهر عنوانا أساسيا في العديد من المواقع الإخبارية الأميركية. لكن الصفحة الأولى لموقع غوغل الإخباري (غوغل نيوز) تأخرت نحو ساعة عن إعلان خبر الوفاة. وقد ألقت غوغل باللائمة على المشكلات الفنية التي سببت ذلك التأخر، وأفادت بأن ذلك ليس مؤشرا على عدم دقة الموقع في وضع الأخبار، حيث إن الأخبار يتم وضعها كلها من خلال برامج الكومبيوتر الخاصة بذلك. وعلى الرغم من استمرار القلق لدى المؤسسات الإخبارية حول عمل غوغل، إلا أن الشركة تبدو ما زالت بعيدة تماما عن الوصول إلى موقع الصدارة في المجال الإخباري مثلما هي الحال مع مجالات أخرى. فبعد ستة أعوام منذ بدء الموقع الإخباري لغوغل، يبدو أنه ما زال يعاني ويكافح من أجل البقاء في حلبة المنافسة مع بقية المنافسين. ويفيد العديد من خبراء الأخبار على الإنترنت بأن موقع غوغل الإخباري قد تغير قليلا، لا سيما عند مقارنته ببقية خدمات غوغل مثل خرائط غوغل وبريد الـ«جي ميل»، حيث يتم إضافة العديد من الخدمات بسرعة كبيرة. وربما يكون نتيجة ذلك، تباطؤ الزيارات من قبل المستخدمين على ذلك الموقع، حيث وصل عدد الزائرين إلى نحو 11.4 مليون زائر خلال شهر مايو (أيار) كما أن موقع غوغل الإخباري يقع في المركز الثامن بين المواقع الإخبارية خلف موقع ياهو الإخباري الذي يحتل موقع الصدارة بعدد زائرين يصل إلى 35.8 مليون زائر حسبما أفاد موقع نيلسون أونلاين. ويعتبر معدل النمو الذي يصل إلى 10 بالمائة خلال العامين الماضيين أبطأ بكثير من معدلات نمو المواقع الإخبارية الأخرى على الإنترنت. وخلال العامين الأخيرين، نما الموقع الثاني وهو موقع «ام اس ان بي سي» دوت كوم بنسبة 42 بالمائة حيث أضاف 10.4 مليون زائر. أما عدد الزيارات لمواقع «سي إن إن» دوت كوم ونيويورك تايمز دوت كوم فقد نما بصورة أكثر سرعة. وعلى الرغم من تخطي موقع غوغل للمرحلة التجريبية، فإنه لا يزال لا يضع الإعلانات وليست هناك إشارة على أن غوغل ترغب في جني الأموال من الموقع بصورة مباشرة. ويقول دان غيلمور وهو مدير مركز نايت للإعلام الرقمي في كلية الصحافة بجامعة ولاية آريزونا: «لقد كنت مندهشا بالفعل من تباطؤ نمو هذا الموقع. ولست متأكدا من هدف غوغل من هذا الموقع».

ويدافع المديرون التنفيذيون في شركة غوغل عن الموقع الإخباري قائلين بأن عدد الزيارات ليست هدفا في حد ذاته. فالموقع الإخباري من وجهة نظرهم يساعد الشركة على القيام بأبحاث أفضل ويساعد المستخدمين على العثور على المصادر الإخبارية التي قد يرغبون في معرفتها. وتقول ماريسا مايور وهي نائب رئيس غوغل للأبحاث وخبرات المستخدمين والتي تشرف على موقع غوغل للأخبار: «بالنسبة لنا فإن الأخبار تتعلق بالبحث ومساعدة المستخدمين على إيجاد المعلومات التي يبحثون عنها».

وتعتقد مايور بأن موقع غوغل للأخبار هو أفضل المنتجات ابتكارا، كما أفادت بأن قراء الأخبار على موقع غوغل الإخباري كانوا من بين أكثر المستخدمين نشاطا في البحث على الموقع والحصول على الخدمات الأخرى. كما أن الأخبار تظهر أيضا على مواقع البحث الرئيسة للشركة بجانب الإعلانات. وتقول مايور: «إن هذا الموقع يغذي بصورة مباشرة العمل الأساسي للشركة».

ومنذ بدء عمل الموقع الإخباري لشركة غوغل، فإنه كان مختلفا عن بقية المواقع الإخبارية الأخرى. ففي الوقت الذي تعتمد فيه المواقع الإخبارية الكبرى مثل ياهو وايه أو إل وغيرها من مواقع الأخبار الأخرى مثل«سي إن إن وام اس ان بي سي دوت كوم، على إنشاء وترخيص المحتويات وتعتمد على المحررين في اختيار وإعداد المقالات الإخبارية، فإن موقع غوغل الإخباري يعمل بأجهزة الكومبيوتر من الألف إلى الياء.

وبالطريقة نفسها التي تعمل بها أجهزة الكومبيوتر الخاصة بغوغل من خلال الويب على إضافة صفحات إلى محرك البحث الخاص بها، فإن خدمة الأخبار بالشركة تعمل على تصفح المواقع على الإنترنت وجمع المقالات في فهرس واحد. وبعد ذلك، يتم جمع المقالات الخاصة بأحد الموضوعات ويتم استخدام دلالات مختلفة مثل ـ وضع المقال على موقع إخباري وسلطة ناشر الأخبار بخصوص موضوع معين وما إذا كان المقال يظهر على أي موقع آخر ـ وذلك من أجل ترتيب المقالات حسب الأهمية. وعلى خلاف معظم المواقع الإخبارية الأخرى التي تحاول الحفاظ على القراء لتصفح مواقعها، فإن غوغل تعمل على جمع النتائج في مجموعة من الروابط وإرسالها إلى القراء حتى يقوموا بالتوجه إلى المواقع التي تظهر عليها المقالات. وعلى كل حال، فإن خبراء صناعة الأخبار يشعرون بالرضا عن أداء الموقع الإخباري لغوغل. ويقول جيم برادي وهو محرر تنفيذي في موقع واشنطن بوست دوت كوم: «من الواضح أن بعض الأفراد يستخدمون موقع غوغل الإخباري كمصدر رئيس للأخبار، كما أن هؤلاء يشكلون عددا كبيرا من زوار الموقع وهذا ما نعطيه قيمة كبرى».

ومع ذلك، فإن هناك مخاوف من أن المواقع التي تجمع الأخبار مثل غوغل للأخبار يمكن أن تسجل عددا أكبر من الزوار، حيث يفيد الخبراء في صناعة الأخبار بأن المواقع التي تجمع الأخبار تكسب أرضا من المواقع الإخبارية. فبدلا من دخول المستخدمين إلى المواقع الإخبارية المفضلة لديهم من خلال صفحة البدء الخاصة بهذه المواقع، فإن هؤلاء المستخدمين يتم توجيههم إلى مقال منفرد (ربما يكون داخل صفحات الموقع) وعندما ينتهي المستخدم من القراءة فإنه يترك ذلك الموقع. وقد أفاد كريغ موفيت وهو محلل في سانفورد بيرنستين ومشاركوه بأن الإنترنت قد أتاحت إمكانية جمع الأخبار دون تكلفة كبيرة ونتيجة لذلك انخفضت قدرة المواقع الإخبارية على الحصول على مقابل المحتويات التي تقدمها. ويقول موفيت: «لسوء الحظ، فإن هذه هي المشكلة التي نواجهها. وربما تقوم شركة غوغل بالمزيد من العمل من أجل الإسراع في هذا الاتجاه أكثر من أي شركة أخرى، ولكنهم لا يفعلون ذلك بنية سيئة».

وفي أوروبا، كان النقد الموجه لموقع غوغل الإخباري متزايدا بصورة عامة. فقد قضت إحدى المحاكم في بلجيكا بأن موقع غوغل الإخباري قد انتهك قوانين حقوق النسخ من خلال نشر روابط مقالات الصحف دون الحصول على إذن مسبق. وتفيد مايور وغيرها من الشخصيات في غوغل بأنه على الرغم من المخاوف المتزايدة من قبل العاملين في صناعة الأخبار، إلا أن غوغل للأخبار لا ترغب في الإضرار بمهنة الصحافة. وقد أفاد الرئيس التنفيذي لغوغل وهو إريك شميت في وقت سابق بأن غوغل كشركة تهتم بنشر المحتويات ذات الجودة العالية، فإنها تشعر «بالتزام أخلاقي كبير» لمساعدة المواقع الإخبارية الأخرى لتحقيق النجاح. وقد أفادت شخصيات مقربة من الشركة طلبت عدم ذكر أسمائها لأنها تخشى من تعريض علاقاتها المهنية للخطر بأن المخاوف حول تأزم العلاقات مع ناشري الأخبار قد أدت إلى اتخاذ بعض القرارات في موقع غوغل الإخباري ومن هذه القرارات عدم وضع الإعلانات على الموقع. ومثل المشروعات الأخرى الخاصة بشركة غوغل، فإن غوغل للأخبار قد كافحت في بعض الأحيان من أجل الحصول على المصادر التي تحتاج إليها، حسبما أفادت هذه الشخصيات. وفي العام الماضي، قامت غوغل بإضافة العديد من المزايا على الموقع الإخباري كما عملت على توسيع قاعدته من الزائرين. وهناك نسخ من الموقع الإخباري الخاص بغوغل يشمل 43 دولة وبـ20 لغة مختلفة. وقد عملت الشركة كذلك على تحسين الموقع من خلال تقليل عدد المقالات المكررة ومن خلال تحسين القدرة على إظهار المقالات الإخبارية الأصلية المصرح بها. ووقد أفادت غوغل بأن وضع وجهات نظر مختلفة حول الموضوعات يعتبر أحد جوانب الجذب الجماهيري لموقع غوغل للأخبار. ويقول كريشنا بارات وهو عالم الأبحاث الذي قام بتصميم موقع غوغل للأخبار: «إذا رأيت مجموعة من وجهات النظر المتعارضة، فإنك تستيقظ وتبدأ في التفكير. وهذا ما يجعل صناعة الأخبار ناجحة».

وفي الأشهر القليلة الماضية، قامت الشركة بإضافة القدرة على تخصيص الموقع، حيث يتم التركيز على مصادر إخبارية معينة أو أخبار محلية. كما بدأ الموقع كذلك في السماح للأفراد الذين ترد أسماؤهم في المقالات بوضع تعليقاتهم وسمح الموقع للمستخدمين بالبحث في تعليقات الأفراد على الأخبار. وعلى الرغم من المزايا الأخيرة، إلا أن موقع غوغل الإخباري ما زال ينقصه الكثير من المزايا الجذابة التي تجذب المستخدمين إلى المواقع الإخبارية الأخرى بما في ذلك الرسوم التفاعلية ومقاطع الفيديو. فعلى سبيل المثال، يمكن لزوار موقع ياهو الإخباري مشاهدة 200 مليون مقطع فيديو و800 مليون صورة كل شهر، حسبما أفاد سكوت مور وهو النائب الأول لرئيس ياهو ورئيس القطاع الإعلامي بالشركة. ويقول مور: «لقد قمنا بعمل رائع من خلال موظفي التحرير في غرفة الأخبار الخاصة بنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»