محللون اقتصاديون: الصحف الأميركية لم تصل إعلانيا إلى القاع بعد

الارتفاع الطفيف المعتاد خلال فترة عودة الدراسة يبدو أفضل مما كان عليه في السنوات الماضية

تأكيدات اقتصادية بعدم وصول الصحف الأميركية إعلانيا إلى القاع (أ.ب)
TT

رغم بعض التفاؤل الحذر في واشنطن وول ستريت وماديسون أفنيو، أعرب المعنيون بمراقبة أوضاع النشاط التجاري المرتبط بالصحف أنها لم تصل بعد إلى القاع. ومن بين الأنباء السارة على هذا الصعيد تباطؤ وتيرة انحسار عائدات الإعلانات في الصحف، ويتوقع المتخصصون أن تتراجع حدة هذا الانحسار خلال الفترة المتبقية من عام 2009 وعام 2010.

ومع انتهاء الربع الثالث من العام، يقول محللون وناشرون ومشترو الإعلانات إن عائدات الإعلانات ستنخفض بنسبة تقارب 25 في المائة على مستوى صناعة الصحف عن الربع الثالث من العام الماضي، وربما تقل النسبة عن ذلك. ويتوقعون أن يكون التراجع أقل في الربع الرابع. وأشار الكثيرون منهم إلى أن الارتفاع الطفيف المعتاد في إعلانات الصحف خلال فترة عودة الدراسة يبدو أفضل حالا قليلا عما كان عليه أغلب السنوات الماضية.

في الظروف العادية، كان سيتم النظر إلى هذه الأرقام باعتبارها كارثية، لكن الفترة الراهنة ليست بعادية. تشير الأرقام الصادرة عن «اتحاد الصحف الأميركية» إلى أن التراجع في إجمالي عائدات الإعلانات المطبوعة والرقمية العام الماضي بلغ 16.6 في المائة. ويعد هذا الانخفاض الأسوأ من نوعه منذ «حقبة الكساد». ومع ذلك، تبدو هذه النسبة وردية مقارنة بما شهده عام 2009، حيث تراجعت عائدات الإعلانات بنسبة 28.3 في المائة في الربع الأول، و29 في المائة في الربع الثاني.

وخلال الأيام القليلة الماضية، بدأت مؤشرات عودة الحياة في الظهور لدى بائعي تجزئة كانوا يصارعون ظروفا عسيرة، وتوقع رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي، بيرنارد إس.بيرنانك، وآخرون بأن فترة الركود انتهت. من ناحية أخرى، تحدث مسؤولون تنفيذيون بالحقل الإعلامي، بينهم روبرت مردوخ، حول بدء استعادة مجال الإعلانات عافيته. الأسبوع قبل الماضي، قفزت أسهم العديد من الشركات المنتجة لصحف، بينها «غانيت» و«مكلاتشي» و«نيويورك تايمز كامبني»، بنسبة بلغت 10 في المائة أو أكثر، لتصل بذلك إلى أعلى مستوى لها هذا العام.

من جهتها، علقت ألكسيا كودراني، المحللة لدى «جيه. بي. مورغان»، بالقول إن أسهم الصحف استفادت بصورة غير مباشرة، مثلما الحال مع المستثمرين، من الأنباء الإيجابية المتعلقة بالإعلانات، وإنه راودهم التساؤل: «أي الأسهم لا تزال تبدو رخيصة نسبيا بين الأسهم الإعلامية؟».

وأعربت عن اعتقادها بأن عائدات الإعلانات ستبدي تراجعا عند منتصف العشرينات المئوية خلال الربع الثالث من العام، وقرابة 20 في المائة في الربع الرابع، أما العام القادم، فسيكون العائد «سلبيا بدرجة أقل، لكنه سيبقى سلبيا».

من ناحية أخرى، صرح العديد من المسؤولين التنفيذيين بمجال النشر بأن هذه الأرقام تبدو قريبة من الصواب. وأضاف المسؤولون، الذين اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم لأنه من غير المسموح لهم مناقشة معلومات مالية حتى الإعلان عنها، أنهم لا يرون مبررا محددا للارتفاع الأخير في أسعار الأسهم. حال تباطؤ معدل انحسار العائدات الإعلانية، فإن هذا الأمر سيعود في الجزء الأكبر منه إلى أن عام 2008 شهد تفاقما مستمرا للأوضاع بمضي الوقت وتعمق حالة الركود، مما يجعل المقارنة بين عام وآخر أقل إثارة للصدمة. المعروف أن الأرقام الخاصة بالربع الرابع من عام 2009 ستجري مقارنتها بالربع الأخير من عام 2008، عندما كانت الأسواق في حالة أزمة وتراجعت عائدات إعلانات الصحف بنسبة قاربت 20 في المائة، مما شكل آنذاك الأداء الأسوأ من نوعه طيلة عقود.

من جهتها، أبدت روبرتا غارفينكل، مديرة شؤون استراتيجية الطبع في «تارغيت كاست تي سي إم»، عن تشككها حيال إحراز أي تحسن حقيقي في الربع الثالث، لكنها أردفت بالقول إن مؤشرات التعافي قد تظهر في الربع الرابع.

وقالت: «لكننا نشهد إظهار مزيد من الأفراد رغبتهم في الحديث حيال القيام ببعض أعمال الإعلانات المطبوعة، الأمر الذي لم نكن حتى نتحدث عنه في السابق». في المقابل، يعد إدوارد أتورينو، من «بنشمارك كامبني»، واحدا من المحللين الأكثر تفاؤلا، حيث توقع انحسار العائدات الإعلانية خلال الربعين الثالث والرابع بنسبة 20 في المائة تقريبا.

وقال أتورينو: «لدينا بيرنانك يقول إن الوضع الاقتصادي تحسن، ومردوخ يعلن أن الإعلانات تتعافى، ويبدو المجال الإعلامي في مرحلة استعادة نشاط، حتى المجلات يبدو وأنها تستعيد عافيتها قليلا. أما بالنسبة للصحف، لا أعتقد أنني أرى الكثير من التفاؤل بعد».

يذكر أن الإعلانات المتعلقة بالعطلات تجعل الربع الرابع الفترة الأكثر أهمية أمام معظم المؤسسات الإعلامية، لكن هذا الوضع ازداد قوة هذا العام بالنسبة للناشرين لأنهم بحاجة لمعاينة مؤشرات توحي بأن الأرقام تتحرك نحو الاستقرار.

وينوه المحللون والناشرون بأنه رغم تباطؤ وتيرة التراجع، فإنه يبقى تراجعا، وفي الوقت الذي ربما تعاود الإعلانات المصورة نشاطها، يسود الاعتقاد بأن فقدان الإعلانات المبوبة من مواقع مثل Craigslist.org يمثل ظاهرة دائمة.

من جهتهم، عمد الناشرون إلى تقليص النفقات والحد من الوظائف وزيادة قيمة الاشتراكات والأسعار، بل ودرس بعضهم إمكانية فرض رسوم على القراء الذين يطلعون على موادهم عبر شبكة الإنترنت.

ومع ذلك، تبقى الإعلانات المصدر الرئيسي للعائد. في هذا السياق، قالت كودراني: «يجب أن نهبط إلى المستوى الأدنى الأساسي إذا ما رغبت هذه الشركات في البقاء. إنها تقوم بجهود مثيرة للإعجاب بمجال تقليص التكاليف، لكن ما زال هناك الكثير يمكنك تقليصه».

*خدمة «نيويورك تايمز»