الصحافي لورانس رايت: المباحث الفيدرالية الأميركية تتنصت على مكالماتي

مؤلف كتاب «سقوط البرجين» لـ«الشرق الأوسط» : أجريت أكثر من 600 مقابلة واستغرقت في كتابته 5 سنوات

لورانس رايت (أ. ب)
TT

يملك لورانس رايت الصحافي في «نيويوركر» وكاتب النصوص السينمائية معلومات واسعة عن «القاعدة»، تساوي معلومات المخابرات الأميركية وربما أكثر، وخلال زيارته الأولى لصحيفة «الشرق الأوسط» قبل سنوات أوضح أنه كان بصدد إعداد مقال مهم عن أيمن الظواهري «رجل خلف بن لادن» للمجلة التي يعمل بها، وقد كان فخورا بما أنجز، وحزينا ومتألما بسبب الفكر الدموي «للقاعدة». وقد بقي هذا الكتاب 8 أسابيع على قائمة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعا، والتي وصفت الكتاب على أنه «نظرة عميقة إلى الأحداث المأساوية التي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وذو نظرة حميمة ومؤلمة من منظورها التاريخي».

ولورانس رايت أو «لاري» كما يحب أن يلقَّب، أميركي متخصص في الكتابة عن «القاعدة»، وأهم كتبه «البروج المشيدة.. القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر (أيلول)»، وهو حائز على جائزة «بوليتزر» (أرقى الجوائز الأميركية للصحافة عن الكتاب الذي تبني فيه مقولة إن الموجة الجديدة من العنف ترجع إلى المفكر الإسلامي سيد قطب وكتاباته التي كانت اللبنة الأولى للفكر الجهادي في مختلف دول العالم)، وحائز على جوائز عديدة، تحدث لـ«الشرق الأوسط» في لندن عبر الهاتف من منزله في الولايات المتحدة، عن عدد من المواضيع المتخلفة وعن كتابه الجديد، وفيلمه الجديد «الطريق إلى القاعدة» الذي لم يُبَثّ بعدُ عبر الشاشات الفضائية، فإلى نص الحوار:

* أخبرني قليلا عن فيلمك الجديد؟

ـ يُطلَق على فيلمي الجديد «الطريق إلى القاعدة»، ومخرجه هو أليكس غيبني. وهو من أخرج من قبل فيلم «ذا تاكسي تو ذا دارك سايد» (تاكسي إلى الجانب المظلم)، الذي حصل العام الماضي على جائزة الأوسكار، وتدور أحداثه عن أفغانستان. ويعكف حاليا على العمل في فيلم وثائقي عن لانس أرمسترونغ. وقد كنت أمثل المسرحية في نيويورك، وجاء ألكس لمشاهدتي في مركز كينيدي في واشنطن، وعرض عليّ القيام بالفيلم الوثائقي.

* كم ستكون مدته الزمنية؟ ـ أعتقد أنه سيكون نحو 90 دقيقة.

* هل ستقوم بكتابة نص الفيلم الوثائقي؟ ـ نعم سأقوم بكتابة النص، فضلا عن قيامي بالتمثيل أيضا.

* بعد كتابة الكثير من الكتب والمقالات المتعلقة بالقاعدة، هل تعتقد أنك تحظى بفهم أكبر بشأنها؟

ـ أعتقد أنني أفهمها أكثر من أي رجل غربي آخر غير مسلم. ويعني هذا أن ثمة أشياء عن الإسلام والمحيط السياسي التي لا يمكنني استيعابها بشكل كلي، فهي ليست نابعة من خلفية ثقافية.

* عملتَ في السعودية ومصر، فما انطباعك عن جيل الشباب في هاتين الدولتين؟

ـ أعتقد أن الشباب هناك عاجز إلى حد ما. وفي السعودية دربت صحافيين سعوديين صغارا في السن ولكنهم واعدون ومبشرون مهنيا، وآخر مرة زرت فيها مصر كانت في مارس (آذار)، وأنا لا أرى قدرا كبيرا من النشاط السياسي في البلاد حاليا.

* هل تعتقد أن القاعدة باتت تهديدا أم أنها آيديولوجيا؟

ـ أعتقد أن القاعدة تمثل تهديدا، ليس فقط للغرب، ولكن للمسلمين أيضا. لقد قضي الكثير من المسلمين على يد القاعدة أكثر من الأميركيين الذي لقوا حتفهم في أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، كما أنها ما زالت تمثل تهديدا بالفعل. ولقد انخفض الجوهر المركزي للقاعدة، إذ أوضحت لي المخابرات المصرية أن جوهرها أصبح 200 فردا فقط. أما الاستخبارات المركزية الأميركية فقد أوضحت لي أنهم يعتقدون إنها تبلغ ما بين 300 و500 فرد، إلا أن هناك عددا أقل من الأفراد في قلب القاعدة مما كان عليه الحال قبل أحداث سبتمبر (أيلول). ومع ذلك، فقد توسعت فكرة القاعدة وامتدت جذورها في أماكن لم يكن لها فيها وجود قبل أحداث سبتمبر (أيلول).

* ولكن ألا توافقني الرأي أن الخطر الأساسي من القاعدة لا يتمثل في باكستان، إنما في المناطق القبلية؟ ـ بلى، لقد صنعت القاعدة لنفسها وجودا في الكثير من المناطق في باكستان، أحدها بالتأكيد المناطق القبلية، إلا أنني أود التوضيح أيضا أن هذا مرتبط بأفغانستان، وأنهم قد شكلوا تحالفا مع طالبان أضحى أقوى بكثير حاليا مما كان عليه قبل سبتمبر (أيلول). كما لا يمكننا أيضا أن نغفل اليمن، الذي أضحى ذا أهمية متزايدة بالنسبة إلى القاعدة، علاوة على أن الصومال ما زالت تمثل قاعدة لها، ومن المحتمل أن تكون ذات أهمية كبرى للقاعدة. وبالطبع هناك منتسبو القاعدة مثل الجماعات الموجودة في شمال إفريقيا، والتي لم تستقطبها القاعدة، لكنها هي من ارتبطت بها.

* متى تعتقد أن القاعدة ستتلاشى تماما؟ هل في غضون 10 أو 20 عاما؟

ـ حسنا، يبلغ عمر القاعدة فعليا 21 عاما، ويعد هذا عمرا طويلا بالنسبة إلى جماعة إرهابية، فقد عاشت فعليا مدة أطول مما كان باستطاعة أي شخص أن يتوقع. ولا أعتقد أن القاعدة ستنتهي حتى يختفي بن لادن.

* إذا أنت تعتقد أنه إذا اختفى بن لادن ستتلاشى القاعدة؟

ـ أعتقد أنها ستبدأ في الزوال، ولا أعتقد أنها ستنتهي على الفور، إلا أنه ما من خلفاء واضحين لبن لادن.

* وماذا عن أيمن الظواهري؟ ـ إن لديه جماعته الإرهابية الخاصة في مصر، وقد أثبت أنه زعيم رديء للغاية.

* لماذا تعتقد أن بعض المسلمين مثل الموجودين في بريطانيا والمجتمعات الآسيوية ما زالوا يتحولون إلى متطرفين رغم تعلمهم القيم الغربية وتلقيهم التعليم الغربي؟

ـ هذا ليس صراعا للحضارات، إنه صراع الهويات داخل الحضارة. ومثالا على ذلك، عدد اسم محمد الذي يتم تسمية الأطفال حديثي الولادة به في بلجيكا، وهو الاسم الشائع في العالم الإسلامي بأسره. وإذا كان لك أصول فلمنكية، فقد تفكر ما الذي سيحدث للغتنا وثقافتنا وموطننا في العالم. وإذا كان اسمك محمد، فقد تتساءل إن كان هؤلاء الأفراد لا يرغبون فيّ، ولن أكون أبدا واحدا منهم، وأعتقد أن هذا أحد الأسباب التي من أجلها يذهب الشباب إلى المساجد ويجد فيها شبابا آخرين نافرين على هذا النحو، وكيف أصبحوا راديكاليين. وقد يكون هؤلاء المسلمون الشباب لا يتحدثون حتى العربية. وقد لا يكونون ذهبوا حتى إلى المغرب، إلا أنهم منصرفون منعزلون عن الثقافة التي يعيشونها.

* حدثت أخطاء وتحققت إنجازات خلال وقت الحرب في ظل إدارة الرئيس بوش، تمثلت الإنجازات في اعتقال رموز بارزة من القاعدة مثل خالد شيخ محمد وأبو زبيدة وابن الشيخ الليبي ورمزي بن الشيبة، فما الأخطاء التي ارتُكبت؟

ـ حسنا، لنبدأ بالإنجاز الأكبر الذي تحقق في ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) عام 2001. أغار عدد قليل من أفراد القوات الخاصة الأميركية وقوات حلف شمال الأطلنطي على القاعدة، وأطاحوا بحكم طالبان. وقد ظل الجيش الأحمر في أفغانستان طيلة 10 أعوام، ولم يحققوا أي شيء من هذا القبيل. وفي غضون أسبوعين فقط، انتهت الحرب على الإرهاب بصورة أساسية. وطبقا لتقاريرهم والمذكرات الداخلية، فإن 80 في المائة من أعضاء القاعدة إما لقوا حتفهم وإما أُسروا. كما هرب زعيمهم، إلا أنهم مشتتون، وأصابهم الفقر، وباتوا بالكاد يتواصلون معا، وتم التبرُّؤ منهم في جميع أنحاء العالم. وباتت القاعدة أشبه «بالزومبي»، لا هي حية، ولا ميتة. ثم حدثت حرب العراق التي أعادت الحياة إلى أواصر هذا الوحش الكامن من جديد. وهنا يتجلى الخطأ الأكبر.

* كان هذا السؤال الذي كنت أعتزم طرحه، هل أعاد غزو العراق سريان الدماء الجديد في عروق القاعدة؟ ـ نعم، لقد أعادهم من جديد إلى الحياة، فلقد منح القاعدة قضية وسببا جديدَين للنضال من أجلهما، كما منحهم دولة جديدة للتدرب بها، فضلا عن اجتذاب آلاف الشباب المسلم للجهاد.

* ما تقييمك للخطوات التي اتخذها الرئيس أوباما في الحرب على الإرهاب وإغلاق معتقل غوانتانامو؟

ـ أعتقد أنه يقف في نقطة صعبة للغاية، فهو يتعامل مع واقع صُنْع إدارة بوش لبعض الأخطاء الكارثية، ومثال على ذلك أن يكون من الصعب للغاية تقديم هؤلاء المعتقلين إلى المحاكمة. وذلك على أساس أنهم تعرضوا للتعذيب، وبالتالي سيكون من الصعب للغاية أن يمثلوا أمام القضاء، والاستفادة من اعترافاتهم التي تم انتزاعها تحت وطأة التعذيب، وأعتقد أن الإرهابيين يخشون من أن يتم جلب أعضاء القاعدة في ولاياتهم، إلا أنني أعتقد أن هذا سوف يحدث، وأعني من هذا أنه سيتم إغلاق غوانتانامو، وسيتم إرسال هؤلاء المعتقلين إلى سجون شديدة الإجراءات الأمنية في الولايات المتحدة. إن هذا مأزق كبير للمشكلة القانونية، كما أنها تعكس الخزي والعار على مؤسساتنا بسبب القرارات التي تم اتخاذها خلال إدارة بوش.

* رأينا الرئيس أوباما يعين داليا مجاهد أخيرا لتكون مستشارته للشؤون الإسلامية، فهل تعتقد أن ظاهرة الإسلامو فوبيا ما زالت كامنة في المجتمع الأميركي؟ وهل تعتقد أن أميركا ما زالت تجد من الصعب التفريق بين الإسلام والإرهاب؟ ـ مما لا شك فيه أن ظاهرة الإسلامو فوبيا ما زالت موجودة حتى وقتنا الحالي، إلا أنني أعتقد أنها تضاءلت كثيرا. لقد رأينا ظاهرة الإسلامو فوبيا خلال الانتخابات الرئاسية، عندما حاول المعارضون التركيز كثيرا على اسم الرئيس الأوسط. وبصدق، لم يكن لهذا أي تأثير. وفي الحقيقة لدي أصدقاء يوقعون الخطابات باستخدام اسم حسين. كما أن لي صديقا سمى ابنه حسين، فهذه هي أميركا. إنها نقيض ما يمكن أن تتوقعه. لقد ارتأى أغلب الأميركيين أن أصول أوباما تُعتبر كنزا لفهم العالم الإسلامي. وأنا أترقب ما سيقوله في مصر يوم الرابع من يونيو (حزيران).

* بعد أحداث سبتمبر (أيلول) صدرت مئات الكتب والمقالات، ومنها ما هو من تأليفك. هل تعتقد أن هذه الكتب والمقالات أدت إلى زيادة الوعي بالإسلام؟

ـ نعم، ما من شك في هذا. ويمكن القول إن هذا في صالح أميركا إذا ما حدث، فالشعب يحاول فهمه. لقد أضحت المدارس تضم الدراسات العربية والشرق أوسطية، وهناك آلاف الأفراد الذين باتوا يكتبون على خلفية علم ودراية عن هذه القضية، كما تُعَدّ العملية التعليمية مفيدة للغاية بشأن محاولة مساعدة الأميركيين في فهم خلفية هذه الحركة، ولماذا هاجموا أميركا. ولا يتوصل الجميع إلى هذه النتيجة، إلا أن أغلب الأميركيين على الأقل بدأوا في إطلاع أنفسهم حيال هذا الأمر.

* هل تعتقد أنه سيأتي اليوم الذي يتولى فيه الجيل الثالث أو الرابع من العرب في أميركا رئاسة الاستخبارات المركزية الأميركية؟

ـ أحب أن يحدث هذا، فهناك بعض المجالات التي أخفقت المجتمعات الاستخباراتية الأميركية فيها حقا. وثمة تحيز حيال تعيين المسلمين، لا سيما مهاجري الجيل الأول. إن أحد أبطال كتابي كان علي صوفان، من بيروت، وهو مهاجر إسلامي من الجيل الأول، وكان عميلا لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، وكان على مشارف وقف هجمات سبتمبر (أيلول) أكثر من أي شخص آخر. وهو أحد العملاء التسعة ممن يتحدثون العربية. والآن لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي 9 أفراد يتحدثون العربية، ومع ذلك فإنهم يتحدثون بالقدر الكافي الذي يمكّنهم من طلب الإفطار، لكن ليس بالدرجة الكافية التي تمكنهم من استجواب أي شخص.

* هل ينحدر هؤلاء التسعة من أصول عربية أم أنهم أميركيون تماما؟

ـ إنهم من الجيل الثاني، وقد كان من الخطأ فعليا عدم الوثوق بهؤلاء الأفراد ممن يمكنهم فعليا مساعدتنا. وينطبق هذا الامتعاض على اللغات والعرقيات الأخرى أيضا، مثل الأوردو. وفي أميركا يوجد فعليا من يتحدث هذه اللغات وبطلاقة، إلا أن القضية برمتها تتعلق بنفور الوكالة عن توظيفهم لديها.

* ما تقييمك لإصلاح الاستخبارات المركزية الأميركية بعد رحيل بوش، علاوة على رئيس الوكالة الجديد ليون بانيتا؟ هل تعتقد أنهم يقومون بالصواب حاليا للتقدم إلى الأمام؟ ـ أعتقد أنه من المبكر للغاية التحدث عن هذا، لقد التقيت بانيتا، وأعتقد أنه رجل جدير بالاحترام، كما أنه يحظى بسمعة جيدة كسياسي من كاليفورنيا، كما أنه إنسان للغاية وحكيم، أما بشأن تغيير الاستخبارات المركزية التي دوما ما كانت تقاوم التغير، فمن المبكر للغاية الحديث عن هذا.

* من وقت إلى آخر نسمع الإسلاميين والإخوان المسلمين وهم يهتفون بالشعارات المنادية بعدم شراء البضائع الأميركية، فما رأيك في هذا؟

ـ أعتقد أن هذه طريقة أفضل بكثير من العنف، فالتظاهر يمثل استجابات ديمقراطية للغاية، قد لا أتفق معهم، إلا أنني بالتأكيد لن أعارض أساليبهم.

* متى تعتزم ترجمة بعض كتبك إلى العربية؟

ـ من المفترض أن يتم ترجمتها، وهناك دار نشر في القاهرة تُدعى «الكلمة العربية»، ومن المفترض أن لديهم كتاب «سقوط البرجين» بعد ترجمته إلى العربية العام الماضي، إلا أن هناك ما يدعو إلى التساؤل: لماذا لم يظهر حتى الآن؟ وهذا هو الكتاب الوحيد الذي قررت ترجمته إلى العربية، وأنا توّاق للغاية إلى معرفة ماذا سيقولون، لأن هذا يعني الكثير بالنسبة إليّ.

* عشت وتعلمت في السعودية، فما انطباعك عن الأجيال الشابة في السعودية، لا سيما الصحافيين الشباب؟

ـ عملت لدى صحيفة «سعودي غازيت» بجدة ثلاثة شهور، في تلك الأثناء كنت أراقب الصحافيين الشباب، وقد أحببتهم فعلا، فهم رائعون، إلا أنه من المحبط التفكير في مدى بطء تغير الأمور.

* هل لدى الصحافيين الشباب قدرة على الاحتمال؟

ـ كان صعبا بالنسبة إليهم، وهذا لأنني علمتهم أشياء كان من الصعب فعليا بالنسبة إليهم الاستفادة منها في الكثير من الحالات، مثل كيفية تقصّي الأخبار، ولكن غالبا لم يكن ليُسمَح لهم بنشرها، ذلك لأنها تجاوزت بعض الحدود التي كنت أجهل للغاية فهمها واستيعابها.

* أنت صحافي مشهور حاليا، ولكن إذا كان بإمكانك العودة مرة أخرى إلى شبابك، وتيسر لك شق طريقك من جديد، فما المهنة الأخرى التي كنت ستفكر في أن تكون مهنتك؟ هل تكون دبلوماسيا أم رجل أعمال؟

ـ لم أكن أرغب في أن أكون أي شيء آخر غير كوني كاتبا، فأنا أحب مهنتي، كما أنني أعكف حاليا على تأليف سيناريو فيلم لرايدلي سكوت، وهو فيلم عن نهاية الحضارة، كما أعكف أيضا على العمل في مسرحية كوميدية، و«أريانا فلاتشي»، و«الغضب والغرور»، وكتاب «معاداة الإسلام».

* هل بدأت حياتك صحافيا أم مؤلف أفلام؟

ـ بدأت صحافيا، وكان الفيلم الأول لي هو فيلم «الحصار» عام 1998.

* هل لديك ذكريات خاصة من تأليفك لهذا الفيلم؟ ـ لقد كان سيئ الحظ لأنه لاقى قدرا كبيرا من الاحتجاجات حينها، إذ كان يُعتقد أنه يفتري على المسلمين لأنه صوّر العرب على أنهم إرهابيون. وحتى قبل عرض الفيلم، حدث تفجير في كيب تاون بجنوب إفريقيا لقي فيه شخصان حتفهما، بالإضافة إلى فقدان فتاة صغيرة لساقها، وكان المفجرون يتبعون جماعة إسلامية راديكالية، قالوا إنهم يحتجون على أن بروس ويلز ـ الذي كان في الفيلم ـ أحد مالكي كازينو «هارد روك»، وكان هذا باعثا على الضيق إلى حد كبير.

* يعلم الجميع أنك مهتم بمنطقة الشرق الأوسط، ولكن هل كنت مهتما بالشرق الأوسط قبل أحداث 11 سبتمبر (أيلول)؟ ولماذا؟

ـ كنت أعيش في مصر في عام 1969، وكنت معارضا بضمير حي للحرب في فيتنام، لذا رفضت الالتحاق بالجيش، وكان ذلك يعني أن أقوم بعمل آخر أخدم فيه البلاد لمدة عامين. ووجدت وظيفة تدريس اللغة الإنجليزية في الجامعة الأميركية في القاهرة، لذا أصبحت مهتما بالشرق الأوسط. لقد أحببت الفترة التي أمضيتها في مصر. وكنت أعيش في الزمالك لمدة عامين، وكان لديّ طلاب شباب رائعون، وكانت فترة رائعة أمضيتها هناك حتى على الرغم من عدم وجود علاقات سياسية بين القاهرة وأميركا في ذلك الوقت.

* وهل كانوا يعاملونك معاملة جيدة؟

ـ كانوا يعاملونني معاملة رائعة. لقد أمضيت وقتا جميلا ونما لديّ شعور عميق بحب الشعب المصري.

* هل تذكر المقال الشهير «رجل خلف بن لادن»؟ كم أسبوعا استغرقت في كتابة هذا المقال؟

ـ كنت في مصر لمدة ثلاثة أشهر أبحث في موضوع المقال، ثم استغرق عدة أشهر أخرى، أي استغرق نحو خمسة أشهر.

* وكم شخصا قابلت من أجل كتابة الموضوع؟

ـ لم أُحصِ عدد الأشخاص في ذلك المقال، ولكني فعلت ذلك في الكتاب. وبالنسبة إلى الكتاب فقد أجريت ما يزيد على 600 مقابلة.

* وكم أمضيت من الوقت في الانتهاء من الكتاب؟

ـ نحو خمسة أعوام من البداية وحتى النهاية.

* ما رأيك في القنوات الفضائية العربية مثل «العربية» و«الجزيرة»؟ هل تعتقد أنها تتجه إلى الأمام؟

ـ إنها ثمينة في ما يتعلق بنشر المعلومات. وعلى سبيل المثال في السعودية، كانت الصحافة ما زالت مقيدة، عندما بدأت قناة الجزيرة في البث، وفجأة أصبح السعوديون يحصلون على الأخبار التي لا تُنشر على قنواتهم أو صحفهم. وذلك أحدث ثورة كبرى في الإعلام السعودي. ولولا القنوات الإخبارية، لكان تدفق الأخبار في الكثير من الدول الإسلامية أسوأ حالا مما هو عليه، ولكن ذلك لا يعني أنني أتفق مع كل ما تبثه قناة «الجزيرة».

* ما أصعب موقف واجهته خلال مشوار عملك؟ عندما كنت تؤلف كتابا أو مقالا مثلا؟

ـ بالطبع، توجد لحظات شعرت فيها بعدم الراحة وبالخوف، ولكني لم أشعر مطلقا بالخطر، حتى عندما كنت في حضور الأشخاص الذين عارضوا رأيي بعنف. لم أشعر مطلقا بالتهديد. وكنت دائما أشعر بأن سر الصحافة في أن يرغب الناس في الإفصاح عن قصصهم، وإلا ما كانوا تحدثوا إلى صحافي مطلقا.

* لقد حدث ذلك معي، وأيضا مع صحافيين عرب آخرين، فهل جاء رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي إليك وسألوك عن قدر المعلومات التي لديك؟

ـ نعم، لقد جاؤوا إلى منزلي ليسألوا عن بعض الاتصالات التي قمت بها من هاتف منزلي إلى رقم هاتف في لندن، وكانوا يريدون معرفة من صاحب ذلك الرقم. وكانت تلك الاتصالات إلى غاريث بيرس محامية بعض الإسلاميين، وكانوا يعتقدون أن ابنتي هي من تُجري الاتصالات. وسألتهم عن كيفية معرفتهم بشأن الاتصالات ومعرفتهم باسم ابنتي، ولكنهم لم يجيبوا على أي من تلك الأسئلة. وأفترض أنهم كانوا يسجلون مكالمات هاتفي، وأن اسم ابنتي دخل في الموضوع، وكانوا يعتقدون أنها تتحدث إلى شخص ما في لندن عن القاعدة. ولم أقلق فقط بشأن تنصُّتهم على اتصالاتي، ولكن أيضا لأنهم لا يفهمون ما يستمعون إليه.