نوادي كرة القدم.. «ماركات تجارية» بامتياز

استحواذ «أبو ظبي المتحدة للاستثمار والتطوير» على «مانشستر سيتي» أثار اهتمام الإعلام العالمي

شعار نادي «مانشستر سيتي»
TT

تسمّر الألوف من عشاق كرة القدم مساء الاثنين الماضي الأول من سبتمبر (أيلول) أمام اجهزة التلفزيون، لاسيما في المقاهي المشتركة بقناة «سكاي سبورتس» الرياضية لمتابعة حمى انتقالات اللاعبين في آخر أيام الصيف، وكان يوم أول سبتمبر قد حدد ليكون المهلة الأخيرة للانتقالات، قبل فتح الباب من جديد في مطلع عام 2009 المقبل. وحقاً كان المنظر أشبه ما يكون بنقل مباشر لنشاط البورصة، وبخاصة لجهة تراقص أرقام بملايين الجنيهات تدفع ثمناً لهذا اللاعب أو ذاك، أو يرفضها هذا النادي أو ذاك ثمناً للاعب أثير لديه يرفض الاستغناء عنه. وباختتام ذلك اليوم المشهود قدّرت صحيفة «التايمز» اللندنية مجموع ما دفع خلال الصيف في سوق انتقالات اللاعبين 251.6 مليون جنيه استرليني، أي أكثر من 370 مليون دولار.

كرة القدم بلا شك غدت صناعة مربحة، ولاسيما في الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي أخذ ينافس منافسيه الكبيرين الدوري الإيطالي والدوري الإسباني في احتوائه على أغنى أندية العالم الكروية. فاليوم ما عادت الأندية الكبرى تعتمد في مداخيلها على مبيعات تذاكر حضور مبارياتها، بل صار من أهم مصادر دخلها حقوق البث التلفزيوني لمباريات فرقها، وتسويق منتجات تحمل شعاراتها وتصطبغ بألوانها المميزة أو ترتسم عليها صور لاعبيها ومرافقها الرياضية، من الأوشحة إلى الأكواب، ومن الساعات اليدوية والأقلام إلى اللوازم المنزلية. أندية كرة القدم الإنجليزية الكبرى هي اليوم حقاً «ماركات تجارية» شهيرة وجذابة يمكن وصفها بأنها دجاجات مسمنات تبيض ذهباً. ولذا لا غرو في أن كبار أثرياء العالم يتنافسون على شراء أسهمها، بل والاستحواذ عليها بالكامل إذا أمكن. فامتلاك ناد كبير له قاعدة جماهيرية مضمونة وتراث من المنجزات الكروية المشهودة، مثل مانشستر يونايتد أو آرسنال، مشروع مضمون الربح.. وحتى إذا كان من منطلق المضاربة فهو أسلم أنواع المضاربة المجزية. الناديان اللذان يدخلان اليوم في ما يسمى بـ«الأربعة الكبار»، أي الأندية الأربعة الأغنى والأنجح في الدوري الإنجليزي، صارا مع منافسيهما الكبيرين تشيلسي وليفربول من «الماركات التجارية»، التي تستحق أن تدفع فيها مئات الملايين، تماماً كما تنافست شركات كبرى على شراء ماركات «رولز رويس» و«جاكوار» و«لاند روفر» العريقة للسيارات. مانشستر يونايتد اليوم تسيطر عليه عائلة غليزر الأميركية (مالكة نادي تامبا باي بكانيرز لكرة القدم الأميركية في الولايات المتحدة)، وآرسنال يملك قسماً كبيراً من أسهمه الملياردير الروسي الأوزبكي الأصل آليشير عثمانوف، وتشيلسي يملكه الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش ـ أغنى أغنياء بريطانيا ـ وليفربول، الذي لا يزال قبلة أنظار «شركة دبي القابضة» يملكه الثريان الأميركيان توم هيكس وجورج جيليت. وفي نهاية الأسبوع حصلت صفقة أخرى أثارت اهتمام أوساط أندية الكرة الإنجليزية الكبرى، وكبريات وسائل الإعلام العالمي، عندما باع رئيس وزراء تايلند الملياردير ثاكسين شيناواترا قسماً كبيراً من حصته لـ«مجموعة أبو ظبي المتحدة للاستثمار والتطوير»، وعلى رأسها د. سليمان الفهيم في نادي ماشستر سيتي، أحد «العمالقة النائمين» في الدوري الإنجليزي، وأعلنت مصادر المجموعة عن اعتزامها تحويل النادي إلى أهم وأغنى وأقوى نادٍ كروي في إنجلترا وأوروبا، وعلى الفور أنفق «سيتي» نحو 33 مليون جنيه في صفقة واحدة، هي شراء النجم البرازيلي العالمي روبينيهو من نادي ريال مدريد الإسباني. مانشستر سيتي كنادٍ من مدينة كبيرة له تاريخ طيب مع المنجزات، يصنفه خبراء السوق والكرة الإنجليزية على السواء مع بضعة أندية ينطبق عليها مسمى «العمالقة النائمون». هذه «العمالقة» أندية أخرى تتمتع بالماضي العريق والإمكانيات الواعدة وقواعد الولاء الصلب وجمعيات المشجعين المنتشرة في معظم أنحاء العالم وأبرزها: إيفرتون وآستون فيلا وتوتنهام هوتسبر ومانشستر سيتي ونيوكاسل يونايتد وويستهام يونايتد، ثم سندرلاند وناديا مدينة شيفيلد ـ ونزداي ويونايتد ـ وليدز يونايتد وولفرهامبتون وندررز ونوتنغهام فوريست. لم تجتذب كل هذه الأندية المستثمرين والمضاربين الأجانب، لكن بعضها فعل خلال السنوات القليلة الماضية وبات مرشحاً جدياً للانتقال إلى مصاف «الكبار» مثل آستون فيلا، الذي اشتراه الثري الأميركي راندي ليرنر (مالك نادي كليفلاند براونز لكرة القدم الأميركية في الولايات المتحدة) وتوتنهام هوتسبر، الذي تسيطر عليه مجموعة «إنيك» الدولية التي تملك أسهماً في أندية عالمية أخرى بينها، آيك أثينا اليوناني، والرينجرز الاسكوتلندي، وسلافيا براغ التشيكي، ويقف وراءها الملياردير البريطاني جوزيف لويس، وويستهام يونايتد، الذي اشتراه الثري الآيسلندي غيغرت ماغنوسون. وحتى خارج هذه الأندية امتلك مستثمرون أجانب أندية أخرى ضخّوا فيها الملايين مثل فولهام (يملكه الثري المصري محمد الفايد، مالك متجر هارودز) وبورتسموث (يملكه الروسي الإسرائيلي ألكسندر غايداماك) وكوينز بارك رينجرز (تملكه مجموعة أثرياء إيطاليين وقطب سباقات السيارات البريطاني بيرني إيكلستون). كذلك سيطر أثرياء كبار من بريطانيا نفسها على اندية أخرى رفعوا قدراتها الشرائية في السوق كثيراً فغدت تنافس الأثرياء، مثل نيوكاسل يونايتد وبلاكبرن روفرز وميدلزبره.