مشاهدات من الصين

ديفيد تشالنجر
TT

لم يكن من الممكن أن تبدأ الرحلة من هونغ كونغ إلى بكين في حال أسوأ. كان من الصعب الحصول على تاكسي بسبب الإعصار الاستوائي (التيفون). ولكن لحسن الحظ، تحسنت الأمور سريعا، وعلى الرغم من أن الرحلة كان يحفها الكثير من المخاطر بسبب الأشجار المتساقطة على امتداد طرق هونغ كونغ السريعة، إلا اني سررت بعد أن وجدت رحلتي الجوية سوف تنطلق في موعدها. جلسنا على الاسفلت لمدة ساعة ننتظر أن تهدأ الرياح الشديدة. وبعد رحلة بالطائرة استغرقت ثلاث ساعات، رأيت لأول مرة مطار بكين ومحطته الثالثة الجديدة. صمم مطار بكين على يد المعماري البريطاني نورمان فوستر، وتكلف بناؤه ثلاثة مليارات دولار، ويعد هو المطار الأكبر من نوعه في العالم. إنه حقا مطار ضخم متألق بهيج يمكن فيه الوصول إلى ما تريد بسهولة ويسر. صنع سقفه الضخم من البرونز وهو مثل شبكة من القضبان لونها أحمر. فوجئت بالعدد الكبير من العاملين في المطار، كما لو كان هناك عامل لكل راكب. أعرف أن ذلك بمناسبة الألعاب الأوليمبية، تدرب العاملون على كيفية الترحيب بالزائرين، وكانوا يتسمون باللباقة والتعاون بشكل كبير. دفع الإعلاميون كاميراتهم الكبيرة الحجم أمامهم، وذكرني الرياضيون وهم يتحركون بقطط الغابة، وقام مسؤولو الأوليمبياد بفحص القوائم الموجودة لديهم، ولكن كان يسود كل ذلك جو من الحميمية والارتياح. كان موظفو إدارة الهجرة يتسمون بالسلاسة، يحركون رؤوسهم بإيماءة لطيفة، وهناك وجدت المزيد من العاملين ينتظرون كي يدلوا المسافرين على المكان الذي يمكن أن يسألوا فيه على أمتعتهم. وصلت إلى قسم الأمتعة لأجد أن الحقائب موضوعة على حزام النقال بطريقة منظمة. اختفى هذا الجو من الهدوء بسرعة بعد انتهيت من الإجراءات عند موظفي التخليص، وجدت أعدادا كبيرة من رجال الأمن والصحافيين والمشجعين يسعون للوصول إلى أماكن في المقدمة. بعد ذلك، جاء وقت اختبار سائقي التاكسيات في بكين على التحدث باللغة الإنجليزية، فقد أشار الكثير من التقارير الصحافية إلى أن هؤلاء السائقين قضوا العام الماضي في دورات لتعلم اللغة الانجليزية. وكان هناك موظف مسؤول عن التاكسيات يعطي تعليمات إلى سائقي حول المكان الذي أريد الذهاب إليه، واستعاض السائق عن قدراته المحدودة في الانجليزية بقيادة رائعة وملابس أنيقة. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع بدء الحفل الافتتاحي للاوليمبياد، كنا نزور بعض المعالم البارزة مثل ميدان «تيانامن» و«فوربيدن سيتي». لم ير الكثير من الصينيين أجنبيا من قبل، وتساءل بعضهم ما إذا كان يمكنهم التقاط صورة مع زملائي في «سي إن إن». عندما سألنا أحدهم، عن طريق مترجم:«لماذا تريد أن تلتقط صورة معنا»؟ رد قائلا:«لأنكم جدد بالنسبة لنا». قال آخر إنه لم ير رجلا ذا بشرة بنية وأنه كان يعتقد أن المنتج باري أحد الرياضيين المشاركين في الألعاب الأوليمبية. كان ذلك دليلا على إلى أي مدى تعيش تلك البلد في عزلة عن باقي العالم. كان المئات من رجال الأمن والجيش يحركون أعينهم لينظروا إلينا ونحن نمشي،على الرغم من أنه كان يبدو عليهم أنهم لا يتحركون. وبدا أن بعض الصينيين الآخرين يراقبوننا أثناء تحركنا وكذلك الطريقة التي نتعامل بها مع بعضنا بعضا، لقد أتينا إلى شرق آسيا لنتابع تلك الاوليمبياد التي قد تكون الأكثر ارتباطا بدنيا السياسة على مدى أكثر من عقدين من الزمان، ولكن لم نتوقع أننا سنكون هدفا للمواطنين الفضوليين. وكان الجو العام هادئا نسبيا في ظهيرة يوم حفل افتتاح الاوليمبياد، على الأقل بالنسبة للوضع في بكين، فقد كان الجميع في بيوتهم ينتظرون لحظة بدء الحفل. وقبل بدء الحفل بساعات، كانت ثمة تساؤلات في أذهان الجميع:«هل ستسقط الأمطار أم أن بكين ستنعم بسماء صافية؟ من الذي سيقوم بإضاءة الشعلة الأوليمبية؟ وكيف سيكون ذلك؟ هل حقا سيبهرنا الحفل الافتتاحي»؟

لا أعتقد أن أي منا قد أصيب بالإحباط.

* أحد مراسلي «سي إن إن» إلى الألعاب الأوليمبية ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» للاطلاع على مزيد من المشاهدات: http://olympics.blogs.cnn.com