«غاما» للصحافة المصورة تعاني خطر الإغلاق

أزمة الائتمان العالمي وظهور الصحافة المصورة تضعها على حافة الإفلاس

فلسطينية تقف أمام منزلها المدمر بعد الهجوم الإسرائيلي على مخيم تل الزعتر في لبنان (صورة خاصة بوكالة «غاما»)
TT

قد تحكي الصورة في بعض الأحيان ألف كلمة، وهذا بالفعل ما أدركته وكالة «غاما» قبل عدة سنوات، وبدأت في العمل على الصور التي كانت تشكل جزءا من الأخبار. تأسست وكالة الصور الفرنسية عام 1966 على يد مجموعة من المصورين لتصبح أهم شخصية في هذا المجال. وقد وضعت أسماءٌ مثل رايموند دي باردون وهوبرت هنروت وهوغو فازال وليوناردو دي رايمي اللبنة الأولى في هذا الطريق الجديد لصنع الصحافة المصورة في وقت شهدت فيه أوروبا بعض الاضطرابات. عقب ذلك بوقت قصير التحق غيلز كارون بالوكالة وهو يحمل نفس الهدف تقريبا.

بعد تاريخ حافل من التوثيق المصور توشك «غاما» في الوقت الحالي على الاختفاء، فقد اتخذ مالك وكالة «إيديا» التي تقدم هذه الخدمة الخطوات القانونية التي يمكن أن تؤدي إلى إعادة تنظيم هذا الجانب من الشركة، «إيديا برس»، إذ وضعت أزمة الائتمان العالمي وظهور عدد من وسائل الصحافة المصورة مثل الشبكات الاجتماعية أو بعض مواقع الإنترنت «غاما» على حافة الإفلاس ونهاية 50 عاما من التاريخ.

بيد أن بعض العاملين في «غاما» اتهموا إيديا بترك وكالة الصور تموت عندما بدأوا في نقل أفضل المصورين لدى الشركة إلى أقسام أخرى ذات عوائد أكبر مثل صور الدعاية والمشاهير. وقال أحد مصوري «غاما» لوكالة «رويترز» الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه بسبب الشكوك حول عمله: «إنهم يرغبون في الاحتفاظ بالوحدات التي لا تكلف شيئا وتجلب الكثير من المال».

كانت بداية «غاما» مع الشهرة خلال الثورة الفرنسية التي انطلقت في مايو (أيار) عام 1968 والتغطية المصورة لحرب فيتنام، وكانت من أولى الشركات التي أرسلت خيرة مصوريها إلى المناطق الساخنة في العالم لالتقاط أفضل الصور قدر الإمكان. في تلك الفترة شكّل المصورون المحترفون في «غاما» جزءا من عصر ذهبي للمصورين الصحافيين الذين احتلت أعمالهم العديد من أغلفة العديد من المجلات الفرنسية مثل «باري ماتش» والصفحات الأولى للصحف العالمية.

ومن بين أهم الصور التي لا تزال في الذاكرة صورة الطالب الشاب دانييل كوهن بيندت وهو يبتسم أمام رجال الشرطة خلال أعمال الشغب التي اندلعت في فرنسا وصور النساء الفلسطينيات بعد الهجوم الذي دمر منازلهن أو صور الفيتناميين ضحايا الحرب ضد الولايات المتحدة.

في مكتب الوكالة الفرنسية يمكن أن رؤية مصورين مثل ويليام كارل وجورج ميرليون وإيمانويل سكورتشيليتي وفرانسواز ديميولدر (أول امرأة تفوز بجائزة صورة الصحافة العالمية لعام عام 1976 بصورة أظهرت اللاجئات الفلسطينيات يهربن من بيوتهن المشتعلة خلال الحرب الأهلية في لبنان).

انتهى استقلال «غاما» بنهاية 1990 عندما اندمجت مع مجموعة اتصالات كبيرة. وجاءت التغيرات في أسلوب العمل والإدارة عام 1999 عندما اشترت المجموعة الإعلامية «هاتشيت فيليباتشي». دخلت الشركة في مجموعة هامة مع عمل سياسي محدد جدا وكان عليها التوافق مع البيئة الإعلامية الكبيرة. وربما مع هذا التحول باتت «غاما» أكثر استقرارا في الناحية الاقتصادية فقط. بعد ذلك بسبع سنوات بيعت الشركة لشركة «غرين ريكافري، شركة استثمارية»، وآلت إلى شركة «إيديا»، وهي مجموعة أكبر لنشر الصور.

بهذه النقلة أعيد تسمية «غاما إيديا» واستقرت على كادر فريق عمل مكون من 55 موظفا و14 مصورا. وخلال الأعوام الأخيرة حذرت قيادة الشركة من أنهم لن يتمكنوا من دفع فواتيرهم وأنهم يفكرون في حلول أخرى كان آخرها إغلاق هذا الجزء من الشركة.

وخلال الأسبوع الماضي جمعت الشركة طاقم العمل في «غاما» لإعلامهم بتلك المشكلات بيد أن العاملين اشتكوا من أن أحدا لم يشرح لهم القرارات التي سيتخذونها للحفاظ على وظائفهم، وقال أحد مصوري «غاما» والذي فضل عدم الكشف عن اسمه: «دائما ما نقوم بعمل كثير من أجل القليل من المال، إنه الموت للصحافة المصورة. إنك بحاجة إلى عين فاحصة ووقت ورؤية للقيام بعمل جيد».

الأزمة المالية التي أثرت على عوائد الإعلانات والأسلوب الجديد في الحصول على المعلومات عبر الإنترنت دفع المجموعة الإعلامية الكبيرة إلى خفض التكاليف وكانت الضحية الأولى لتلك القرارات نفقات الصور وانخفاض خدمات وكالة مثل «غاما».

في هذه الأيام يتذكر المصورون أهمية أسماء مثل رايمون ديباردون المشاركين في تأسيس «غاما» الذي حقق نجاحا فرديا خارج الوكالة أو غيلز كارون الذي اختفى في كمبوديا عام 1970 بعد تغطية الحرب الفيتنامية.

إذا ما أغلقت «غاما» أبوابها في نهاية الأمر فستظل الكثير من الصور والأسماء في مكتبات الصحف والأذهان.

* صحافية من «الموندو» الإسبانية متعاونة مع «الشرق الأوسط»