البرامج الحوارية في لبنان تواجه «شبح» المقاطعة

كراسي فارغة.. تعثر في اللحظات الاخيرة.. وإحجام صريح من سياسيي «الطرف الآخر» عن المشاركة

رولا معوض في برنامجها («الشرق الاوسط»)
TT

هم جديد بات يضاف الى هموم مقدم البرامج الحوارية السياسية في لبنان، وهي التي يفترض ان تنحصر في الاعداد ومتابعة فريق العمل وتوجيهه، فبات من المطلوب منه أن يصب تركيزه على اقناع السياسي بالمشاركة في برنامجه اساسا، وذلك نتيجة الوضع الاعلامي في لبنان، حيث لكل حزب او تيار قناة تلفزيونية تتهم معظم الأوقات بأنها تروج له، وبالتالي فإن السياسيين المنتمين لاحزاب أو تيارات معارضة يختارون في كثير من الأحيان مقاطعة القنوات الغير متفقة مع توجههاتهم. من جهتها تقول مقدّمة برنامج "Inter-views" على قناة المستقبل الاخبارية اللبنانية بولا يعقوبيان لـ"الشرق الاوسط".

انه غني عن القول انه اذا غاب السياسي من الفريق "الآخر"، تصاب الحلقة بتشوّه اساسي، لا ينفع معه اي علاج "ما يضطرني الى لعب دور محامي الشيطان احيانا".

و تقول يعقوبيان ان "مسؤولي حزب الله وقسم من التيار الوطني الحر يقاطعون قناة المستقبل (التابعة لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري) مقاطعة تامة، مضيفة "وفي هذه الحال، إما ان أدافع عن الرأي الآخر في مواجهة السياسي الذي استضيف وإما ان اوفق بضيف معارض من حركة امل الذين لا يقاطعون المحطة". في المقابل، تشكو مقدمة برنامج "في التفاصيل" على قناة "او. تي. في" رولا معوّض من "المقاطعة والمحاربة" التي تعرّض لها برنامجها "لدى اطلاق المحطة وحتى اليوم". وتقول في حديثها الى "الشرق الاوسط": "اواجه صعابا هائلة في استضافة بعض سياسيي الموالاة لاسيما من ينتمون الى بعض الاحزاب المسيحية اليمينية. ولا اواجه المقاطعة فقط، بل المحاربة ايضا ذلك ان المقاطعين يطلبون من زملائهم السياسيين عدم قبول دعوتي لاستضافتهم. وقد سمعت كلاما من هذا النوع مرارا. وفي احدى الحلقات وكان موضوعها انمائيا لا سياسيا وهدفها الترويج لصورة لبنان السياحية، دعوت وزيرا مواليا سابقا فرفض بحجة السفر. وفوجئت في اليوم التالي برؤيته على محطة موالية وبعد يومين التيقنا صدفة الى مائدة غداء، فقال لي صراحة انه خاف من فخ ينصب له على قناة للمعارضة!".

واوردت معوّض عددا كبيرا من "نماذج المقاطعة" التي وصلت الى حد التغيّب عن الحلقة "قبل دقائق ومن دون تقديم اي عذر أو اعتذار. اكتفى المقاطعون بإطفاء اجهزتهم الخليوية وقد تأكدت من ذلك بعدما حاولت الاتصال بهم من هاتفي الخاص. فما كان مني الا ان ذكرت ذلك على الهواء مباشرة وتركت في حلقتين الكرسي المخصص للضيفين المقاطعين فارغا". وذكرت انها "عشية ذكرى اغتيال مسؤول من الموالاة، اردت تخصيص حلقة لتكريمه. فوجّهت دعوة الى عدد من المسؤولين في الحزب الذي ينتمي اليه. فكان ان بدّدوا الوقت من دون اعطاء جواب نهائي، وبعدما قبلوا عادوا واعتذروا عن عدم الاطلال قبل ثلاث ساعات من بدء البث وبعدما ظهر الاعلان على الشاشة. وفي احدى المرات، لم يتوان زعيم سياسي كبير عن القول بصراحة انه لا يشاهد المحطة فلم قد يقبل الحلول ضيفا!".

من جهته يقول سعيد غريّب، مقدم البرامج على قناة قناة الـ"ان. بي. أن" (المحسوبة على رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري) انه لا يواجه "اي مقاطعة ولم يعش هذه التجربة، رغم انها تحصل مع الكثير من الزملاء ورغم ان المحطة معارِضة. ويعيد ذلك الى "سياسة الرئيس نبيه بري الذي يشكّل جسر تواصل مع الاطراف كافة". لكنه في نفس الوقت يضيف: "صحيح اننا مررنا أخيرا بفترة اشتدت فيها وطأة الازمة... لكنني فضّلت حينها عدم الاتصال بمن يمكن ان يرفضوا الدعوة او بمن لم اكن واثقا انهم سيلبّون دعوتي". ولفت الى ان "بعض السياسيين يطلبون احيانا استضافتهم، لكنني لست مضطرا للقبول. لقد حصل ذلك مرارا، فإما ان أقبل وإما ان اتريّث في استضافتهم، خصوصا اذا رأيت انهم لن يعطوني نتيجة جيدة. ففي النهاية علينا انتقاء الضيف الذي يهتم الناس لسماعه في ظل هذا الازدحام في الكلام السياسي". وتطرّق الى الدور الشخصي الذي يمكن ان يضطلع به المقدّم لتوفير الضيوف الرفيعي المستوى، فقال: "اضافة الى دور المحطة، اعتقد انني ألعب دورا في مكان ما، يساعدني على ضمان مجيء بعض الضيوف". في هذا الاطار، قال نائب "حزب الله" حسن حب الله لـ"الشرق الاوسط" انه "لا قرار سياسي بمقاطعة قنوات المستقبل. وقد حللت ضيفا في اكثر من مناسبة. وشخصيا لا اضع فيتو على احد. وللامانة، قاطعنا المؤسسة اللبنانية للارسال حين بثّت برنامجا فكاهيا تعرّض لـ(الامين العام لحزب الله) السيد حسن نصرالله واستمرت المقاطعة شهرا واحدا اردنا من خلالها توجيه رسالة استياء". وأضاف: "احيانا لدي ملاحظات على بعض الاعلاميين. اعتقد ان عليهم توزيع الوقت بالتساوي بين الضيوف وأن يكونوا موضوعيين في الحوار ومحايدين رغم تبنيهم افكارا معينة. والاهم عدم الاجتزاء وتحوير الكلام أو وضعه في خارج سياقه. ففي النهاية، يهمني ان اطلّ عبر كل المحطات لاخاطب كل الجماهير. ولكن لا انكر انني اتجنّب الاطلال في برامج تعتمد على الاثارة والصراخ لجذب الجماهير، بدلا من النقاش الهادئ والعقلاني". من جهتها تعود يعقوبيان لتقول: "غالبا ما أقنع السياسي من الطرف الآخر بفضل العلاقة الشخصية معه. لذلك، ابذل جهدا كبيرا للمحافظة على علاقة جيدة مع كل الاطراف. ومجرّد شعورهم بالارتياح في برنامجي، خصوصا لناحية اعطاء الفرصة للجميع للتعبير عن طروحاتهم وتوزيع الوقت بعدل في ما بينهم، يكسب برنامجي مصداقية اكبر". اما معوّض التي "حرصت في عدد من مقدمات برنامجي على التأكيد انه منبر مفتوح للجميع وانه جزيرة ضمن محطة مصبوغة بالبرتقالي"، الا انه في جميع الأحوال فإن معوّض ويعقوبيان تجتمعان على اعتبار ان سياسة المقاطعة "امر مرفوض وخاطئ" وان "الطرف المقاطع هو الطرف الخاسر".