في وسط الأزمة الاقتصادية.. الإيكونومست تزيد من أرباحها وتوزيعها

تخفض مصاريفها بتقليل عدد العاملين بنسبة 10%.. مع تراجع في سوق الإعلان

TT

وسائل الإعلام المختلفة، من صحف وتلفزيون، تمارس هذه الأيام سياسة شد الأحزمة بعد أن باتت تعاني من انخفاض حجم المبيعات بسبب المنافسة مع النسخ الإلكترونية على الإنترنت والجرائد التي تباع مجانا، إضافة إلى فقدانها جزءا كبيرا من السوق الإعلانية، بعد أن بدأت تتجه الشركات للترويج لبضاعتها من خلال وسائل إعلانية جديدة سهلت وجودها التكنولوجيا الحديثة، خصوصا الرقمية منها.

إلا أن نتائج مجموعة الإيكونومست، التي تملك مجلة الإيكونومست السياسية الشهيرة التي تعنى بشؤون الساعة والأوضاع الدولية، جاءت جيدة خلال العام المالي الذي انتهى في 31 مارس (آذار) الماضي. وقالت المجموعة إنها ما زالت تجني الأرباح رغم أن ريعها من السوق الإعلانية تراجع في الشهور الأخيرة، الذي تغلبت عليه من خلال تقليل المصاريف بعد أن قلصت عدد الوظائف لديها بمقدار 130 وظيفة. وقال كريس ستيبس، المدير المالي للمجموعة إن حجم المداخيل من السوق الإعلانية أصبح سلبيا في الربع الأخير من العام المالي، من بداية العام الحالي وحتى نهاية مارس (آذار) لعام 2009، كما استمرت الحالة في تدهور مقارنة مع نفس الشهور من العام الماضي.

ورغم هذا النقص في الإيرادات الإعلانية، قال كريس ستيبس إن أرباح المجموعة استمرت في الصعود بعد أن قلصت عدد العاملين بمقدار 130، أي ما يعادل 10 في المائة من القوة العاملة في مكاتبها حول العالم التي يعمل فيها أكثر من 1100 شخص. ويقول خبراء الإعلام إن المجموعة، التي تنشر أسبوعيا مجلة الإيكونومست التي توزع في جميع أنحاء العالم، هي أقل من غيرها من المجلات في الاعتماد على السوق الإعلانية، إلا أن ذلك لا يعني أنها لا تتأثر من الظاهرة الجديدة وهي التدهور الذي تواجهه السوق الإعلامية والإعلانية.

وحسب الأرقام التي نشرتها المجموعة يوم الاثنين الماضي، فإن الأرباح التشغيلية للمجموعة، التي تضم موقع «إيكونومست دوت كوم» وفروعها من المطبوعات في واشنطن مثل الجريدة السياسية «رول كول» إضافة إلى مجلة الإيكونومست، ازدادت بمقدار 26 في المائة عن العام الماضي ووصلت إلى 56 مليون جنيه إسترليني (90 مليون دولار) مع نهاية العام المالي في 31 مارس (آذار) 2009. وجاءت هذه الأرقام لتبين أن أرباح المجموعة قد تضاعفت عن أرباحها عام 2005 التي قدرت آنذاك بـ24 مليون جنيه إسترليني (40 مليون دولار). أما الإيرادات فقد زادت بمقدار 17 في المائة عن العام الماضي ووصلت إلى 313 مليون جنيه إسترليني (500 مليون دولار)، مقارنة بـ197 مليون جنيه إسترليني (270 مليون دولار) قبل أربع سنوات. وقالت المجموعة إن مداخيلها من خلال نشاطها التجاري في المملكة المتحدة ارتفع بمقدار 57.2 مليون جنيه إسترليني (85 مليون دولار) مقارنة بالعام الماضي الذي وصلت مداخيلها خلاله إلى 53.7 مليون جنيه إسترليني (78 مليون دولار). ولهذا ارتفعت أرباح المجموعة لفرع نشاطاتها التجارية في المملكة المتحدة من 13.6 مليون جنيه إسترليني (21 مليون دولار) إلى 14.97 مليون جنيه إسترليني (23 مليون دولار).

ويعتقد رئيس مجلس إدارة المجموعة روبرت ويلسون، الذي سيستقيل من منصبه خلال اجتماع الجمعية العمومية عندما تنعقد في 16 يوليو (تموز) المقبل، لصالح روبرت بينانت ـ ري (الذي عمل أيضا محررا لمجلة الإيكونومست من عام 1986 إلى 1993 ونائبا لحاكم البنك المركزي البريطاني لمدة سنتين بعد ترك عمله في المجلة) أنه وعلى الرغم من الانخفاض في الإعلان التجاري فإن المعلنين اختاروا النوعية الجيدة في توجههم. لكنه أضاف في تقريره السنوي قائلا «إن النتائج لهذا العام لن تعكس بالضرورة هذه الظاهرة في الصعود في الأعوام المقبلة في ظل الصراع من أجل البقاء الذي تواجهه الشركات الكبرى التي تعتبر من روافد مداخيلنا».

وقال اندرو راشبيس المدير التنفيذي للمجموعة، الذي تسلم المنصب من هيلين الكساندر في الصيف الماضي، إن المجموعة تمكنت من تخفيض نفقاتها وزادت من قوتها في نشاطات تجارية أخرى لها، مضيفا «بخلاف الشركات الإعلامية الأخرى لقد دخلنا مرحلة الركود التي تجتاح العالم بزيادة أرباحنا التي جاءت بعكس كل التوقعات والأفضل في تاريخ الشركة». وجاءت آراء اندرو راشبيس لتعكس ما صرح به مدير المجموعة المالي كريس ستيبس، الذي قال هو الآخر معلقا على نشاط مجلة الإيكونومست، إن المجلة الأسبوعية قامت في بداية العام الحالي بإغلاق النسخة الأوروبية والنسخة الآسيوية لمجلة «سي إف أو» التي كانت تمول كاملا من الإعلانات.

«الأرباح جاءت جيدة بسبب الموارد غير المعتمدة على السوق الإعلانية، وهي في حالة نمو متزايد، وفي نفس الوقت تم أيضا تقليص المصاريف»، وأضاف أن المجموعة لن تقوم بأي تخفيضات إضافية، إلا أن ذلك يعتمد بالدرجة الأولى على السوق الإعلانية التي تدر على المجموعة بما يصل إلى 45 في المائة من إيراداتها.. «الآن وخلال حديثنا عن الموضوع فإن الأرباح ما زالت جيدة. أما إذا كان هناك تدهور مستمر في وضع السوق يؤثر سلبيا على أوضاعنا كما هي الآن، فسوف فسنضطر إلى تخفيض آخر للمصاريف».

ومن الأسباب الرئيسية لارتفاع أرباح المجموعة زيادة مبيعات مجلة الإيكونومست الأسبوعية. وحسب أرقام مكتب تدقيق التوزيع للصحف والمجلات في بريطانيا فقد ارتفعت أعداد توزيع المجلة بمقدار 6.4 في المائة ليصل العدد الإجمالي إلى 1.39 مليون نسخة في العالم أجمع خلال النصف الثاني من العام الماضي، أي من يوليو (تموز) إلى ديسمبر (كانون الأول) 2008. أما مبيعات المجلة في المملكة المتحدة فقد ارتفعت بمقدار 3.1 في المائة لتصل إلى 187 ألف نسخة أسبوعيا خلال نفس الفترة. وتعتقد المجموعة أنه بسبب أن تكلفة التسويق والتوزيع أقل بكثير من الإيرادات الناتجة عن إضافة قارئ جديد فإنها ستستمر في جهودها بزيادة التوزيع. جدير بالذكر أن مجموعة «بيرسون فاينانشال تايمز»، التي تملك صحيفة «الفاينانشال تايمز» البريطانية اليومية تملك 50 في المائة من مجموعة الإيكونومست. أما بقية أسهم المجموعة فيملكها مستثمرون أفراد. وزادت أرباح المستثمرين بنسبة 8 في المائة مما رفع قيمة السهم إلى 97.3 بنس.