شركة هندية تحيي القصص المصورة عبر إذاعتها في التلفزيون

للاستفادة من الفراغ الموجود في صناعة ترفيه الأطفال بسوق الإعلام

سمير باتيل أمام ملصق لأحد اعماله المصورة («نيويورك تايمز»)
TT

مثل الكثيرين من الهنود الذين أمضوا طفولتهم في الثمانينات، نشأ سمير باتيل على القصص المصورة التي تنشرها «أمار شيترا كاثا». وقد تعلم من الكتب التي تدور حول أساطير أزوب على الطريقة الهندية والحكايات الدينية والسير الذاتية للشخصيات التاريخية قصص هندية عظيمة غير مشهورة بطريقة مبسطة موجهة للقراء الصغار.

ويبلغ باتيل من العمر الآن 38 عاما، وكان مستشارا سابقا في ماكينسي واشترى دار النشر منذ عامين. ويراهن على أن في استطاعته فعل الشيء ذاته مع جيل جديد من أبناء الهند الذين نشأوا على مشاهدة التلفزيون وإرسال رسائل نصية وتصفح الإنترنت. ويخطط لإذاعة نسخ متحركة من قصصه المصورة على التلفزيون الهندي في بداية العام المقبل. ويتوقع أن تظهر الرسوم المتحركة لأول مرة على قناة «كرتون نتوورك» في الهند، ويتفاوض حول صفقات مع قناتَي «ديزني تشانيل» و«نيكلوديون».

وتروج شركة «فودافون» للاتصالات بالفعل لقصص «أمار شيترا كاثا» المصورة، من خلال خلفياتها المصورة ونغمات الرنين. وقد أعلن فريق «باتيل» من خبراء البرامج والرسوم المتحركة في بنغالور أخيرا عن لعبة متعددة اللاعبين على الإنترنت، وهي «أسطورة كاثا». وفي العام الماضي استحوذ باتيل على شركة «كارادي تيلز» التي تخرج كتبا سمعية للأطفال.

وفي انخفاض مشابه لما حدث في شركات عملاقة في الكتب المصورة الغربية مثل «مارفيل»، شهدت مبيعات وشعبية قصص «أمار شيترا كاثا» هبوطا حادا في الأعوام التي سبقت شراء باتيل وشريكه، شريبال موراكيا، لدار النشر، ولم يعلن باتيل عن السعر الذي دفعاه في الصفقة.

كانت الشركة مهزومة في معركتها من أجل كسب الجمهور أمام قنوات التلفزيون الفضائية والإنترنت وأفلام بوليوود. ولم تحظَ محاولات تحويل قصصها المصورة إلى رسوم متحركة على انتباه كبير في ظل الشركة الأم السابقة، «إنديا بوك هاوس»، وهي شركة توزيع للكتب (ويملك موراكيا، الذي باع في السابق شركة تداول أسهم عبر الإنترنت لـ«سيتي غروب»، أغلبية الأسهم في شركتهما «إيه سي كيه ميديا»، ولكنه لا يقوم بدور في الإدارة).

ويأمل باتيل في الوقت الحالي في الاستفادة من الفراغ الموجود في صناعة ترفيه الأطفال في سوق الإعلام الهندية المزدهرة في المجالات الأخرى. وعلى سبيل المثال، معظم البرامج التلفزيونية التي تلتمس ود الأطفال واردة من الولايات المتحدة واليابان ودول أخرى، وتتم دبلجتها إلى اللغات المحلية، على الرغم من الأغلبية الكبيرة من البرامج المخصصة للبالغين التي تنتج محليا لتتفق مع الأذواق الهندية.

وقد ركزت معظم الشركات الأجنبية والمحلية انتباهها على الترفيه العام إلى حد ما بسبب وجود جهاز تلفزيون واحد فقط في معظم المنازل الهندية، لذا يشاهد معظم الأطفال أيا كان ما يشاهده آباؤهم وأجدادهم.

ولكن بدأ الأمر في التغير. وتتحمس الشركات للخوض في السوق التي تخاطب الناشئين في الهند، ويبلغ 30 في المائة من عدد السكان 14 عاما أو أقل. ويقول باتيل: «يطلب المعلنون محتوى محليا، وهم مستعدون لدفع قيمة كبيرة في مقابل ذلك».

وتتميز «أمار شيترا كاثا»، التي تعني ترجمة اسمها «القصص المصورة الخالدة»، بميزة طبيعية، لأنها تتمتع بشهرة كبيرة في جميع أنحاء الهند وبين أصحاب الأصول الهندية في الخارج. وتبيع الشركة التي يعمل بها 150 موظفا نحو ثلاثة ملايين كتابا مصورا سنويا، باللغة الإنجليزية وأكثر من 20 لغة هندية. وقد باعت نحو 100 مليون نسخة منذ تأسيسها عام 1967، على يد مدير إحدى الصحف، أنانت باي.

ولكن لا تمتلك الشركة التي اشتراها باتيل الحقوق الحصرية للأساطير والقصص القديمة التي تشكل أساس مكتبتها. وقد تحولت بعض من تلك القصص بالفعل إلى امتيازات حصرية مربحة في التلفزيون والسينما يملكها آخرون.

ويعترف باتيل بأنه سيكون عليه التنويع من خلال قصص وشخصيات جديدة من أجل تحقيق النجاح.

ويحذر مسؤولون آخرون في الصناعة من أن الأمر سيستغرق وقتا لينجح ناشرو القصص المصورة في وسيلة إعلامية أخرى. ويقول سانجاي غوبتا مدير الاستوديو في «راجكوميكس»، وهي شركة مقرها نيودلهي، إن الشركات الإعلامية السائدة كانت رافضة للقصص المصورة وبدأت في الفترة الأخيرة فقط تتحمس لها. وتنشر راج قصصا مصورة منها سلسلة «دوغا» التي تدور حول شخص ينفذ القانون يرتدي قناع كلب، ويجري تحويلها إلى فيلم في بوليوود.

ويقول غوبتا: «لا يوجد الكثير من المحتوى المحلي» الذي يمكن إذاعته، «وفي التلفزيون، يعيدون الأشياء ذاتها التي يذيعونها على مدار الأعوام العشرة الماضية».

ويقول إل سوبرامانيان الرئيس التنفيذي لـ«شانداماما»، دار نشر مجلة الأطفال التي تقع في شيناي، إن الإعلام الإلكتروني يقدم «فرصة رائعة» للناشرين الهنود، ولكن قد يستغرق الأمر عدة أعوام حتى يحققوا إنجازا فيه.

وأضاف: «كل شيء يستغرق وقتا، وللأسف ذلك الوقت مكلف. ويستغرق إنتاج الرسوم المتحركة العادية ما يزيد على عامين. وفي غضون هذين العامين أو الثلاثة، لا ينتج شيء سوى إعلان مدته دقيقتين أو ثلاث».

وقال باتيل إنه حاليا يجري إنتاج أول رسوم متحركة من أجل التلفزيون، ويتوقع أن تخرج بعض مشروعاته في العام المقبل بصورة محدودة في دور العرض السينمائي.

ويرجع باتيل شراءه لـ«أمار شيترا كاثا» إلى المصادفة، ففي إحدى إجازاته من ماكينزي في نيويورك منذ عدة أعوام، كان يسافر في بعض مناطق الهند عندما علم أن الشركة معروضة للبيع.

وقبل أن تأتي الصفقة، كان يخطط لأن يؤلف كتابا عن تاريخ الأفكار في الهند، وهو المشروع الذي يطلق عليه «مهمة دون كيشوت». وقد وضع فكرة الكتاب جانبا في الوقت الحالي، ولكنه ما زال يرجع إليه باستمرار.

ويقول: «أدركت أنني إذا لم أغامر الآن، فسأغامر بالتفكير إلى الأبد في نوعية الأشياء التي كان في إمكاننا فعلها. وأقنعتني خبرتي في ماكينزي في الإعلام والتكنولوجيا بأن هناك فرصة للحصول على بعض من تلك الأسماء التجارية التي حُبست في عالمها القديم وإعادة اكتشافها بصدق في صور أخرى».

ويبدو أن جهوده الأولى، التي ضمت أيضا دفعة تسويق جديدة وتوسعت في توزيع البيع بالتجزئة للكتب المصورة في المكتبات وعلى الإنترنت، تؤتي ثمارها. لقد ارتفعت المبيعات بنسبة 40 في المائة في العام المالي الماضي، وارتفعت بنسبة 80 في المائة تقريبا في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري. وتشمل خبرته السابقة إنشاء شركة استعانة بتعاقدات خارجية في مجال التكنولوجيا في الهند في نهاية التسعينات، والتي بيعت في ما بعد إلى شركة «إن تي تي» اليابانية.

ويتم شحن نصف المبيعات التي تجرى على موقع الشركة على الإنترنت إلى الخارج. وفي الأعوام الماضية، كان العديد من المهاجرين الهنود المتجهين إلى الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى، يملأون حقائبهم بقصص «أمار شيترا كاثا» المصورة في العطلات الصيفية التي يقضونها في البلاد، على أمل أن تساعد الكتب على اتصال أبنائهم بجذورهم الثقافية.

ولأن «أمار شيترا كاثا» اسم له قدسيته لدى العديدين هنا وفي الخارج، لا يخطط باتيل لتغيير القصص المصورة التي تعتمد على القصص التاريخية والأسطورية، ولكن تقدم «تينكل»، مجلة الأطفال الشهرية التي تصدرها «إيه سي كيه»، قصصا جديدة.

وتدور إحدى القصص حول مغامرات نينا، الفتاة التي تبلغ من العمر 12 عاما، والتي تسافر حول العالم مع والدها، رسّام الخرائط، في الخمسينات. وهي واحدة من قلة من الشخصيات النسائية الصغيرة في الإعلام الهندي.

ويعرب باي، مؤسس «أمار شيترا كاثا» الذي يبلغ من العمر 80 عاما وما زال يأتي إلى مكتبه في معظم الأيام، عن إعجابه بطاقة باتيل. وقال إنه لا يتفق تماما مع كل تغيير ومبادرة، ولكنه يوافق عموما على خطط باتيل الطموحة في دار النشر.

ويقول باي، الذي يطلق عليه العديد من الهنود، ومنهم رؤساء وزراء، «العم باي»: «المهم بالفعل هو تقديم قدوة. فالأمة تتقدم، إذا كانت بها نماذج يُحتذى بها».

* خدمة «نيويورك تايمز»