التلفزيون السعودي يراهن على استعادة مشاهديه بخطط تطويرية

إطلاق 4 قنوات متخصصة.. وتغيير شامل للمحتوى المرئي

تجديد الاستوديوهات في التلفزيون السعودي خطوة لتغيير المحتوى المقدم للمشاهد («الشرق الأوسط»)
TT

منذ تسلم الدكتور عبد العزيز خوجة، وزير الثقافة والإعلام السعودي، منصبه الجديد، في 14 فبراير (شباط) 2009، وجّه بالبدء في تطوير وتغيير شامل، وركزت خطة التطوير على محاور رئيسية مثل التطوير التقني والشكلي إضافة إلى تطوير المحتوى، وإضافة إلى إطلاق أربع قنوات متخصصة ستبدأ البث بعد غد الجمعة، والذي يصادف غرة محرم للعام الهجري الجديد 1431. والقنوات هي: «قناة القرآن الكريم» والتي ستبث من الحرم المكي الشريف، و«قناة السنة النبوية» التي ستبث من الحرم النبوي بالمدينة المنورة، إضافة إلى قناة ثقافية، وقناة اقتصادية، تبث كلها من استوديوهات محلية داخل المملكة تابعة للتلفزيون السعودي وعلى مدار 24 ساعة في اليوم طوال أيام الأسبوع.

ويبدو أن الخطة الجديدة ظاهرة بشكل كبير للمشاهدين الذين بدأوا مجددا متابعة برامج التلفزيون السعودي على الرغم من المغريات التي تقدمها فضائيات عربية تخطب ود المشاهد السعودي الذي يأتي اهتمامه في الطليعة دائما، على الأقل بالنسبة إلى المعلنين، بحسب المهندس صالح المغيليث، وكيل وزارة الثقافة والإعلام لشؤون التلفزيون، الذي أكد أن عمليات التطوير والتحديث في التلفزيون السعودي تجري على قدم وساق، كان آخر ثمارها نقل تفاصيل فريضة الحج هذا العام عبر قناة أرضية مستحدثة لهذا الغرض على وجه الخصوص.

وقال المغيليث: «نقل حج هذا العام عبر قناة متخصصة كان ضمن الخطة التي تم اعتمادها من قبل وزير الثقافة والإعلام ومساعده الأمير تركي بن سلطان، لمواكبة الأحداث والمستجدات داخل المملكة بشكل يشبع فضول المشاهد ويجعله جزءا من الحدث، وهي السياسة التي يود التلفزيون السعودي تبنيها في أي خطة إعلامية لأي حدث طارئ أو مستجد أو حتى مناسبة معينة».

وعن تفاصيل خطة التطوير والتحديث أشار المغيليث إلى أنها بدأت بالقناة الأولى حيث تم تغيير إشارات نشرات الأخبار، ومواجيز الأخبار، والفواصل بين البرامج، والتنويهات. وهي تتضمن مجموعة هائلة من البرامج المتنوعة سيبدأ بثها على القناة الأولى ابتداء من بداية العام الهجري، وتتضمن برامج ثقافية وبرامج مخصصة لمخاطبة الرجل وبرامج ترفيهية وثقافية.

أما الانطلاقة الفعلية للتطويرات الملموسة في أسلوب وشكل التلفزيون السعودي فقد تزامنت مع يوم البيعة في 19 يونيو (حزيران) الماضي، وشملت خطة التغيير استحداث برنامج اقتصادي خاص تحت عنوان «أموال واتجاهات» في القناة الإخبارية، ينطلق مع بداية السوق وينتهي مع نهايته ويغطي أسواق المملكة والأسواق العربية والعالمية، كما تم استحداث عدد من البرامج الإخبارية وبرنامج اقتصادي آخر على القناة الأولى.

وضمن مخطط التغيير أطلق التلفزيون السعودي تزامنا مع عيد الفطر الماضي قناة متخصصة موجهة إلى الأطفال اختير لها اسم قناة «أجيال» لتناسب عدة أجيال، وهي تستهدف شريحة واسعة حتى سن الـ15، وتم اختيار استوديوهات جدة لإطلاقها كونها جاهزة ومهيأة لانطلاقة القناة في الوقت المناسب.

وبالتزامن مع العيد الوطني للملكة في 23 سبتمبر (أيلول) تم افتتاح استوديو لنشرات الأخبار في القناة الأولى، بالإضافة إلى إطلاق برنامج صباحي بعنوان «صباح السعودية» يبدأ من السابعة صباحا إلى الحادية عشرة، خلال أيام الأسبوع باستثناء أيام عطلة الأسبوع، والاستوديو الذي تم استحداثه لإطلاق البرامج يعد أحد أكثر الاستوديوهات حداثة وتقدما في أساليبه الفنية، ويتم استخدامه لتقديم البرنامج إلى جانب نشرات الأخبار. ومن ضمن الخطة إطلاق برامج أخرى تبث من الاستوديو نفسه.

وإلى جانب الاستوديو السابق تم افتتاح استوديو خاص بالقناة الإخبارية لتغطية نشرات الأخبار، ويقدم من خلاله أيضا البرنامج الاقتصادي، وهو استوديو احترافي يشمل صالة تحرير داخلية، إضافة إلى برامج الأخبار والبرامج الاقتصادية، وسيتم إطلاق برنامج فني وسياسي منه لاحقا. وأكد المغيليث أن الملف المطروح حاليا للتنفيذ يصب في إطار التوجه لتطوير شامل وكلي للقناة الرياضية بعد تكليف الأمير تركي بن سلطان للإشراف عليها، حيث تقضي الخطة بتطوير شامل وكلي للاستوديوهات والمحتوى وأسلوب تقديم البرامج، وقال المغيليث إنه سيتم عمل «استوديو احترافي للقناة الرياضية قريبا لإطلاق برامج ذات قيمة».

وأضاف المغيليث أنه بالنسبة للاستوديوهات القديمة في مراكز التلفزيون السعودي، سيتم طرحها ضمن مشاريع للتطوير خلال الأيام القادمة، خصوصا القناة الأولى، لتحديث الاستوديوهات، وتليها استوديوهات القناة الثانية، مشيرا إلى أن الاتجاه حاليا لتطوير كافة الاستوديوهات فنيا ليخدم الاستوديو الواحد أكثر من برنامج وأكثر من قناة.

وقال المغيليث إن التلفزيون حاليا يعكف على إعداد الخطة البرامجية لهيكل البرامج القادمة، والتي تنطلق من شهر محرم. وهناك تنسيق مع وزارة المالية والجهات المعنية للتمويل، مشيرا إلى أنه ليست هناك مشكلات في ما يتعلق بتمويل خطة التطوير والتحديث في القناة السعودية، وأن التلفزيون السعودي يتلقى الدعم من أعلى المستويات.

وحول تركيز الخطة الجديدة على البرامج الحوارية بشكل خاص، والتي أصبحت تحتل مساحة لا بأس بها من حيز البرامج المقدمة على الشاشات السعودية، قال المغيليث: «البرامج الحوارية تفرض نفسها بطبيعة موضوعاتها، ونحن نبثها بشكل مباشر عادة، خصوصا البرامج الاقتصادية والدينية، ولكننا حاولنا في خطتنا القادمة البعد عن الكلاسيكية في البرامج، ونعتمد على الصورة بشكل أكبر، وسنحاول تفادي البرامج الحوارية التي لا فائدة منها أو التي لا تتضمن محتوى قويا. وسنسعى أن يكون هناك نوع من الاحترافية في ما يتعلق بالمحتوى والتقديم».

أما في ما يتعلق بالشق الحرفي والمهني وتدريب الكوادر العاملة ضمن التلفزيون السعودي، فإنها تأتي على رأس أجندة خطة التطوير، يقول المغيليث إن الشركات التي تنفذ المشاريع يستفاد منها ضمن العقود بواسطة بند ينص على التدريب على رأس العمل، وأضاف: «بالنسبة إلى الجانب الفني نعتبر أنفسنا سباقين بالنسبة للمنطقة ببرنامج عالي الوضوح دخل إلى التلفزيون السعودي منذ فترة، وهناك كوادر مؤهلة جدا للتعامل مع الأجهزة والمعدات الحديثة، إلى جانب تعاقدنا مع خبراء متخصصين ألمان وإنجليز وعرب في مجال تطوير المحتوى ورفع كفاءة فريق العمل ضمن التلفزيون. تطوير المحتوى هو خطوة تفعل بالتوازي مع تطوير القدرات الفنية والتقنية، وقد بدأنا البحث عن خبراء ومؤسسات رفيعة المستوى لتطوير العاملين على المحتوى، سواء داخل المملكة أو خارجها، وهناك ميزانية سخية لهذا البند».

وبالنسبة إلى رد فعل المشاهدين وملاحظاتهم حول خطة التطوير ومدى استقطابهم، خصوصا ضمن المنافسة الفضائية الحادة من قبل الفضائيات العربية التي تركز بشكل كبير على المشاهد السعودي، قال المغيليث إن حساب نسب المشاهدة مهمة تقوم بها شركات متخصصة وتتم على مستوى دولي، وأضاف: «حاليا نحن نتفاوض مع أكثر من جهة لديها القدرة للقيام بإحصائيات من هذا النوع، لكن كل ردود الفعل من قبل الإعلام، أو الاتصالات، أو الضيوف الذين نقوم باستقبالهم، هي إيجابية ومطمئنة جدا، وهناك تفاعل كبير مع التحديث والتطوير الذي يشهده التلفزيون السعودي».

وقال المغيليث إن القنوات الجديدة التي تم استحداثها في التلفزيون السعودي بدورها ستكون موضع عناية واهتمام، حيث ستخضع لمراجعة وتحديث ضمن الخطة الكلية للتلفزيون السعودي، بحيث يتم تطوير برامجها وترقية المحتوى المقدم من خلالها بشكل دوري. وأشار إلى أنه لم يتم تعيين مديرين للقنوات الجديدة، ولكن تمت الاستعانة بمشرفين عليها إلى حين انتهاء مرحلة التأسيس والإطلاق، وتم اختيار الدكتور سليمان العيدي ليكون المشرف على قناتي «القرآن الكريم» و«السنة النبوية»، في حين يشرف طارق ريري على قناة «الاقتصادية»، وحسن الحمدان مشرفا على القناة «الثقافية».

وأضاف المغيليث أنه وبعد مرحلة الإطلاق والتأسيس يمكن تعيين مديرين لضمان الاستمرارية، أما في الفترة الحالية فقد تمت الاستعانة بخبرات من داخل التلفزيون بالإضافة إلى شبان حديثي التخرج على بند التعاون، أما بالنسبة إلى الوظائف القيادية فتمت الاستعانة بكوادر من داخل التلفزيون، وهناك نوع من التعاون فيما بين قنوات التلفزيون السعودي. وحول إمكانية حدوث تعارض في المصالح، خصوصا أن مشرف القناة الاقتصادية في التلفزيون السعودي، طارق ريري، هو نفسه مدير قناة «الاقتصادية» الفضائية الخاصة، قال المغيليث إنه لا تعارض لأن دوره يقتصر على الإشراف، وفي نهاية الأمر سيتم تعيين مدير متفرغ لكل قناة.