«تكساس تريبيون» يخالف الصحف والمواقع الإلكترونية حول أهمية الأخبار

موقع أُنشئ بهدف تغطية السياسات العامة وسياسة حكومة الولاية

ايفان سميث (يسار) وجون ثورنتون مؤسسا موقع «تكساس تريبيون» («نيويورك تايمز»)
TT

عندما أُذيعت الأنباء، بعد ظهر يوم الخميس، عن حادثة إطلاق الرصاص في قاعدة فورت هود، القريبة من أوستن، والتي خلفت 13 قتيلا، بدا الأمر أشبه باختبار لموقع «تكساس تريبيون»، ذلك الموقع الجديد الذي يتألف من صالة تحرير الأخبار الجديدة تضم 12 شخصا لإثبات جدارته وتميزه. أعد الصحافيون العدة وجهزوا الخطط وشرعوا في الكتابة.

بيد أن الخبر الرئيسي الذي حمله موقع TexasTribune.org في اليوم التالي لم يشر من قريب أو بعيد إلى تداعيات إطلاق النار، بل تناول أعلى خمسين راتبا في الولاية، وتقريرا حصريا عن ممثلي الولاية الذين تركوا أحزابهم وتحولوا إلى أحزاب أخرى. أُنشئَ موقع «ذا تكساس تريبيون» بهدف تغطية السياسات العامة وسياسة حكومة الولاية. وعلى طاولة الغداء التي جمعتهم يوم الجمعة في رورينغ فورك في جادة الكونغرس في أوستن استدعوا إلى أذهانهم ما حدث عندما دق صوت نفير القصة الكبرى.

وقالت إليس هو التي انضمت إلى «تريبيون» قادمة من تلفزيون كي في يو إي: «كنا جالسين نتحادث بشغف حول ما سنقوم به». وقالت مشيرة إلى مات ستايلز (انضم إلى الموقع قادما من صحيفة «هيوستن كرونيكل») الجالس إلى جوارها على طاولة الغداء: «لكن مات كان غاضبا جدا»، وقال: «هذه ليست أخبارنا أو هدفنا. فنحن لسنا مؤسسة إخبارية لنهرع إلى فورت هود».

كان هذا درسا إضافيا آخر في أول أسبوع مليء بالدروس. ويعد موقع «ذا تريبيون» الذي يقوده إيفان سميث رئيس التحرير الأسبق لصحيفة «تكساس مانثلي» الذائعة الصيت، موقعا غير ربحي يحاول استخدام مزيج من الهبات والرعاية والتبرعات والعائدات من المؤتمرات للخروج بنموذج جيد للصحافة التي لا تعتمد أو تتطلب منتجا مطبوعا.

حتى الآن نجح «ذا تريبيون» في جمع 3.7 مليون دولار، كان من بينها مليون دولار من شركة «جون ثورنتون»، شركة في أوستن و1.6 مليون دولار من أفراد و500000 من «هيوستون إندومنت»، و250000 من مؤسسة «جون إس وجيمس نايت». ويتناول الموقع كل ما هو متعلق بالحياة العامة بدءا من تمويل التعليم وتشكيل جماعات الضغط والأولويات البيروقراطية والأحداث المدنية وحكومة الولاية. وكموقع موجَّه إلى جماعة محددة ذات نطاق تركيز ضيق لم يكن الموقع ليغير نهجه لأن حدثا قوميا وقع على بعد 90 دقيقة منهم. وقال سميث: «إننا مهتمون بالسياسة العامة وسياسات حكومة الولاية، وما لم أكن لأفعله هو إرسال محرر داخل الولاية لتغطية حادث ما على الرغم من أهميته، فذلك أمر لا يشغلنا».

يغص الكثير من المواقع على شبكة الإنترنت بأخبار مثل الجريمة والنميمة والتسلية، لكن حكومة الولاية لم تكن لتبدو الجانب الأكثر إثارة في هذا المجال.

وقال سميث، في أثناء جلوسه بمكتبه في الطابق الثاني في أوستن وعلى مرأى منه مبنى كونغرس الولاية: «عمل حكومة الولاية هو الرعاية الصحية والتعليم والهجرة، وتلك هي أهم القضايا المطروحة، وهناك الكثير من الأفراد المشاركين فيها. رد الفعل من الأفراد في دار البلدية حول أدائنا كان مزيجا من الامتنان والخوف. سيقولون إننا سعداء لأنك تقوم بذلك، ونأمل أن تقوم بعمل رائع في تغطية أخبار الجميع سوانا».

النظرية هي أن مجموعة من المحررين والكتاب الذين يتلقون رواتب جيدة (من بينهم سميث الذي يتقاضى 315000 دولار، إضافة إلى زيادة بنسبة 15 في المائة كل عامين) لكتابة تقارير يتقاسمها المواطنون ووسائل الإعلام الأخرى، في ما يشبه النسخة الرقمية للراديو العام. يتمتع الموقع بكل صفات المدونات ومجموعة رائعة من قواعد البيانات من بينها إنفاق المشرعين والهبات التي تقدمها لجان العمل السياسي وجماعات الضغط، ويقدم لزائريه نظرة شفافة وبسيطة إلى كيفية إنفاق الولاية لضرائبهم. يجب أن يجد الموقع طريقة للتعبير تجعل من سياسة الولاية أمرا أشبه بالأوسكار، لكننا لا نزال في البدايات.

ما يميز «ذا تريبيون» نوعية لا يتمثل في تصميمه العملي والنيات الجيدة للقائمين عليه، وإنما لجهوده في بناء نموذج يعتمد عليه للصحافة في المستقبل. وقال ثورنتون صاحب فكرة الموقع، الرأسمالي الناجح والمستشار السابق لماكينسي والذي اجتذب مجال الصحف لدى عمله بشراء الأصول المضطربة، وهو جالس في غرفة اجتماعات «ذا تريبيون» التي يتم استخدامها أيضا كاستوديو للوسائط المتعددة والمزود بكاميرات وميكروفونات: «كنت في البداية أبحث عن الربح مستفيدا من معاناة هذه الصناعة، لكن اتضح لي بعد قليل من البحث أنه لن يكون هناك ذلك العائد الضخم الذي قد ترغب به من عمل كهذا. لذا بدأت النظر إلى الصحافة كمصلحة عامة مثل الدفاع الوطني أو السماوات الآمنة». وقال وهو واقف أمام سبورة بيضاء ويبدأ في رسم نموذج قد لا يفهمه مستشار سابق: «أشار البعض إلى أن الصحافة من الأهمية بمكان أن تكون غير ربحية، بل إنني أعتقد أن من الأهمية بمكان أن تترك الصحافة لقوى السوق. والكل يرغب في أن يكون عنيفا تجاه الصحافيين وهو ما يكون من السهل القيام به من موقف المفترج لكنهم يواجهون العواصف». وقال مارك ماكينون مستشار الإعلام والسياسة للرئيس السابق جورج بوش ونائب رئيس «بابلك بوليسي»، الشركة الاستشارية التي تتخذ من أوستن مقرا لها وأحد أعضاء الهيئة الاستشارية: «هناك الكثير من المحادثات بشأن مستقبل الصحافة حيث يعقد الجميع أيديهم ويتحدثون بصورة تضامنية حول المشكلة، لكن جون رجل أعمال يفكر بصورة عملية بشأن المشكلة وخرج بشيء يمكن أن يستمر». وأشار سميث إلى أنه كانت هناك حاجة بالتأكيد في تكساس إلى موقع كهذا لأن غياب القوة عن الأخبار الصحافية جعلت حكومة الولاية أقل عرضة للمحاسبة. فقال: «هناك 150 نائبا وفي كل انتخابات قد يكون هناك عشرة سباقات تنافسية. تلك هي فجوة التقرير التي تتنامى، لا يمكن أن تكون جيدة بالنسبة إلى الولاية أو الأفراد الذين يعيشون هنا». لم يجعل الحديث عن الفجوات في التقرير بعض الأفراد في الصحف الأخرى سعداء. لكن على الرغم من ذلك لم يتذمر الجميع، فقد أرسل روبرت ريفارد رئيس تحرير «سان أنتونيو إكسبريس نيوز» أصدق تحياته وأرسل تبرعا، وكتب في صحيفته: «كلما زاد عدد الصحافيين القادرين على محاسبة الحكومة، صب ذلك في صالحنا جميعا، لذا فإنني أرحب بـ(ذا تكساس تريبيون) وآمل أن يقوم قراء (إكسبريس نيوز) بقراءة بعض ما تنشره (ذا تكساس تريبيون) على صفحات جريدتنا». وعلى طاولة الغداء التي جمعت أعضاء غرفة التحرير قالت إميلي رامشو، الصحافية النشطة التي التحقت بـ«ذا تريبيون» بعد نشر عدد من الأخبار الكبيرة في صحيفة «مورننغ دالاس نيوز»: «أشعر أنني خلاّقة للمرة الأولى منذ زمن طويل في الصحافة، فما نقوم به هنا عمل رائع، وقد كنت مرهقة من العمل في أماكن يكون الجميع فيها فزعا وقلقا مما قد يحدث بعد نشر قضية كبرى». كانت هناك إيماءات بالموافقة من الحضور ومن بينهم بريان ثيفينوت المحرر الخاص الأسبق في «ذا تايمز بيكايوني أوف نيو أورليانز» والذي يغطي التعليم في «ذا تريبيون». وعندما أعلمَ رؤساءه أنه سينتقل طلبوا منه أن يفكر مرتين فقال: «سألني رئيس التحرير عما إذا كنت قلقا من الانتقال إلى عمل محفوف بالمجازفة لأنه ما زال ناشئا، لكن المجازفة الأكبر كانت في البقاء في الصحيفة»، وبعد عام من الإجازات وانقطاع المكافآت ترك الصحيفة.

ويراهن كباقي أفراد «ذا تربيون»، على أن القراء سيتبعون نصائحه. وقال ثورنتون: «هذه هي تكساس التي يهتم أهلها كثيرا بشأن هويتهم وولايتهم. إنها مكان عظيم أن تعيش فيه».

* خدمة «نيويورك تايمز»