كيف حافظ تايغر وودز على خيانته الزوجية سرا؟

رغم ما يتعرض له المشاهير من متابعة دقيقة لحياتهم من وسائل الإعلام

كيف استطاع وودز ان يحتفظ بصورته كزوج وفي وأب بصورة مغايرة لحياته الخاصة
TT

مع تداعي صورة نجم الغولف تايغر وودز، والتي تم بناؤها بحرص، خلال الأسبوع الماضي، لا يزال سؤال مطروح يربك مَن يعتقدون يقينا أنه كانت هناك إشارات على هذه المشاكل وهو: كيف تمكّن وودز، وهو من بين الرياضيين المحترفين الذين يحظون بمتابعة شديدة، من المحافظة على خيانته الزوجية سرا لهذه المدة الطويلة؟

ويشعر الجميع تقريبا بالتيه: الكتاب المختصون بمتابعة رياضة الغولف الذين يمزحون مع وودز (عندما يسمح بذلك)، ومتعصبو الغولف الذين يمكنهم ذكر أي طريق اتجهت إليه كرة الغولف الخاصة بوودز والتي تحمل شعار «نايك» عندما دفعها إلى الحفرة السادسة عشرة في الجولة الأخيرة من بطولة الأساتذة لعام 2005، والمصورون الذين يمكن لمخبريهم، الذين يحصلون على رواتب، رصد وجود زواج غير قانوني من على بعد ميل.

كيف كان وودز، 33 عاما، قادرا على الحفاظ على صورته سليمة كزوج وفي وأب وابن بصورة تتناقض مع حياته الخاصة؟

يقول البعض إن طبيعة وودز المشهور بقدرته على السيطرة على نفسه ساعدته على إقامة علاقة غير مشروعة مع امرأة دون أن يشتبه فيه أحد. (يوم الجمعة، أقر تايغر وودز علنا بأنه خان زوجته). ويتساءل البعض هل خشي الصحافيون المسؤولون عن متابعة أخبار رياضة الغولف الذين يشعرون بالخوف من المخاطرة بخسارة هامش التواصل البسيط المتاح لهم مع أبرز لاعب لكرة الغولف. ويعتقد البعض أنه حتى في حال شك لاعبين آخرين فإنهم التزموا الصمت بسبب أثر وودز على تقييمات التلفزيون ومكاسبهم والاهتمام بالغولف. ويعتقد آخرون أن الطابع الفردي لرياضة الغولف للمحترفين نفسها، تجعل من الممكن لوودز أن يخلق منطقة خصوصية لا يمكن اختراقها. ويقول الكاتب الرياضي جون فينستين، الذي ألّف كتابا كان الأفضل في المبيعات عام 1995 «غود ووك سبويلد»: «أتمنى لو كنت استشرفت ذلك، لأن ذلك كان سؤالا هاما بالنسبة لي». ويضيف فينستين إن وودز كان مترددا في الكشف عن المعلومات الشخصية لدرجة أنه شعر بالإنجاز عندما حصل من وودز على حقيقة تافهة نسبيا عن أنه سجل كمستقل. ومع ذلك، يعتقد فينستين أنه لا شك في أن الدائرة المحيطة بوودز كانت تعرف بعلاقاته.

ويقول: «لا أفهم كيف أن وكيل أعماله أو مساعده لم يكونا على علم بذلك. وظيفة وكيله هي معرفة أن يعرف ما الذي كان يقوم به الشاب، ولو كان لا يعلم، فإنه يجب إقالته». (يتواصل مارك ستنبرغ، وكيل وودز، مع وسائل الإعلام عن طريق البريد الإلكتروني فقط، ولم يتطرق عما إذا كان يعلم عن تجاوزات موكله أم لا).

وعلى عكس الرياضيين المحترفين، الذين يسافرون مع زملائهم، يمكن للاعبي الغولف المحافظة على أنفسهم بمعزل عن الآخرين إن أرادوا ذلك. ومثل لاعبي الغولف الأثرياء، يسافر وودز عادة على طائرة خاصة. ويقود وودز عادة سيارته بنفسه، ولذا يتمتع بخصوصية على عكس الشائع مع الفرق الرياضية.

ويقول فينستين: «هناك شباب في نفس الجولة لا يقابلون أنفسهم أبدا لأنهم يلعبون في أوقات مختلفة من اليوم». في عام 2007، شاهد نيك وانتي، الذي كان قد حصل على أول بطولة للغولف التي تنظمها منظمة «بي جي آيه تور»، وهو يقترب بحذر من وودز ليقدم نفسه إليه.

ويقول فينستين إنه في الليلة التي سبقت بطولة بريطانيا المفتوحة للغولف، قدّم بن كورتيس نفسه إلى الزميل المحترف مايك وير. وسأل وير كورتس الذي ذهب للفوز بالبطولة: «ما الذي أحضرك إلى هنا؟».

ويقول جيف بابينو، محرر مجلة «غولف ويك» التي تتخذ من أورلاندو مقرا لها: «غالبا ما يقيم اللاعبون البارزون في منازل مستأجرة، ويحضر الكثير منهم الطهاة الخاصين بهم، ولذا فإن المواقف تقل التي يمكن مقابلتهم فيها في شوارع المدينة أو داخل مطعم مثلما كان يحدث من قبل، حتى خلال البطولات الكبرى». ويضيف: «قارن بين ذلك وبين ما كان يحدث في الماضي عندما كان يمكن للكتاب أن يتناولوا الغداء أو احتساء البيرة مع أرنولد بالمر أو جاك نيكلوس في عشية جولات البطولات الكبرى».

ويقع مكتب بابينو على بعد 10 دقائق من منزل وودز داخل إلورث، وهي منطقة خاصة للاعبي الغولف في أورلاندو، حيث يعيش نجوم الألعاب الرياضية الأخرى والشخصيات البارزة. ولكن، حتى قبل أن تصبح مشاكل وودز الأسرية معروفة، نادرا ما كان يرى في المدينة. ويقول بابينو: «كان يترك وحيدا».

ويعد دوغ فيرغسون، الصحافي التابع لـ«أسوشييتد برس» الذي يغطي لاعبي الغولف المحترفين منذ 13 عاما، من ضمن عدد قليل من الكتّاب يشعر معهم وودز بالراحة خلال الحديث، ومع ذلك لم يشك فيرغسون يوما في أن لاعب الغولف الموهوب قام بمثل ذلك. وقال فيرغسون: «يمكن أن تفكر وتتساءل، هل غاب عني ذلك؟ ولكن الحقيقة هي أنني لا أفكر في وقت شاهدت فيه تايغر خارج بطولة، فيما عدا موقف عام 2007 في أوكمونت مع اثنين ومرتين في عيادته». وأوكمونت هو نادي في ولاية بنسلفانيا. وأضاف: «لا أعرف كثيرا من الناس شاهدوه خارج ملعب الغولف».

ويقول فيرغسون إن الاتصال الذي أتيح له مع وودز لم يكن يصل إلى مستوى الأخبار. ويقول: «دائما ما أقرأ أنه يجب على الصحف أن تكون لطيفة معه وإلا سوف تخسر إجراء مقابلة معه، وهو شيء مضحك لأنه ما الذي يكون في المقابلة؟ لم يكن هناك شيء يذكر يخسره المرء. كان يستريح لي، ولكن كان الحوار لا يتعدى النادي أو غرفة تغيير الملابس».

ويقول فيرغسون إنه عند الترتيب مع منظمة «بي جي آيه تور»، لا يدخل وودز إلى غرفة المؤتمرات الصحافية في بطولة ما لم يكن هو البطل، أو قريب من قمة منصة القائد. ويضيف: «إنه شيء غريب، فالسبب الذي يدفع الكثير من الصحف إلى الذهاب للبطولات هو وجود تايغر». وحتى عندما يوافق وودز على الرد على أسئلة فإنه لا يقدم سوى إجابات بسيطة.

ويقول أشخاص عدة يكتبون عن الغولف إنهم حتى الصيف الماضي لم يسمعوا مجرد شائعة عن علاقات وودز. وبعد بطولة بريطانيا المفتوحة للغولف في تيرنبير باسكتلندا، وهي البطولة التي لم يلعب فيها وودز بصورة جيدة، اتصل صحافيون بريطانيون بكاتب أميركي يكتب عن رياضة الغولف لسؤاله عن كلام حول زواج وودز.

ويقول دانيال وكسلر، وهو مؤرخ غولف ومؤلف للعديد من الكتب: «لو كنت تتابع ما يحدث، لسمعت شائعات خلال فصل الصيف عن القضايا الزوجية هناك، ولكن لماذا تتعقبها؟ إنها ليس ذات صلة بما يحدث في ملعب الغولف».

ونادرا ما كان وودز محل تدقيق من صحف التابلويد خلال حياته المهنية، التي بدأت عندما ترك جامعة ستانفورد كي يصبح لاعبا محترفا في عام 1996.

وفي البداية، تعلم درسا صعبا عن الحافظ على صورته عندما نقلت مجلة «جي كيو» عنه طرفا بذيئة باستخدام لغة وقحة. («معروف أني في الواحدة والعشرين من عمري وأني ساذج بخصوص دوافع بعض الكتاب الطموحين»، هكذا كان رد وودز في ذلك الوقت. وقال أبيه إيرل وودز خلال مقابلة مع الصحافي التلفزيوني تشارلي روز إن هذا المقال ربما يحطم ابنه).

وتقول براندي نافار، صاحبة وكالة الصحافيين الهواة في لوس أنجليس «إكس 17»، إن وودز لم يكن يوما هدفا لها. وتضيف: «أخمن أنه كان له هذا العرض الجيد، وحسبنا جميعا أنه لم يكن هنا شيء شائن مرتبط به».

والآن، يمكن لصورة خاصة لوودز أن تدر ما يصل إلى مليون دولار في مبيعات عالمية، ولا سيما إذا ظهر في وجهه أي كدمات أو جروح من حادث تصادم السيارات الذي وقع له في 27 نوفمبر (تشرين الثاني). وتقول نافار: «ستكون هذه بالتأكيد صورة تدر الكثير من الأموال». ومع ذلك، فإن خلال العامين الماضيين، كان وودز محل اهتمام «ناشونال إنكويرر»، التي نشرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2007 العلاقة الغرامية للسيناتور السابق عن ولاية كارولينا الشمالية جون إدواردز. ويقول نيل بولتون، رئيس التحرير السابق لمجلة «منز فيتنس»، إنه في مطلع ذلك العام وافقت «ناشيونال إنكويرر» على عدم نشر قصة عن لقاء غرامي داخل سيارة رياضية «إس يو في» مقابل موافقة وودز على أن يظهر على غلاف «منز فيتنس». وتملك الدوريتان شركة «أميركا ميديا»، وذكرت «نيويورك بوست» تقريرا عن الاتفاقية في الثاني من ديسمبر (كانون الأول). ويقول بولتون، الذي ترك وظيفته قبل ظهور غلاف «منز فيتنس» في أغسطس (آب) 2007: «استغرق ذلك منهم عدة أشهر كي يتفاوضوا بخصوص شيء يوافق عليه تايغر». ولم يرد باري ليفين، محرر «ناشيونال إنكويرر» ولا ديفي بيكر، الرئيس التنفيذي في «أميركا ميديا» على الهاتف خلال سعينا للحصول على تعليق على ذلك. ولكن قال بيكر لـ«نيويورك بوس» إن هذه القصة غير صحيحة. ولا تشيع مثل هذه الصفقات داخل صحف التابلويد الكبيرة.

ويقول فينستين: «الشيء المؤكد بالنسبة لي هو أن تايغر لا يقوم بشيء مقابل لا شيء. لا يقول سأظهر على غلاف (مجلة) لأنني رجل طيب». وفي الشهر الماضي، أشعلت «ناشيونال إنكويرر» اللغط الحالي عندما نشرت قصة عن «مضيفة ملهى من مدينة نيويورك أمسك بها مع نجم الغولف المليونير». وبعد ذلك، «جاء العديد من النسوة يزعمن أن لهن علاقات غير مشروعة مع لاعب الغولف». وتقول نافار، التي سترسل مصورين على الأقل إلى فلوريدا لتغطية القصة في المستقبل القريب: «من المفاجئ أن أيا من هذه الفتيات لم يظهرن من قبل».

وفي يوم الجمعة، أعلن وودز أنه يترك لعب الغولف لمدة غير محددة لتركيزه في إصلاح ما أصاب علاقته الزوجية. وطلب من جمهوره وزملائه شيئين: تفهم الأمر والمحافظة على السرية.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»