لبنان يحاول إيجاد حل وسط عبر «الدمج»

TT

تعود الدعوات لاستخدام اللهجات المحلية لسنوات طويلة خلت، كمطالبة الشاعرين اللبنانيين الراحل يوسف الخال وسعيد عقل بلبننة اللغة وخاصة في الشعر والاستعاضة عن العربية الفصحى باللهجة المحلية، وطبق الأخير هذه النظرية في صحيفته التي صدرت باللهجة المحلية وحملت عنوان «لبنان». حجة يوسف الخال في دعوته كانت أن اللهجة اللبنانية ظهرت قبل اللغة العربية بستة آلاف سنة وكان لها حضورها القوي، لذلك لا يمكن للعرب أن يؤسسوا حضارة لمعارفهم وثقافاتهم من دون اللجوء اليها.

تبدي الدكتورة حسانة الرشيد، الأستاذة في كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية، رأيها في ما يتعلق باعتماد «اللغة البيضاء» في بعض المحطات اللبنانية. وترى الرشيد أن واقع الاعلام المرئي اليوم ولا سيما التقارير الاخبارية التي تدمج بين الفصحى والعامية أصبح مقبولا لدى الجميع، حتى أن معارضته خفّت عما كانت عليه في السنوات الماضية وبدأ يعتمد أكثر على العربية الفصحى لغة أساسية.

ويعبّر الاعلامي في المؤسسة اللبنانية للارسال (LBCI) بسام أبو زيد عن رأيه في اعتماد اللهجة اللبنانية في النشرات الاخبارية قائلا: أشعر بأنني غير مقيد وطبيعي وأعبر عن الموضوع بطلاقة أكبر حين استخدم اللهجة اللبنانية ولا سيما حين أكون مباشرة على الهواء، مع العلم أنني أتقن العربية ولا مشكلة لدي في التكلم بها، انما سياسة المحطة حيث أعمل كانت من البداية ولا تزال تسمح بهامش من الحرية في هذا الموضوع اذا كان التقرير معدا ليعرض فقط على القناة الأرضية، أما اذا كان سيعرض على الفضائية فنتقيد باللغة الفصحى قدر الامكان. وتحصر الاعلامية اللبنانية سعاد قاروط العشي هذه الظاهرة في الاعلام اللبناني الذي يساهم في تكريسها وانتشارها، اذ برأيها أنها لم تتفش حتى اليوم في الاعلام العربي.

في ظل هذا الواقع ومع تفرد كل محطة بأسلوب خاص بها، تعتبر الرشيد أن اللهجة العامية سيف ذو حدين، فهي تساعد على انفتاح الشعوب العربية على بعضها وذلك واضح من خلال تقبل الجمهور العربي للبرامج المحلية وفهمه لها بعدما كان يستغرب بعض اللهجات ويجد صعوبة في فهمها، ومن جهة أخرى قد تعجز هذه اللهجة عن الايفاء بالمعنى الصحيح والغرض المطلوب في بعض البرامج. أما العشي فتدافع عن اللغة العربية وتأسف لما وصل اليه الاعلام اللبناني قائلة: أنا ابنة اللغة العربية وأعشقها، انما ليست تلك المعقدة وطبعا ليست «الملغومة» المعتمدة في بعض وسائل الاعلام العربية، نحن العرب نملك شعلة عظيمة علينا المحافظة عليها كي لا تندثر.

من جهته، يؤكد حسين الوجه مدير الأخبار في محطة المستقبل أن توجهات المحطة تركّز على اعتماد اللغة العربية الفصحى، خصوصا في النشرات والتقارير الاخبارية لأنها هي اللغة المفهومة والمشتركة بين الشعوب العربية، كما أن اللغة الفصحى المطلوب استخدامها في الاعلام لم تعد معقّدة بل اصبحت سهلة وبسيطة، ويضيف، لكن يمكن للاعلامي خلال النقل المباشر أن يتكّلم باللغة العامية اذا وجد مشكلة في نقل رسالته بالعربية الفصحى، وهذا مسموح لأن ارتكاب الأخطاء اللغوية غير المحببة وارد، كما أن التركيز على أسس اللغة العربية قد يؤثر في أداء الاعلامي وفي تركيزه في ما يتعلّق بالخبر وأهميته.