«بنات وبس».. صوت إذاعي نسائي عبر الإنترنت

انتقادات ذكورية.. وترحيب أكاديمي

الصفحة الرئيسية لموقع الإذاعة على شبكة الإنترنت
TT

«هو ليه ضل راجل ولا ضل حيطة» و«ما فيش راجل».. تساؤلات كثيرة تطرحها إذاعة «بنات وبس» التي أطلقت مؤخرا على شبكة الإنترنت أثارت حفيظة بعض الرجال للهجمة النسوية على الذكور من وجهة نظرهم. فهم يرون أن الإذاعة جاءت لتأخذ من رصيد الرجل في المجتمع وهو الرصيد الذي أوشك على النفاد ـ حسب الرجال ـ بعد صعود دور المرأة في المجتمع بشكل كبير، لكن الفتيات يرين أن الإذاعة تعبر عنهن بشدة لا سيما أنها الأولى من نوعها، ووسط هذا الجدل يرى أكاديميون أن الإذاعة خطوة مهمة لكنها ليست كافية بالنظر إلى أن الفتيات المصريات لا يملكن الدخول على الإنترنت بسهولة.

وعلى الجانب الآخر فإن القائمين على الإذاعة وإن كانت الكلمة العليا للجنس الناعم وبالتحديد لمؤسسة الإذاعة أماني التونسي فإنهم يؤكدون أن الفكرة نجحت ويدللون على ذلك بحجم المستمعين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 20 ألف مستمع يومياً برغم أن الإذاعة عمرها لا يتجاوز 100 يوم.

برامج كثيرة تذاع على مدار 8 ساعات يوميا، هي فترة البث اليومي لـ «بنات وبس» وبالطبع تثير أسماؤها الجدل، فهناك برنامج «ديه ما بقتش عيشة»، و«100 راجل»، وتناقش هذه البرامج في مجملها وضع المرأة في الأسرة والمجتمع، وتناقش السلبيات الموجودة والتي تعاني منها المرأة.

وتقول أماني التونسي في التعريف بنفسها على موقع الإذاعة «أزيكم، أعرفكم بنفس انا أسمي.. مش مهم الاسم أنا بنت مصرية.. أكبر أخواتي، لكن عمري ما حسيت إني أكبرهم، مش مهم السن في مجتمعاتنا الأهم هو النوع، يعني أنا لازم أسمع كلامهم على طول الخط.. عشان أنا بنت». وتتابع في كلمتها التي تشعر من خلالها مدى الظلم الواقع على المرأة المصرية من وجهة نظرها «لو قلت لبابا ميصحش أخويا الصغير يكلمني بالطريقة دي ألاقيه يقولي: أخوكي وليه الحق عليكي. ولو قلتلهم وناقشتهم بصفتي كائن حي له شخصية يقولولي: اسكتي بلا قلة أدب». ولا يقتصر ضيق التونسي ـ التي تتحدث بلسان حال فتيات مصر ـ على المعاملة بينها وبين أهلها لكن أيضا هناك أمور كثيرة حتى في المجتمع.

لكن رغم الحماسة الشديدة من جانب التونسي في كلماتها عبر موقع الإنترنت فإن المرء يفاجأ بحماسة أكبر عند الحديث إليها عبر الهاتف، فالإذاعة بالنسبة لها كل شيء في حياتها ودائما تنظر إلى المستقبل وتسعى إلى توسعة مشروعها وعدم الاكتفاء بأن يكون البث عبر الإنترنت.

وتتحدث التونسي إلى «الشرق الأوسط» عن الإذاعة: «جاءتني الفكرة قبل عام وكنت أفكر في إطلاق مجلة للمرأة لكن من أريد أن أصل إليهم لا يقرأون وبالتالي قررت أن أنشئ إذاعة على الإنترنت للفتيات فقط».

وتشير التونسي التي تعمل في مجال تصميمات الكومبيوتر إلى الصعوبات التي تواجهها قائلة: «التمويل هو مشكلتنا الأساسية فنحن لسنا مؤسسة وإنما مجموعة من الشباب جمعتهم الفكرة وتحمسوا لها فنحن 30 فتاة و10 شباب ولا يتقاضى أي منا رواتب بل ندفع من جيوبنا حتى ينجح المشروع».

وتدافع عن الانتقادات التي توجه إلى الإذاعة والقول بأنها إذاعة تهاجم الرجال، مؤكدة أنها لا تفكر بهذا المنطق وإنما هي تسعى في الأساس إلى توصيل رسالة وحل مشاكل البنات، فمعظم وسائل الإعلام تتحدث عن الإعداد للزواج وأمور أخرى لكنها لا تركز على تنمية الفتاة ومساعدتها على اختيار شريك حياتها الملائم.

وتابعت قائلة: «لا نريد أن نفعل شيئا مثل الآخرين حتى لو ظن البعض أننا إذاعة ضد الرجال وهو الأمر غير الصحيح فليس معنى إننا إذاعة للبنات يعني إننا إذاعة ضد الرجال».

وتؤكد كلامها بالقول إن نحو 10 شباب يعملون معها في الإذاعة، ولو كانت الإذاعة ضد الرجل فلم يكن يرضين أن يحدث ذلك في الوسيلة التي يعملن بها. ويتفق معها مصطفى فتحي، وهو أحد العاملين في الإذاعة، في أن الإذاعة ليست ضد الرجال وإنما تخاطب الفتيات ولكن بشكل مختلف يهدف في الأساس إلى تنميتها كانسان. ولا يجد فتحي أي حرج في عمله في إذاعة للفتيات فقط، ويقول: «الكل يعلم أن أفضل الطهاة رجال وأفضل مصممي الأزياء رجال وأفضل مصففي الشعر رجال، فلماذا لا أعمل في هذا المجال خصوصا أنني أحب عملي».

وترى أستاذة الصحافة المتخصصة في كلية الإعلام جامعة القاهرة الدكتورة نجوى كامل وهي من المهتمين بشأن المرأة أن فكرة إنشاء الإذاعة في مجملها جيدة فهي تتوجه لفئة يكاد لا يهتم بقضاياها أحد ولا تناقش مشاكلها الحقيقية، فهي «فئة مهملة من الإعلام» إلا فيما يتعلق بالجوانب السلبية كالزواج العرفي أو ما شابه ذلك. وتقول نجوى: «مناقشة القضايا الحقيقية للبنات ستكون التحدي الأكبر للإذاعة»، لكنها أشارت إلى أن استخدامها للانترنت كوسيلة يضعف من انتشارها وتأثيرها أو يجعلها تصب اهتمامها في فئة معينة. بدورها ترى الأستاذة أفكار الخرادلي رئيس تحرير مجلة «نصف الدنيا» النسائية أن تخصص الإذاعة في قضايا الفتيات فقط يجعلها قاصرة، فمن المفترض أن تكون الإذاعة صوتا للفتيات يسمعه الرجال وأن تناقش قضايا المرأة وقضايا الرجل. وتقول «ليس من المعقول أن تخاطب الفتيات أنفسهن فقط فلسنا في حلبة مصارعة، وإنما يجب أن نناقش القضايا التي تحقق المصلحة العامة».