«واشنطن بوست».. تصميم جديد في عصر معلومات كثيرة وسريعة

زادت عدد وحجم الصور.. أصبحت غالبية العناوين 3 جمل.. واهتمام أكبر بالأخبار المحلية

دليل يشرح للقارئ التغييرات الجديدة في الصحيفة («واشنطن بوست»)
TT

مر نحو شهر على ظهور صحيفة «واشنطن بوست» في تصميم جديد. وقال إدوارد ثييد، كبير المصممين لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يتلق نقدا كثيرا من القراء. وإن من أسباب ذلك أنه، منذ البداية، سأل القراء عما يريدون. وقال إنه، حتى بعد التصميم، يدرس ملاحظات القراء، وفعلا، أجرى بعض التعديلات على التصميم مؤخرا.

وكان عدد من القراء انتقدوا اهتمام التصميم الجديد بالأخبار المحلية، أخبار واشنطن، وأفلامها، ومطاعمها، وطقسها، وجرائمها. ورد ثييد: «نعم نحن صحيفة وطنية وعالمية، لكننا أيضا صحيفة محلية». وأضاف: «يعيش قراء الطبعة الورقية في واشنطن وضواحيها. وبعضهم يعيش فيها منذ أن ولد. لهذا، يهتمون بالأخبار المحلية، رغم اهتمامهم، أيضا، بالأخبار السياسية والعالمية». وأشار إلى أن الطبعة الإلكترونية تصل إلى ملايين القراء في كل أنحاء العالم.

وكانت «واشنطن بوست» قد غيرت شكلها على ضوء تصميم أجراه فريق فني بقيادة ثييد، حيث كبرت حجم الحروف في كل صفحاتها (كان القراء، خاصة كبار السن، يشتكون من أن الحروف صغيرة). كما قللت حجم المواضيع، ما عدا التحقيقات الطويلة والمكثفة.

زادت «الواشنطن بوست» عدد وحجم الصور، حيث تسيطر على الصفحة الأولى صورة عملاقة. كما زادت كلمات العناوين، بحيث أصبحت غالبية العناوين ثلاث جمل، بعد أن كانت جملتين. وأبرزت أيضا أسماء كتاب الأخبار، فيما أضافت في نهاية كل خبر عنوان الكاتب الإلكتروني.

ويبرز في الشكل الجديد زيادة الاهتمام بالأخبار المحلية، وبخاصة أخبار سكان واشنطن والضواحي المحيطة بها. فيما وضعت عناوين الملاحق الداخلية في الصفحة الأولى، لتسهيل الوصول إليها. كما أعادت تصميم الملاحق الأسبوعية المنفصلة كمجلة، وفنون، ومنازل، وصحة. ودمجت الصحة مع العلوم، والحياة المنزلية مع المنازل.

وكتب ماركوس بروشني، رئيس التحرير التنفيذي، مخاطبا القارئ: «في عصر معلومات كثيرة وسريعة، صارت الصحيفة التي بين يديك الآن نموذجا للبساطة. كل يوم، يعمل مئات من الناس لتلخيص كل ما يستحق النشر: أخبار، ألغاز، أفلام، رسوم كرتونية، أكل، شراب،... ». وأضاف: «نهدف إلى تسهيل قراءتك لهذه الصحيفة، وتسهيل تقليب الصفحات، وتسهيل وصولك إلى ما تريد».

وقال بروشني إن كلمات العناوين زادت، وصارت أغلبية العناوين ثلاث جمل، بعد أن كانت جملتين، «لأنك، قارئي العزيز، على عجل، وتريد أن تعرف أكثر عن محتويات الخبر». وأن الرسوم والصور والجداول زادت، خاصة في «المواضيع الطويلة المعقدة، التي ربما لا يريد القارئ أن يقرأها كلها»، ويريد أن يكتفي بهذه الرسوم والصور والجداول.

لكن، بروشني قال إن تصميم أو إعادة تصميم أي صحيفة ليس هدفا في حد ذاته. وإن «الصحافة الحقيقية اليومية لا تزال هي إطلاع القارئ على ما حدث أمس، ومعناه، وما سيحدث في المستقبل». ثم قال إن هذا أيضا، ليس هدفا في حد ذاته، لأننا نؤمن بمحاسبة المؤسسات القوية العملاقة. وتقديم معلومات للمواطنين لتقييم قادتهم. ومعرفة ما يفعلون. ولدفع العملية الديمقراطية».

ووصف رئيس التحرير «واشنطن بوست» بأنها واحدة من أعظم صحف العالم. «طموحة، ومركزة، ومنسقة».

وأيضا، خاطبت القراء كاثرين وايماوث، ناشرة «واشنطن بوست» وحفيدة كاثرين غراهام التي طورت الصحيفة، وبنت لالي وايماوث التي تجري مقابلات مع قادة عالميين لمجلة «نيوزويك» (التي تملكها شركة واشنطن بوست). وأشارت إلى «تركيز الصحيفة على المحليات، على الناس، والأفلام التي يشاهدونها، والمطاعم التي يأكلون فيها، والمسارح التي يذهبون إليها، والطقس، وازدحام الطرق..».

كما خاطب القراء أيضا بمناسبة التصميم الجديد، فرد هيات، مسؤول صفحات الرأي. وقال إن عدد الصفحات زاد من اثنتين إلى أربع، منها نصف صفحة فيها ثلاثة آراء مختصرة تتحدث باسم الصحيفة «يكتبها ثمانية كتاب من دون الإشارة إلى أسمائهم، ويعبرون فيها عن رأي الصحيفة». بالإضافة إلى نصف صفحة لرسائل القراء (كانت ربع صفحة). وبالإضافة إلى رسائل من قراء واشنطن (كجزء من التركيز على أخبار وناس واشنطن). وبالإضافة إلى دعوة أسبوعية لكتاب ليكتبوا آراء قصيرة عن موضوع معين، ونشر آرائهم في صفحة أسبوعية.

وكرر هايت إن قسم الآراء منفصل عن قسم الأخبار. وقال: «لا صلة بيننا وماركوس بروشني، رئيس التحرير التنفيذي، الذي يشرف على الأخبار. ليس له دور فيما نكتب، وأنا لا صلة لي بالطريقة التي يغطي بها الأخبار».

من جهتهم انتقد عدد من القراء التصميم الجديد، حيث قالت كيفين ميريدا، محررة الشؤون الوطنية، في مقابلة: «قال أحدهم في غضب: أصبحت واشنطن بوست نسخة رخيصة من نيويورك تايمز. وقال ثان: هذه حيلة جديدة لزيادة الإعلانات. وقال ثالث: ظل عمود رأي الصحيفة يميل نحو الحزب الجمهوري، والآن يبدو أن صفحات الأخبار تميل تدريجيا نحو اليمين. وقال رابع: لم أعد أعرف من أين أبدأ قراءة الصحيفة. كانت منتظمة، وصارت معقدة. وقال خامس: خفضتم التقارير التحقيقية. قلت جرأتكم في كشف الأسرار والخفايا. أعتقد أن لذلك صلة بانخفاض الإعلانات».

فيما أشاد آخرون بالتصميم الجديد. وتحديدا زيادة حجم الحروف، وبخاصة من كبار السن. غير أن كبيرا في السن اشتكى أنه لا يزال يجد صعوبة في قراءة الصحيفة. واقترح حروفا أكبر.

ورد ميريدا بأن الصحيفة تنفي الاتهامات، وترحب بملاحظات القراء، وتعمل على الاستفادة منها.

يذكر أن هذا ثالث تصميم تجريه «واشنطن بوست» خلال الثلاثين سنة الأخيرة، مع تصميمي سنة 1984، وسنة 1997. وفي التصميمين السابقين، مثلما في الأخير، حاولت الصحيفة تسهيل قراءتها من ناحيتين: أولا: قراءة المواد. ثانيا: الوصول إلى المواد.

وعن النقطة الأخيرة، قالت بيغي ستارك آدامز، أستاذة الصحافة في معهد «بوينتر» للصحافة في سنت بيترسبيرغ (ولاية فلوريدا): «عندما تصدر صحيفة في ستين صفحة، ليس الشيء الهام هو جودة موادها، ولكن الوصول إليها». وأضافت: «كيف يعرف القارئ أن هناك مادة يحتاج لقراءتها في الصفحة الثالثة من صفحات الاقتصاد؟». وأنه، بالإضافة إلى القراءة، لا بد من «نافيغيشن» (ملاحة)، أي التجول عبر الصفحات.

لهذا، أثنت آدامز على التصميم الجديد لأنه وضع إشارات مصورة لبعض مواد الصفحات الداخلية في صدر الصفحة الأولى.

وأشارت إلى «الجانب الميكانيكي»: قدرة المطبعة على تنفيذ التصميم. وقالت إنه في سنة 2000 اشترت «واشنطن بوست» مطبعة جديدة جعلتها قادرة على طبع صفحات ملونة كثيرة. وعلى تنسيق وضع ملاحق منفصلة مع الجزء الرئيسي من الصحيفة بما يسهل رصها، وشحنها، وتوزيعها، وقراءتها.

هذا وكان مايكل كيغان، مساعد رئيس التحرير التنفيذي للشؤون الفنية في صحيفة «واشنطن بوست» قدم نصائح لرئيس تحرير الصحيفة التي تريد إعادة تصميم نفسها، أجملها في:

ـ ابدأ مبكرا، لأن هذا ليس عملا تحريريا، ولكنه فني، يحتاج إلى استشارات واختبارات.

ـ عين شخصا ليشرف على العملية على ألا يكون فنيا، ولا تخلط بين الفني والإداري.

ـ حدد أهدافك، لكن كن مرنا، ربما تظهر أفكار جديدة خلال العملية.

ـ كون لجانا صغيرة الحجم لتقدر على التنسيق مع بعضها بعضا في سهولة.

ـ شارك المحررين في المواضيع التي تهمهم.

ـ اطلب من قسم الإعلانات تسويق التصميم الجديد للمعلنين.

ـ اشرك القراء بتقديم اقتراحات، رغم أن بعضها ربما لا يكون مهنيا.

ـ بعد نهاية التصميم، حدد فترة ولتكن شهرا للتدريب والتعود.