المحررة التنفيذية لـ«هيرالد تريبيون»: الاقتصاد بات بأهمية السياسة.. تحريريا

الصحيفة الدولية العريقة تنطلق بحلة جديدة.. وتدمج موقعها الإلكتروني مع «نيويورك تايمز»

اليسون سمايل في مكاتب شركة «نيويورك تايمز» بلندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أطلقت صحيفة «إنترناشونال هيرالد تريبيون» الدولية التصميم الجديد من نسختها الورقية أخيرا، وأعلنت عن دمج موقعها الإلكتروني www.iht.com مع موقع جريدة شقيقتها الأميركية «ذا نيويورك تايمز» www.nytimes.com على الانترنت. وحسب ما علمت «الشرق الأوسط» فإن عملية الدمج لم ينتج عنها أي تسريح للموظفين، بل مجرد تغيير في المواقع الجغرافية للعاملين على الموقع، حيث سيحرر الموقع المشترك من مقر «النيويورك تايمز» في نيويورك، إضافة إلى باريس وهونغ كونغ على مدار الـ24 ساعة. أما التغير الأبرز ورقيا فهو إعطاء أهمية قصوى لصفحات الاقتصاد، ولعل أفضل تبرير لذلك هو ما تقوله أليسون سمايل، المحررة التنفيذية (أي رئيسة التحرير فعليا) للصحيفة، بأن «الاقتصاد بات بأهمية السياسة». «الشرق الأوسط» التقت سمايل في مكاتب شركة «نيويورك تايمز» بلندن، وفيما يلي نص الحوار: > بداية ما مناسبة إعادة تصميم الصحيفة ودمج موقعكم مع موقع التايمز؟ ـ إنها عملية تطورت خلال السنوات الماضية بناء على شعور لدينا بأننا بحاجة لجعل الجريدة أكثر تماشيا مع روح القرن الواحد والعشرين. وخصوصا موقع «التريبيون» فهو أكثر من رائع ولكنه بداياته كانت حين كانت الصحيفة لا تزال مملوكة مناصفة بين «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، وحين استحوذت «النيويورك تايمز» بالكامل على الصحيفة في نهاية 2002 شعرنا أننا نريد أن نكون قادرين على الاستفادة من «عالم» موقع «النيويورك تايمز» الثري.

لذلك فكرة أن يكون لنا واجهة دولية تحت مسمى «غلوبل» على موقع «النيويورك تايمز». وفي النهاية قررنا أن نعيد التصميم وإطلاق الموقع في نفس الوقت، وقد تم إعادة تصميم الصحيفة تحت إشراف مصممين حائزين على جوائز راقية في «النيويورك تايمز». > أشعر بوجود تناقض في الرسالة التي تنبعث عنكم في «الهيرالد تريبيون»، فمن جهة أنتم تريدون القول إنكم «دوليون» و«مستقلون»، وأذكر أن ناشركم السابق، مايكل غولدن، قال لي في حوار قبل 4 سنوات بالحرف «نحن لسنا جريدة أميركية... ولكن دولية»، ومن جهة أنتم الآن تتقربون من «النيويورك تايمز» وتركزون على القول حتى في تصميم الشعار الجديد بأنكم «الطبعة الدولية» من تلك الصحيفة... فهل هذا توجهكم الجديد؟ ـ نحن جريدة دولية بالفعل، وكما تعلم نحن نفكر ونحرر باستقلالية ولدينا كتاب خاصون بنا مثل سوزي منكيس، وفي كثير من الأحيان تأخذ «النيويورك تايمز» عنا قصصا.

> لكن ألا ترين أن ربطكم لأنفسكم بالولايات المتحدة، وهو أمر لم يكن محبذا على الصعيد العالمي حتى انتخاب الرئيس أوباما قبل وقت قريب، ينعكس سلبا عليكم، ففي النهاية أنتم لا تريدون أن يقال عنكم إنكم تعكسون وجهة النظر الأميركية؟ ماذا يحدث لو اختلفتم في الرأي مع «نيويورك تايمز» مثلا؟ ـ أود أن أوضح أن كوني محررة تنفيذية لا يخولني التدخل في صفحات الرأي، لذلك فأنا صراحة لا أستطيع إخبارك ماذا يفعل زميلي العزيز سيرج شمايمان حين يختلف مع مقال رأي، وبالمناسبة فمجلس الإدارة لا يتدخل كذلك وخصوصا في صفحات الرأي التي يفترض أن تعكس حالة حوار. ولكن أنا أختلف معك بجميع الأحوال، لأني أعتبر أن «النيويورك تايمز» تعد مشعلا من مشاعل الامتياز الصحافي، وبالمناسبة فإن الصحافة في أميركا الشمالية هي من أفضل الممارسات في العالم، وأنا أتمنى أن نستطيع نقل روح الاستقصاء هذه إلى أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، وأن نستطيع أن نقدم خدمة كبيرة للنخبة الدولية التي تسافر وتقرأ صحيفتنا. صحيح أن الولايات المتحدة كما تقول أنت تعرضت لضربة فيما يخص سمعتها، لكني لا أعتقد إطلاقا أن «النيويورك تايمز» تأثرت بتلك الضربة، وأعتقد أن صحيفتنا بموجب كونها موجودة خارج الولايات المتحدة هي بالتأكيد دولية. > التغيير يشمل توزيع الصفحات في الطبعة الورقية، فما خلفية ذلك؟ ـ هناك بعض التغييرات، فمثلا هناك تركيز على قسم الاقصاد من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة هذا لعكس تنامي أهمية الاقتصاد، وبالمناسبة أود القول إنه حتى قبل الأزمة الاقتصادية الدولية التي نعيشها اليوم كنت دائما أردد أن الاقتصاد بات بأهمية السياسة، لذلك فستكون الصفحة الأخيرة (أو الأولى من الخلف) مخصصة للاقتصاد في مكان صفحة «انتشرناشونال لايف» (الحياة الدولية)، بحيث يمكنك حين تمسك بالصحيفة أن ترى أخبار السياسة على الصفحة الأولى أو أن تقلبها فترى أبرز ما في الاقتصاد على الجهة الأخرى، وسيبدأ قسم الاقتصاد قبل الأخيرة بـ4 أو 6 صفحات. أما في عطلة نهاية الأسبوع فسيكون نهاية العدد بالإضافة إلى الصفحة الأخيرة مخصصا لأخبار الرفاهية والفنون والمقابلات، الأمر الذي يعكس نوعا مختلفا من القراءة نتوقعه في نهاية الأسبوع. > وماذا سيحصل بصفحة «انترناشونال لايف»؟ ـ سنقوم على الأرجح بإلغائها، لأن التحقيقات التي تتضمنها ستنشر في صفحات أخرى من الجريدة.

> حسنا، بحسب توزيع الصفحات الجديد فإن قسم الاقتصاد أو الثقافة في عطلة نهاية الأسبوع سيستولي على مكان صفحات الرياضة التي ستنقل إلى مكان آخر داخل الجريدة، هل تنوون تقليص تغطيتكم الرياضية؟ ـ لا، تغطيتنا الرياضية ستبقى كما هي. > وما رأيك في الاختلاف الحاصل بين موقف صحيفتي «فاينانشال تايمز» و«وول ستريت جورنال» الاقتصاديتين، حيث ألغت الأولى تغطيتها الرياضية تماما في حين وسعت الثانية تغطيتها بشكل بارز؟ ـ أعتقد أن الرياضة لا غنى عنها بالنسبة لصحيفة دولية يومية. وأنا أقول دائما إنه بإمكانك معرفة تنوع قرائنا من أنماط الرياضة التي تغطيها صحيفتنا، فنحن من جهة يجب أن نغطي البيسبول، في حين يجب أن نغطي الكريكيت أيضا، وفي نفس الوقت يجب أن نغطي الرغبي في حين يجب أن نغطي ما يسمى بكرة القدم الأميركية كذلك. > ما هي «الوصفة السرية» لأن تكون مطبوعة ما صحيفة دولية ناجحة؟ ـ أعتقد أن «الوصفة السرية» في أن تكون صحيفة ناجحة لأكثر من 122 عاما هي أن تسير مع الزمن، دون المساس بمعايير الامتياز التي أتمنى أن يكون الجميع أدرك أننا متمسكون بها. لا تقل للناس كيف يجب أن يفكروا، ولكن يجب عليك أن تقدم لهم لائحة بما يجب عليهم أن يفكروا به، وأعتقد أننا نجحنا في ذلك عبر تاريخ الصحيفة والسر هو الاستمرار في الحفاظ على ذلك النجاح. > ماذا لو تطلب «السير مع الزمن» التوقف عن الطبع ورقيا، هل ستخالفون سياستكم في هذه الحالة؟ ـ أعتقد أنه يجب عليك أن تكون متيقظا لأي احتمال... وفي النهاية فإن الورق أو الجوال أو قارئ الكتب الالكتروني هي مجرد «وسائل» لنقل ما نريد قوله، ولكن في نفس الوقت لم تستطع أي وسيلة أن تحل مكان الصحيفة الورقية من ناحية العملية . > هل لديكم أي خطط معينة بخصوص منطقة الشرق الأوسط؟ ـ نود أن نضع لأنفسنا أسسا أكثر صلابة في مجال وجودنا التجاري، ونحن الآن نطبع في دبي والكويت وقطر ومصر وتركيا والهند وإسرائيل، وأعتقد أننا نأمل في أن نبدأ الطباعة قريبا في السعودية... لكن لا تفاصيل محددة لدي في هذا السياق. > ماذا عن وجودكم على الصعيد التحريري؟ ـ نحن نحاول أن نعطي أهمية لأي قصة تأتينا من السعودية والخليج، وأخيرا نشرنا قصة عن «التطعيس» في السعودية وكانت على صفحتنا الأولى وعلى الصفحة الأولى لـ«النيويورك تايمز». وأنا أهتم بأي قصة من تلك المنطقة، فمثلا دبي تعتبر مركز تجمع للقرن الواحد والعشرين وكيف تبنى ومن يبني هذه المباني ومن يسكنها، والوافدون من أبطال الرياضة، إلى الروس الأثرياء إلى الإيرانيين الذين يريدون حياة خارج بلادهم، إنه خليط مثير للغاية ومصغر لعالم «معلوم».