ماذا يعني أن تكون «محرر سفر»؟

الصحافي المختص بشؤون السفر والسياحة في جريدة «نيويورك تايمز» يروي تفاصيل وحيثيات العمل

TT

عمل ستيوارت إمريتش محررًا لقسم السفر في جريدة «نيويورك تايمز» منذ ديسمبر (كانون الأول) 2007، أما في السابق فقد كان يعمل في قسم Escapes section، الذي ساعد على تدشينه عام 2002. وقبل مجيئه إلى صحيفة نيويورك تايمز، عمل كاتبا ومحررا في عدد من المطبوعات ومنها: تايم، وأدفيرستينج إيدج، وذا نيويورك دايلي نيوز. وكان قد تخرج في مدرسة الصحافة بجامعة فلوريدا. ولدى حديثه عن خبرته العملية يقول إمريتش: «لقد أتيت متأخرًا قليلاً إلى عالم السفر، وقد كانت أول رحلة قمت بها إلى الخارج عندما كنت في نهاية العشرينات من عمري، حينها أخذت رحلة طيران عارض من مطار جون كينيدي متجهًا إلى باريس، وأقمت في فندق زهيد الثمن رشحه لي أحد الأصدقاء، ولم أكن أتحدث سوى القليل من الكلمات الفرنسية مثل نعم، ولا، وساندوتشات كروكيه مسيو التي كنت أتناولها كل ليلة في نفس الكافيتيريا التي كانت على الشارع الجانبي. لكن بعد ذلك، ذهبت إلى فرنسا أكثر من 30 مرة أخرى على مدار العقدين الماضيين، إلا أنني كنت أجلس في فنادق أفضل، وأتناول الطعام في مطاعم أفضل. ومع ذلك، ما زلت أفضل تناول ساندوتشات كروكيه مسيو من حين إلى آخر.

* كيف يستطيع شخص ما أن يكون محررا بصفحة السفر؟

ـ أنا لا أفضل «محرري السفر» الجيدين، بل أفضل الكتاب الجيدين – والأهم من ذلك- الصحافيين الجيدين من ذوي الخلفيات الثقافية المتنوعة والعريضة، الذين بإمكانهم تحويل خلفياتهم الثقافية التي يتمتعون بها عن بعض الموضوعات المحددة مثل: التاريخ، الفن، الموسيقى، الأدب، البيئة والأحداث العالمية، إلى موضوعات عن السفر . وفي الحقيقة، من أحد الأمور التي أسعدتني في العمل بقسم السفر في صحيفة نيويورك تايمز، قدرتي على توجيه العديد الصحافيين الموهوبين بالصحيفة، وعلى الرغم من أن بعضهم بالكاد يعتبرون مهيئين لطبيعة العمل التقليدية لمحرر السفر ، إلا أنهم هم أنفسهم تكون لديهم تعبيرات مميزة، ونظرة حادة من أجل تقديم التفاصيل، وحس مرهف مناسب تجاه مهمة العمل في مجال صفحة السفر .

* كيف يتم تحديد المواضيع التي ترد في الملحق؟ ـ يحتاج قسم السفر إلى صحافيين لتحديد الموضوعات والأخبار الصحافية والبحث والاستكشاف فيها، وليس كتابة تجاربهم التي أمضوها خلال الإجازات فقط. وللاستفادة من النوعية الأولى، فإنه يجب أن يتسم الصحافي بالحكمة، وهذا الأمر يعتبر مقصورًا فقط على هؤلاء الكتاب الذين يملكون التعبيرات المميزة والأخبار الصحافية المثيرة التي يمكن نقلها والكتابة عنها، هذا بالإضافة إلى تحويلهم لمستويات الخبرة المعروفة لديهم إلى الموضوع الذي يقومون بتغطيته. من ناحية أخرى، فأنا لا أستطيع أن أقبل الموضوعات التي يتم تقديمها مجانا.

* في الوقت الذي يقوم فيه العديد من صحافيي السفر بقبول الدعوات والرحلات المدفوعة من أجل إيجاد وكتابة الأخبار الصحافية إلى المطبوعة التي تصدر عنها تلك الأخبار، يصر قسم السفر في صحيفة نيويورك تايمز – على حد علمي- على أن أي صحافي يقبل رحلات صحافية (أو أي شيء آخر ممنوح بصفة مجانية) سيتم إدراجه إلى الأبد في القائمة السوداء للقسم، فهل هذا صحيح؟

ـ تعتبر لائحة القيم الخاصة بصحيفة تايمز شديدة الوضوح في ما يتعلق بتلك النقطة: وهو أنه لا يجب على أي كاتب أو محرر بقسم السفر – سواء كان في مهمة أو لا- قبول أي خدمات مجانية أو مخفّضة من أي نوع من عناصر صناعة السفر. التي تتضمن الفنادق، المنتجعات، المطاعم، منظمي الرحلات، الخطوط الجوية، السكك الحديدية، الخطوط البرية، شركات تأجير السيارات وعمليات الجذب السياحية. ولدى محرري السفر الذين يتعاملون مع بعض المساهمين من غير فريق العمل التزام واضح وخاص بتوخي الحذر من أي عملية تتعلق بتضارب المصالح أو حدوث أي نوع من التضارب من هذا القبيل. كما يجب أن يضعوا نصب أعينهم أن سياستنا تؤكد على عدم منح مهام صحافية بشأن السفر إلى محررين غير رسميين قبلوا في السابق خدمات مجانية. ومع ذلك، فإن هناك بعض المرونة في ما يتعلق بهذا الأمر: فاعتمادًا على الظروف، قد يقبل محرر السفر بعض الاستثناءات النادرة، منها على سبيل المثال، توقف الكاتب عن فعل تلك الأمور منذ فترة طويلة، أو الذي يقبل بإعادة تكاليف الخدمات المجانية التي تلقاها، يتم قبوله للعمل معنا داخل الصحيفة.

* لماذا يصر قسم السفر على تجاهل المسافر متوسط الدخل والتركيز على المنتجعات والسفرات الشديدة الرفاهية؟

ـ هناك العديد من الأسباب المنطقية كونك ترى تغطيات صحافية مكثفة للمنتجعات شديدة الرفاهية، والفنادق مرتفعة الأسعار، أو المطاعم التي يشيع الكتابة عنها في هذا القسم. وعلى النقيض من مجلات السفر – التي تصدر شهريًا، فإننا صحيفة يجب عليها تغطية الأنباء والأخبار أولا بأول. وبناء عليه، فإن الأخبار التي يتم تداولها في عالم السفر غالباً ما تتضمن أين يتم بناء الفنادق الجديدة، وأين يتم تطوير المنتجعات الجديدة، وأين تضيف شركات الخطوط الجوية خطوطًا جوية جديدة لها عبر العالم. والكثير من تلك الأخبار بالطبع يرتبط بالمسافرين ذوي الدخول المرتفعة. ومع ذلك، فإنه لا يمكننا إغفال ما تتحدث عنه، فنحن نستطيع أن نوازن بين تلك التغطية مع العديد من البدائل الأخرى التي يمكن تحمل نفقاتها لأناس عاديين، وهذا ما نفعله بالفعل، حتى ولو شعر بعض قرائنا أننا لا نقوم بما يكفي حيال هذا الأمر. ومع ذلك، فالأكثر أهمية أن خياراتنا يتم إلحاقها إلينا عبر الإنترنت من خلال مئات المقترحات والترشيحات الرائعة التي يقدمها لنا قراؤنا، الذين قاموا بزيارة موقعنا الإلكتروني لمبادلتنا الأماكن التي يفضلون الإقامة فيها والمطاعم التي يفضلون الذهاب إليها عندما تكون لديهم ميزانية محددة.

وأخيرًا، يتعين علي أن ألفت الانتباه إلى ميشيل هيجنز – كاتبة عمود السفر شديدة النشاط- التي تبحث بدأب عن الأساليب التي توفر الأموال لقرائنا.

وهنا يلوح أمامنا تساؤل ما: هل نقوم بما يكفي لإتاحة خيارات للسفر التي يمكن لقرائنا تحمل نفقاتها؟ من المحتمل أن تكون الإجابة لا، لكن هذا ليس لضعف المحاولة من جانبنا. • خدمة «نيويورك تايمز»